الفصل الثالث – الاختصاص القيمي

المبحث الثالث

توزيع الاختصاص القيمي

      حدد المشرع توزيع الاختصاص بين محاكم الصلح ومحاكم البداية وفق معيار الاختصاص القيمي في الفقرة الأولى من المادة (39) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية معدلة بالقانون رقم 5 لسنة 2005 التي تنص على أنه :

      تختص محكمة الصلح بالنظر فيما يلي :

  1. الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها(10000) عشرة آلاف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا ، ويكون حكمها قطعيا في الدعاوى المتعلقة بمبلغ نقدي أو مال منقول إذا كانت قيمة المدعى به لا تتجاوز ألف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا .(1)

      وبناء على هذا النص فإن محكمة البداية تختص قيميا في نظر الدعاوى التي تتجاوز قيمتها عشرة آلاف دينار ، كما أنها تختص بالدعاوى غير مقدرة القيمة وفق المادة (38) كما ذكرنا سابقا حيث اعتبر المشرع أن قيمتها زائدة على عشرة آلاف دينار .

      ويلاحظ على موقف المشرع هذا عدة أمور منها .

أولا : أنه رفع نصاب محكمة الصلح من (250) مئتين وخمسين دينارا إلى (20.000) عشرين ألف دينار مرة واحدة ، وهذا أمر غير معقول. ورغم أن المشرع خفض هذا المبلغ إلى عشرة آلاف دينار بموجب القانون المعدل رقم 5 لسنة 2005 إلا أن المبلغ يبقى كبيرا، ذلك أن محاكم الصلح وجدت في الأصل للفصل في القضايا البسيطة وقاضي الصلح عادة ما يكون حديث التعيين قليل الخبرة ، لذلك نجد أن نصاب محاكم الصلح في الأردن قد وصل إلى (750) سبعمائة وخمسين دينارا فقط ، ولو أن المشرع عندنا رفع هذا النصاب إلى ألف دينار أو حتى إلى ألفي دينار كان الأمر مقبولا . لذلك نقترح على المشرع تعديل هذا النص إلى الحد المعقول ، علما بأن الاقتراح الأصلي للجنة إعداد مشروع القانون كان خمسة آلاف دينار .

ثانيا : إن تحديد نصاب محاكم الصلح قبل التعديل بعشرين ألف دينار قد حول محاكم البداية في الواقع إلى محاكم استئناف لأحكام الصلح ، ولم يبق لها من اختصاصها الأصلي كمحاكم درجة أولى سوى القليل من الدعاوى . وقد حاول المشرع بالتعديل المذكور أن يوازن بين المحكمتين من حيث الاختصاص.

ثالثا : أن المشرع رفع حد الأحكام النهائية من (50) خمسين دينارا إلى (1000) ألف دينار ، وفي ذلك شطط كبير ، وحرمان من التقاضي على درجتين في عدد كبير من القضايا . بينما نجد المشرع الأردني قد وصل بهذا الحد إلى (100) مئة دينار فقط وهو مبلغ معقول ، ولو أن المشرع عندنا وصل بهذا الحد إلى مائتي دينار مثلا لكان مقبولا . لذلك نقترح أيضا تعديل هذا النص ورده إلى الحد المعقول ، علما بأن اقتراح لجنة إعداد مشروع القانون كان (250) مائتين وخمسين دينارا .

رابعا: كان النص الأصلي للمادة 39 يقضي بأن يكون الحكم نهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز ألف دينار بصرف النظر عن موضوعها وما إذا تعلق بعقار أو منقول أو مطالبة بمبلغ، بينما قصر التعديل هذا الحكم على الدعاوى المتعلقة بمبلغ نقدي أو مال منقول فقط، ويكون بذلك قد استثنى الدعاوى التي يكون موضوعها عقار فيجوز استئناف الحكم فيها مهما كانت قيمة الدعوى. كما أنه استبدل مصطلح نهائي بمصطلح قطعي في وصفه للحكم في هذه الحالة.


(1) كان النص الأصلي قبل التعديل يحدد نصاب محكمة الصلح بعشرين ألف دينار.