الفصل الأول – الأحكام العامة في الشركات التجارية

المطلب الثاني

انقضاء الشخصية الحكمية للشركة

تنقضي الشركة إذا توفر أحد الأسباب التي حددها المشرع ، وأسباب انقضاء الشركة متعددة ، ويتضح من نصوص القانون المدني وقانون الشركات ، أن هناك أسبابا عامة لانقضاء الشركات جميعا ، بينما هناك أسباب خاصة لانقضاء شركات الأشخاص التي تقوم على الثقة المتبادلة بين الشركاء .

والأسباب العامة لانقضاء الشركات هي : انتهاء مدة الشركة ، وانتهاء العمل الذي قامت من أجله ، وهلاك رأسمال الشركة ، وإجماع الشركاء على حل الشركة ، وصدور حكم قضائي بحل الشركة ، وانهيار ركن تعدد الشركاء ، واندماج الشركات ، وشهر إفلاس الشركة ، وشطب تسجيل الشركة .

أما الأسباب الخاصة لانقضاء شركات الأشخاص فهي مرتبطة بزوال الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه هذه الشركات . وزوال الاعتبار الشخصي قد يكون إراديا كانسحاب شريك من الشركة ، وقد يكون غير إرادي كوفاة أحد الشركاء أو الحجر عليه ، أو إفلاسه .

ولا مجال لبحث هذه الأسباب بالتفصيل ، لذلك نحيل الطالب إلى المراجع العامة في هذا الموضوع (1) .

المطلب الثالث

تصفية الشركة وقسمتها

بعد حل الشركة تدخل في دور التصفية ، وذلك باستيفاء حقوقها وحصر موجوداتها، وسداد ديونها ، تمهيدا لقسمة أموالها الصافية بين الشركاء . ونتكلم في تصفية الشركة ، ثم في قسمتها في فرعين على التوالي .

الفرع الأول

تصفية الشركة

يقصد بالتصفية مجموع العمليات لإنهاء أعمال الشركة التجارية ، وتسوية حقوقها وديونها ، وحصر أموالها الصافية – إذا بقي لها مال – تمهيدا لقسمتها بين الشركاء .

وتكون تصفية الشركة إما تصفية اختيارية إذا قرر الشركاء أو الهيئة العامة غير العادية – حسب الحال – تصفية الشركة ، وإما تصفية إجبارية بقرار من المحكمة .

وتبقى للشركة شخصيتها الحكمية بالقدر اللازم للتصفية ، ويضاف إلى اسمها أو عنوانها عبارة ” تحت التصفية ” في جميع أوراق ومستندات الشركة ومراسلاتها .

ويعهد بتصفية أعمال الشركة إلى شخص يسمى ” المصفي ” مقابل أجر يحدد في عقد تعيينه ، ويعد المصفي ممثلا للشركة باعتبارها شخصا حكميا . ويرسل قرار التصفية وتعيين المصفي إلى المراقب وينشر في الجريدة الرسمية .

وتحدد صلاحيات المصفي في عقد الشركة، أو في قرار تعيينه، أما إذا لم تحدد هذه الصلاحيات كان له ممارسة جميع الصلاحيات اللازمة للقيام بأعمال التصفية، فله:

  1. تنظيم قائمة جرد بموجودات الشركة وأموالها بالتعاون مع مديري الشركة .
  2. تنظيم قائمة بأسماء المدينين للشركة والديون المستحقة على كل منهم وتقريراً بأعمال المطالبة بدفع الأقساط والديون ، وتعتبر هذه القائمة بينة أولية على أن الأشخاص الواردة أسماؤهم فيها هم المدينون .
  3. محاسبة المديرين واستلام أموال ودفاتر وأوراق الشركة منهم .
  4. إدارة أعمال الشركة للمدى الضروري لتصفية الشركة وإتمام التصرفات والأعمال والمشروعات التي بدأت فيها الشركة ولم تنته بعد مثل تسليم البضاعة المباعة ، واستلام البضاعة المشتراة قبل الشروع في التصفية وشراء المواد اللازمة لإنهاء البناء وتجهيزه ، لأن حل الشركة ليس سبباً لإلغاء التزاماتها، وعدم تنفيذ هذه الالتزامات قد يرتب على الشركة التزاماً بالتعويض .
  5. اتخاذ جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على مصالح الشركة مثل تجديد قيد الرهن، وقطع التقادم، وطلب الحجز التحفظي، وإصلاح العقارات والمنقولات المملوكة للشركة ، والتأمين على أموال الشركة وموجوداتها .
  6. تحصيل الديون التي للشركة على الغير ، وما بقي للشركة في ذمة الشركاء من قيمة حصصهم أو أسهمهم سواء كانت نقدية أم عينية .
  7. وفاء ما على الشركة من ديون حالة ، والاحتفاظ بالمبالغ اللازمة للوفاء بالديون المؤجلة ، وفق الترتيب المبين في القانون .
  8. تمثيل الشركة أمام القضاء، وإقامة أي دعوى باسم الشركة أو نيابة عنها لتحصيل ديونها والمحافظة على حقوقها ، والتدخل في الدعاوى والإجراءات القضائية المتعلقة بأموال الشركة ومصالحها . وتعيين أي محام أو خبير أو أي شخص لمساعدته في القيام بواجباته في تصفية الشركة . وله قبول الصلح والتحكيم متى كان عمله خالياً من الغش ولكن يلزم موافقة الهيئة العامة للشركة المساهمة على كل اتفاق يتم بين المصفي ودائني الشركة .

ويقدم المصفي للمحكمة بعد تعيينه كفالة لضمان ما ينشأ عن أفعاله من ضرر إذا أهمل أو أساء التصرف أثناء فترة التصفية .

والمصفي وكيل بأجر ، لذلك فإن عليه أن يبذل في تنفيذ الأعمال الخاصة بالتصفية عناية الرجل المعتاد ، كما يسأل أمام دائني الشركة على أساس المسؤولية التقصيرية إذا خالف القانون ، فيكون للدائن المتضرر رفع دعوى على المصفي لتعويض الضرر الذي لحق به ، كما لو أنهى المصفي قبل سداد حقه ، أو بدأ في التوزيع على الشركاء قبل سداد الديون .

وبعد أن يتخذ المصفي الإجراءات المطلوبة لحصر موجودات الشركة يجوز للمحكمة أن تأذن له ببيعها إذا تبين لها أن مصلحة الشركة تستدعي ذلك .

ويتعين على المصفي اتباع الترتيب الذي بينه القانون في تسديد ديون الشركة بعد حسم نفقات التصفية بما في ذلك أتعاب المصفي .

وقد نصت المادة (30) من قانون الشركات لسنة 1964 بالنسبة للشركة العادية على أنه : تستعمل موجودات الشركة بما فيها المبالغ المقدمة من قبل الشركاء لتسوية الخسائر أو العجز في رأس المال على حسب الترتيب التالي :

  1. لدفع النفقات والمصاريف الناشئة عن تصفية الشركة .
  2. لدفع ديون الشركة والتزاماتها إلى الدائنين من غير الشركاء مع دفع الحقوق الممتازة أولاً .
  3. لدفع المستحق على الشركة لكل شريك عن سلفاته التي ليست من رأس المال .
  4. لدفع المستحق على الشركة لكل شريك نسبياً من رأس المال .
  5. يوزع ما تبقى من الموجودات على الشركاء بنسبة توزيع الأرباح بينهم .

أما بخصوص شركات المساهمة فقد نصت المادة 209 من قانون الشركات لسنة 1964 على ما يأتي :

تميز الديون التالية على كافة الديون الأخرى أثناء التصفية وتدفع قبل غيرها وهي :

  1. جميع الضرائب والعوائد البلدية والحكومية .
  2. جميع الأجور والرواتب المستحقة لأي موظف أو مستخدم في الشركة .
  3. جميع الأجور والتعويضات (والمكافآت) المستحقة لأي عامل أو مستخدم في الشركة .
  4. جميع بدلات الإيجار المستحقة لأي مؤجر عن عقارات مؤجرة للشركة .
  5. تتساوى الديون المذكورة مع بعضها وتدفع بكاملها إلا إذا كانت موجودات الشركة لا تفي بتسديدها جميعاً . ففي هذه الحالة تخفض نسبياً بالتساوي . وتدفع الديون المذكورة فوراً بعد الاحتفاظ بالمبالغ اللازمة لنفقات التصفية ومصاريفها ويكون لها حق امتياز على ادعاءات الذين يحملون سندات دين بموجب رهن .

الفرع الثاني

قسمة موجودات الشركة

إذا أسفرت التصفية عن بقاء موجودات الشركة كلها أو بعضها ، فإن هذه الموجودات تصبح مملوكة على الشيوع بين الشركاء ، ويعتبر هذا الشيوع إجباريا ومؤقتا حيث يترتب بقوة القانون على زوال الشخصية الحكمية للشركة . لذلك يلزم قسمة تلك الموجودات فيما بين الشركاء .

وإذا كانت الأموال المتبقية كافية لاسترداد حصص الشركاء يحصل كل شريك على مبلغ يتناسب مع حصته في رأس المال ، وإذا بقي ما يسمى بفائض التصفية أي مبلغا زائدا بعد استرداد كل شريك ما يعادل حصته التي دفعها ، فإن هذه الأموال تقسم بين الشركاء وفق النسبة المتفق عليها بينهم لتوزيع الأرباح .

أما إذا كانت الأموال المتبقية بعد التصفية لا تكفي لاسترداد كل شريك حصته في رأس المال ، فذلك يعني أن الشركة منيت بخسارة ، ويجب أن يتحمل كل شريك نصيبه فيها ، فتوزع الخسارة عليهم جميعا بحسب النسبة المتفق عليها في توزيع الخسارة ، وإلا بنسبة حصته في رأسمال الشركة .

وبعد الانتهاء من القسمة تنتهي التصفية ، ويجب الإعلان عن انتهائها وشطب الشركة من سجل الشركات .

(1)(1) انظر كتابنا الوجيز في شرح القانون التجاري، الجزء الثاني؛ الشركات التجارية ، بالاشتراك مع د. عبد الرءوف السناوي ، الطبعة الخامسة، 2014 ، ص 297 و بعدها .