الباب الثاني – الشركات التجارية

تمهيد

التعريف بالشركة :

الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصته من مال أو من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة .

ويختلف عقد الشركة عن غيره من عقود المعاوضة فيما يلي

  1. عقود المعاوضة توفق بين مصالح متعارضة لمتعاقدين متقابلين، بينما مصالح الشركاء في عقد الشركة لا تتعارض بل تتفق وتتجمع للسعي إلى هدف واحد هو تحقيق الربح لصالحهم جميعاً .
  2. عقود المعاوضة لا يجوز تعديلها – كقاعدة عامة – إلا بإجماع المتعاقدين لأنها تقوم على فكرة تناقض المصالح وتقابلها ، بينما يمكن الاتفاق في عقد الشركة على أن يتم تعديله بالأغلبية .
  3. عقد الشركة يدفع إلى الحياة القانونية بمخلوق جديد له شخصية مستقلة عن شخصية المتعاقدين ، وذمة مالية منفصلة عن ذممهم .

أهمية الشركات :

تلعب الشركات في الوقت الحاضر – وخاصة شركات المساهمة – دوراً هاماً في الحياة الاقتصادية على المستويين المحلي والدولي ، ويبدو ذلك فيما يأتي :

  1. تقوم الشركات بتجميع الأموال وتوحيد الجهود اللازمة لإقامة المشروعات التي تتطلب طاقات مالية كبيرة وخبرات فنية متنوعة تتجاوز إمكانيات الفرد وخبرته المحدودة . فتجميع أنشطة بعض الأشخاص وما يملكونه من أموال في شكل شركة يضاعف قدرة المشاركين فيها في الاضطلاع بالمشرعات الضخمة وتحقيق الأرباح، وهذا يحقق الرفاهية للأفراد ، كما يدفع بتنشيط الحياة التجارية والاقتصادية .
  2. تحقق الشركات الاستقرار والدوام للمشروعات التجارية والصناعية ، فبقاء الشركة كشخص معنوي مستقل عن أشخاص الشركاء يضمن استمرار نشاط المشروع والإبقاء على ثمرة جهود المؤسسين بعد وفاتهم ، بينما يظل المشروع الفردي مرتبطاً بحياة القائم به وإرادته المطلقة في إدارته ، مما يترتب عليه انتهاء مشروعات ناجحة لمجرد وفاة صاحبها أو نتيجة سوء إدارته .
  3. تساعد شركات المساهمة على الادخار ، فهي تقوم بتجميع رؤوس الأموال المدخرة لدى الأفراد في شكل أسهم أو سندات قليلة القيمة ، فيجد فيها الفقير لنقوده المعدودة نصيباً في مشروع مالي كبير يؤمل له النجاح .
  4. تتفادى الشركات المساهمة عيوب المشروعات التجارية الفردية فهي :
  5. تسمح للأفراد بأن يوظفوا أموالهم في شركات عدة تقوم بمشروعات مختلفة، وبذلك توزع المخاطر على عدد من الشركاء ، ويأمن الأفراد من ضياع أموالهم فيما لو استثمرت في مشروع واحد لم ينجح أو شركة واحدة أفلست بسبب خسارتها المتوالية ، فإذا خاب أملهم في بعضها يكون بعضها الآخر قادراً على تعويضهم .
  6. تؤدي إلى تفادي المسؤولية غير المحدودة في ذمة الشخص المالية ، وذلك بتحديد مسؤولية الشريك بقدر ما يملك من أسهم في رأسمال الشركة ، وبالتالي تسمح بالفصل بين أموال الشخص المدنية والأموال المخصصة للتجارة .

أنواع الشركات ومعيار التفرقة بينها :

الشركات نوعان : شركات مدنية وشركات تجارية . ومعيار التفرقة بين النوعين هو طبيعة العمل الذي تزاوله الشركة ، فإذا كان هذا العمل مدنياً كانت الشركة مدنية ، أما إذا كان العمل تجارياً كانت الشركة تجارية.

وتحدد الشركة طبيعة عملها وموضوعها في عقد تأسيسها ، ولذلك يسهل معرفة نوعها من الرجوع إلى هذا العقد .

الشركات التجارية :

نص قانون الشركات رقم 12 لسنة 1964 على نوعين رئيسين من الشركات هما:

  1. شركات عادية سواء كانت عادية عامة (تضامن) ، أم عادية محدودة (توصية بسيطة) .
  2. وشركات المساهمة سواء كانت مساهمة عامة أم مساهمة خصوصية .

وهذه الأشكال واردة على سبيل الحصر ، فلا يجوز تكوين شركة تجارية في شكل آخر غير وارد في الأشكال المذكورة ، لتعلق الأمر بالنظام العام .

وترك القانون للشركاء حرية اختيار شكل الشركة الذي يحقق مصالحهم ، ولكنه استثنى بعض الأعمال التي رأى أنها ذات أهمية خاصة وهي أعمال التأمين وأعمال البنوك والشركات المالية والشركات ذات الامتياز ، واشترط أن تتم ممارستها من خلال شركات مساهمة عامة فقط ، فلا يسمح لغير هذه الشركات احتراف هذه الأعمال .

أنواع أخرى من الشركات:

عدّل القرار بقانون رقم 16 لسنة 2008 المادة 8 من قانون الشركات رقم 12 لسنة 1964 بإضافة فقرة جديدة إليها تحمل الرقم 3 ، نصت على تسجيل أنواع أخرى من الشركات لدى المراقب وهي:

  1. الشركات المدنية : وتسجل في سجل خاص يسمى ( سجل الشركات المدنية) وهي الشركات التي تؤسس بين الشركاء من ذوي الاختصاص المهني المتكامل أو المماثل وتكون غاياتها ممارسة الأعمال المدنية ومزاولة المهن الحرة، وتخضع لأحكام القانون المدني وأحكام القوانين الخاصة بها وعقودها وأنظمتها الداخلية. ومثالها شركات مكاتب المحاماة التي يقوم بتأسيسها عدد من المحامين.
  2. الشركات غير الربحية : وهي شركة لا تهدف لتحقيق الربح وتتخذ شكل شركة مساهمة خصوصية، وتسجل في سجل خاص يسمى ( سجل الشركات التي لا تهدف إلى تحقيق الربح) ويشترط أن تكون غاياتها تقديم خدمة أو نشاط اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو أهلي أو تنموي أو غيره، من شأنه تحسين مستوى المواطنين في المجتمع اجتماعيا أو صحيا أو مهنيا أو ماديا أو فنيا أو رياضيا أو ثقافيا أو تربويا دون أن تهدف إلى تحقيق الربح. وإن حققت عوائد فلا يجوز توزيعها على المساهمين فيها ولا يجوز استخدامها إلا لتحقيق غاياتها وفي توسعة نشاطها وزيادة رأسمالها. ويبدو أن الهدف منها هو ضمان بقاء العضوية في الشركة محدودا وبالتالي يضمن الشركاء السيطرة على إدارتها، فضلا عن عدم خضوعها لإجراءات تسجيل الجمعيات ورقابة وزارة الشئون الاجتماعية أو الداخلية حسب الأحوال.

التشريع الذي يحكم الشركات في فلسطين :

القواعد التي تحكم الشركات التجارية في المحافظات الشمالية ( الضفة الغربية) مرتبة على النحو الآتي :

  1. النصوص التشريعية الواردة في قانون الشركات رقم 12 لسنة 1964 .
  2. النصوص التشريعية الواردة في قانون التجارة والقوانين المكملة له .
  3. النصوص التشريعية الواردة في القانون المدني ( مجلة الأحكام العدلية).
  4. قواعد العرف التجاري .
  5. الاسترشاد بالسوابق القضائية والفقه وقواعد العدالة .

خطة الدراسة :

نتناول دراسة الشركات التجارية ببيان الأحكام العامة التي تسري على الشركات التجارية بشكل عام ، ثم نعرض لأنواع الشركات التجارية وذلك في فصلين .

الفصل الأول : الأحكام العامة في الشركات التجارية .

الفصل الثاني : أنواع الشركات التجارية .