الفصل الأول – الأحكام العامة في الشركات التجارية

الفرع الثالث

الأوراق المالية التي تصدرها شركة المساهمة

تصدر شركة المساهمة نوعين من الصكوك هي : الأسهم وسندات القرض .

أولا : الأسهم

السهم هو صك يعطى للمساهم في الشركة ليمثل الحصة التي يشترك بها في رأس المال ، ويكون وسيلة في إثبات حقوقه في الشركة ، ويندمج الحق في الصك بحيث يكون التنازل عن السهم في درجة التنازل عن هذا الحق .

ويشترط المشرع الأردني لتوزيع الأسهم تسديد كامل الأقساط المستحقة ، أما قبل ذلك فيعطى المكتتبون وثائق مساهمة مؤقتة إلى أن تستبدل بشهادات أسهم بعد تسديد كامل الأقساط المستحقة .

وأسهم الشركة متساوية القيمة ، ويشترط أن لا تقل قيمة السهم الاسمية عن دينار واحد ولا تزيد على عشرة دنانير ، وتصدر الأسهم بقيمتها الاسمية ولا يجوز إصدارها بقيمة أدنى من هذه القيمة ، ويعطى كل سهم رقما خاصا .

والسهم إما أن يعطى مقابل مبلغ من النقود فيسمى سهما نقديا، أو مقابل عين كمنقول أو عقار فيسمى سهما عينيا، ويمثل السهم، عينيا كان أو نقديا، حقا منقولا لأن الشركة -وهي شخص اعتباري- هي التي تملك رأس المال وليس للشريك سوى حق شخصي في أموال الشركة بعد تصفيتها .

وتختلف قيمة السهم الاسمية ، أي المذكورة في السهم ، عن قيمته السوقية وقيمته الحقيقية أو الفعلية ، والقيمة السوقية للسهم هي التي تتحدد على ضوء سعر السهم في سوق الأوراق المالية ” سوق عمان المالي ” ، وتكون عرضة للارتفاع والانخفاض تبعا لمدى سلامة المركز المالي للشركة ونجاح مشروعها ، ومدى ما تدره من أرباح ، أما القيمة الحقيقية أو الفعلية للسهم فهي القيمة المالية التي يمثلها السهم في صافي أصول وموجودات الشركة ، وهي تختلف أيضا باختلاف المركز المالي للشركة وتحقيقها لأرباح ولا تتبلور نهائيا إلا عند تصفية الشركة وتسديد ديونها .

واشترط المشرع أن تكون أسهم الشركات المؤسسة في المملكة اسمية ، أي أن يحمل السهم اسم صاحبه ، وتنتقل ملكية السهم بالقيد في دفاتر الشركة، ويستوجب السهم الاسمي أن تحفظ الشركة سجلا لمساهميها تدون فيه أسماؤهم وأرقام أسهمهم وتحويلات الأسهم ، وأية تفاصيل أخرى ضرورية .

ويجوز تداول وبيع وثائق المساهمة بعد أن يكون قد سدد من قيمة الأسهم ما يعادل 50% على الأقل ولكن لا يتم بيع ونقل الأسهم بالنسبة إلى الشركة إلا بعد موافقة مجلس الإدارة وبأية طريقة أو صيغة – إن وجدت – يرسمها نظام الشركة ، وعلى كل حال لا يجوز لمجلس الإدارة أن يوافق على بيع أو نقل سهم في الأحوال التالية :

  1. إذا كان السهم مرهونا أو محجوزا أو محبوسا .
  2. إذا كان السهم مفقودا ولم يعط به شهادة جديدة .
  3. إذا كان البيع أو النقل مخالفا لقانون الشركات أو نظام الشركة ومصلحتها .
  4. في أية أحوال أخرى تحظرها القوانين والأنظمة المرعية .

القيود على تداول أسهم شركات المساهمة :

يخضع تداول أسهم شركات المساهمة لنوعين من القيود ، قيود قانونية وقيود اتفاقية.

أولا : القيود القانونية :

القيود القانونية هي التي ينص عليها القانون لتقييد تداول الأسهم ، وهي ما يلي :

  1. لا يجوز تداول الأسهم العينية إلا بعد انقضاء سنتين على إصدارها ، وقد قصد المشرع بهذا المنع إبقاء أصحاب الحصص العينية على صلة بالشركة مدة معقولة كافية لاستقرار أحوال الشركة وتثبيت أسعار أسهمها ، حتى يضمن جدية مشروع الشركة وحماية المكتتبين ، إذ قد يلجأ المؤسسون إلى تكوين شركات وهمية أو المبالغة في تقدير نجاح الشركة بدعاية كاذبة ، ويبادرون إلى بيع أسهمهم فور تأسيس الشركة وإتمام إجراءات التأسيس بمبالغ تفوق قيمتها الحقيقية ، ثم سرعان ما تنخفض هذه القيمة بعد اتضاح المركز الحقيقي للشركة .

ويستثنى من هذا المنع الأسهم العينية المعطاة لمساهمي شركة مندمجة كانت أسهمها متداولة قبل الاندماج بطريق الضم أو المزج ولعل السبب في هذا الاستثناء أن الوضع المالي للشركة المندمجة وقيمة أسهمها تكون معروفة ومستقرة ، فلا مجال لخداع الجمهور بدعاية كاذبة في هذه الحالة .

  1. أوجب القانون أن يحدد نظام الشركة عدد الأسهم التي يحق امتلاكها لتؤهل صاحبها للترشيح لعضوية مجلس الإدارة ، بحيث لا يجوز انتخاب أي مرشح للعضوية لا يملك ذلك العدد من الأسهم ، وتسقط العضوية تلقائيا عن كل عضو تنقص أسهمه عن ذلك العدد خلال مدة العضوية .

ويبقى النصاب المؤهل للعضوية من أسهم أعضاء مجلس الإدارة محجوزا ما دام عضوا حتى مضي ستة أشهر على تاريخ انتهاء مدة عضويته ، ولا يجوز التداول به خلال تلك المدة ، حيث توضع إشارات الحجز على هذه الأسهم ، ويعد هذا الحجز رهنا لمصلحة الشركة ولضمان المسؤوليات المترتبة على مجلس الإدارة ، ويشار إلى ذلك في سجل الأسهم .

والحكمة من تجميد أسهم عضو مجلس الإدارة طوال مدة العضوية هي ضمان حسن الإدارة وعدم إساءة استخدام أموال الشركة ، وحماية المساهمين من التصرفات الضارة لأعضاء مجلس الإدارة والتي قد تلحق الضرر بمركز الشركة المالي وبسمعتها ، وحماية من دائني الشركة في حالة رجوعهم بالتعويض بدعوى المسؤولية المدنية (الشخصية) على أعضاء مجلس الإدارة نتيجة للتصرفات الخاطئة التي يقترفها مجلس الإدارة .

  1. لا تجيز المادة 66 من قانون الشركات تداول وثائق الأسهم وبيعها إلا بعد أن يكون المساهم قد سدد من قيمة الأسهم ما يعادل 50% على الأقل .
  2. كما اشترطت المادة 67 من قانون الشركات لسريان بيع ونقل الأسهم بالنسبة إلى الشركة موافقة مجلس الإدارة بالطريقة أو الصيغة التي يرسمها نظام الشركة ، كما منع مجلس الإدارة من الموافقة على البيع أو نقل الأسهم في الحالات التي ذكرناها سابقا .

ثانيا : القيود الاتفاقية :

يجوز أن يضمن المؤسسون نظام الشركة قيودا على حرية تداول الأسهم ، وتلجأ الشركة إلى ذلك في الحالات التي تخشى فيها من وصول الأسهم إلى المساهمين الذين ترى الشركة استبعادهم لمصلحة أكيدة لها ، مثل عدم رغبتها في تسريب أسهمها لأجانب أو لأشخاص يزاولون نشاطا منافسا ، ولكن لا يصح أن تلغي هذه القيود حق المساهم كلية في التداول ، وإلا فقدت الشركة صفتها كشركة مساهمة .

والشروط التي جرى العمل على إدراجها في نظام الشركة هي :

  1. حق أفضلية المساهمين في الشركة في شراء الأسهم بالأولوية على غير المساهمين، وفي هذه الحالة يعلن المساهمون بواقعة التنازل ويحدد لهم مدة زمنية معينة ، لمباشرة حقهم بالأولوية ، فإذا لم يتقدم أحد منهم في هذه المدة أصبح التنازل لأجنبي صحيحا ونهائيا ، أما إذا باشر المساهمون حقهم فعليهم شراء الأسهم بالثمن المعروض من الغير ، إلا إذا كان هناك تواطؤ بين المساهم والأجنبي ، ففي هذه الحالة يتم شراء الأسهم بحسب قيمتها التجارية في سوق الأوراق المالية .
  2. حق مجلس إدارة الشركة في شراء الأسهم المتنازل عنها لحساب الشركة، أو الحق في استردادها، وغالبا ما يقصد بهذا الشرط مراقبة عدم دخول الأشخاص غير المرغوب فيهم في الشركة ، ويتم شراء أو استرداد الأسهم من الأرباح الاحتياطية للشركة ، وغالبا ما يتضمن هذا القيد شرط حصول الشركة على الأسهم المباعة حسب سعرها في سوق الأوراق المالية أو عن طريق خبير يعين لتقدير ثمن الأسهم المتنازل عنها ، ولكن المشرع الأردني لا يجيز لشركات المساهمة أن تشتري أسهمها لحسابها الخاص .
  3. وقد يتضمن نظام الشركة النص على منع التنازل عن أسهمها إلى طوائف معينة ، كالأجانب ، أو إلى بعض الأفراد أو الجماعات الذين ينافسون الشركة .

رهن الأسهم :

أجازت المادة 68 من قانون الشركات رهن السهم على أن يثبت ذلك في سجل الشركة ، ويذكر الرهن في وثيقة المساهمة أو شهادة الأسهم ، ويجب أن ينص عقد الرهن على مصير الأرباح المستحقة مدة الرهن وعلى سائر الشروط المتعلقة بالرهن ، وتسري على المرتهن جميع القرارات التي تتخذها الهيئات العامة كما تسري على المساهم .

ولا يجوز رفع إشارة الرهن إلا بعد تسجيل إقرار المرتهن باستيفاء حقه في سجل الشركة أو بموجب حكم مكتسب الدرجة القطعية .

ثانيا : أسناد القرض

(السندات)

قد تحتاج الشركة أثناء حياتها إلى أموال جديدة لمواصلة مشروعاتها، ويكون أمامها أن تزيد رأسمالها وتصدر أسهما جديدة، أو أن تلجأ إلى الاقتراض من البنوك، إذا كان القرض لمدة قصيرة .

ولكن قد تكون مدة القرض طويلة تتراوح بين خمس سنوات وثلاثين سنة، وتكون المبالغ التي تحتاجها الشركة كبيرة، فلا يسعفها إلا القرض الجماعي أي الالتجاء إلى الجمهور عن طريق إصدار أسناد تعرض للاكتتاب العام .

لذلك أجاز قانون الشركات أن تصدر شركة المساهمة أسناد قرض ، عرفتها المادة 86 منه بأنها وثائق ذات قيمة اسمية واحدة قابلة للتداول وغير قابلة للتجزئة تعطى للمكتتبين مقابل المبالغ التي أقرضوها للشركة قرضا طويل الأجل .

ويتوقف إصدار أسناد القرض على استكمال الشروط التالية :

  1. أن يكون قد تم دفع رأسمال الشركة بكامله .
  2. أن لا يجاوز القرض رأسمال الشركة ، وقد استثنى المشرع من هذا الشرط شركات التسليف العقاري والزراعي والصناعي .
  3. أن تحصل الشركة على موافقة الهيئة العامة .
  4. موافقة الوزير المسبقة على إصدار الأسناد .

وقد بين قانون الشركات الإجراءات التي يستلزم المشرع اتباعها من قبل الشركة عند إصدار أسناد قرض ، ويتم طرح الأسناد للاكتتاب العام المباشر ، ويتم الاكتتاب بها على النحو الذي يتم فيه الاكتتاب في الأسهم . وبعد إغلاق الاكتتاب يجب على أعضاء مجلس الإدارة أن يقدموا للمراقب تصريحا بمقدار الأسناد المكتتب بها .

وتعطي أسناد القرض لصاحبها حق استيفاء فائدة محددة تدفع في آجال معينة ، واسترداد مقدار دينه من مال الشركة .

ويتم الوفاء بقيمة الأسناد من الأرباح التي تحققها الشركة ، حيث تخصص الشركة جزءا من أرباحها السنوية لاستهلاك الأسناد ، وإذا لم تحقق الشركة ربحا في سنة من السنوات فإنها تقوم بدفع قيمة الأسناد المستهلكة من الاحتياطي إن وجد ، وإلا جاز استهلاك السندات من رأس المال .

وتستطيع الشركة كذلك استهلاك سنداتها المطروحة للتداول عن طريق شرائها من سوق الأوراق المالية ، وتلجأ الشركة إلى هذه الطريقة إذا كانت الأسناد تباع في السوق المالي بأقل من قيمتها الاسمية .

وتنص المادة 96 من قانون الشركات على أن يتكون حكما من أصحاب أسناد القرض هيئة موحدة (تسمى هيئة حملة أسناد القرض) تتألف من تلقاء نفسها (وبقوة القانون) عند كل إصدار . وتسري قراراتها على الغائبين وعلى المخالفين من الحاضرين . وهي تهدف إلى حماية مصالح حملة الأسناد والدفاع عنها .

أنواع أسناد القرض :

يمكن أن تصدر الشركة أنواعا مختلفة من الأسناد منها :

1) الأسناد العادية أو ذات الاستحقاق الثابت :

وهي الصكوك التي تصدر بقيمة اسمية محددة يدفعها المكتتب كاملة ويحصل صاحبها على فائدة محددة في آجال معينة ، ويتم استرداد قيمتها من مال الشركة عند انتهاء مدة القرض ، وتكون نسبة الفائدة فيها عادة أعلى من معدل الفائدة التي تمنحها الأسناد الأخرى .

2) الأسناد ذات علاوة الإصدار :

وهي صكوك تصدر بقيمة اسمية معينة، ولكنها تباع للمكتتبين بسعر أقل، وتحسب الفوائد فيها على أساس القيمة الاسمية، كما تقوم الشركة في تاريخ الاستحقاق بدفع القيمة الاسمية كاملة، ويسمى الفرق بين قيمة السند الاسمية والقيمة التي دفعها المكتتب بعلاوة الإصدار أو مكافأة الوفاء، مثال ذلك أن تصدر الشركة السند بقيمة اسمية عشرة دنانير، وتبيعه للمكتتب بتسعة دنانير فقط، وعند الاستحقاق تدفع له عشرة دنانير، فيكون الفرق بين القيمتين وهو دينار واحد بمثابة علاوة إصدار، وهو في الواقع نوع من الفوائد المؤجلة، لذلك يلاحظ أن الفائدة في هذا النوع من الأسناد تكون عادة أقل من غيرها حتى لا يزيد ما يأخذه المكتتب من فائدة وعلاوة إصدار عن الحد الأقصى للفائدة حيث لا يجوز أن تخفي هذه العلاوة فائدة تزيد عن الحد الأقصى القانوني .

3) الأسناد ذات الجائزة أو النصيب أو المكافأة :

وهي صكوك تصدر بقيمة اسمية معينة تدفع بالكامل ، وتمنح صاحبها الحصول على الفائدة المستحقة ، ولكن بالإضافة إلى ذلك تعطي لصاحبها مكافأة تدفع عند استهلاك السند أو وفائه ، وغالبا ما يتم استهلاك هذه الأسناد بطريق القرعة السنوية ، حيث تقوم الشركة كل عام بإجراء القرعة لإخراج عدد معين من الأسناد من التداول واستهلاكها ، وتدفع لأصحابها – عدا عن قيمتها – مكافأة مالية تكون عادة كبيرة القيمة ويلاحظ أن معدل الفائدة في هذا النوع من الأسناد يكون عادة أقل من المعدل العادي ، حتى تتمكن الشركة من دفع الجائزة من المبلغ المتجمع من الفرق بين سعر الفائدة الممنوح والسعر العادي ، ويخضع إصدار هذه الأسناد في التشريعات المختلفة لتنظيم قانوني خاص أو لإذن حكومي لكن المشرع الأردني لم يشترط شيئا من هذا القبيل ، بل نصت المادة 94 من قانون الشركات على أنه (يجوز إصدار أسناد قرض ذات مكافأة تدفع عند استهلاك السند أو وفائه)، لذا يكفي صدور قرار من الهيئة العامة العادية للشركة بطرح هذه الأسناد للاكتتاب .

4) الأسناد المضمونة :

وهي صكوك تصدر بقيمتها الاسمية كالأسناد العادية تماما ، ويحصل صاحبها على فائدة سنوية ثابتة ، ولكنها تكون مصحوبة بضمان شخصي (ككفالة الحكومة أو أحد البنوك) أو عيني (كرهن تأميني على عقارات أو موجودات الشركة) يقرر لصالح أصحاب الأسناد ، ويجب لتقرير هذا الضمان موافقة الهيئة العامة العادية للشركة عملا بالفقرة (و) من المادة 153 من قانون الشركات .

5) الأسناد القابلة للتحويل إلى أسهم :

لما كانت الشركة تملك زيادة رأسمالها عن طريق طرح أسهم جديدة ، فإنه يجوز لها زيادة رأسمالها عن طريق تحويل قرضها إلى أسهم ، حتى تتخلص من عبء القرض العام الذي حصلت عليه ، وفي هذه الحالة يتم الوفاء بقيمة الأسهم عن طريق المقاصة بين قيمة السند وقيمة السهم ، ويصبح حملة الأسناد شركاء في الشركة كل بمقدار قيمة أسناده التي يدين بها الشركة ، ولكن يلزم في هذه الحالة اتباع إجراءات زيادة رأسمال الشركة ، أي صدور قرار من الهيئة العامة بالأغلبية المنصوص عليها في القانون وهي 75% من الأسهم الممثلة في الاجتماع .

ويشترط لتحويل الأسناد إلى أسهم أن يكون منصوصا على ذلك صراحة في نشرة الاكتتاب في الأسناد ، أو موافقة هيئة حملة الأسناد على ذلك إذا لم يكن منصوصا على حق الشركة في تحويل أسناده إلى أسهم في نشرة الاكتتاب ، ويكون مالك السهم بالخيار بين قبول التحويل والحصول على أسهم تعادل قيمة أسناده ، وبين أن يقبض القيمة الاسمية لأسناده ويقطع صلته بالشركة ، وفي هذه الحالة تستطيع الشركة أن تطرح الأسهم التي تقابلها للاكتتاب .