الفصل الثاني – الاستئناف

الفرع الخامس

الطلبات العارضة في الاستئناف

      الأصل في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد هو عدم جواز تقديم طلبات عارضة في الاستئناف، لأن الطلب العارض الذي يقدم لأول مرة للمحكمة الاستئنافية يعد طلبا جديدا وبالتالي غير مقبول.

      وعلى ذلك لا يجوز المطالبة بالمقاصة القضائية لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، لأنه لا يجوز إبداؤها إلا بطلب عارض.

      كما لا يجوز أن يظهر شخص جديد لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، لأن في ظهوره تفويت درجة من درجات التقاضي بالنسبة له وبالنسبة لخصوم الاستئناف في ذات الوقت وقد نصت على ذلك المادة (222) بقولها:

  1. لا يجوز في الاستئناف إدخال من لم يكن خصما في الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
  2. لا يجوز التدخل في الاستئناف إلا ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم.

      فلا يجوز وفق الفقرة الأولى من هذا النص إدخال الغير لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية سواء أكان هذا الإدخال يهدف إلى الحكم عليه أو جعل الحكم الصادر في الاستئناف حجة عليه، لأن ذلك يعتبر من قبيل الطلبات الجديدة، وهو يعني توجيه طلب للغير لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية بما يؤدي إلى تفويت درجة من درجات التقاضي بالنسبة له أو بالنسبة للخصوم.

          كما لا يجوز في الاستئناف إدخال من رفضت محكمة أول درجة قبول تدخله في الدعوى ، أو إدخال الخصوم الذين أخرجوا من الدعوى أمام محكمة أول درجة.

      ومع ذلك فقد أجازت هذه الفقرة إدخالالغير إذا نص القانون على ذلك ، وبناء على هذا الاستثناء يمكن القول إن للمحكمة وفق المادة (82) من تلقاء نفسها أن تدخل في الدعوى من ترى إدخاله لإظهار الحقيقة أو لمصلحة العدالة أو لتقديم محرر تحت يده . فهذا النص ورد عاما ولم يحدد محكمة معينة لذلك فإنه يسري بالنسبة لمحكمة الدرجة الأولى ومحكمة الدرجة الثانية على الرغم من أنه يعد استثناء من قاعدة التقاضي على درجتين، فمصلحة العدالة أو إظهار الحقيقة يعلو في الأهمية على قاعدة التقاضي على درجتين، لهذا أجاز المشرع هذا الاستثناء وسمح للقاضي بإجراء هذا الإدخال من تلقاء نفسه(1).

      كما لا يجوز وفق الفقرة الثانية للغير التدخل من تلقاء نفسه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، غير أن المشرع فرق بين التدخل الهجومي أو الاختصامي وهو غير جائز لأنه يتضمن طلبا جديدا ليس فقط بأشخاص الدعوى بل بموضوعها وسببها ويفوت درجة من درجات التقاضي، وبين تدخل الغير منضما إلى أحد الخصمين وهو جائز سواء كان المتدخل منضما إلى المستأنف أم المستأنف عليه، ويجب أن يكون للغير مصلحة تبرر تدخله الانضمامي أمام المحكمة الاستئنافية،  ومثال ذلك أن ترفع دعوى تعويض على مؤمن لدى شركة تأمين، فإن من مصلحة الشركة أن تتدخل إلى جانب المؤمن حتى لا يحكم عليه، مما يؤدي إلى الرجوع عليها فيما بعد ويجب أن تتوافر علاقة الارتباط بين التدخل الانضمامي وبين الطلب الأصلي للخصم الذي يتم التدخل إلى جانبه.

      وتقدير الضرر الذي يصيب المتدخل من صدور الحكم في الدعوى الأصلية هو أمر متروك لسلطة قاضي الموضوع الذي يحكم بقبول أو عدم قبول التدخل.

      وهذا التدخل جائز لأن المتدخل لا يطالب بحق ذاتي لنفسه وإنما هو يتدخل لتأييد أحد الخصمين ومساعدته فهو لا يتعدى كونه مجرد أداة أو وسيلة للدفاع، والقاعدة أنه يجوز تقديم أوجه دفاع جديدة في الاستئناف.

      ويشترط لقبول التدخل الانضمامي أمام المحكمة الاستئنافية أن يكون الاستئناف صحيحا من جميع الوجوه ومقبولا.

      والمقصود بالغير الذي لا يجوز إدخاله أو تدخله في الاستئناف هو من لم يكون خصما في الخصومة الأصلية التي صدر فيها الحكم المستأنف.

      أما من كان خصما في الخصومة الأصلية، ومع ذلك لم يكن طرفا في الاستئناف، أي مستأنفا عليه ( وهو أيضا من الغير بالنسبة لخصومة الاستئناف)، فإنه يجوز له التدخل في إجراءات الاستئناف طالما كان له حق الاستئناف، فإذا سقط حقه بسبب فوات ميعاد الطعن، أو قبول الحكم، فإنه لا يجوز له أن يتدخل كما لا يجوز إدخاله إلا في الحالات الاستثنائية التي حددتها المادة (200)، وهي أن يكون الحكم صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة، أو صادرا في التزام بالتضامن، أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص متعددين. كما يجوز إدخال الضامن أو طالب الضمان إذا قدم الطعن ضد أحدهما فقط.(1)

          ولا يعد تصحيح صفة الخصم ( اختصام صاحب الصفة) اختصاما لشخص جديد ، على أن يتم التصحيح في الميعاد المقرر للاستئناف. كما يجوز اختصام الخلف العام والخلف الخاص إذا كان الحق المتنازع عليه قد آل إليهما بعد رفع الاستئناف.


(1) د. نبيل اسماعيل عمر، الطعن بالاستئناف وإجراءاته في المواد المدنية والتجارية، منشأة المعارف بالإسكندرية، ص 629 و 630.

(1) نقض مدني 56/2006 تاريخ 25/9/2007 ج 3 ص 97. وقد جاء فيه( حيث إنه من الثابت أن شركة فلسطين للتأمين قد تم إدخالها في الدعوى الأصلية بموجب لائحة الدعوى المعدلة… وصدر الحكم من محكمة الدرجة الأولى بمواجهتها حضوريا ولم يتم استئنافه ، فإن طلب إدخالها من الجهة الطاعنة في الدعوى الاستئنافية كمستأنف عليها مخالف للأصول والقانون ، إذ أن الطريق السليم الذي رسمه القانون في هذه الحالة أن يتم الاستئناف بحقها ابتداء أمام محكمة الاستئناف.)، نقض مدني 206/2008 تاريخ 16/11/2008 ج 4 ص 216. وقد جاء فيه ( لما كان الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى صدر على المدعى  عليهما بطريق التكافل ، فإن اختصام المدعى عليه – المحكوم عليه – بلال بطريق الاختصام الانضمامي يتفق مع أحكام المادة 200 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية).