الفصل الثاني – أنواع القواعد القانونية

المطلب الأول

القانون الداخلي

القانون العام والقانون الخاص

معيار التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص

ينقسم القانون الداخلي من حيث طبيعة العلاقات التي ينظمها إلى قانون عام وقانون خاص. وقد اختلف الفقهاء في تحديد معيار للتفرقة بينهما ووجدت عدة معايير مقترحة. ولكن المعيار الغالب يقيم التفرقة على أساس صفة الدولة حينما تكون طرفا في العلاقة القانونية .

فإذا كانت الدولة طرفا في العلاقة القانونية بصفتها صاحبة السيادة والسلطة، تكون العلاقة حينئذ خاضعة للقانون العام.

أما إذا لم تكن الدولة طرفا في العلاقة القانونية، بل نشأت هذه العلاقة بين أشخاص عاديين، أو كانت الدولة طرفا في العلاقة لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطة بل باعتبارها شخصا اعتباريا عاديا يتعامل مع غيره كتعامل الأفراد العاديين، كانت القاعدة التي تحكم العلاقة إحدى قواعد القانون الخاص.

علة التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص

ترجع التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص إلى أن الدولة بصفتها صاحبة السيادة والسلطة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة، وهي مصلحة لا تحتمل أي تعويق ويجب التضحية في سبيلها بالمصلحة الخاصة للأفراد لما لها من أهمية في حياة الجماعة. لذا فان الدولة عندما تخاطب الأفراد أو تدخل معهم في علاقة بقصد تحقيق هذه المصلحة تملك من الوسائل والسيطرة ما لا يملكه الأشخاص العاديون. وهذا يستلزم وضع قواعد تختلف – كثيراً أو قليلاً -، عن تلك التي تنظم العلاقات التي تنشأ بين أشخاص عاديين يعملون لتحقيق مصالحهم الخاصة، أو بين أشخاص من بينهم من يملك السيادة والسلطة، ولكن المصلحة التي يهدف إلى تحقيقها مصلحة خاصة لا تستدعي استخدام السيادة .

ويتضح لنا ذلك في الأمثلة الآتية :

إذا أراد شخص تملك قطعة أرض فهو لا يستطيع ذلك إلا إذا رضي صاحبها أن يبيعها له وبالثمن الذي يتفقان عليه. أما إذا أرادت الدولة شق طريق أو توسيعها فإنها تنزع ملكية الأراضي اللازمة لذلك جبرا بإجراءات تتخذها من جانبها دون حاجة لرضاء صاحبها، ثم تعوضه عنها بعد ذلك وفق أحكام قانون الاستملاك للمنفعة العامة.

كما أن علاقة الموظف بالدولة تخضع لقواعد تهدف إلى انتظام سير المرافق العامة، ولذلك فإنها تختلف عن القواعد التي تنظم علاقات العمل العادية بين الأفراد. أما إذا قامت الدولة ببيع أو تأجير قطعة أرض تملكها، أو استأجرت منزلاً لسكن أحد موظفيها مثلاً، فإنها تفعل ذلك باعتبارها شخصا كباقي الأشخاص العاديين لا باعتبارها صاحبة سيادة وسلطة، ولذلك تخضع هذه العلاقة بينها وبين الطرف الآخر الذي تعامل معها لقواعد القانون الخاص.