الفصل الأول – الشروع في الدعوى

تقام الدعوى أمام القضاء بورقة تسمى لائحة الدعوى أو صحيفة الدعوى أو عريضة الدعوى، ويتم رفع الدعوى بإيداع اللائحة قلم كتاب المحكمة، أما انعقاد الخصومة فإنه وفق المادة 55/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية لا يتم إلا من تاريخ تبليغ لائحة الدعوى للمدعى عليه.(1)

  نتناول في هذا الفصل كيفية رفع الدعوى وقيدها ، ونبين الشروط والبيانات الواجب توافرها في لائحة الدعوى ، ثم نعرض لتبليغ لائحة الدعوى ، واللائحة الجوابية .

المبحث الأول

إقامة الدعوى وقيدها(2)

      رسم المشرع طريقا عاديا لإقامة الدعوى أمام القضاء عن طريق توجيه تبليغ إلى الخصم وتكليفه بالحضور أمام المحكمة في جلسة تحدد لذلك ، ولكنه استثناء من ذلك أجاز تقديم الدعوى بإجراءات مختصرة بشروط معينة . لذا نبين في مطلب أول مراحل تقديم الدعوى العادية وفي مطلب ثان تقديم الدعوى بإجراءات مختصرة .

المطلب الأول

الطريق العادي لتقديم الدعوى

      يتم إقامة الدعوى بالطريق العادي بتوجيه تبليغ إلى الخصم وتكليفه بالحضور أمام المحكمة في جلسة تحدد لذلك ، وفق المراحل التالية :

  1. يحرر المدعي لائحة دعواه ويضمنها البيانات اللازمة التي سيرد ذكرها فيما بعد.
  2. يقدم المدعي لائحة الدعوى وصورا منها بقدر عدد المدعى عليهم إلى قلم كتاب المحكمة لتقدير الرسوم المستحقة عليها .
  3. يدفع المدعي الرسم كاملا مقابل إيصال بذلك – ما لم يحصل على قرار بتأجيل دفع الرسم –  وتعتبر الدعوى مقامة من تاريخ قيدها بعد دفع الرسوم أو من تاريخ طلب تأجيل دفع الرسوم (م 55/1). وعلى قلم الكتاب تحصيل الرسم أولا قبل قيامه بقيد الدعوى ( أو الطعن)، فإذا لم يقم المدعي ( أو الطاعن) بسداد كامل الرسم لا يقوم قلم الكتاب بقيد الدعوى، أما إذا قام قلم الكتاب بقيدها دون دفع الرسم فقد فرق المشرع بين حالة عدم دفع كامل الرسم وفي هذه الحالة تقرر المحكمة عدم قبول الدعوى. أما إذا كان الرسم ناقصا فإن المحكمة تحدد للمدعي ( أو الطاعن) مدة لإكمال الرسم، فإن أكمل الرسم خلالها قبلت الدعوى ( أو الطعن) وإلا قررت عدم قبولها.ويجدر الإشارة إلى أن المشرع قد يعفي بعض الدعاوى من الرسوم القضائية مثل الدعاوى العمالية التي ترفع نتيجة نزاع بالأجور أو الإجازات أو بمكافآت نهاية الخدمة أو التعويضات عن إصابة العمل أو بفصل العامل فصلا تعسفيا، وذلك عملا بالمادة 4 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000.    
  4. يتم قيد لائحة الدعوى في سجل الأساس وتعطى رقما مسلسلا وفق أسبقية تقديمها، وتوضع في ملف خاص يحمل اسم المحكمة بالإضافة إلى اسم المدعي والمدعى عليه ووكيل كل منهما ، وموضوع الدعوى إلى غير ذلك من المعلومات الضرورية ، بالإضافة إلى رقم الأساس الذي سجلت به الدعوى والذي يعد رقما للدعوى ، ويوضع على اللائحة وما يرفق بها من أوراق خاتم المحكمة ، ويذكر أمام الرقم تاريخ القيد ببيان اليوم والشهر والسنة .
  5. يعرض ملف الدعوى على رئيس المحكمة أو القاضي المختص لتعيين جلسة للنظر فيها ( م 65 ) .(1)
  6. يثبت قلم الكتاب في حضور المدعي أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى في لائحة الدعوى وصورها .
  7. ينظم كاتب المحكمة مذكرة الحضور ويعد نسخا عنها بعدد نسخ لائحة الدعوى وتوقع مذكرة الحضور مع نسخها من القاضي وتختم بخاتم المحكمة الرسمي .
  8. تسلم لائحة الدعوى وصورها ومذكرة الحضور إلى قلم المحضرين لتبليغ نسخة من  مذكرة الحضور مع نسخة من لائحة الدعوى إلى المدعى عليه .
  9. ينتقل مأمور التبليغ (المحضر) لتبليغ صورة مذكرة الحضور ولائحة الدعوى إلى المدعى عليه أو من يمثله وفق الأصول التي سنبينها فيما بعد .(2)

المطلب الثاني

دعوى الإجراءات المختصرة

      بالإضافة إلى الطريق العادي لإقامة الدعوى نص المشرع على طريق استثنائي تقدم فيه الدعوى بإجراءات مختصرة ، فقرر في المادة (259) على أنه ” استثناء من القواعد العامة في إقامة الدعاوى وتقديم اللوائح الجوابية ، يجوز للمدعي إذا كان حقه ثابتا بالكتابة وينحصر طلبه في استيفاء دين معين المقدار وحال الأداء أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه ومقداره ، أن يقيم دعواه أمام المحكمة المختصة مظهرة بعبارة إجراءات مختصرة “.

الفرع الأول

شروط الحق الذي يجوز اتباع الإجراءات المختصرة للمطالبة به

يتبين من نص المادة (259) أنه يمكن للمدعي اللجوء إلى الإجراءات المختصرة إذا توافرت في الحق المطلوب الشروط الآتية :

أولا : أن يكون الحق ثابتا بالكتابة، سواء كان ثابتا في محرر رسمي أم محرر عرفي، وسواء كان سندا مدنيا أم ورقة تجارية ، ما دام أن الورقة المتضمنة للحق موقعة من المدين .

ثانيا : أن يكون الحق دينا محله مبلغا من النقود أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه وبمقداره (1).

     ومثال الدين الذي محله مبلغ من النقود ، أن يطالب البائع بإلزام المشتري بدفع ثمن المبيع ، أو يطالب المؤجر بإلزام المستأجر بأجرة العين المؤجرة .

      أما مثال المنقول المعين بالذات ، أن يطالب المشتري بإلزام البائع بتسليمه السيارة المعينة التي باعه إياها . أما المنقول المعين بنوعه ومقداره فمثاله أن يطالب المشتري بإلزام البائع تسليمه تلفزيون شارب 23 بوصة ، أو ثلاجة فليبس 18 قدم اشتراها منه .

      وإذا كان الدين المطلوب مبلغا من النقود فلا أهمية لنوعه أو طبيعته سواء كان دينا مدنيا أم تجاريا ، وكذلك لا أهمية لمقداره كبيرا كان أو صغيرا ، ما دام مقداره محددا .

ثالثا : أن يكون الدين معين المقدار ، كأن يطلب البائع ألف دينار ثمن المبيع ، أو يطلب المشتري تسليمه عشر ثلاجات فليبس .

رابعا : أن يكون الدين حال الأداء ، فلا يجوز اتباع الإجراءات المختصرة للمطالبة بدين مستقبل أو مؤجل .

الفرع الثاني

إجراءات الدعوى المختصرة والطعن فيها

أولا : تكليف المدين بالوفاء ، وذلك بإخطاره بأداء الحق المدعى به قبل إقامة الدعوى بخمسة عشر يوما على الأقل(1).

      والهدف من الإخطار تجنيب مفاجأة المدين بالدعوى ، وإتاحة الفرصة له للمبادرة إلى سداد الحق فيدرأ بذلك عن نفسه مصاريف ومشقة المطالبة القضائية ، وتمكينه من ناحية أخرى من المنازعة في الدين إذا كان غير مقر به أو لأي سبب من الأسباب التي تؤدي إلى انقضاء الدين كله أو بعضه ، فإذا حصلت المنازعة قبل تقديم الدعوى لا يكون أمام الدائن سوى إقامة دعوى بالإجراءات المعتادة ، لأن هذه المنازعة تمنع من توافر شروط اتباع الإجراءات المختصرة .

      ولم يبين المشرع كيفية حصول الإخطار ، فالمهم أن يكون المدين قد تلقى إخطارا بأية صورة قانونية يعلم منه أنه مكلف بالوفاء لذلك يكفي أن يتم الإخطار بواسطة محام ، أو بالبريد المسجل مع علم الوصول ، كما أن الاحتجاج لعدم الوفاء بالنسبة للأوراق التجارية يقوم مقام الإخطار بالوفاء ، ولكن من الأفضل للدائن الحريص أن يخطر المدين بواسطة الكاتب العدل أو حتى عن طريق محضر حيث لا يوجد في القانون ما يمنع من ذلك .

      أما المهلة فهي خمسة عشر يوما ، وهي الحد الأدنى فلا يجوز أن تقل عن ذلك، ولكن يجوز للدائن أن يمنح المدين مهلة أكبر ، ولكن يراعى أنه إذا فات وقت طويل على الإخطار بالوفاء فإنه ينبغي تجديده ، لأن فوات وقت طويل يدعو القاضي إلى التشكك فيرفض إجابة الطلب بالإجراءات المختصرة .

      ويلاحظ في هذا المجال أنه إذا كانت دعوى الإجراءات المختصرة قد قيدت في قلم كتاب المحكمة قبل 5/12/2001 فإنها تكون صحيحة ومقبولة دون حاجة للإخطار لأن القانون القديم الملغى لم يكن يتطلب ذلك .

ثانيا : تقديم الدعوى ومرفقاتها

      يقدم الدائن المدعي لائحة الدعوى إلى قلم كتاب المحكمة المختصة مظهرة بعبارة ” إجراءات مختصرة ” ، ويرفق بها صورة السند الكتابي للحق ، والإخطار بالوفاء ، وأي مستندات أخرى تؤيد الحق ، ويدفع عنها الرسوم المقررة .

ثالثا : تحدد المحكمة جلسة لنظر الدعوى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم لائحتها ، ويبلغ بها الخصوم ، ويرفق بتبليغ المدعى عليه نسخة من لائحة الدعوى وصورة عن المستندات المؤيدة للحق (م261). فإذا تبلغ المدعى عليه لائحة الدعوى ليس له بعد 5/12/2001 أن يقدم طلبا لتأجيل الجلسة لتقديم لائحة جوابية عملا بالمادة (82) من القانون القديم ، بل تسري على هذه الدعوى أحكام القانون الجديد ، ولكن له في أول جلسة أن يطلب السماح له بتقديم لائحة جوابية وفق المادة (64) من القانون الجديد .

رابعا : في الجلسة المحددة لنظر الدعوى ، إما أن يحضر المدعى عليه أو لا يحضر رغم تبلغه .

  1. إذا حضر المدعى عليه وأقر بقسم من الادعاء تصدر المحكمة قرارها فورا بهذا القسم مع قابليته للتنفيذ ، ثم تستمع لبينات الخصوم فيما يتعلق بالقسم الباقي وفق الإجراءات المعتادة على أن يراعى في تعيين الجلسات طبيعة هذه الدعاوى (م 263) .

    وتسير المحكمة وفق الإجراءات المعتادة من باب أولى إذا لم يقر المدعى عليه بطلبات المدعي ، وقدم دفوعا لردها . ويجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تسمح له بتقديم لائحة جوابية عملا بالمادة (64) من القانون الجديد .

 وإذا تعدد المدعى عليهم وكان المبلغ المدعى به مشمولا بالتضامن أو غير قابل للتجزئة، وأقر أحدهم بالدعوى تصدر المحكمة حكمها على المقر فورا.

 أما إذا كان المبلغ المدعى به قابلا للتجزئة وأقر أحدهم بالجزء الذي يخصه تصدر المحكمة حكمها في هذا الجزء وتسير بالإجراءات المعتادة بالنسبة لباقي الخصوم فيما تبقى من المبلغ المدعى به (م 264).

  • أما إذا لم يحضر المدعى عليه رغم تبلغه ، يكلف المدعي بإثبات دعواه . ويتخذ القاضي قرارا بشأنها ، ولا يخلو الأمر من احتمالين :
  • إصدار قرار بإجابة الدعوى وإلزام المدين بالدين أو بتسليم المنقول حسب الأحوال وإلزام المدين بالمصاريف والرسوم .
  • عدم إجابة المدعي لطلبه ، وفي هذه الحالة فإنه يعين جلسة أخرى لنظر الدعوى ويبلغ المدعى عليه بها (م 262) وينظر الدعوى وفقا للإجراءات المعتادة .

      ويمتنع القاضي عن إجابة المدعي لطلبه إذا لم يتوافر شرط من شروط اتباع الإجراءات المختصرة ، كما لو كان الحق غير معين المقدار ، أو غير حال الأداء ، أو غير ثابت بالكتابة ، وكذلك إذا رأى أن موضوع الدعوى في حاجة إلى تحقيق ومرافعة .

الطعن في الحكم الصادر في الدعوى بالإجراءات المختصرة

      تسري على الأحكام الصادرة في دعوى الإجراءات المختصرة القواعد الخاصة بالأحكام والطعون فيها (م 265).


(1) أو بحضور المدعى عليه الجلسة رغم عدم تبليغه، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 68 من قانون المرافعات المصري معدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بقولها ( لا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر الجلسة).

(2) يقال أقام الدعوى أو رفع الدعوى ، وقد استخدم المشرع المصطلح الأول .

(1) نرى نقل المادة 65 إلى ما بعد المادة 54 مباشرة لتأخذ رقم 55 باعتباره مكانها الطبيعي المتمم لإجراءات قيد الدعوى قبل تبليغها للمدعى عليه .

(2) يرجع لما بعدها ص 297 وما بعدها .

(1)  كان قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى يشترط أن يكون محل الحق مبلغا من النقود فقط (م 80) أما القانون الجديد فقد أضاف المنقول كما رأينا .

(1) لم يكن قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى يشترط الإخطار .