الفصل الأول – التعريف بالقانون

2- القاعدة القانونية تحكم سلوك الأفراد في المجتمع

القاعدة القانونية لا تعنى بسلوك الإنسان المنعزل، ولا تهتم بتنظيم سلوك الفرد نحو نفسه ، بل تقوم بتنظيم سلوك الفرد نحو غيره، إذ تفترض وجود علاقات بحاجة إلى تنظيم، فهي قاعدة اجتماعية . ويبين القانون ما يجب أن يكون عليه سلوك الأفراد، فإذا احترموا قواعده طواعية كان بها، وإلا أجبروا على احترامها .

ويترتب على كون القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية ، أن تستجيب لظروف وحاجات المجتمع الذي تحكمه ، فالقانون مرآة للبيئة التي ينطبق فيها . وهذا يتطلب أن يتطور القانون في الزمان مع تطور المجتمع . وهو متغير بحسب المكان ، لأنه يحكم علاقات اجتماعية تختلف من مكان إلى آخر . فالقانون الفرنسي يختلف عن القانون الأردني . كما أن القانون الفرنسي في القرن الماضي يختلف عنه في وقتنا الحاضر حيث يتدخل المشرع من وقت إلى آخر فيعدل القانون القائم حتى يتلاءم مع الظروف الجديدة في المجتمع .

وحتى تتدخل القاعدة القانونية لتنظيم الروابط الاجتماعية يلزم أن يكون هناك مظهر خارجي لسلوك الأفراد . فالقانون ينظم مسلك الأفراد الخارجي ولا يهتم بالمشاعر والأحاسيس والنوايا طالما بقيت كامنة في النفس ولم تظهر إلى العالم الخارجي بأفعال مادية ملموسة . فالتفكير بارتكاب جريمة لا يقع تحت طائلة القانون ما دام هذا التفكير لم يتخذ مظهرا خارجيا بأفعال مادية ظاهرة تدل عليه كالتعدي على الغير بالضرب أو القتل مثلا .

والقاعدة القانونية تنظم العلاقات الاجتماعية كافة ، سواء داخل الدولة ، أي بالنسبة لتنظيم علاقات الأفراد بعضهم ببعض، أو في علاقاتهم بالدولة، أو علاقات سلطات الدولة فيما بينها، أم في النطاق الخارجي ، أي بالنسبة لعلاقات الدول بعضها ببعض، وعلاقاتها بالمنظمات الدولية .

وهي تحكم الفرد منذ لحظة تخلقه كجنين حتى إلى ما بعد وفاته ، ويطبقها الأفراد في حياتهم اليومية في كل وقت ، فمن يستقل قطارا ، أو يشتري كتابا ، أو يتناول الشاي في مقهى ، أو يدخل دار للسينما … الخ يبرم تصرفات تخضع للقانون .

غير أن القواعد القانونية لا تستأثر وحدها بتنظيم مظاهر نشاطه الاجتماعي المتعدد النواحي، بل تختص بمظاهر معينة من هذا النشاط التي يلزم تنظيمها لتحقيق التناسق الاجتماعي ، بينما تسهم العادات، ومبادئ الأخلاق، وأوامر الدين، في تنظيم جوانب أخرى من هذا النشاط .

3- القاعدة القانونية قاعدة ملزمة

يهدف القانون لضمان أمن واستقرار المجتمع ، لذلك فإنه يضع قواعد بالسلوك الواجب على الأفراد . وهذه القواعد ليست مجرد توجيهات تسدي النصح والإرشاد ، بل هي أوامر واجبة التنفيذ . لذلك فإن القواعد القانونية هي قواعد سلوك إجبارية .

ويحترم الأفراد القاعدة القانونية في الغالب ، لأنها تعبر عن إرادة الجماعة، ولاعتقادهم بأن القانون لازم لحماية النظام في الجماعة وتوفير الخير لها . وكلما ارتقت الأمة ازداد حرص أفرادها على طاعة القانون من تلقاء أنفسهم لا خوفا من تعرضهم لجزائه .

كما تحاول الدولة توفير وسائل وقائية لمنع مخالفة القانون ، من ذلك السعي لمنع ارتكاب الجرائم بواسطة رجال الشرطة ، الذين يعهد إليهم بحفظ الأمن .

والواقع أن إطاعة القانون لا تكون حبا فيه بقدر ما تكون خوفا منه، فما يكاد يزول ذلك الخوف من القانون حتى يزول احترامه. والدليل على ذلك أنه لو زال التنظيم القهري في الجماعة أو تعطل على إثر كارثة أو حادثة غير عادية، فعندئذ تعم الفوضى .

ولذلك يجب أن تقترن القاعدة القانونية بالقوة التي تفرض احترامها وتوجب طاعتها، إذا لم يتم الالتزام طوعيا . وهذه القوة هي ما يسمى بالجزاء . وهي الحل الأخير الذي يلجأ إليه عند مخالفة القانون والخروج على أحكامه .

غير أن ذلك لا يعني أن كل مخالفة للقاعدة القانونية تؤدي فعلا إلى توقيع الجزاء على المخالف. فكثيرا ما يحدث أن تقع مخالفة للقانون دون أن ينفذ الجزاء فعلا .

– إما لعدم معرفة الفاعل ،

– أو لقعود صاحب الحق المعتدى عليه عن السعي إلى توقيع الجزاء،

– أو حتى لإهمال من يعهد إليهم بتوقيع الجزاء … إلى غير ذلك من الأسباب.