الضفة الغربية و قانون الاحتلال الحربي

مقدمه

لحقت بالجيوش العربية هزيمة عسكرية قاسية عام 1967 أدت إلى احتلال “إسرائيل” للضفة الغربية وقطاع غزة، وهما البقية الباقية من فلسطين، بالإضافة إلى كامل شبه جزيرة سيناء وقسم من المرتفعات السورية، وفي ذلك الوقت، لم يتصور أحد من العرب، او يخطر بباله ان الاحتلال الإسرائيلي لتلك الأراضي العربية سيطول أمده. لكن الواقع المؤلم في العالم العربي ساهم إلى حد كبير في بقاء الاحتلال إلى يومنا هذا، وإذا ما بقيت الأحوال على ما هي فان الاحتلال سيمتد لسنوات قادمة قد تطول، وهذه حقيقة يجب مواجهتها بكل ما تحويه من ألم ومرارة.

هذا الوضع أدى بإسرائيل إلى أن تفتح شهيتها لتحقيق أطماعها بابتلاع الأرض العربية. وهي وإن كانت تملك القوة العسكرية التي تمكنها من تحقيق أهدافها إلا أنها لا زالت بحاجة إلى القانون لتبرير أعمالها فلا ادعاءها بالحق التاريخي أو بالحق الديني في فلسطين بكافيين لتبرير سلوكها ومنطقها.

وفعلا، بدأت إسرائيل بالسير على هذا المنوال، إذ نرى الدكتور يهودا بلوم، سفيرها السابق في الأمم المتحدة والحاصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي، يطرح فكرة “فراغ السيادة” في الضفة الغربية في العديد من مقالاته وكتبه، طبعا يلتف فيها حول القانون تمهيدا لإضفاء الصفة القانونية لإسرائيل على أراضي الضفة الغربية وإعطائها حق السيادة عليها. وقد ساعد ذلك خلو الساحة العربية من الدراسات القانونية الموثقة والتي تفند وترد ذلك الادعاء.

كذلك، أدى هذا الوضع إلى قيام سلطات الاحتلال بكل ما ترغب به من إجراءات وأعمال غير قانونية دون معارضة من المواطن العربي أو حتى سكوته وقبوله بها لعدم علمه أو جهله بعدم قانونيتها.

ولا تنحصر أهمية الدراسة في هذا الكتاب في ذلك، بل تتعداه إلى موضوع جوهري آخر، وهو أن كل دراسة للضفة الغربية يجب أن تتخذ من هذا الكتاب أساسا علميا وعمليا لها تستند عليه، وإلا فإنها قد تكون خاطئة أو مزورة، بمعنى أن هذه الدراسة تمنع الزلل أو السقوط في الأخطاء.

من هنا تنبع أهمية هذا الكتاب ومعالجته لموضوع الوضع القانوني للضفة الغربية.

ولا يسع مركز الدراسات لنقابة المحامين – فرع القدس إلا أن يسجل شكره وتقديره إلى المؤلفين لجهودهما المبذولة في سبيل إخراج هذا الكتاب إلى حيز الوجود، إذ بذلا طاقة جبارة ووصلا ليلهما بنهارهما في سبيل إنجازه.

بالإضافة إلى ذلك، أود أن أسجل لهما موقفهما في هذا الموضع حيث اتخذا رأيا قانونيا مجردا بعيدا عن كل الآراء والتيارات السياسية مهما تنوعت أو تباينت. وجدير بكل التيارات السياسية أن تأخذ بالحسبان هذا الرأي القانوني، وأن يكون له اعتبار حين تتخذ مواقفها السياسية. حتى نتعاون جميعا في تحقيق الأهداف القومية العليا.

وفي الختام يسر مركز الدراسات أن يعلن أن من ضمن محاولاته المتواضعة هذه أن ينشر في المستقبل القريب دراسة جديدة عن التشريع والقضاء في الضفة الغربية.

القدس

رئيس المركز

المحامي وليد العسلي