الفصل الأول – إنشاء الشيك

يسمى الالتزام الناشئ عن الشيك بالالتزام الصرفي ، وهو يعد تصرفاً قانونياً يجب أن تتوفر لصحته الشروط الموضوعية اللازمة لصحة التصرفات القانونية بشكل عام من رضاء ومحل وسبب وأهلية .

كما أن المشرع قد أخضع الشيك لشروط وقواعد خاصة لتحقق الهدف منه كأداة وفاء تقوم مقام النقود ، فاشترط أن يفرغ في محرر مكتوب يتضمن بيانات معينة نص عليها القانون ، وأن تكون كافية بذاتها لبيان مضمون الالتزام الصرفي وهي شروط شكلية خاصة بالأوراق التجارية .

لذلك سوف ندرس إنشاء الشيك في مبحثين :

المبحث الأول :الشروط الموضوعية .
المبحث الثاني :الشروط الشكلية .

المبحث الأول

الشروط الموضوعية

يشترط لصحة التزام المدين في الشيك توفر الشروط الموضوعية التي يجب توفرها في جميع التصرفات الإرادية بوجه عام ، وهي الرضا ، والمحل ، والسبب ، والأهلية ، وأن يصدر التوقيع على الشيك ممن له سلطة التوقيع إذا حصل التوقيع لحساب الغير .

فإذا شاب الرضا عيب ، أو كان التزام الموقع على الشيك بدون سبب ، أو كانت العلاقة بين الساحب والمستفيد غير مشروعة ، كأن يستخدم الشيك لتسوية دين قمار أو رشوة ، فإن هذا الدفع يحتج به بين الموقع على الشيك (الساحب أو المظهر) ودائنه المباشر ، وكذلك في علاقته بالحامل سيئ النية. ولكن ليس له أن يتمسك بهذا الدفع في مواجهة الحامل حسن النية ، لأن هذا الدفع من الدفوع التي يطهرها التظهير .

أما إذا انعدم الرضا نتيجة تزوير توقيع الساحب ، فإن ذلك لا يلزمه بشيء حتى أمام الحامل حسن النية ، ولا تتطهر الورقة من هذا الدفع ، ولكن ذلك يقتصر على الساحب الذي زور توقيعه ، أما المظهرون اللاحقون فإنهم لا يستطيعون التمسك بهذا التزوير وفقا لمبدأ استقلال التوقيعات ، ما دامت توقيعاتهم صحيحة وتمت عن رضا صحيح .

وكذلك الحال بالنسبة لعديم الأهلية أو ناقصها ، فله التمسك بهذا الدفع في مواجهة الحامل حتى لو كان حسن النية، لأن حماية عديم الأهلية أو ناقصها تفوق حماية حامل الورقة حسن النية . ولكن هذا الدفع يقتصر على عديم الأهلية أو ناقصها ولا يمتد إلى غيره من الموقعين على الشيك ، إذ يظل كل منهم ملتزما بالوفاء تطبيقاً لمبدأ استقلال التوقيعات .

أما محل التزام الساحب فإنه دائما دفع مبلغ من النقود ، وهو مشروع وجائز التعامل عليه دائما، إلا إذا حرر الشيك بعملة أجنبية حرم المشرع التعامل بها ، فيقع المحل باطلا لمخالفته للنظام العام .

وإذا وقع شخص على شيك باسم شخص آخر ولحسابه ، يجب أن يكون مفوضا بذلك ، وأن لا يتجاوز حدود السلطة الممنوحة له ، وأن يبين صفته كنائب أو وكيل عن الساحب حتى تنصرف آثار الشيك إلى الموكل وفقا للقواعد العامة في الوكالة .

أما إذا وقع شخص على شيك نيابة عن آخر بغير تفويض منه ودون أن تكون له سلطة التوقيع وهو ما يسمى بالنائب المزعوم ، أو تجاوز حدود السلطة الممنوحة له ، فإن الأصيل لا يلتزم لانعدام رضاه كلياً أو جزئياً . لذلك فرض المشرع على كل من النائب المزعوم ، أو من تجاوز حدود النيابة ، التزاماً صرفياً مباشراً بوفاء قيمة الشيك، تحقيقاً للثقة في تداول الشيك وتقوية لائتمانه ، بحيث يتضمن الشيك باستمرار ساحبا ملتزما به ، سواء أكان الموكل الأصيل أم النائب المزعوم أم الوكيل الذي تجاوز حدود وكالته ، فنص في المادة (131) من قانون التجارة على أنه :

  1. من وقع سند سحب نيابة عن آخر دون أن تكون له صفة في ذلك يصبح بتوقيعه ملزماً شخصياً.
  2. فإذا أوفى بالتزامه آلت إليه الحقوق التي كانت تؤول إلى من زعم النيابة عنه .
  3. ويسري هذا الحكم على من جاوز حدود نيابته .

وننبه إلى وجوب عدم الخلط بين هاتين الحالتين ، وبين حالة سوء استعمال النائب التفويض الذي أعطي له ، كأن يوقع على شيك يتضمن المبلغ الذي يدخل في حدود تفويضه ويكون هو المستفيد من هذا الشيك ، فهو يوقع عن موكله بسحب شيك على هذا الأخير لمصلحته الشخصية . وفي هذه الحالة لا تطبق أحكام المادة (131) من قانون التجارة ، بل تطبق الأحكام التي جاء بها القانون المدني الأردني والخاصة بمسؤولية الوكيل في تنفيذ الوكالة .

والقاعدة أن الموكل يكون ملتزماً بالالتزام الصرفي قبل الحامل حسن النية . فإذا كان الحامل سيئ النية ، أي يعرف بأن الوكيل قد أساء استعمال وكالته ، فلا يلتزم الموكل قبله بدفع قيمة الورقة .