الفصل الأول – الودائع المصرفية

المبحث الرابع

ودائع التوفير

تأخذ المصارف نوعا خاصا من الودائع من صغار المدخرين؛ تسمى بودائع التوفير، وتسجل حساباتها في دفاتر خاصة تسلم إلى العملاء تسمى دفاتر التوفير، وهي كما يدل عليها اسمها؛ تتضمن التوفيرات العائلية الزهيدة القيمة.

ولم يشر قانون التجارة إلى هذا النوع من الودائع التي أصبحت من العمليات الشائعة الاستعمال في المصارف، لذلك وضعت القواعد المنظمة لها ضمن تعليمات حسابات الودائع، بهدف تشجيع صغار المدخرين على إيداع مدخراتهم للاستفادة من مزايا هذا النوع من الحسابات، مثل التأمين على الحياة؛ أو الحق في الاشتراك في يانصيب لجوائز ثمينة، أو الحق في قرض عقاري؛ أو اجتماعي للزواج أو الدراسة، بالإضافة إلى الفائدة في البنوك التجارية التقليدية؛ أو المشاركة في ناتج أرباح الاستثمار في البنوك الإسلامية.

بينما نصت المادة 339 من مشروع قانون التجارة على أنه:

  1. إذا أصدر المصرف دفتر توفير وجب أن يذكر فيه اسم من صدر لصالحه، وأن يدون في الدفتر المدفوعات والمسحوبات، وأن تكون البيانات الواردة بالدفتر الموقع عليها من موظف المصرف حجة في إثبات تلك البيانات في العلاقة بين المصرف ومن صدر الدفتر لصالحه.
  2. يجوز إصدار دفتر توفير باسم قاصر، ويكون للقاصر ولكل شخص آخر حق الإيداع في الدفتر، ولا يكون للقاصر حق السحب منه إلا وفقا للأحكام المنصوص عليها في القانون.

ويخضع هذا الحساب للقاعدة العامة التي تحكم الوديعة المصرفية النقدية، التي يتملك المصرف بموجبها المبالغ المودعة في الحساب مقابل التزامه برد قيمتها وفق شروط الحساب المتفق عليها والتي توضع غالبا من قبل المصرف.

وبموجب هذا الحساب يسلم المصرف إلى العميل دفترا تسجل فيه جميع عمليات الإيداع والسحب التي يقوم بها، ويلتزم العميل بتقديم الدفتر إلى المصرف في كل مرة يريد فيها إجراء عملية إيداع أو سحب لقيد هذه العملية. كما يجب إبرازه في نهاية كل سنة لقيد الفوائد المترتبة لصاحبه. ويعتبر هذا الدفتر بالنسبة للمودع والمصرف، كوثيقة على العمليات الجارية بينهما.

وتحدد أنظمة المصارف عادة الحد الأدنى للمبلغ الذي يجوز إيداعه، والحد الأقصى للمبلغ الذي يجوز سحبه بدون إخبار مسبق، فإذا تجاوز المبلغ الحد الأقصى وجب إعلام المصرف مسبقا بذلك؛ خلال مدة تختلف طولا وقصرا وفق ضخامة المبلغ المراد سحبه.

وتمنح المصارف عادة فائدة على المبالغ المودعة في الحساب تختلف نسبتها باختلاف الظروف المالية، وهي تقل غالبا عن نسبة الفائدة التي تمنح للوديعة لأجل. وتحسب الفائدة عادة في نهاية كل عام، أو في تواريخ محددة، وتقيد للمودع في الدفتر بعد خصم ما يستحق للدولة كضريبة دخل.

الأحكام الخاصة بحسابات التوفير:

  1. يصرف للعميل بناء على طلبه دفتر شخصي يسمى دفتر حساب التوفير، تقيد فيه جميع حركات الحساب من إيداع وسحب وفوائد، ويلتزم العميل بتقديم الدفتر إلى المصرف في كل مرة لتسجيل عملية الإيداع أو السحب.
  2. لا يجوز أن يقل رصيد الحساب عن الحد الأدنى الذي يحدده المصرف بين وقت وآخر؛ لرصيد الحساب الخاضع للفائدة.
  3. تحتسب الفائدة على أقل رصيد شهري وتقيد في الحساب في آخر شهر حزيران وآخر شهر كانون أول من كل عام، إلا إذا أغلق الحساب قبل ذلك؛ فتدفع الفائدة بتاريخ الإغلاق على أساس أدنى رصيد خلال نهاية الشهر السابق للإغلاق، ويجب على العميل إحضار الدفتر إلى المصرف في التواريخ المذكورة لقيد الفوائد المستحقة إذا طلب المصرف ذلك.
  4. يجب على العميل التثبت من صحة قيد عمليات الإيداع والسحب قبل مغادرة المصرف؛ وإلا فإن المصرف لا يتحمل أية مسئولية. وفي حالة وجود اختلاف بين الدفتر وبين سجلات المصرف؛ فإن سجلات المصرف هي المرجع النهائي، ولا يجوز للعميل الطعن في صحتها أو الاعتراض عليها.
  5. يكون العميل مسئولا عن المحافظة على الدفتر، وفي حالة فقدانه أو سرقته؛ أو انتقال حيازته بصورة غير مشروعة، على العميل إعلام المصرف بذلك خطيا وفورا. كما يعفي العميل المصرف كليا من أية مسئولية قد تنتج عن ضياع الدفتر، غير أن المصرف لا يعفى من المسئولية رغم هذا الشرط، إذا أهمل في تدقيق هوية من يتقدم إليه بالدفتر لسحب مبلغ معين أو الدفع لغير صاحب الدفتر دون أن يبرر الغير ما يخوله السحب نيابة أو حكما بثبوت وفاة المودع وانحصار إرثه؛ وذلك بسبب الصفة الإسمية الشخصية لدفتر التوفير. علما بأنه لا يصرف للعميل دفتر جديد إلا بعد مرور خمسة عشر يوما على إعلام البنك خطيا بذلك.
  6. يعتبر الدفتر في حالة إغلاق الحساب لاغ، وعلى العميل إعادته للمصرف لختمه بخاتم (ملغى) وإعادته للعميل بعد ختمه.
  7. لا يصدر المصرف للعميل على هذا الحساب دفتر شيكات، كما لا يجوز للعميل أن يسحب شيكات أو يحرر أوامر دفع أو تحاويل على هذا الحساب، علما بأن المصرف غير ملزم بالدفع من حساب التوفير إلا بحضور العميل شخصيا أو من ينوب عنه قانونا، وتقديم دفتر حساب التوفير والتوقيع باستلام المبلغ المسحوب.
  8. يجوز للمصرف أن يقيد قيم الحوالات الواردة لصالح العميل في حساب التوفير، ويتوجب على العميل عند استلام الإشعار الخاص بقيد الحوالة مراجعة المصرف لقيد قيمة الحوالة في الدفتر.
  9. لا يجوز للعميل سحب أو إيداع مبلغ يقل عن الحد الأدنى الذي يحدده المصرف من حين لآخر، كما لا يحق للعميل سحب أكثر من المبلغ الذي يحدده المصرف للسحب في اليوم الواحد؛ إلا إذا أشعر المصرف بذلك خطيا قبل يوم السحب بسبعة أيام على الأقل.
  10. يعد دفتر التوفير سندا لإثبات وديعة التوفير، وتكون بياناته حجة على طرفي وديعة التوفير شريطة أن تكون موقعة من قبل الموظف المختص في المصرف المودع لديه. ويذهب رأي في الفقه؛ إلى أن هذه الحجية للبيانات تكون متوافرة حتى لو كان التوقيع صادرا من موظف غير مختص ما دام الظاهر للعميل أنه هو المختص، حماية للمودع حسن النية الذي لا يملك التحقق من اختصاص ومدى سلطة موظفي المصرف.(38)

(38)(38) علي جمال الدين عوض، المرجع السابق بند 134 هامش 4 صفحة 167و168.