الفصل الأول – انعقاد العقد

الفرع الثالث

الغلط

تعريفه :

يعرف الغلط عادة بأنه حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غير الواقع ، بأن تكون هناك واقعة غير صحيحة يتوهم الإنسان صحتها ، أو واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها.

والغلط المقصود هنا هو ما ينزلق إليه الشخص من تلقاء نفسه ، أي الغلط التلقائي أو البسيط ، فلا يشمل الغلط الناشئ عن التغرير .

ويشترط حتى يؤثر الغلط في العقد أن يكون ظاهراً ، أما إذا كان الغلط باطنياً فقط فلا يترتب عليه حكم .

ويكون الغلط ظاهرياً في الحالات الآتية :

  1. إذا كشف العاقد عن إرادته صراحة (فيما تضمنته صيغة العقد) ، وذلك بأن يعين العاقد للعاقد الآخر الشيء المعقود عليه تعييناً نافياً للجهالة ، وأن يذكر له جميع الأوصاف التي يشتمل عليها الشيء بحيث لو فات وصف منها لرغب عن التعاقد.
  2. استخلاص الإرادة ضمناً من الملابسات وظروف الحال ، فمن باع حجراً في سوق الجواهر دل على أنه يبيع جوهرة ، فإن لم تكن كذلك كان للمشتري ردها وإن لم يشترط صراحة في العقد .
  3. استخلاص الإرادة ضمناً من طبائع الأشياء ، من ذلك اتجاه الإرادة إلى خلو الشيء من العيب ، إذ طبيعة الأشياء أن يكون الشيء سليماً ، فإذا ظهر في المبيع عيب كان للمشتري خيار العيب .

ويكون الغلط معيبا للرضا(1) إذا كان الغلط في وصف مرغوب فيه، وحالاته هي:

  1. الغلط في صفة مرغوبة في محل العقد ، كما لو اشترى ياقوتا على أنه أحمر فإذا هو أصفر ، أو اشترى بقرة فإذا هي ثور .
  2. الغلط في ذات المتعاقد إذا كانت شخصيته محل اعتبار، كمن تبرع لشخص معين، ثم تبين أن المتبرع له شخص آخر يحمل الاسم ذاته .
  3. الغلط في صفة المتعاقد ، كأن يعهد إلى مهندس زراعي بالإشراف على مزرعته ثم تبين أنه لا يحمل شهادة فنية وأنه غير كفء في عمله .
  4. الغلط في القانون ، كمن باع نصيبه في التركة معتقدا أنه يرث الربع بينما يرث النصف مثلاً (2) .

حكم الغلط المعيب للرضا :

يكون العقد صحيحا ونافذا ولكنه غير لازم ، فيجوز للعاقد الذي وقع في الغلط فسخ العقد

(1)(1) هناك غلط لا يؤثر في الرضا لأنه لا صلة له بتكوين الإرادة ، وحالاته الغلط في
الحساب أو الكتابة (غلط مادي يجب تصحيحه)، والغلط في صفة عرضية كنوع
ورق الكتاب أو أسلوبه ، والغلط في قيمة الشيء ، والغلط في الباعث الدافع إلى
التعاقد ، والغلط في شخص المتعاقد إذا لم يكن محل اعتبار في العقد .

وهناك غلط مانع ينعدم معه الرضا فيمنع من انعقاد العقد وحالاته الغلط في
ماهية العقد أو في الإيجاب والقبول ، والغلط في شرط من شروط الانعقاد ، والغلط
في محل العقد سواء كان في جنسه أم في وجوده .

(2)(2) ولكن لا يجوز فسخ العقد بسبب غلط في القانون في عقد الصلح والإقرار القضائي.