الفصل الأول – الأحكام العامة في الشركات التجارية

المطلب الثاني

الشروط الشكلية في عقد الشركة

( الكتابة والشهر )

أولا : الكتابة

أوجب المشرع أن يكون عقد الشركة مكتوباً .والحكمة من اشتراط الكتابة تنبيه الشركاء إلى مدى خطورة هذا العقد ، حيث يتضمن عقد الشركة شروطا تفصيلية كثيرة يحسن تدوينها تلافيا للنزاع وتسهيلا للإثبات . كما تعد كتابة العقد أول خطوات شهره حتى يتمكن الغير من الاطلاع عليه .

وكما تجب كتابة عقد الشركة، يجب أن يكون أي تعديل في العقد الأصلي مكتوبا أيضا.

غير أن المشرع لم يجعل الكتابة ركناً لانعقاد عقد الشركة، بل يكون العقد قائما بين الشركاء رغم عدم كتابته وصحيحا ويرتب آثاره ، ولكنه غير لازم .

ومعنى ذلك أنه يجوز لأي شريك أن يرفع دعوى بطلب فسخ العقد لعدم كتابته، ويسري أثر الحكم بالفسخ من تاريخ إقامة الدعوى . وإذا ثبت للمحكمة عدم كتابة العقد يتعين عليها الحكم بالفسخ ، ولكن يجوز تلافي هذا العيب قبل رفع الدعوى وكتابة العقد فيصبح لازما .

أما بالنسبة للغير فنظراً لأن عدم كتابة العقد يرجع إلى تقصير الشركاء، فقد قرر المشرع حمايته فنص على أن عدم كتابة عقد الشركة لا يؤثر على حق الغير، وعلى ذلك إذا تعامل الغير مع الشركة فلا يملك أي من الشركاء الاحتجاج ضده بعدم كتابة عقد الشركة للتخلص من التزامات الشركة، لأنه لا يجوز أن يستفيد الشخص من تقصيره . وللغير إثبات وجود الشركة بكافة طرق الإثبات لأنه ليس طرفاً في العقد ولا يمكن أن ينسب إليه تقصير .

ثانيا : الشهر

أوجب قانون الشركات شهر عقد الشركة بأن يتم تسجيلها في سجل الشركات المعد في وزارة التجارة والاقتصاد ، ونشر قرار تسجيلها في الجريدة الرسمية ، وذلك حتى يكون الغير على بينة من تكوينها ، ونشاطها ، ومدتها ، ومدى مسؤولية الشركاء فيها عن التزاماتها .

كما يجب كذلك شهر أي تعديل يطرأ على بيانات عقد التأسيس ونظام الشركة .

ولا تكتسب الشركة التجارية الشخصية المعنوية ولا يجوز أن تمارس أعمالها إلا بعد تسجيلها ودفع الرسوم المترتبة عليها وفق القانون ، وإلا تعرضت للعقوبة المنصوص عليها في القانون .

وقد حرص المشرع على حماية الغير في حالة تخلف الشركاء عن إتمام إجراءات التسجيل والنشر .

فبالنسبة لشركات المساهمة نص على أنه إذا لم يتم تأسيس الشركة يتحمل المؤسسون بالتضامن والتكافل النفقات التي بذلت في تأسيس الشركة في هذه الحالة .

أما بالنسبة للشركات العادية فقد فرق المشرع بين نوعين من الغير :

النوع الأول : غير له مصلحة في التمسك بعدم الاحتجاج بالشخصية المعنوية للشركة في مواجهته لعدم تسجيلها وفق القانون ، كالدائن الشخصي للشريك الذي يريد عودة الحصة إلى ذمة مدينه حتى يقوم بالتنفيذ عليها ، أو مدين للشركة الذي يريد التخلص من التزاماته نحوها وعدم إلزامه بتنفيذ العقد المبرم بينه وبينها ، ودائن الشركة الذي سلمها شيئاً ويريد استعادته عيناً بدل حصوله على الثمن المتفق عليه ، وفي هذه الحالة تعد الشركة بالنسبة له كأن لم تكن .

والنوع الثاني : غير له مصلحة في التمسك بوجود الشركة رغم عدم اتخاذ إجراءات التسجيل والنشر ، كدائن الشركة الذي يريد التمسك بصحة العقد الذي أبرمه معها حتى يستطيع التنفيذ على ذمتها المستقلة دون مزاحمة من الدائنين الشخصيين للشركاء . وفي هذه الحالة فإن من حق هذا الغير التمسك بالوجود الفعلي للشركة والتنفيذ بحقه على ذمتها المالية ، لأنه لا يجوز للشركاء الاستفادة من تقصيرهم والإضرار بالغير.

ولكن إذا تعارضت مصالح الغير ، فتمسك بعضهم بالوجود الفعلي للشركة ، وتمسك آخرون بعدم الاحتجاج بوجود الشركة في حقهم، ولم تكن موجودات الشركة وذمم الشركاء كافية لتغطية الحقين معاً، يجب مراعاة مصلحة الغير الذي لم يكن هناك تقصير من جانبه ، وهو دائن الشريك الشخصي ، أما دائن الشركة فكان عليه أن يتحقق من استيفاء الشركة الشروط التي يتطلبها القانون قبل التعامل معها كشركة عادية، ومن ذلك شهر الشركة وفق القانون ، وعدم قيامه بذلك يعد تقصيراً من جهته عليه تحمل نتائجه ، وليس له أن يتمسك بالوجود الفعلي للشركة على حساب دائني الشركاء الشخصيين . لذلك يحصل دائن الشريك أولاً على دينه من حصة ذلك الشريك وإذا بقي منها شيء فيكون لدائن الشركة التنفيذ عليه لاستيفاء دينه على الشركة .