الفصل الثاني – إجراءات إصدار الحكم

المبحث الخامس

تحرير الحكم

      بعد إيداع مسودة الحكم على هيئة المحكمة أن تكتب نسخة الحكم وتحفظ في ملف الدعوى . وقد أوجبت المادة 350 من قانون المرافعات المصري إيداع نسخة الحكم الأصلية في ملف الدعوى في ظرف أربع وعشرين ساعة من إيداع مسودة الحكم في القضايا المستعجلة وسبعة أيام في القضايا الأخرى وإلا كان المتسبب في التأخير ملزما بالتضمينات . ولم يرد نص مماثل في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني الجديد  بل ترك ذلك دون تحديد ، مما قد يؤدي إلى التأخير في إيداع نسخة الحكم الأصلية . لذلك نرى ضرورة تحديد مدة معينة لذلك ونقترح على المشرع اقتباس النص المصري في تعديل للقانون .

      ونتكلم عن بيانات الحكم في مطلب أول ، ثم نفرد مطلبا ثانيا لتسبيب الحكم .

المطلب الأول

بيانات الحكم

      تنص المادة 174 على أنه ” يجب أن يشتمل الحكم على اسم المحكمة التي أصدرته ورقم الدعوى وتاريخ إصدار الحكم وأسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره وحضروا النطق به وأسماء الخصوم بالكامل وحضورهم أو غيابهم وأن يشتمل على عرض مجمل لوقائع الدعوى وخلاصة موجزة لطلبات الخصوم ومستنداتهم ودفوعهم ودفاعهم الجوهري مع بيان أسباب الحكم ومنطوقه “. (1)

    كما تنص المادة 176 على أنه “يوقع رئيس الجلسة وكاتبها نسخة الحكم الأصلية المشتملة على وقائع الدعوى والأسباب والمنطوق وتحفظ في ملف الدعوى“.

      وفضلا عن البيانات التي نصت عليها المادتان 174 و 176 يجب أن يصدر الحكم باسم السلطة العليا في البلاد ، وقد نصت المادة 97 من القانون الأساسي المعدل على أن “…. تعلن الأحكام وتنفذ باسم الشعب العربي الفلسطيني ” كما نصت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 على أنه ” 1- تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب العربي الفلسطيني “، وذلك باعتبار الشعب مصدر السلطات ومنها السلطة القضائية ، ولكن لم يرتب المشرع على إغفال هذا البيان بطلان الحكم ، لأن الحكم ما دام قد صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون فقد صدر باسم الشعب، وهذا الصدور في ذاته أمر مفترض بقوة القانون ولا يتطلب أي عمل إيجابي من أحد، ولا يعتبر من بيانات الحكم، فإيراد اسم الشعب بورقة الحكم ليس إلا عملا ماديا لاحقا كاشفا عن ذلك الأمر المفترض وليس متمما له .(1)

      وتكون أسباب الحكم الواردة في نسخة الحكم مطابقة لتلك التي وردت في مسودة الحكم، ولكن إذا تبين للقاضي عند كتابة نسخة الحكم وجود نقص  أو غموض أو خطأ في أسبابه الواردة في المسودة فهل له تكملة هذه الأسباب أو توضيحها أو تصحيحها بما يخالف المذكور في المسودة ؟

      للإجابة على هذا التساؤل نلاحظ أمرين :

الأمر الأول : أن المحكمة تستنفد ولايتها بالنسبة للنزاع بمجرد صدور الحكم فيه ، فلا تملك تعديل هذا الحكم أو الرجوع فيه .

والأمر الثاني : أن المشرع أجاز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقرر تصحيح ما وقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية كانت أم حسابية (م183)، وكذلك تفسير ما يقع في منطوق حكمها من غموض أو إبهام بناء على طلب الخصوم (م 184).

      لذلك من باب أولى فإن للمحكمة المبادرة بإجراء التصحيحات والتفسيرات وقت

     كتابة نسخة الحكم – بعد إيداع المسودة – وتكملتها بما يقويها ويزيدها وضوحا

     أو يرفع تناقضها بشرط عدم المساس بالحكم  ذاته ، فالمحكمة لا تملك العدول

    عما قضت به ولو صدر قانون جديد ينص صراحة على اتباع غير ما قضت به

    من حيث المبدأ ، وإلا كان حكمها قابلا للطعن فيه وفق القواعد العامة للطعن .(1)       ويمكن لمن يطلع على حكم قضائي أن يتبين أنه ينقسم إلى خمسة أقسام هي:


(1) نقض مدني 51/2008 تاريخ 28/10/2008 ج 3 ص 393.

(1) د. أحمد المليجي ، ج 3 ص 851. بينما ذهبت محكمة التمييز الأردنية بأنه ( يعد الحكم معدوما إذا لم يصدر باسم صاحب الجلالة الملك عملا بالمادة 27 من الدستور) . تمييز حقوق 2007 / 2007 ( هيئة عامة) صفحة 1685. تمييز حقوق 1832/2007 ( هيئة عامة) صفحة 1709، مجلة نقابة المحامين عدد 10و11و12 لسنة 2008 .

(1) د. أحمد أبو الوفا ، نظرية الأحكام، ص 139.