الفصل الثاني – الاعتماد المستندي

المبحث الثالث

أنواع الاعتمادات المستنديّة

جرى تقسيم الاعتمادات المستندية إلى تقسيمات عدة، خصوصا حسب الصيغة التي تفتح بها، وطريقة تنفيذها، وقابليتها للتنازل عنها، وذلك كما يلي.

المطلب الأول

الاعتماد القابل للإلغاء والاعتماد غير القابل للإلغاء

أولا: الاعتماد القابل للإلغاء

يقصد بالاعتماد القابل للإلغاء (أو النقض) الاعتماد الذي يجوز للمصرف فاتح الاعتماد تعديله أو إلغاءه بعد فتحه متى شاء، أي الرجوع عنه من تلقاء نفسه كلما وجد له مصلحة في ذلك، أو بناء على طلب العميل الآمر بفتح الاعتماد، دون حاجة لموافقة المستفيد أو حتى لإخطاره مسبقا، مع احتفاظ المستفيد بحقه في قبض مبلغ الاعتماد إذا كان قد قدم المستندات المطلوبة منه قبل إلغاء الاعتماد، وكانت هذه المستندات مطابقة ظاهريا لما ورد في عقد الاعتماد من بيانات وشروط.

وهذا الاعتماد القابل للإلغاء لا يرتب التزامات مباشرة في ذمة المصرف لصالح المستفيد، وإنما يقتصر دوره على مجرد إخبار المستفيد أنه فتح اعتمادا لمصلحته بمبلغ معين بناء على طلب الآمر، دون التزام أو مسئولية من جانب المصرف، بحيث يستطيع المصرف إلغاءه في أي وقت دون إخطار المستفيد. بينما جرى العرف على أن تبلغ المصارف مراسليها في بلد المستفيد بإلغاء أو تعديل الاعتماد. (3)

وقد مر حكم هذا النوع من الاعتمادات المستندية في الأصول والأعراف الدولية في ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: حتى النشرة 400، حيث كانت الأصول والأعراف الدولية تجيز للمصرف تعديل أو إلغاء الاعتماد المستندي متى شاء، ما لم ينص في الاعتماد ذاته صراحة على أنه غير قابل للإلغاء أو التعديل.

المرحلة الثانية: في النشرة 500 حيث نصت المادة السادسة منها على أنه:

  1. يكون الاعتماد إما 1-قابلا للنقض، أو 2-غير قابل للنقض.
  2. وعليه يجب أن يبين الاعتماد بوضوح ما إذا كان قابلا للنقض أو غير قابل للنقض.
  3. وفي حالة عدم بيان ذلك، يعتبر الاعتماد غير قابل للنقض.

كما نصت المادة الثامنة منها على أنه (يجوز تعديل أو إلغاء الاعتماد القابل للنقض في أي لحظة ودون إشعار مسبق للمستفيد).

وقد نقل مشروع قانون التجارة الفلسطيني أحكامه بخصوص هذه المسألة عن النشرة 500 فنص في المادة 374 منه على أنه:

  1. يجوز أن يكون الاعتماد المستندي قابلا للإلغاء أو غير قابل للإلغاء.
  2. يكون الاعتماد غير قابل للإلغاء، إلا إذا اتفق صراحة على قابليته للإلغاء. (4)

كما نصت المادة 375 منه على أنه (لا يترتب على الاعتماد المستندي القابل للإلغاء أي التزام على المصرف قبل المستفيد، ويجوز للمصرف في كل وقت تعديله أو إلغاءه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الآمر دون حاجة إلى إخطار المستفيد بشرط أن يقع التعديل أو الإلغاء بحسن نية وفي وقت مناسب، وإذا قدمت مستندات الشحن مطابقة لبيانات عقد الاعتماد المستندي وشروطه خلال مدته وقبل إلغائه كان المصرف والآمر بفتح الاعتماد مسئولين بالتضامن من قبل المستفيد).

وقد كان الفقه يرى أن هذه الصورة من الاعتماد القابل للإلغاء لا تعد من صور الاعتماد المستندي بالمعنى الفني، لأن الاعتماد معناه ثقة المصرف بعميله الآمر بفتح الاعتماد، وأن قابلية هذا الاعتماد للإلغاء دليل على ضعف الثقة بين المصرف والعميل. (5)

كما أن هذه الصورة من الاعتماد القابل للإلغاء ليست لها قيمة قانونية، ما دام المصرف غير ملزم في مواجهة المستفيد من الاعتماد، وإنما تنحصر قيمته بين الطرفين – البائع والمشتري -في تنظيم طريقة الدفع بينهما، ولذلك لا يستعمل إلا بين بائع ومشتر يعرفان بعضهما جيدا ويثق أحدهما بالآخر. لذلك كانت أغلب الاعتمادات المستندية تأخذ في العمل صورة الاعتماد البات أو القطعي، وكانت المصارف الأردنية لا تصدر غالبا إلا الاعتماد القطعي. (6)

المرحلة الثالثة: في النشرة 600 الصادرة سنة 2007 حيث ألغت هذا النوع من الاعتمادات وأصبح الاعتماد باتا أو قطعيا غير قابل للإلغاء أو النقض، حيث نصت المادة الثانية في تعريفها للاعتماد بأنه (… ويكون غير قابل للنقض وبالتالي يشكل تعهدا محددا من المصرف للوفاء بتقديم مطابق).

كما نصت المادة 7 بخصوص تعهد المصرف المصدر على أنه (ب-يلتزم المصرف المصدر بشكل غير قابل للنقض بالوفاء منذ وقت إصداره للاعتماد).

ونصت المادة 10 الخاصة بالتعديلات على أنه (أ-باستثناء ما تم ذكره في المادة 38 لا يعدل ولا يلغى اعتماد ما دون موافقة كل من المصرف المصدر والمصرف المعزز؛ إن وجد؛ والمستفيد). علما بأن المادة 38 تتعلق بالاعتمادات القابلة للتحويل والتي سيرد ذكرها لاحقا.

وفي ضوء هذا التطور في الأصول والأعراف الدولية، نقترح أن يعاد النظر في المادتين 374و375 من مشروع قانون التجارة الفلسطيني قبل إقراره.

ثانيا: الاعتماد البات غير القابل للإلغاء

الاعتماد البات أو القطعي، وفق النشرة 600، هو الاعتماد الذي لا يجوز للمصرف فاتح الاعتماد تعديله أو إلغاءه إلا بالاتفاق مع المستفيد، والمصرف المعزز إن وجد. وقد كانت المادة 9/أ من النشرة 500 تنص على أنه (أ-يشكل الاعتماد غير القابل للنقض تعهدا قاطعا على المصرف مصدر الاعتماد شريطة أن تقدم المستندات المنصوص عليها إلى المصرف المسمى، أو إلى المصرف فاتح الاعتماد، وأن يتم التقيد بشروط الاعتماد).

كما نصت المادة 376 من المشروع على أنه:

  1. يكون التزام المصرف –في حالة الاعتماد المستندي البات-قطعيا ومباشرا قبل المستفيد وكل حامل حسن النية للصك الذي سُحب تنفيذا للعقد الذي فتح الاعتماد بسببه.
  2. ولا يجوز إلغاء الاعتماد المستندي البات أو تعديله، إلا باتفاق جميع ذوي الشأن.

المطلب الثاني

الاعتماد المعزز والاعتماد غير المعزز

نصت المادة 2 من النشرة 600 على أن:

التعزيز (التأكيد) يعني تعهد محدد من المصرف المعزز (المؤكد) بالإضافة إلى تعهد المصرف المصدر للوفاء أو تداول تقديم مطابق.

المصرف المعزز (المؤيد) يعني المصرف الذي يضيف تعزيزه (تأكيده) على الاعتماد بناء على طلب أو تفويض من المصرف المصدر.

ونصت المادة 377 من المشروع الفلسطيني على أنه:

  1. يجوز تأييد الاعتماد المستندي البات من مصرف آخر يلتزم بدوره بصورة قطعية ومباشرة قبل المستفيد.
  2. لا يعتبر مجرد الإخطار بفتح الاعتماد المستندي البات المرسل إلى المستفيد عن طريق مصرف آخر تأييدا من هذا المصرف للاعتماد.

يتبين من هذين النصين أن الاعتماد المستندي يكون معززا؛ أو مؤكدا؛ أو مؤيدا، عندما يتضمن بالإضافة إلى تعهد المصرف فاتح الاعتماد تجاه المستفيد، تعهد مصرف آخر يكون عادة في بلد المستفيد، يلتزم بدوره بصورة قطعية ومباشرة تجاه المستفيد، وبذلك يضم ذمته إلى ذمة المصرف فاتح الاعتماد بحيث يضمن هو الآخر للمستفيد شخصيا الوفاء بقيمة الاعتماد.

وهذا النوع من الاعتماد هو أعلى مراحل الضمان للبائع، إذ يضمن له استيفاء الثمن ليس فقط من مصرف المشتري فاتح الاعتماد؛ وإنما من المصرف في بلده الذي عزز أو أيد الاعتماد، حيث يترتب في ذمة هذا المصرف المعزز التزام شخصي ومباشر بمبلغ الاعتماد لصالح المستفيد، وبتعزيزه للاعتماد يصبح مدينا متضامنا مع المصرف فاتح الاعتماد تجاه المستفيد، بحيث يستطيع المستفيد مطالبة أي منهما بالوفاء بقيمة الاعتماد بالكامل، وإن كان الأيسر عليه أن يطالب المصرف المعزز الموجود في بلده.

ومقابل تعزيز المصرف للاعتماد يترتب زيادة في التزامات العميل المشتري بقدر العمولة التي يتقاضاها هذا المصرف نظير تعزيزه للاعتماد.

وقد نصت المادة 8 من النشرة 600 تحت عنوان تعهد المصرف المعزز على التزام المصرف المعزز بالوفاء شريطة أن تقدم المستندات المنصوص عليها أو لأي مصرف مسمى آخر وأن تشكل تقديما مطابقا. وبينت أنه يلتزم بشكل غير قابل للنقض بالوفاء أو بالتداول من وقت إضافة تعزيزه للاعتماد. وأنه إذا فوّض مصرف أو طلب منه من قبل المصرف المصدر (فاتح الاعتماد) تعزيز اعتماد، ولم يكن مستعدا للقيام بذلك، يجب عليه في هذه الحالة وبدون تأخير إعلام المصرف المصدر، ومن الممكن أن يقوم بتبليغ الاعتماد بدون تعزيز.

أما إذا كان الاعتماد المستندي لا يتضمن سوى تعهد المصرف فاتح الاعتماد تجاه المستفيد، دون تعزيزه أو تأييده أو تأكيده من مصرف آخر في الوفاء بحق المستفيد منه، فإنه يسمى اعتمادا غير معزز أو غير مؤيد أو غير مؤكد.

المطلب الثالث

الاعتماد القابل للتحويل والاعتماد غير القابل للتحويل

نصت المادة 38 من النشرة 600 للأصول والأعراف الدولية على أنه:

  1. لا يكون المصرف ملزما بتحويل الاعتماد إلا إلى المدى وبالكيفية المقبولة صراحة من ذلك المصرف.
  2. لغايات هذه المادة-الاعتماد القابل للتحويل هو الاعتماد الذي ينص صراحة على أنه (قابل للتحويل) والذي يمكن أن يكون متاحا إما كليا أو جزئيا لمستفيد آخر (المستفيد الثاني) بناء على طلب المستفيد (المستفيد الأول).
  3. ….
  4. يمكن أن يتم تحويل الاعتماد بشكل جزئي لأكثر من مستفيد ثاني واحد بشرط أن تكون المسحوبات أو الشحنات الجزئية مسموحا بها.

لا يمكن تحويل الاعتماد المحول بناء على طلب المستفيد الثاني إلى مستفيد آخر لاحق. لا يعتبر المستفيد الأول على أنه مستفيد لاحق.

كما نصت المادة 374/3 من المشروع على أنه (3-يجوز أن يكون الاعتماد المستندي قابلا للتجزئة أو التحويل، أو غير قابل للتجزئة أو التحويل).

ونصت المادة 381 منه على أنه (لا يجوز تحويل الاعتماد المستندي ولا تجزئته إلا إذا كان المصرف الذي فتحه مأذونا من الآمر في تحويله كله أو بعضه، إلى شخص أو إلى جملة أشخاص غير المستفيد الأول، بناء على تعليمات صادرة من المستفيد، ولا يتم التحويل إلا إذا وافق عليه المصرف، ولا يجوز التحويل إلا مرة واحدة ما لم يتفق على غير ذلك).

ويتبين من هذه النصوص أن الاعتماد يكون قابلا للتحويل إذا كان يحق للمستفيد منه التنازل عنه، كليا أو جزئيا، إلى مستفيد آخر أو أكثر يعينهم هو، وأنه يشترط لجواز التحويل أن ينص على ذلك صراحة في عقد فتح الاعتماد، أي أن يكون المصرف مأذونا من الآمر، كما يلزم موافقة المصرف على التحويل، وفي حين لم تجز النشرة 600 التحويل إلا مرة واحدة؛ قرن المشروع ذلك بعدم وجود اتفاق مخالف.

أما إذا كان المستفيد من الاعتماد غير مخول بالتنازل عنه، فإنه عندئذ يسمى الاعتماد غير القابل للتحويل.

المبحث الرابع

آثار الاعتماد المستندي

يترتب على الاعتماد المستندي علاقات متعددة، هي علاقة الآمر (المشتري) بالمستفيد (البائع)، وعلاقة العميل الآمر بالمصرف، وعلاقة المصرف بالمستفيد. (7)

المطلب الأول

علاقة الآمر والمستفيد

تنشأ العلاقة بين الآمر والمستفيد عن عقد البيع المبرم بينهما، ويفتح الاعتماد المستندي لتنفيذ التزام الآمر المشتري بموجب عقد البيع المبرم بينه وبين البائع المستفيد من الاعتماد، حيث يتفقا على تسوية الثمن بطريق الاعتماد المستندي.

وعقد البيع الذي يفتح الاعتماد المستندي بسببه، هو علاقة سابقة مستقلة عن عملية فتح الاعتماد، ولا شأن للمصرف فاتح الاعتماد بهذه العلاقة؛ ولا تؤثر في علاقته بالمستفيد من الاعتماد وهو البائع أو في علاقته بالآمر وهو المشتري. وفي ذلك نصت المادة 4/أ من النشرة 600 على أن الاعتماد بطبيعته عملية مستقلة عن عقد البيع أو غيره من العقود التي قد يستند إليها. كما نصت المادة 372/2 من المشروع على أن عقد الاعتماد المستندي مستقل عن العقد الذي فتح الاعتماد بسببه ويبقى المصرف أجنبيا عن هذا العقد.

ولما كان عقد البيع يفرض على المشتري أن يقوم بفتح الاعتماد وفقا لشروط معينة وفي الميعاد المتفق عليه؛ وأن يفتح لوقت مناسب يسمح للبائع الاستفادة منه، فإن للبائع أن يمتنع عن شحن البضاعة ما دام المشتري لم ينفد التزامه بفتح الاعتماد حسب الشروط المتفق عليها. كما لا يستطيع البائع أن يستفيد من الاعتماد المفتوح لصالحه إلا إذا قام بتنفيذ الالتزامات التي فرضها عليه خطاب الاعتماد وتقديم المستندات الدالة على ذلك في الميعاد المتفق عليه.

كما أنه ما دام عقد فتح الاعتماد مستقلا عن عقد البيع الذي فتح الاعتماد بسببه، فإن المصرف فاتح الاعتماد ملزم بتنفيذ خطاب الاعتماد في مواجهة المستفيد متى قام المستفيد بتنفيذ التزاماته وفق شروط الاعتماد، ولو كان للمشتري الآمر تحفظات بالنسبة لعقد البيع، كما لو تبين للمشتري أن البضاعة غير مطابقة للعينة؛ أو للشروط والمواصفات المتفق عليها في عقد البيع، حيث لا يكون للمشتري إلا الرجوع على البائع للمطالبة بتنفيذ التزاماته أو لفسخ العقد مع التعويض إن كان له محل، أو للحكم ببطلان البيع متى توافر سبب البطلان.

كما يكون للمشتري في حال كانت البضاعة غير مطابقة للمواصفات، أن يحجز تحت يد المصرف على مبلغ الاعتماد حجز ما للمدين لدى الغير، وهذا الإجراء؛ وإن كان يترتب عليه إضعاف الضمان الذي يهدف إليه البائع من الاعتماد، لازم للمحافظة على حقوق المشتري بسبب يعود للبائع، كما أنه لا يقع إلا بإذن القاضي الذي عليه أن يتحقق من ادعاء المشتري قبل أن يصدر أمره بالحجز.(8) كما قد يطلب من المحكمة إلزام المصرف بإيداع مبلغ الاعتماد في خزانة المحكمة حتى تفصل في الدعوى التي يرفعها ضد البائع بسبب عدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد البيع سواء بطلب الفسخ أو التنفيذ العيني. (9)

المطلب الثاني

علاقة العميل الآمر بالمصرف

تنشأ علاقة العميل الآمر بالمصرف عن عقد فتح الاعتماد، حيث يرتب هذا العقد عليهما التزامات متبادلة.

الفرع الأول
التزامات المصرف

متى وافق المصرف على فتح الاعتماد فإنه يلتزم في مواجهة عميله المشتري بما يأتي:

أولا: فتح الاعتماد لصالح البائع وفق الشروط التي حددها المشتري، والمتفق عليها من حيث المبلغ والمدة وطريقة التنفيذ وغيرها من التفاصيل. وتبليغ المستفيد بفتح الاعتماد لصالحه بخطاب يتعهد فيه بدفع مبلغ معين لدى استلامه المستندات المطلوبة متى كانت مطابقة لشروط الاعتماد، سواء مباشرة أو بواسطة مصرف في بلد المستفيد يسمى المصرف المراسل أو المُبلّغ. وإبقاء الاعتماد المستندي مفتوحا طيلة مدة الاعتماد.

وقد نصت المادة 6/د من النشرة 600 على أنه يجب أن ينص الاعتماد على تاريخ انتهاء للتقديم. يعتبر تاريخ الانتهاء المذكور للوفاء أو للتداول هو تاريخ الانتهاء للتقديم. كما نصت 378 من المشروع على أنه:

  1. يجب أن يتضمن كل اعتماد مستندي بات تاريخا أقصى لصلاحيته وتقديم المستندات.
  2. إذا وقع تاريخ انتهاء صلاحية الاعتماد في يوم عطلة للمصارف امتدت الصلاحية إلى أول يوم عمل تال للعطلة.
  3. فيما عدا أيام العطلات لا تمتد صلاحية الاعتماد ولو صادف تاريخ انتهائها انقطاع المصارف عن العمل بسبب ظروف قاهرة، ما لم يكن هناك تفويض صريح من الآمر.

ثانيا: فحص المستندات المقدمة له من قبل المستفيد، للتحقق من صحتها، وأنها مطابقة لتعليمات العميل الواردة في شروط خطاب الاعتماد من حيث الشكل والموضوع. ورفض هذه المستندات وإعادتها للمستفيد إذا كانت غير مطابقة ظاهريا لشروط الاعتماد وإخطار العميل الآمر بفتح الاعتماد بذلك خلال المدة التي تستغرقها الإعادة والإخطار عادة.

فإذا خالف المصرف تعليمات العميل وقبل مستندات غير مطابقة، كما لو كانت تعليمات العميل تقضي بتقديم سند شحن نظيف؛ فقبل المصرف سند شحن به تحفظات، كان للعميل أن يرفض استلام هذه المستندات.

ولا يكفي التأكد من أن المستندات صحيحة ومطابقة في بياناتها وشروطها لما هو مطلوب في خطاب الاعتماد، بل يجب أن يتأكد من أنها مقدمة قبل انتهاء مدة الاعتماد، وأن لا تكون في مجموعها متناقضة؛ كأن لا تكون كل من الفاتورة؛ وسند الشحن مختلفان بالنسبة لوزن البضاعة أو نوعها أو كميتها. أو أن تنص الفاتورة على أن البضاعة مؤمن عليها تأمينا شاملا لكل المخاطر؛ في حين أن وثيقة التأمين تتضمن إعفاء من بعض المخاطر. على أن التزام المصرف لا يتجاوز نطاق المستندات، فهو غير ملزم بفحص البضاعة؛ لأنه لا يتعامل سوى مع المستندات. لذلك ليس من واجبه التحقق من مطابقة البضاعة ذاتها للمستندات، لأنه لا علاقة له بعقد البيع الذي تحدد فيه مواصفات البضاعة ونوعها وكميتها.

ويقتصر دور المصرف على فحص المستندات من حيث ظاهرها، فهو لا يلزم بالتحقق من خلو المستندات من الغش أو التزوير؛ ما دام ظاهرها لا يدل على ذلك. ويقصد بالعيب الظاهر، العيب المعلوم لدى المصرف؛ أو من السهل عليه العلم به إذا فحص المستندات بعناية الرجل المصرفي الحريص وفقا للأعراف الدولية المصرفية. كما لو وجد في المستند كشط أو تحشير، أو لم يكن موقعا أو مصدقا من المستفيد، أو كان شكل المستند لا يوحي بصحته؛ كما لو كان وفق الأمر الطبيعي يصدر عن المستفيد بصورة معينة لا يمكن إغفالها؛ فلا يقبل أي ورقة عادية كبديل له، حيث لا يجوز للمصرف أن يقبل مستندات تعادل المستندات المطلوبة. وليس له أن يشترط مستندا لم يذكر صراحة من عميله، أو أن يبحث عن أهمية أو عدم أهمية المستند بالنسبة للعميل.

ويتحقق المصرف فقط من توافر المستندات واكتمال بياناتها ومطابقتها لشروط فتح الاعتماد، وتطابقها فيما بينها، دون أن يكلف بفحص صحتها. فمهمة المصرف تنحصر في النظر إلى البيانات الواردة في المستند دون التحقق من صحتها أو صدقها ما دام أنها لا تبدو في ظاهرها غير صحيحة، كما لو كان تاريخ سند الشحن بتاريخ سابق على تاريخ الشحن الفعلي لإعطاء انطباع بأن البضاعة شحنت في التاريخ المتفق مع ما طلبه الاعتماد المستندي.

فالمصرف غير مسئول عن العيب الخفي الذي لا يبدو في ظاهر المستندات، ولا يعلم به المصرف وقت تسلم المستندات وفحصها، ولا يستطيع أن يعلمه أو لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذي تعارفت المصارف على القيام به، بل يلزم خبرة معينة وفحص خاص حتى يمكن اكتشافه، لذلك فهو غير مسئول عن المستند المزور؛ أي غير المطابق لحقيقة البضاعة ما دام مطابقا لشروط الاعتماد، سواء كان التزوير كليا أو جزئيا.

وفي ذلك نصت المادة 34 من النشرة 600 تحت عنوان عدم المسئولية عن فعالية المستندات على أنه (لا يتحمل المصرف أي التزام أو مسئولية عن الشكل أو الكفاية أو الدقة أو الصحة أو الزيف أو الأثر القانوني لأي مستند، أو عن الشروط العامة أو الخاصة المنصوص عليها في المستند أو المضافة إليه. كما لا يتحمل المصرف أي التزام أو مسئولية عن الوصف أو الكمية أو الوزن أو النوعية أو الحالة أو التغليف أو التسليم أو القيمة أو وجود البضائع أو الخدمات أو أي أداء آخر يمثله أي مستند، أو عن حسن النية أو الأفعال أو الإغفالات أو الملاءة أو الأداء أو مكانة المرسل أو الناقل أو وسيط الشحن أو المرسل إليه أو مؤمن البضاعة أو أي شخص آخر).

كما نصت المادة 379 من المشروع على أنه (1-على المصرف أن يتحقق من مطابقة المستندات لبعضها ولتعليمات الآمر بفتح الاعتماد. 2-وإذا رفض المصرف المستندات وجب أن يخطر الآمر فورا بالرفض مبينا أسبابه) ونصت المادة 380 منه على أنه (1-لا مسئولية على المصرف إذا كانت المستندات في ظاهرها مطابقة للتعليمات التي تلقاها من الآمر. 2-ولا يتحمل المصرف أي التزام يتعلق بالبضاعة التي فتح الاعتماد بسببها).

وبالنسبة لمعيار المطابقة نصت المادة 14 من النشرة 600 على هذا المعيار ومن ذلك (د-بيانات في مستند ما. عندما تقرأ في سياق الاعتماد، ومع المستند نفسه ومع المعيار الدولي للأصول المصرفية لا يتوجب أن تكون متماثلة تماما ولكن يجب أن لا تتعارض مع البيانات في ذلك المستند أو في أي مستند مطلوب آخر أو مع الاعتماد. ه-في المستندات ما عدا الفاتورة التجارية يمكن أن يكون وصف البضائع أو الخدمات أو الأداء؛ إذا نص عليه؛ بصيغة عامة شريطة ألا يتعارض مع وصفها في الاعتماد. و-إذا تطلب الاعتماد تقديم مستند غير وثائق النقل أو مستند التأمين أو الفاتورة التجارية، دون تحديد الجهة المصدرة للمستند أو البيانات التي يجب أن يحتويها المستند، ستقبل المصارف المستند كما قُدم إذا تبين أن محتواه يفي بغرض المستند الذي طُلب وأنه يطابق نص المادة 14 (د).

ثالثا: تسليم المستندات إلى العميل الآمر، بمجرد أن يقوم العميل بدفع قيمة الاعتماد؛ أو إذا كان الاعتماد مغطى من قبل العميل قبل وصول المستندات، وذلك حتى يتمكن المشتري من مراقبة مدى تنفيذ البائع لالتزاماته التي فرضها عليه عقد البيع؛ ومن تسلم البضاعة عند وصولها في الوقت المناسب.

والتزام المصرف بتسليم المستندات معلق على قيام المشتري بتنفيذ التزامه نحو المصرف بدفع قيمة هذه المستندات التي تشمل بالإضافة إلى مبلغ الاعتماد؛ العمولة والمصاريف. ولذلك له حبس هذه المستندات لحين دفع قيمتها من قبل الآمر لأنها تمثل ضمانا للمصرف للوفاء بقيمة الاعتماد.

ومتى نقل المصرف المستندات إلى الآمر تعين عليه فحصها بمجرد تسلمها؛ وأن يقرر قبولها أو رفضها بأسرع ما يمكن، فإذا لم تكن مطابقة لشروط الاعتماد ولم يعترض عليها، ذهب رأي إلى أن سكوته يعد قبولا للأخطاء التي ارتكبها المصرف في تنفيذ التزامه بفحص المستندات ما يمتنع عليه الرجوع على المصرف بعد ذلك. (10)

بينما ذهب رأي آخر إلى أنه لا يجوز للعميل بعد أن قبل المستندات أن يعود فيطلب تركها للمصرف، بل ينحصر حقه في مطالبة المصرف بتعويضه عن الضرر الذي لحقه من جراء قبول مستندات مخالفة. (11)

وهنا يثور السؤال: لو قصر المصرف في التحقق من المستندات وفحصها، وقام بتعويض عميله عن ذلك، هل له الرجوع على البائع المستفيد بما دفعه لعميله؟

في الإجابة على هذا السؤال، ذهب رأي إلى أنه ليس للمصرف الرجوع على المستفيد، لأن ذلك يخل أو يزعزع الثقة في الاعتماد، وأن المصرف قصّر وعليه تحمل نتيجة ذلك.

بينما ذهب رأي آخر – نؤيده-إلى أن التزام المصرف مشروط بتقديم المستندات المطابقة، فإذا كانت غير مطابقة يكون للمصرف الحق في مطالبة البائع بالتعويض الذي تحمله في مواجهة العميل، لأن سبب التزام المصرف في مواجهة البائع المستفيد هو خطاب الاعتماد، فإذا تبين أن البائع قد أخطأ في تنفيذ التعليمات وفقا لخطاب الاعتماد الموجه إليه، وكان المصرف قد أهمل في فحص المستندات، فإن ذلك ليس سببا لإبطال رجوعه في مواجهة البائع، لأن أساس رجوعه هو خطاب الضمان وليس عقد البيع. (12)

الفرع الثاني
التزامات الآمر المشتري

تقدم أن المصرف بمجرد أن يخطر البائع المستفيد بفتح الاعتماد، يمتنع عليه أن يعدل أو يلغي هذا الاعتماد إلا بموافقة المستفيد ومن له مصلحة فيه. لذلك فإن أول التزام يقع على المشتري الآمر هو الإبقاء على أوامره التي طلب بموجبها من المصرف فتح الاعتماد، بحيث يمتنع عليه الرجوع في أوامره أو تعديل أي شرط من شروط فتح الاعتماد قبل انتهاء المدة المحددة للاعتماد.

كما يلتزم الآمر بأن يدفع للمصرف قيمة الاعتماد التي دفعها المصرف للمستفيد؛ إذا لم يكن قد دفعها قبل التنفيذ، وكانت المستندات المقدمة له من المصرف مطابقة لشروط الاعتماد، وكذلك دفع المصاريف التي تحملها المصرف بخصوص تنفيذ عملية الاعتماد، والعمولة المتفق عليها؛ التي يستحقها المصرف عن مجرد فتح الاعتماد ووضعه المبلغ المحدد بموجبه تحت تصرف المستفيد، حتى ولو لم يستفد العميل من الاعتماد، إن لم يكن ذلك لسبب يرجع إلى خطأ المصرف.

وإذا لم يدفع العميل للمصرف ما ترتب في ذمته، كان للمصرف حبس المستندات التي تسلمها واستلام البضاعة والتنفيذ عليها وتحصيل حقه من ثمنها، وإذا هلكت البضاعة أثناء النقل أو أصابها تلف انتقل حق الرهن من البضاعة إلى مبلغ التأمين، وللمصرف مطالبة المؤمن بهذا المبلغ بموجب وثيقة التأمين التي ترفق مع المستندات التي تقدم له. وفي ذلك نصت المادة 382 من المشروع على أنه (1-إذا لم يدفع الآمر إلى المصرف قيمة المستندات المطابقة لشروط فتح الاعتماد خلال ستة أشهر من تاريخ تبليغه بوصول تلك المستندات، جاز للمصرف التنفيذ على البضاعة باتباع إجراءات التنفيذ على الأشياء المرهونة رهنا تجاريا حيازيا. 2-ولا تسري أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة على الاعتمادات المفتوحة من الجهات الرسمية).

المطلب الثالث

علاقة المصرف بالمستفيد

مصدر هذه العلاقة هو خطاب الاعتماد الصادر من المصرف للمستفيد، وهو يرتب التزامات متقابلة على طرفيه.

الفرع الأول
التزامات المصرف تجاه المستفيد

ينشأ التزام المصرف في مواجهة المستفيد، بمجرد إصدار خطاب الاعتماد ووصوله إلى علم المستفيد، إذ يصبح التزام المصرف تجاهه نهائيا من هذا التاريخ. ويتمثل هذا الالتزام بالوفاء للمستفيد بقيمة الاعتماد متى نفذ البائع الشروط الواردة في خطاب الاعتماد وقدم للمصرف المستندات المحددة في الخطاب كاملة ومطابقة، فخطاب الاعتماد هو وحده الذي يحكم العلاقة بين المصرف والمستفيد.

ويعتبر المصرف مدينا أصليا في مواجهة المستفيد وليس مجرد ضامن أو كفيل أو نائب عن المشتري في سداد الثمن، وحق المستفيد في مواجهته هو حق مباشر. فلا يجوز للمصرف إنهاء الاعتماد أو تعديله دون موافقة المستفيد، أيا كانت الأسباب التي يستند إليها المصرف، أو الظروف التي تطرأ على العلاقة التي تربط المصرف بالآمر من ناحية، أو بين الآمر والمستفيد من ناحية أخرى.

وقد نصت المادة 373 من المشروع على أنه يلتزم المصرف الذي فتح الاعتماد بتنفيذ شروط الوفاء والقبول والخصم المتفق عليها في عقد فتح الاعتماد، إذا كانت المستندات مطابقة لشروط فتح الاعتماد.

غير أن للمصرف مهلة لفحص المستندات للتحقق من أنها مطابقة لتعليمات العميل، وتحدد المصارف هذه المهلة عادة ما بين أربع وعشرين ساعة وخمسة أيام على الأكثر. كما نصت المادة 14/ب من النشرة 600 على أنه يكون لكل من المصرف المسمى الذي يتصرف بناء على تسميته والمصرف المعزز؛ إن وجد؛ والمصرف المصدر مدة أقصاها خمسة أيام عمل مصرفية تلي يوم التقديم لتحديد ما إذا كان التقديم مطابقا. إن هذه المدة لا تختصر أو تتأثر بوقوعها في أو بعد تاريخ التقديم بأي تاريخ انتهاء أو بآخر يوم تقديم.

ويتميز التزام المصرف تجاه المستفيد بأنه التزام مباشر لأن المصرف لا يلتزم تجاه المستفيد بصفته ضامنا للآمر بفتح الاعتماد، بل بصفته أصيلا، ويتحدد مضمون هذا الالتزام المستقل بموجب شروط وبيانات خطاب الاعتماد.

كما أنه التزام مجرد، أي مستقل عن عقد فتح الاعتماد الذي يربط المصرف بالعميل الآمر، وعن عقد البيع الذي يربط العميل الآمر والمستفيد من الاعتماد.

ولما كانت علاقة المصرف بالمستفيد مستقلة عن علاقة المصرف بالآمر، فإن المصرف لا يستطيع التحلل من التزامه تجاه المستفيد بحجة بطلان عقد فتح الاعتماد أو فسخه، أو عدم تنفيذ العميل لالتزاماته التي تعهد بها بموجب هذا العقد. كما أن إفلاس العميل المشتري لا يعفي المصرف من تنفيذ التزامه تجاه المستفيد.

كما لا يجوز للمصرف أن يحتج بتعليمات الآمر المشتري له بعدم تنفيذ الاعتماد مهما كان السبب الذي يستند إليه المشتري. كما لا يجوز للمصرف أن يدفع في مواجهة المستفيد بالدفوع المستمدة من عقد البيع، سواء الدفع ببطلان هذا العقد، أو بأن البائع لم يقم بتنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد البيع، فحصول نزاع بين البائع والمشتري يتعلق بتنفيذ عقد البيع؛ لا يؤثر على حق المستفيد تجاه المصرف ما دام أنه نفذ الشروط الواردة في خطاب الاعتماد.

الفرع الثاني
التزامات المستفيد تجاه المصرف

يلتزم المستفيد بأن يقدم للمصرف فاتح الاعتماد جميع المستندات المطلوبة منه والمطابقة لشروط الاعتماد، خلال المدة المحددة لذلك في خطاب الاعتماد.

ويبين خطاب الاعتماد المستندات التي يلتزم البائع بتقديمها إلى المصرف، ويحدد العميل المشتري هذه المستندات في عقد فتح الاعتماد. ويجب وفق المادة 17/أ من النشرة 600 أن تقدم نسخة أصلية واحدة على الأقل من كل مستند منصوص عليه في الاعتماد. ويتبين من المادة (14/و) أن المستندات الرئيسية التي يجب أن تكون في كل اعتماد مستندي ثلاثة وهي

  1. وثائق النقل، أو سند الشحن، وهو يمثل حيازة البضاعة ويخول حامله الحق في استلامها.
  2. مستند أو وثيقة التأمين، وهي تتضمن جميع الأخطار المنصوص عليها في خطاب الاعتماد ويجب أن يكون تاريخ وثيقة التأمين سابقا على تاريخ سند الشحن أو على الأقل معاصرا له.
  3. الفاتورة التجارية، وهي تشتمل على أوصاف البضاعة وثمنها، ويلزم أن تكون هذه الأوصاف مطابقة للوصف الوارد في الاعتماد، وهي تثبت كمية البضاعة وكيفية حساب ثمنها.

ويمكن أن يتطلب الاعتماد مستندات أخرى حسب نوع البضاعة، من ذلك مثلا، شهادة المنشأ، وتصريح التصدير أو الاستيراد، والشهادة الصحية أو الزراعية، وشهادة صلاحية البضاعة للغذاء الآدمي، وشهادة المعاينة التي تصدر من جهة دولية مختصة بالتفتيش للتحقق من تطابق أوصاف البضاعة مع شروط عقد البيع.

والعبرة بما جاء في خطاب الاعتماد وليس في عقد البيع، فإذا وجد البائع أن شروط خطاب الاعتماد تخالف تلك التي اتفق عليها مع المشتري؛ ليس له أن يثبت للمصرف أن هذه الشروط مخالفة لشروط عقد البيع، لأن عقد البيع لا يعني المصرف. وإنما يحق للبائع أن يمتنع عن استعمال الاعتماد والرجوع على المشتري لمطالبته بالتعويض إن كان له مقتضى.

كما أنه إذا قدم المستفيد مستندات غير كاملة، أو غير سليمة، فإن المصرف ملزم بعدم قبولها، ولو أثبت البائع المستفيد أن هذه المستندات مطابقة لشروط عقد البيع المبرم بينه وبين المشتري. وبالعكس لو كانت هذه المستندات مطابقة لشروط خطاب الاعتماد وجب على المصرف قبولها ولو كانت مخالفة لشروط عقد البيع.

ومع أن المصرف ملزم بعدم قبول المستندات غير الكاملة أو غير السليمة، إلا أنه لا يرفضها نهائيا، بل جرت العادة أن يقوم المصرف بإخبار العميل الآمر بأوجه النقص، فقد يأذن له بقبولها رغم ما بها من مخالفة، وعندها يكون المصرف ملزما بقبولها وإلا كان مسئولا تجاه العميل الآمر أو المستفيد.

كما أن رفض المستندات غير الكاملة أو غير السليمة لا ينهي العلاقة بين المصرف والمستفيد متى كانت مدة الاعتماد قائمة لم تنته، بل يجوز للمستفيد تقديم مستندات جديدة مطابقة لشروط خطاب الاعتماد قبل انتهاء المدة. لذلك يجب على المصرف عند رفضه للمستندات أن يحدد للمستفيد سبب الرفض؛ لكي يستطيع تصحيح المستندات قبل انتهاء المدة المحددة، إذا أراد الاستفادة من الاعتماد.

(3)(3) عزيز العكيلي، المرجع السابق، صفحة 421.

(4)(4) وهو مطابق لنص المادة 343 من قانون التجارة المصري رقم 19 لسنة 1999.

(5)(5) علي جمال الدين عوض، الاعتمادات المستندية 1982 صفحة 18 وهو يعرفه بأنه الاعتماد القطعي والاعتماد غير القطعي.

(6)(6) عزيز العكيلي، المرجع السابق، صفحة 426.

(7)(7) أما علاقة المصرف فاتح الاعتماد والمصرف المعزز الذي كفله بتعزيز الاعتماد، فهي تخضع لأحكام عقد الوكالة، وخصوصا فيما يتعلق بالتزام الوكيل باتباع تعليمات موكله.

(8)(8) علي جمال الدين عوض، المرجع السابق، بند 523.

(9)(9) محمود سمير الشرقاوي، القانون التجاري، الجزء الثاني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981، صفحة 563.

(10)(10) عزيز العكيلي، المرجع السابق، صفحة 436.

(11)(11) علي جمال الدين عوض، المرجع السابق، بند 502. محمود الشرقاوي، صفحة 561.

(12)(12) سميحة القليوبي، الموجز في القانون التجاري، دار النهضة العربية، 1978، صفحة 282 و283.