الفصل الثاني – أركان الحق

الفرع الثاني

تقسيمات الأشياء

هناك عدة تقسيمات للأشياء ، وقد عرض القانون المدني لأهمها وهي : الأشياء المثلية والأشياء القيمية ، الأشياء الاستهلاكية والأشياء الاستعمالية ، العقارات والمنقولات. وفي هذا التقسيم الأخير يتفرع تقسيم الأشياء إلى مادية ومعنوية .

أولا : الأشياء المثلية والأشياء القيمية

الأشياء المثلية هي ما تماثلت آحادها أو أجزاؤها أو تقاربت بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض عرفا بلا فرق يعتد به وتقدر في التعامل بالعدد أو القياس أو الكيل أو الوزن . أي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء وتكون موجودة في السوق . ومثال التقدير بالعدد النقود ، أما القياس فكالقماش من نوع معين ، أما الكيل كالحبوب من نوع معين ، أما الوزن كالفواكه من نوع معين .

أما الأشياء القيمية فهي ما تتفاوت أفرادها في الصفات أو القيمة تفاوتا يعتد به أو يندر وجود أفراده في التداول . لذلك لا يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء ، كالأراضي والمنازل ، والحيوانات . وقد لا تتفاوت آحاد الشيء ولكن لا يوجد له نظير في السوق فيعتبر قيمياً كنسخة وحيدة من كتاب لم يعد في السوق غيرها . والأشياء القيمية تعين بذاتها بحيث توصف بأوصاف تميزها عن غيرها وتحدد ذاتيتها، فالأرض تذكر مساحتها وحدودها وموقعها .

ورغم أن أساس التفرقة بين الأشياء المثلية والقيمية يقوم على طبيعة الشيء ، أي معيارا ماديا ، إلا أن إرادة الأفراد قد تغير من هذا الوضع ، فقد تتجه إرادتهم إلى شيء معين بالذات فلا يتم الوفاء إلا به حتى لو كان مثليا، كشراء القمح الموجود في مخزن معين من المخازن ، أو إعارة كتاب لقراءته وإرجاعه بذاته ، فعندها يكون الشيء قيميا. كذلك إذا قام شخص بتقسيم قطعة أرض معدة للبناء إلى قطع متماثلة وباع إحدى القطع إلى شخص آخر دون تحديد لقطعة معينة بذاتها، فإن ذمته تبرأ بتسليم أي من هذه القطع.

ثانيا : الأشياء الاستهلاكية والأشياء الاستعمالية

الأشياء الاستهلاكية هي الأشياء التي لا يتحقق الانتفاع بخصائصها إلا باستهلاكها. فهي تهلك بمجرد استعمالها مرة واحدة ، أو بعبارة أخرى هي التي ينحصر استعمالها، بحسب ما أعدت له في استهلاكها .

وقد يكون استهلاك الشيء استهلاكا ماديا عن طريق إفناء مادته أو تغيير ذاتيته كأكل الطعام وتحويل المنسوجات إلى ملابس. كما قد يكون استهلاكا قانونيا بالتصرف في الشيء إلى الغير مثل إنفاق النقود وبيع البضائع المعدة للبيع .

أما الأشياء الاستعمالية أو غير القابلة للاستهلاك فهي ما يتحقق الانتفاع بها باستعمالها مراراً مع بقاء عينها . فالأشياء الاستعمالية لا تهلك من أول استعمال ولو أدى ذلك إلى نقص في قيمتها أو هلاكها بمضي الزمن كالأثاث والسيارات. ومع ذلك قد يخصص شيء غير قابل للاستهلاك لغرض يجعله قابلا للاستهلاك ، كالملابس في متجر فهي كبضائع معدة للبيع لا يمكن الانتفاع بها إلا باستهلاكها استهلاكاً قانونياً أو حكمياً. كما يمكن أن نجعل شيئا قابلا للاستهلاك شيئا غير قابل للاستهلاك، كما لو تم إعداد الثمار أو النقود لعرضها في معرض أو عدة معارض على التوالي، فالعبرة بالاستعمال الذي أعد له الشيء .

ثالثاً : العقارات والمنقولات

يعتبر تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات أهم تقسيم لها في القانون لاختلاف أحكام العقارات عن أحكام المنقولات اختلافا كبيرا .

1) العقارات :

تنقسم العقارات إلى نوعين ، عقارات بطبيعتها ، وعقارات بالتخصص .

العقارات بطبيعتها :

عرفت المادة 58 من القانون المدني الأردني العقار بأنه ” كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف أو تغيير هيئته … ” .

ويتبين من هذا التعريف – الذي أخذه المشرع من المذهب المالكي – أنه يلزم لاعتبار الشيء عقارا أن يكون حائزا لصفة الاستقرار ، سواء كان ذلك من أصل خلقته كما في الأرض ، أم بصنع صانع كما في المباني والنباتات المغروسة. ولا يعتبر الشيء ذا مستقر ثابت إلا إذا كان لا يمكن نقله وتحويله . وعلى ذلك لا يعتبر عقاراً الأكشاك التي يمكن حلها وإقامتها في مكان آخر لأنها لا تعتبر أشياء ثابتة ، ولا النباتات التي تزرع في أوعيه لأنها غير ثابتة في الأرض . بينما يلحق وصف العقار ثمار الشجر ما دامت متصلة بأغصانها ، فإذا انفصلت عنها اعتبرت منقولة .

العقارات بالتخصيص :

اعتبرت المادة 59 من القانون المدني الأردني عقاراً بالتخصيص ” المنقول الذي يضعه مالكه في عقار له رصدا على خدمته واستغلاله ” .

فالعقار بالتخصيص هو شيء منقول بطبيعته ولكن اكتسب وصف العقار بحكم تخصيصه لخدمة العقار واستغلاله . فهو شيء ثابت حكما لا حقيقة، وقد قصد المشرع من اعتباره كذلك أن يضمن لمالك العقار استغلاله على وجه حسن والمحافظة على قيمته، وحتى لا يؤدي فصل المنقول عن العقار جبراً عن مالكه إلى تعطيل استغلال العقار فيضار صاحبه ويضار الصالح العام ، فحجز أدوات الزراعة والمواشي مستقلة عن الأرض الزراعية مثلا يؤدي إلى تعطيل استغلال الزراعة ، لذلك أخضع المشرع هذه المنقولات التي تخصص لخدمة العقار لنفس النظام القانوني للعقارات فلا يجوز الحجز أو التنفيذ عليها إلا تبعا للعقار ، وبذلك نضمن عدم تعطل استغلاله .