الفصل الثالث – نظر الدعوى ونظام الجلسات

المبحث الثالث

توثيق وقائع الدعوى

      نصت المادة (118/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أنه ” يحضر مع هيئة المحكمة كاتب يتولى تدوين إجراءات المحاكمة ويوقع محضر الجلسة من هيئة المحكمة وكاتب الجلسة “.

      ويدون كاتب المحكمة تحت إشراف القاضي تاريخ افتتاح الجلسة ، وأسماء القضاة ، وأسماء الخصوم والمحامين وأقوال الفرقاء ، وشهادة كل شاهد حسب روايتها، ويطلب من كل شاهد عند انتهاء شهادته التوقيع على أقواله ، كما يدون وصفا لأي مستند يقدم كدليل في الدعوى وخلاصته في محضر الضبط .

      ويعد محضر المحاكمة سندا رسميا بما دون فيه ، وله حجية الأوراق الرسمية في الإثبات ، فلا يجوز دحض ما جاء فيه إلا بالادعاء بالتزوير .

المبحث الرابع

حفظ نظام الجلسة وأمنها

تنص الفقرة الأولى من المادة (117) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أن ” ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها “. وعلى ذلك فإن القاضي يشرف على سير الجلسة ، وعلى جميع من يحضر الجلسة واجب احترام القاضي والامتناع عن كل ما يعكر صفو الهدوء والنظام أو الأمن في الجلسة ، وفي ذلك تنص الفقرة الثانية من المادة (117) على أن ” لرئيس هيئة المحكمة أن يأمر بإخراج كل من يخل بنظام الجلسة من قاعة المحكمة فإن لم يمتثل يحكم عليه بالحبس مدة 24 ساعة أو بغرامة لا تتجاوز خمسين دينارا أردنيا أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا ، ويجوز العدول عن هذه العقوبة قبل انتهاء الجلسة “.

ويلاحظ أنه لا يجوز للمحكمة أن توقع عقوبة الحبس والغرامة معا، بل لها أن تحكم بإحدى هاتين العقوبتين فقط. وتقدير ما إذا كان الفعل يعد إخلالا بنظام الجلسة أمر منوط برئيسها، وليس للخصوم التمسك به أو أن يعيبوا على المحكمة ما ترخصت به.كما أن هذه العقوبة تعد من قبيل الجزاء التأديبي الذي توقعه المحكمة بناء على سلطتها في القيام بأعمال الإدارة القضائية ، لذلك يجوز للمحكمة إلى ما قبل انتهاء الجلسة أن ترجع فيها .

      ومن ناحية أخرى إذا أذن القاضي لأحد الخصوم بالكلام لا يجوز للطرف الآخر أن يقاطعه أو يتصدى للإفادة ما لم تكمل إفادة الآخر ، وإذا تصدى فيمنع من القاضي(1). وعلى الخصوم أن يتجنبوا السباب، وللمحكمة سلطة منعهم من ذلك بأمرهم بالكف عن الاستمرار في الكلام ، ويجوز للمحكمة ولو من تلقاء نفسها عملا بالمادة 117/3  أن تأمر بشطب العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام من محضر الجلسة ، وهي تملك المحو ولو تضمنت العبارات دفاعا للخصم . وهدف المشرع من المادة 117/3 المحافظة على كرامة الخصوم والغير، ولا شك أن للخصم أن يطلب من المحكمة محو مثل هذه العبارات التي وجهت إليه. ويعتبر حق المحكمة في محو هذه العبارات رخصة أطلق المشرع لها الخيار في استعمالها أو إهمالها على مقتضى ما تراه دون معقب ودون أن تلتزم بيان الاعتبارات التي اعتمدت عليها في هذا الاختيار ، ومن ثم فإن إغفالها الرد على طلب المحو لا يعد قصورا مخلا مبطلا للحكم .

 ولمن أصابه ضرر من توجيه العبارات الجارحة دون مقتضى أن يلجأ للقضاء للمطالبة بالتعويض ، سواء استعمل القاضي رخصته في محو هذه العبارات أم لم يستعملها .

      وقد أضاف المشرع في المادة 117 أنه :

  • إذا وقعت جناية أو جنحة أثناء انعقاد الجلسة تأمر المحكمة بإلقاء القبض على مرتكبها ثم تحيله إلى النيابة العامة وتدون محضرا بذلك .
  • إذا ارتكب شخص أو أكثر أثناء انعقاد جلسة المحاكمة جنحة تشكل تعديا على المحكمة أو أحد العاملين فيها فتحكم عليه فورا بالعقوبة المقررة قانونا ويكون حكمها نافذا ولو استؤنف .
  • كل ذلك مع عدم الإخلال بالقواعد المنصوص عليها في قانون تنظيم مهنة المحاماة .

    ونص المادة 117/5 سالف الذكر يمثل استثناء من أصول التشريع الجزائي التي توجب الفصل بين سلطة الاتهام وسلطة المحاكمة ، ويشترط لصحة المحاكمة أن تحكم المحكمة فورا في الجلسة التي وقعت الجنحة أثناء انعقادها، فلا يجوز للمحكمة أن تؤجل المحاكمة إلى جلسة أخرى ، فإن أجلتها لا يجوز لها محاكمة المتهم ويتعين عليها أن تحيلها إلى النيابة العامة لتقوم باتخاذ إجراءات المحاكمة.

       ويقتصر إعمال نص هذه الفقرة على الجرائم المعتبرة جنحا ، فلا يطبق في حالة كون الجريمة جناية ، وإنما يجب إعمال الفقرة (4) أي يأمر رئيس المحكمة بإلقاء القبض على من وقعت منه الجريمة وتدوين محضر بذلك وإحالته إلى النيابة العامة.

   وبالرجوع إلى قانون تنظيم مهنة المحاماة نجد أن الفقرة الأولى من المادة (20) منه تنص على أنه ” 1- وفقا لأحكام القانون يتمتع المحامي بالحقوق والامتيازات التالية :

  • اختيار الأسلوب الذي يراه مناسبا في دفاعه عن موكله، ولا يكون مسؤولا عما يورده في استشاراته أو مرافعاته كتابة أو شفاهة مما يستلزمه حق الدفاع أو الاستشارة.
  • لا يجوز توقيفه أو تعقبه لأي عمل قام به تأدية لواجباته المهنية .
  • ……………
  • يحظر تفتيش المحامي أثناء المحاكمة ولا يفتش مكتبه إلا بحضور النقيب أو من يمثله .
  • في حالة الجرم المشهود (التلبس) يبلغ النقيب أو من ينوب عنه خلال مدة أقصاها أربع وعشرين ساعة بما تم من إجراءات .
  • للنقيب أو من ينتدبه أن يحضر مراحل التحقيق جميعها .

    وحق المحامي في اختيار الأسلوب المناسب في الدفاع ينبغي أن يكون بعبارات لائقة وذات اتصال وثيق بالأسانيد الواقعية . وإذا أحيل المحامي للنيابة العامة وتبين لها أن الفعل يشكل جريمة فإنها تحيل المحامي إلى المحكمة الجزائية ، أما إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالواجب أو بالنظام فإنها تحيله لمجلس نقابة المحامين للتأديب.

 وفي الوقت ذاته نجد أن المادة 25 من القانون المذكور تنص على أنه : يعاقب كل من اعتدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة .


(1) المادة 1824 من مجلة الأحكام العدلية .