الفصل الأول – التعريف بالقانون

تعريف القانون

كلمة قانون مأخوذة عن كلمة Kanon اللاتينية ومعناها النظام أو القاعدة .

وتطلق كلمة قانون في العلوم الطبيعية على كل قاعدة مطردة مستقرة تفيد استمرار أمر معين وفقا لنظام ثابت . ومن أمثلته : قانون الجاذبية، وقانون الضغط الجوي، وقانون الغليان، وقانون العرض الطلب … الخ

أما في مجال العلوم القانونية فإن لكلمة قانون معنيين :

الأول :معنى عام يقصد به مجموعة القواعد العامة المجردة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع ، والتي يلتزم أفراده بالخضوع لها ، ويتعرض من يخالفها للجزاء الذي تكفل الدولة توقيعه على الأفراد عند الضرورة . فيقال القانون الوضعي ، وعلم القانون ، وكلية القانون .
الثاني:معنى خاص له دلالات مختلفة : قد يقصد به التشريع ، أي مجموعة القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية بقصد تنظيم مسألة معينة ، فيقال قانون الشركات ، وقانون الموظفين، والقانون رقم 15 لسنة 1985 … الخ . وقد يقصد به التقنين (Code)، أي مجموعة المواد أو النصوص الخاصة بفرع معين من فروع القانون ، فيقال مثلا ” نصت المادة …. من القانون المدني على ….. ” . قد تستعمل للدلالة على فرع معين من فروع القانون الوضعي، أي القواعد التي تنظم موضوعا واحدا أو مجموعة متقاربة من موضوعات القانون، التي تتعلق بنشاط معين من النشاطات الإنسانية في المجتمع. فالقانون المدني – هو القواعد التي تنظم النشاط المدني، والقانون التجاري يراد به القواعد التي تنظم النشاط التجاري … وهكذا .

وما يعنينا في دراستنا هو تعريف القانون ، بمعناه العام ، إذ نستخلص منه خصائص ثلاث للقواعد القانونية .

  1. إن القاعدة القانونية قاعدة مجردة وعامة.
  2. وهي قاعدة تحكم سلوك الأفراد في المجتمع.
  3. كما أنها قاعدة ملزمة ومقترنة بجزاء مادي.

ونعرض لكل واحدة من هذه الخصائص بشيء من التفصيل .

1- القاعدة القانونية مجردة وعامة

يقصد بالتجريد أن تخاطب القاعدة الأفراد بصفاتهم وليس بذواتهم ، فيكتفي المشرع بإنشاء مراكز قانونية مجردة، كمركز الوارث، والوصي، والبائع، والشريك … وأن تتناول الوقائع والتصرفات بشروطها وأوصافها ، وذلك بتنظيم علاقة نموذجية ذات طابع موحد كعقد البيع ، وعقد الإيجار ، وعقد الشركة … الخ يأخذ فيها بالوضع الغالب في الحياة العملية ، ويغفل ما قد يحيط بالأشخاص أو الوقائع من ظروف خاصة ذات أهمية ثانوية.

أما العموم فيقصد به أن القاعدة تنطبق على جميع الأشخاص الذين تتوفر فيهم الصفات المقررة بها ، أو على جميع الوقائع التي تتوفر فيها الأوصاف والشروط المطلوبة .

والتجريد ليس خصيصة مستقلة عن العموم، بل هما فكرتان متلازمتان متطابقتان، أو هما وجهان لخصيصة واحدة، فالقاعدة تنشأ مجردة عند تكوينها، وبذلك تكون عامة في تطبيقها.

مثال : تنص المادة(43) من القانون المدني الأردني على أن “

  1. كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
  2. وسن الرشد هي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة “.

فهذه القاعدة تنطبق بالنسبة لكل شخص، ذكرا كان أم أنثى، متى بلغ الثامنة عشرة من عمره وكان متمتعا بقواه العقلية، إذ يصبح هذا الشخص أهلاً لمباشرة حقوقه المدنية. ويتكرر تطبيق هذه القاعدة بقدر تعدد البالغين الذين تتوفر فيهم الشروط الواردة فيها ، سواء الآن أم في المستقبل طالما ظلت القاعدة قائمة معمولا بها .