الفصل الثالث – الطلبات المستعجلة

المبحث السادس

طلبات مستعجلة خاصة

      بعد أن بين المشرع الأحكام العامة للطلبات المستعجلة في الفصل الثاني من الباب السادس ، أورد في الباب الثالث عشر تحت عنوان خصومات وإجراءات خاصة، بعض الطلبات المستعجلة ، فنظم في الفصل الثاني منه الحجز التحفظي ، وفي الفصل الثالث تعيين قيم على المال والمنع من السفر .

      وتتميز هذه الموضوعات الثلاثة عن غيرها من الطلبات المستعجلة الأخرى بضرورة أن يتخذ القرار فيها في غفلة عن المدين المستدعى ضده حماية لمصلحة الدائن المستدعي . لذلك يلزم أن نعرض لهذه الموضوعات بإيجاز في المطالب الثلاثة التالية .

المطلب الأول

الحجز التحفظي

معنى الحجز التحفظي والغرض منه

      يقصد بحجز مال المدين تحفظيا ، وضعه تحت يد القضاء لمنع صاحبه من التصرف فيه تصرفا يضر بحقوق الدائن الحاجز .

      ويهدف الحجز التحفظي إلى حماية الدائن من تصرف المدين في أمواله بضبطها لمنع المدين من تهريبها إلى أن يحصل الدائن على سند تنفيذي بحقه . لذلك فإنه يعد وسيلة عاجلة للحماية القضائية للدائن ، بإجراء مؤقت بعد أن يتحسس القاضي توافر الاستعجال والخطر الذي يبرر الالتجاء إلى القضاء المستعجل ، وبعد أن يطمئن إلى ظاهر الحق المطلوب توقيع الحجز بناء عليه .

      غير أن الحجز التحفظي يختلف عن الطلبات المستعجلة الأخرى بأمرين :

الأمر الأول : وجوب أن يقترن طلب الحجز بكفالة تضمن ما قد يلحق بالمحجوز عليه من عطل وضرر إذا ظهر أن طالب الحجز غير محق في دعواه (م266/2) ، فلا يقبل الطلب إذا لم يكن مقترنا بالكفالة بينما يقبل الطلب في الطلبات المستعجلة الأخرى دون كفالة ، وقد أجاز المشرع في المادة (114) لقاضي الأمور المستعجلة أن يكلف طالب الإجراء المستعجل بتقديم كفالة مالية ، ولم يشترط ذلك في كل الأحوال ، بل ترك ذلك لتقدير قاضي الأمور المستعجلة حسب قناعته وظروف الحال .

الأمر الثاني : المراد بالحجز التحفظي هو ضبط المال المراد حجزه لمنع المدين من التصرف فيه ومباغتته بهذا الحجز ، لذلك من الطبيعي أن لا يبلغ المحجوز عليه بطلب الحجز وإلا فاتت الغاية المرجوة منه ، وإنما يبلغ بقرار الحجز الواقع على أمواله بعد صدور هذا القرار وتنفيذه فعلا ، وخلال أسبوع من تاريخ الحجز (م 271)، بينما يجوز لقاضي الأمور المستعجلة في الطلبات المستعجلة أن يقرر تعيين جلسة خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تقديم الطلب، لنظر هذا الطلب ، وتبليغ المستدعى ضده بالحضور (م 104) .

شروط الحجز التحفظي

      حتى يجوز للدائن تقديم طلب لحجز أموال المدين حجزا تحفظيا ، يلزم أن تتوافر في الحق الذي يدعيه الشروط الآتية :

  1. أن يكون مبلغا من النقود ، فلا يجوز أن يوقع الحجز التحفظي على مال للمدين لإجباره على القيام بالتزام بعمل ، كما أنه إذا كان موضوع الحق منقولا أو عقارا فإن للدائن أن يطلب تعيين قيّم على المال . ولكن لا أهمية لنوع الدين سواء كان مدنيا أم تجاريا مادام محله مبلغا من النقود .
  2. أن يكون مقدار الدين معلوما ، وهذا الشرط يقتضي أن يكون الدين ثابتا بسبب ظاهر يدل على وجوده ، ولكن لا يلزم أن يكون محقق الوجود خاليا من النزاع ، بل يكفي أن يكون بيد الدائن الدليل الظاهر على الحق الذي يتم الحجز من أجله وقت توقيع الحجز ، وهذا لا ينفي قيام النزاع بصدده أو احتمال حصوله .

            كما يجب أن يكون الدين معين المقدار حتى يعلم المحجوز عليه أو المحجوز لديه بمقدار الدين . فإذا كان مقدار الدين غير معلوم عينته المحكمة على وجه التقريب (م266/3)، وذلك حتى يتمكن الدائن من توقيع الحجز التحفظي دون انتظار تعيين حقه خشية أن يهرب المدين أمواله في هذه الأثناء .

  • أن يكون مستحق الأداء ، فلا يكون مقترنا بأجل لم يحل بعد ، إلا إذا كان الأجل مقررا لمصلحة الدائن ونزل عن حقه فيه . فيصبح الدين حالا مستحق الأداء .
  • أن يكون غير مقيد بشرط ، أي غير معلق على شرط واقف لم يتحقق بعد .
  • أن يكون ثابتا بالكتابة ، فقد اشترط المشرع أن يكون طلب الحجز مؤيدا بالمستندات، وهذا يفترض أن يكون الحق مكتوبا، سواء في سند عرفي أم رسمي.

الأموال التي يجوز الحجز عليها 

      الأصل أنه يجوز أن يوقع الحجز التحفظي على جميع أموال المدين منقولة وعقارية ، باعتبارها ضامنة للوفاء بديونه ، وللدائن أن يختار المال الذي يريد الحجز عليه سواء كان هذا المال منقولا أم عقارا ، في حيازة مدينه أم لدى الغير . ولكن لا يجوز أن يحجز من أموال المدين إلا بما يفي بمقدار الدين والرسوم والنفقات ما لم يكن المال المحجوز غير قابل للتجزئة (م 266/4) .

      غير أن المشرع استثنى بعض أموال المدين من الحجز عليها احتياطيا لعدم جواز التنفيذ عليها لأسباب إنسانية مردها الرأفة بالمدين ، بحيث يترك له ما يكفيه من العيش ، حتى لا يكون هو وأسرته عبئا على المجتمع والدولة .

      وقد نص على هذا الاستثناء في المادة (268) بقولها :

      تستثنى الأموال التالية من الحجز :

  1. الألبسة والأسرة والفرش الضرورية للمدين وأفراد عائلته المقيمين معه في معيشة واحدة .
  2. بيت المدين اللازم لسكنه ومن يعولهم .
  3. أواني ومستلزمات الطبخ وأدوات الأكل للمدين ومن يعولهم .
  4. الكتب والآلات والأوعية والأمتعة اللازمة لمزاولة المدين مهنته أو حرفته .
  5. مقدار المؤونة التي تكفي المدين وأفراد عائلته المقيمين معه في معيشة واحدة ومقدار البذور والأسمدة التي تكفي الأرض التي اعتاد زراعتها إن كان مزارعا لمدة موسم زراعي واحد .
  6. الحيوانات اللازمة لزراعته ومعيشته إن كان مزارعا .
  7. ما يكفي الحيوانات المستثناة من الحجز من أعلاف مدة لا تتعدى موسم البيدر .
  8. اللباس الرسمي لموظفي الحكومة ولوازمهم الرسمية الأخرى .
  9. الأدوات والأثواب والحلل التي تستعمل خلال إقامة الصلاة وما يلزم للقيام بالواجبات الدينية .
  10. أموال الدولة المخصصة للنفع العام .
  11. النفقة .
  12. ما زاد على ربع رواتب الموظفين وأجور العمال .

وقت تقديم طلب الحجز التحفظي

      يجوز للدائن تقديم طلب الحجز التحفظي سواء قبل تقديم الدعوى ، أو عند تقديمها، أو أثناء السير فيها . ولكن وفق المادة (267) إذا وقع الحجز قبل إقامة الدعوى فيجب على طالب الحجز أن يقيم دعواه خلال ثمانية أيام من تاريخ قرار الحجز وإلا اعتبر القرار كأن لم يكن .

إجراءات الحجز التحفظي

      يقدم طلب الحجز التحفظي باستدعاء إلى قاضي الأمور المستعجلة أو المحكمة المختصة بالدعوى ، ويتضمن هذا الطلب الحق المراد الحجز من أجله ، و مبررات طلب الحجز ، وبيان واف للمال المطلوب حجزه ، ويرفق الطلب بالمستندات المؤيدة والكفالة المطلوبة .

      وتنظر المحكمة طلب الحجز بحضور طالب الحجز وحده ، وتصدر قرارها فيه بعد أن تتأكد من استيفاء الشروط القانونية ، وأن حق طالب الحجز ظاهر الوجود . ولا يبلغ المدين لحضور الجلسة لأن المقصود من الحجز التحفظي مباغتة المدين ومفاجأته ، فإن تبلغ قبل الحجز تهيأت له فرصة تهريب أمواله ، لذلك يكون تبليغه بقرار الحجز الواقع على أمواله خلال أسبوع من تاريخ الحجز عليها فعلا ، ويجوز له تقديم طلب لرفع الحجز إلى المحكمة التي أصدرت القرار ، وللمحكمة أن تقرر رفع الحجز بكفالة أو بدونها (م 271). وترفع المحكمة الحجز إذا تبين لها أن المحجوز عليه ليس لديه نية التصرف في المال المحجوز أو تهريبه وقنعت بذلك ، أو إذا قدم لها المحجوز عليه ضمانات كافية تقنع بها، وبخاصة إذا كان استمرار الحجز يلحق ضررا بالمحجوز عليه.

      غير أن القاضي قد يجد أن المستندات المؤيدة للطلب غير كافية ، وأنه يلزم قبل إصدار قراره بقبول الطلب أو رفضه أن يجري تحقيقا مختصرا ، وأن من المناسب تعيين جلسة وفق المادة (104) وتبليغ المستدعى ضده بالحضور ، ولكن حتى يحقق الحجز هدفه فإنه يلزم أن يقرر في هذه الحالة التحفظ على الأموال المطلوب الحجز عليها لمنع المستدعى ضده من تهريبها ، ثم بعد استكمال تحقيقاته له أن يقرر الحجز عليها تحفظيا أو أن يرفض الطلب. ولكن لا يجوز بأي حال أن يقرر القاضي تعيين جلسة ودعوة المستدعى ضده للحضور دون التحفظ على المال المراد حجزه ، وإلا فاتت الغاية المرجوة من الحجز .

تنفيذ قرار الحجز

      فرق المشرع في تنفيذ قرار الحجز بين ما إذا كان المطلوب إيقاع الحجز عليه في حيازة المدين أم لدى الغير .

  1. إذا كان المال المراد حجزه في حيازة المدين ، فإن الحجز يحصل بأن ينتقل مندوب المحكمة إلى المكان الذي توجد فيه الأموال المراد حجزها ، ويقوم بجردها ووصفها وصفا نافيا للجهالة بحيث لا يمكن تبديلها ، وذكرها في محضر الحجز ، وتقدير قيمتها على وجه التقريب ، وينظم محضرا بذلك ويوقعه ثم يقدمه إلى المحكمة (م 270) ، وإذا لم يجد مندوب المحكمة شيئا يحجزه أو لم يجد سوى مال لا يجوز حجزه وجب عليه أن يثبت ذلك في المحضر .

        وإذا كان التصرف في المال خاضعا للتسجيل ، فيتم إيقاع الحجز التحفظي على المال في دفاتر تسجيله أو بوضع إشارة الحجز في سجله ، كما في العقارات حيث توضع إشارة الحجز على صحيفتها في دفتر تسجيلها من قبل دائرة تسجيل الأراضي بعد تبليغها قرار الحجز ، والسيارات حيث يتم التأشير بالحجز في سجلات دائرة السير وكذلك الحال بالنسبة للسفن ، ويحظر إجراء أي تصرف في المال المحجوز ولا يرفع الحجز إلا بقرار من المحكمة المختصة (م 269) .

      ويكون للمحكمة حفظ الأموال المحجوزة بالكيفية التي تراها مناسبة بما في ذلك وضع تلك الأموال لدى شخص ثالث أمين يناط به حفظ الأموال أو إدارتها وذلك لحين صدور تعليمات مغايرة من المحكمة المختصة (م272) ، وليس في القانون ما يمنع من تعيين صاحب الأموال المحجوز عليها من قبل المحكمة للمحافظة عليها وإدارتها إذا اقتنعت بأمانته .

  • حجز ما للمدين لدى الغير

      أجاز القانون للدائن حجز أموال مدينه الموجودة لدى الغير كحجز أموال المدين المودعة في أحد البنوك ، أو ثمن مبيع أو مبلغ قرض ، أو أجرة عين ، أو أرباح أو نصيب في شركة ، أو تامين أو وديعة أو عارية ، فيحجز الدائن عليها لدى هذا الغير.

      وقد رسم المشرع لهذا الحجز إجراءات تختلف عن إجراءات حجز المال لدى المدين وذلك رعاية لمصلحة الغير المحجوز لديه وتجنبا للإساءة له أو الإضرار به إذا انتقل مندوب المحكمة إلى مكان المال المراد حجزه وضبطه بعد معاينته ، حيث لا يجوز دخول هذا المكان إلا إذا رضي المحجوز لديه .

      لذلك يحصل الحجز بمجرد تبليغ الغير بقرار الحجز فورا ، والتنبيه عليه بعدم التصرف في الأموال الموجودة للمدين بحوزته أو المستحقة للمدين عليه إلا بقرار من المحكمة المختصة ، وأن عليه بيان هذه الأموال وأن يوقع محضرا بذلك (م273) .

      ويرتب توقيع الحجز التزامان قانونيان على المحجوز لديه ، أولهما سلبي هو التزامه بان يمتنع عن الوفاء لدائنه (المحجوز عليه) ، فإذا خالف هذا الالتزام كان ضامنا لقيمة الأموال المحجوزة للحاجز . وثانيهما إيجابي وهو التزامه ببيان ما في ذمته في محضر مكتوب ، يشمل تقريرا مفصلا يبين فيه الأموال الموجودة للمدين المحجوز عليه في ذمته أو الديون المستحقة عليه لذلك المدين . وكذلك ما إذا كان الدين قد انقضى ، أو أنه بريء الذمة وليس مدينا أصلا ، أو أن هناك نزاع حول الدين بينه وبين المحجوز عليه .

      وبعد تبليغ المحجوز لديه يجب تبليغ المدين المحجوز عليه بقرار الحجز وفق المادة (271) ، فهو المدين الذي يوجه الحجز ضده ، ويجب أن يعلم بالحجز لكي يفي بالدين إن أراد رفع الحجز ، أو ليتقدم للمحكمة بطلب لرفع الحجز أو التمسك ببطلان إجراءاته إن كانت باطلة ، وأيضا لكي يعلم السبب الحقيقي لامتناع المحجوز لديه عن الوفاء له بحقه فلا يطالبه بالوفاء بغير جدوى .

طبيعة البيان وآثاره

      إذا كان البيان الصادر من الغير سلبيا يدل على عدم مديونية المحجوز لديه للمحجوز عليه ، أو عدم حيازته لأي مال له، ولم يستطع الحاجز أو المحجوز عليه إثبات ما يخالفه بطريق المنازعة فيه، كان الحجز باطلا لوروده على غير محل .

      أما إذا كان إيجابيا ، فإنه يعد إقرارا صادرا من المحجوز لديه بمديونيته للمحجوز عليه ، أو حيازته لأموال مملوكة له على النحو الذي أورده البيان ، ويعد الحجز واردا على ما أقر به المحجوز لديه من حق للمحجوز عليه ، ويمتنع عليه التصرف في الأموال المحجوزة أو تبديدها وإلا كان ضامنا لقيمتها .

مصير الحجز التحفظي

      حيث إن قرار الحجز يتم في غيبة المدين المطلوب الحجز على أمواله ، فقد أوجبت المادة (271) تبليغه بهذا القرار خلال أسبوع من تاريخ الحجز على أمواله ، ويجوز له تقديم طلب لرفع الحجز إلى المحكمة التي أصدرت القرار ، وللمحكمة أن تقرر رفع الحجز بكفالة أو بدونها . ويكون القرار الصادر في طلب الحجز التحفظي قابلا للاستئناف .

      ومن ناحية أخرى فإن مصير الحجز يتوقف على الحكم النهائي في الدعوى ، فإذا قررت المحكمة رفض الدعوى يستتبع ذلك إلغاء الحجز التحفظي ، وإذا حكمت للمدعي بطلباته ينقلب الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي .

المطلب الثاني

تعيين قيم على المال

      تعيين القيم هو إجراء مؤقت يقصد به إلى وضع المال المتنازع عليه منقولا كان أم عقارا تحت يد شخص أمين يحافظ عليه ويسلمه لمن يثبت أنه صاحب الحق فيه .

      ومن أمثلة ذلك أن يكون هناك نزاع على ملكية عين يخشى من بقائها في حيازة حائزها كأن يكون معسرا ويخشى منه التصرف في العين ، فيطلب تعيين قيم عليها ليتولى حفظ العين واستغلالها حتى يفصل في النزاع على ملكيتها . أو منزل يؤجر أو مصنع يدار ، ثم توزع غلته كلها أو بعضها أو تودع في خزانة المحكمة لتصرف لمن يثبت له الحق فيها .

      ويجب لتعيين القيم أن يكون هناك نزاع جدي على إدارة المال أو على ملكيته أو حيازته ، كما هي الحال بالنسبة للأموال الشائعة التي تكون مملوكة لعدة أشخاص إذا قام نزاع بين الشركاء المشتاعين حول ملكية المال أو إدارته ، وكما هي الحال بالنسبة للشركات والتركات . كما يجوز طلب تعيين قيم على ما تم حجزه من أموال المدين حجزا احتياطيا .

     وقد نظم المشرع تعيين القيم على المال في المواد 274 وحتى 278 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد .

     وقد نصت المادة 274 على أنه

  1. في كل قضية يقدم طلب لتعيين قيم على مال أو تقرر فيها الحجز على مال وطلب تعيين قيم عليه يجوز للمحكمة إذا رأت أن هذا الطلب عادل أن تقرر :
  2. تعيين قيم على ذلك المال سواء أكان الطلب قدم قبل صدور القرار بالحجز أم بعده .
  3. رفع يد أي شخص عن التصرف بالمال أو أخذه من عهدته .
  4. تسليم المال إلى القيم أو وضعه في عهدته أو تحت إدارته .
  5. تفويض القيم في ممارسة جميع أو بعض الصلاحيات التي يحق لصاحب المال ممارستها بنفسه .
  6. يجب على المحكمة قبل أن تصدر قرارها بتعيين قيم أن تأخذ بعين الاعتبار قيمة المال المطلوب تعيين قيم عليه ومقدار الدين الذي يدعيه مقدم الطلب والنفقات المحتمل إنفاقها بسبب تعيينه .

     وعبارة في كل قضية تفيد أنه يشترط لطلب تعيين قيّم أن تكون هناك دعوى منظورة أمام القضاء .  وهذا النص يخول المحكمة الموازنة بين مصلحة من يطلب تعيين القيم وبين مصلحة خصمه ، فإذا كان مقدار الدين المطلوب قليل مقارنة مع قيمة المال المطلوب تعيين قيم عليه ، أو كانت نفقات تعيين القيم المحتملة تعادل المال المطلوب تعيين القيم عليه أو مقدار الدين المدعى به ، أو تستغرق معظمه مثلا ، فعدم تعيين قيم أولى من تعيينه . ويكون القرار الصادر في طلب تعيين القيم قابلا للاستئناف (م 278).

      كما أن للمحكمة تحديد صلاحيات القيم على المال وما إذا كانت تقتصر على مجرد حفظ ذلك المال ، أو إدارته ، أو استغلاله ، ومقابل ذلك تحدد المحكمة أجرا للقيم وتحدد الطرف الملزم بدفع هذا الأجر ، ما لم يكن القيم متبرعا (م 275).

      ويتعين على القيم وفق المادة (276) ما يلي :

  • تقديم الحساب عن كل ما يقبضه في المواعيد والكيفية التي تأمر بها المحكمة .
  • دفع المبالغ المحصلة حسبما تأمر المحكمة .

     ويكون القيم مسؤولا عن أية خسارة تلحق بالأموال في حالتين فقط .

  1. حالة تقصيره المتعمد .
  2. حالة إهماله الشديد .

      بمعنى أن المطلوب من القيم أن يبذل عناية الرجل المعتاد في المحافظة على المال وإدارته . ولم يتطلب القانون أن يقدم القيم كفالة كما هو الحال في المادة (155) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني ، وذلك حتى لا يعزف من يعين قيما عن قبول هذه المهمة إذا اشترط عليه أو طلب منه تقديم كفالة .

المطلب الثالث

المنع من السفر

      تنص المادة (277) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أنه ” إذا اقتنعت المحكمة بناء على ما قدم إليها من بينات بأن المدعى عليه أو المدعي الذي أقيمت ضده دعوى متقابلة قد تصرف بجميع أمواله أو هربها إلى خارج فلسطين وأنه على وشك أن يغادرها وذلك بقصد عرقلة تنفيذ أي قرار قد يصدر في حقه جاز لها أن تصدر مذكرة تأمره بالمثول أمامها وأن تكلفه بتقديم كفالة مالية تضمن ما قد يحكم به عليه ، فإذا امتنع عن تقديم الكفالة تقرر منعه من مغادرة البلاد لحين الفصل في الدعوى “.

      ويكون القرار الصادر في طلب المنع من السفر قابلا للاستئناف عملا بالمادة (278).

      ويقدم طلب المنع من السفر إلى قاضي الأمور المستعجلة أو إلى المحكمة المختصة بالموضوع ، ويشترط لقبول الطلب أن يثبت المستدعي أن المطلوب منعه من السفر (سواء كان المدعى عليه في الدعوى الأصلية ، أم في الدعوى المتقابلة) قد تصرف بجميع أمواله أو هربها إلى خارج فلسطين ، أما إذا كانت لديه أموال لا زالت في فلسطين رغم أنه تصرف أو هرب معظم أمواله ، وكانت هذه الأموال الموجودة كافية للوفاء منها بالحق المدعى به ، فإن على المستدعي أن يطلب الحجز عليها حجزا تحفظيا ولا يقبل طلبه منع المستدعى ضده من السفر .

      ويجوز تقديم طلب المنع من السفر إذا كان المدعى عليه لا يملك أموالا أصلا في فلسطين ، وكان على وشك مغادرتها هربا من تنفيذ الحكم عليه ، حيث تتحقق في هذه الحالة الحكمة من منعه من السفر ، كما لو كان له أموال وتصرف فيها جميعا فأصبح بلا مال .

      وتكلف المحكمة المطلوب منعه من السفر بأن يقدم كفالة مالية تضمن ما قد يحكم به عليه ، فإذا قدم الكفالة المطلوبة تحفظ الطلب ، وإذا امتنع عن تقديم الكفالة تقرر منعه من مغادرة البلاد لحين الفصل في الدعوى .

      ويلاحظ أن نص المادة (277) قد أخذ عن نص (157) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988، غير أن النص الأردني ورد فيه ” قد تصرف بجميع أمواله أو هربها إلى خارج البلاد أو أنه على وشك أن يغادرها وذلك رغبة منه في تأخير دعوى الخصم … الخ “.

      أي أن قناعة المحكمة لابد أن تكون منصبة على :

  • أن المدعى عليه قد تصرف بجميع أمواله .
  • أو أن المدعى عليه هرب أمواله خارج البلاد .
  • أو أن المدعى عليه على وشك أن يغادر البلاد بهدف تأخير دعوى الخصم … ولو لم يقم بالتصرف بأمواله أو تهريبها .

      بينما ورد في المادة (277) ” قد تصرف بجميع أمواله أو هربها إلى خارج فلسطين وأنه على وشك أن يغادرها …الخ “. معنى أن قناعة المحكمة لا بد أن تشمل نقطتين معا في كل حالة ، أي :

  • أن المدعى عليه قد تصرف بجميع أمواله و أنه على وشك أن يغادر فلسطين . أو
  • أن المدعى عليه قد هرب أمواله خارج فلسطين وانه على وشك مغادرتها .

      أما إذا لم يكن قد تصرف بأمواله ولم يهربها وكان على وشك أن يغادر فلسطين بهدف تأخير دعوى الخصم ، وكان له مال موجود يمكن التنفيذ عليه ، فلا تصدر المحكمة قرارها بمنعه من السفر وعلى المدعي أن يطلب حجز هذا المال احتياطيا ، حيث إن سفر المدعى عليه في هذه الحالة يؤدي إلى أن تسير المحكمة في الدعوى دون حضوره إن لم يكن له وكيل وتصدر الحكم بحقه حضوريا .

          وتنص المادة 111 على أنه يجوز لقاضي الأمور المستعجلة عند إصدار قراره بمنع المستدعى ضده من السفر بناء على أسباب جدية تدعو إلى الاعتقاد بأنه على وشك مغادرة فلسطين أن يكلف المستدعي بتقديم كفالة مالية لضمان ما قد يصيب المستدعى ضده من عطل أو ضرر إذا تبين أنه غير محق في دعواه .

          وهذا النص هو تطبيق للحكم العام الوارد في المادة 114 وكان على المشرع الاستغناء عنه اكتفاء بالمادة 114 ، أو وضعه بعد المادة 277 الخاصة بالمنع من السفر باعتباره نصا خاصا بهذه الحالة .