الفصل الثاني – الاستئناف

المبحث السادس

عوارض الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية

      تخضع الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية لقواعد عوارض الخصومة أمام محكمة أول درجة بالنسبة للشطب والوقف والانقطاع والسقوط والانقضاء بمضي المدة والترك. ويعتبر المستأنف مدعيا، والمستأنف عليه هو المدعى عليه.

      وبالإضافة للقواعد العامة فقد أورد المشرع القاعدتين الآتيتين بالنسبة لسقوط الاستئناف وتركه:

أولا: تنص المادة (136) على أنه “متى حكم بسقوط الخصومة في الاستئناف اعتبر الحكم المستأنف نهائيا في جميع الأحوال”.

      وهذا النص يعني أن سقوط الخصومة في الاستئناف يؤدي إلى سقوط الحق في الاستئناف ولو لم ينقض ميعاد الاستئناف. كما لو كان الحكم لم يبلغ في حالة من الحالات التي يبدأ فيها الاستئناف بالتبليغ.

ثانيا: يجوز للمستأنف ترك الاستئناف وفقا للقواعد العامة لترك الخصومة، وتنص المادة 3/217 في هذه الحالة على أن الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع الحكم بسقوط الاستئناف الفرعي.

المبحث السابع

الحكم في الاستئناف

      تنص المادة 223 على أنه:

  1. تقرر المحكمة قبول الاستئناف شكلا إذا استوفى شروطه القانونية، ثم تنظر في الموضوع، ولها أن تقضي بتأييده مع بيان الأسباب.
  2. لمحكمة الاستئناف أن تلغي الحكم المستأنف أو أن تعدله او تصدر حكما جديدا طبقا للقانون والبينات.
  3. إذا ألغي الحكم المستأنف القاضي برد الدعوى لعدم الاختصاص أو لسبق الفصل فيها أو لسقوط الحق المدعى به بالتقادم أو لأي سبب شكلي ترتب عليه عدم الفصل في موضوعها وجب على محكمة الاستئناف أن تقرر إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للنظر في موضوعها.

      ذكرنا سابقا أن المحكمة الاستئنافية تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من بينات ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة أول درجة (م 220). ويكون للمحكمة الاستئنافية على ضوء ذلك أن تتخذ أحد المواقف الآتية:

الموقف الأول: أن تؤيد الحكم أو القرار المستأنف، سواء من حيث تسبيبه ومنطوقه  أم من حيث النتيجة فقط،  وفي هذه الحالة عليها أن تبين أسباب ذلك. وإذا كانت محكمة الاستئناف قد خلصت إلى وجوب رد الاستئناف وتأييد حكم محكمة البداية من حيث النتيجة ، فإنه لا إلزام عليها أن تتعرض لبحث باقي أسباب الاستئناف طالما أن تلك الأسباب ليس من شأنها أن تغير أو تعدل أو تجرح ما توصلت إليه وقضت به وحملت حكمها عليه.(1)

الموقف الثاني: أن تعدل القرار المستأنف على ضوء البينات، والنصوص القانونية التي ترى أنها تحكم موضوع الدعوى، ويلزم في هذا الفرض أيضا أن تبين أسباب حكمها.

الموقف الثالث: أن تلغي الحكم المستأنف لمخالفته للقانون، ونفرق في هذه الحالة بين فرضين:

الفرض الأول: أن يكون القرار المستأنف قد فصل في موضوع الدعوى، وفي هذه الحالة تكون المحكمة الاستئنافية ملزمة بالفصل في النزاع برمته وأن تصدر حكما جديدا طبقا للقانون والبينات. وفي ذلك تقول محكمة النقض … ولا ينبغي لها – أي محكمة الاستئناف –  أن تحجب نفسها عن ممارسة سلطتها من مراجعة تقدير محكمة الدرجة الأولى للأدلة والقرائن القائمة في الدعوى والظروف المؤثرة وملاءمة ما أوقعته من جزاءات تخضع لتقديرها …. ومن ثم تكون محكمة الدرجة الثانية قد تخلت عن مهمتها إذا اكتفت بالقول بأن استخلاص محكمة أول درجة للوقائع في الدعوى إنما وقع في حدود سلطتها الموضوعية ، بل يجب عليها أن تسلط رقابتها على إعمال محكمة أول درجة لسلطتها التقديرية ، فإن رأت سلامة تقديرها تثبته بحيث يكون تقديرها هي وليس تقدير محكمة أول درجة هو أساس حكمها .(1) 

          ولمحكمة الاستئناف إذا قضت بتأييد حكم محكمة الدرجة الأولى أن تحمل حكمها على ذات الأسباب التي حملت تلك المحكمة حكمها عليها، وليس في ذلك ما يجعل حكم محكمة الاستئناف موصوفا بالقصور في أسباب الحكم الواقعية أو ما ينعته بأنه معيب. (2) كما لها إن وصلت إلى ذات النتيجة التي وصلت إليها محكمة الدرجة الأولى ولكن لأسباب مغايرة ، أن تقرر تأييد حكم محكمة الدرجة الأولى من حيث النتيجة فقط للأسباب التي تبينها في حكمها.

الفرض الثاني: أن يكون الحكم المستأنف قد رد الدعوى لسبب شكلي ترتب عليه عدم الفصل في موضوعها، مثل الحكم بعدم الاختصاص والإحالة، أو رد الدعوى لسبق الفصل فيها أو لسقوط الحق المدعى به بالتقادم، وفي هذه الحالة فإن إلغاء الحكم المستأنف يوجب على المحكمة الاستئنافية أن تقرر إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للنظر في موضوعها، وذلك عملا بمبدأ التقاضي على درجتين.


(1) نقض مدني 24/2005 تاريخ 15/10/2005 ج 1 ص 293.

(1) نقض مدني 42/2007 تاريخ 2/9/2008 ج 4 ص 167، نقض مدني 195/2006 تاريخ 2/9/2008 ج 4 ص 179، نقض مدني 179/2005 تاريخ 13/5/2006 ج 2 ص 827.

(2) نقض مدني 83/2005 تاريخ 5/2/2006 ج 2 ص 758.