الفصل الثاني – السندات التنفيذية

نصت المادة 8 من قانون التنفيذ على أنه:

  1. لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحقوق مؤكدة في وجودها ومحددة في أطرافها ومعينة في مقدارها وحالة الأداء.
  2. الأسناد التنفيذية هي الأحكام والقرارات والأوامر القضائية والنظامية والشرعية ومحاضر التسوية القضائية والصلح التي تصدق عليها المحاكم النظامية والشرعية وأحكام المحكمين القابلة للتنفيذ والسندات الرسمية والعرفية وغيرها من الأسناد التي يعطيها القانون هذه الصفة. (1)

ويتبين من نص الفقرة الأولى أن التنفيذ الجبري يتطلب وجود حق موضوعي يجري التنفيذ لاقتضائه، وأن يكون هذا الحق ثابتا في سند تنفيذي، وأنه لا بد من اجتماع الأمرين معا، أي لا بد من وجود الحق الموضوعي؛ ووجود السند التنفيذي، فلا الحق يغني عن السند ولا السند يغني عن الحق.

فإذا كان للدائن حق موضوعي كحق الملكية مثلا؛ ولكنه غير ثابت في سند مستوف للشكل الذي يزوده بالقوة التنفيذية، فإنه لا يستطيع التنفيذ؛ لأن سبب التنفيذ لم يكتمل له الشكل المادي اللازم قانونا لإجرائه.

وكذلك لو كان بيد الدائن سند تنفيذي كحكم واجب النفاذ؛ ولكنه استوفى دينه، فإن استخدامه لهذا السند للتنفيذ بعد الوفاء؛ لا يمنع من بطلان هذا التنفيذ لقيامه على غير سبب، لأن السند بذاته لا يكفي للتنفيذ ما دام مضمونه أي الحق الثابت فيه قد تم الوفاء به أو انقضى لأي سبب آخر.

فيجب إذا اجتماع الحق والسند معا حتى يكون هناك سبب للتنفيذ، لذلك ندرس الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ لاقتضائه في مبحث أول، ثم ندرس السند التنفيذي بالتفصيل في مبحث ثان.

المبحث الأول

الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ لاقتضائه

يتبين من نص المادة 8 من قانون التنفيذ ضرورة توافر ثلاثة شروط في الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ لاقتضائه وهي أن يكون هذا الحق 1- محقق الوجود. 2- معين المقدار. 3-حال الأداء.

ومتى توافرت هذه الشروط الثلاثة لا عبرة بمقدار الحق الموضوعي؛ إذ يمكن التنفيذ اقتضاء لأي حق مهما قل مقداره، كما يجوز التنفيذ بالنسبة لجزء من هذا الحق متى توافرت هذه الشروط بالنسبة له حتى ولو لم تتوافر بالنسبة للجزء الباقي من هذا الحق.

ويخضع تقدير توافر هذه الشروط أو عدم توافرها لسلطة قاضي التنفيذ، وإذا تخلف شرط منها لا يجوز إجراء التنفيذ الجبري، فإذا اتخذ أي إجراء رغم تخلف شرط من هذه الشروط يكون الإجراء باطلا.

ويجب أن تتوافر هذه الشروط لحظة البدء بالتنفيذ، فلا عبرة بتوافرها بعد البدء بالتنفيذ، فإذا بدء التنفيذ وكان أحد هذه الشروط غير متوافر يكون التنفيذ باطلا؛ فلو كان الدين غير حال الأداء؛ لا يصححه حلول أجل الدين بعد ذلك أثناء إجراءات التنفيذ.

وكذلك إذا بدء الدائن التنفيذ بمقتضى دين غير معين المقدار؛ ليس له أن يطلب من القاضي تعيين مقدار الدين لتصحيح إجراءات التنفيذ؛ إذ يعتبر التنفيذ باطلا منذ بدايته.

ويجب أيضا توافر هذه الشروط في ذات السند التنفيذي، فإذا كان هذا السند يعلق إجراء التنفيذ على قيام الدائن بعمل معين، لا يجوز للدائن طلب إجراء التنفيذ إلا بعد أن يثبت قيامه بالعمل المتفق عليه. وإذا صدر حكم بتعويض المضرور دون أن يحدد مقدار التعويض؛ لا يجوز تنفيذ هذا الحكم. ومع ذلك يجوز تكملة السند التنفيذي بسند آخر أشار إليه السند التنفيذي صراحة، مثال ذلك أن الأمر بتقدير المصاريف يكمله الحكم الصادر في الدعوى والذي يحدد الخصم الذي يتحمل المصاريف.

ونوضح المقصود بكل شرط من هذه الشروط فيما يلي:

الشرط الأول: أن يكون الحق محقق الوجود:

يقصد بهذا الشرط؛ أن يكون وجود الحق مؤكدا غير متنازع عليه، وحالا، فإذا كان الحق معلقا على شرط واقف لم يتحقق بعد، أو كان حقا مؤقتا غير نهائي، أو كان حقا احتماليا، فإنه لا يكون محقق الوجود، ولا يجوز التنفيذ الجبري استنادا إليه.

غير أنه لا يقصد بخلو الدين من المنازعة عدم المنازعة بصفة مطلقة، بل يقصد بذلك أن لا يكون الدين منازعا فيه منازعة جديّة، فلا يكون محقق الوجود، ولذلك لا يجوز بمقتضى حكم بتقديم حساب؛ لأن الحساب قد يسفر عن براءة ذمة المدين.

ووجود السند التنفيذي قرينة على تحقق وجود الحق الذي يتضمنه، فلا يكلف من بيده السند التنفيذي إثبات أن حقه الثابت في السند محقق الوجود، وإنما الذي يكلف بالإثبات هو من يدعي العكس.

ومن أمثلة السندات التي لا يمكن تنفيذها لأنها لا تتضمن حقا محقق الوجود، الحكم الصادر بالغرامة التهديدية، فهذا الحكم غير قابل للتنفيذ سواء استؤنف ورد الاستئناف؛ أو لم يستأنف؛ لأنه لا يتضمن حقا محقق الوجود لمن صدر الحكم لصالحه؛ وإنما هو وسيلة للتغلب على عناد المدين وإكراهه على تنفيذ التزامه عينا، وقد ينتهي الأمر إلى عدم الحكم على المدين بشيء من الغرامة التهديدية التي فرضت عليه إذا قام بتنفيذ التزامه، كما أنه حتى بعد أن يحدد القضاء قيمة التعويض نهائيا، فإن التنفيذ عندئذ يكون واجبا لحكم القاضي بالتعويض لا الحكم بالغرامة التهديدية.

ومن هذه السندات أيضا العقد الذي يتضمن حقا معلفا على شرط، فهذا العقد لا يجوز تنفيذه إلا إذا تحقق الشرط، ونظرا لأن تحقق الشرط أمر خارج عن نطاق العقد؛ فهو لا يثبت من العقد ذاته، فإنه يلزم استصدار حكم يفيد ذلك ويكون التنفيذ عندئذ مستندا إلى الحكم؛ أما العقد ذاته فلا ينفذ لأنه لا يتضمن حقا محقق الوجود يمكن اقتضاؤه.

الشرط الثاني: أن يكون الحق معين المقدار.

سواء تعلق الأمر بمبلغ نقدي أم بشيء مثلي، وهذا الشرط بديهي لأن الدائن بالتنفيذ يقتضي حقه فقط لا أكثر من ذلك، ولأن الحق المطلوب تنفيذه يجب أن يكون معلوما للمنفذ ضده حتى تتاح له فرصة الوفاء الاختياري بهذا المقدار فقط وتفادي التنفيذ بطريق الحجز وبيع أمواله. كما يجب أن يكون المبلغ المطلوب تنفيذه محدد المقدار مقدما؛ حتى يتوقف مأمور التنفيذ عن البيع في حالة التنفيذ بطريق حجز أموال المدين وبيعها؛ إذا وصل ناتج البيع إلى مبلغ يكفي للوفاء بالدين المحجوز من أجله والمصاريف.

وتختلف طريقة التعيين باختلاف محل الحق، فإذا كان من النقود وجب أن يكون مبلغا معلوما، وإذا كان تسليم شيء منقول؛ وجب أن يكون معينا بنوعه ومقداره أو معينا بذاته. وإذا كان عقارا وجب أن يتضمن السند التنفيذي وصفا تفصيليا له ( حوض …قطعة…حدود الخ).

ومن أمثلة السندات التي لا يجوز تنفيذها لعدم تعيين مقدار الحق، العقد الذي يتضمن دينا غير معين المقدار أو يحتاج في تعيين مقداره إلى الالتجاء لخبير ليقوم بعمل الحساب.

ويلاحظ أنه لا يلزم أن يكون تعيين مقدار الحق على وجه التحديد، إذ يكون الحق معين المقدار إذا أمكن تعيينه بعملية حسابية بسيطة. (2) ويكون تقدير ذلك للقاضي بناء على الأرقام المثبتة في السند التنفيذي. مثال ذلك أن يكون المطلوب هو مبلغ مائة ألف دينار و10% أرباح فإن الحق في هذه الحالة يكون معين المقدار؛ لأنه من السهل في هذه الحالة حساب مقدار الأرباح وضمها إلى أصل الحق.

الشرط الثالث: أن يكون الحق حال الأداء.

ويكون الحق حال الأداء إذا كان غير مضاف إلى أجل؛ سواء كان مصدر هذا الأجل هو القانون أم القضاء أم الاتفاق، وهذا أمر بديهي، لأن الحق المقترن بأجل لا يكون نافذا إلا إذا حل الأجل، فالمدين قبل ذلك لا يعتبر مسئولا عن الدين ما دام الأجل قائما أو ممتدا.

ولكن مع ذلك يجوز قانونا التنفيذ الجبري رغم عدم حلول الأجل في حالتين:

الحالة الأولى: إذا كان الأجل الواقف مقرر لمصلحة الدائن وحده ونزل عن حقه فيه.

والحالة الثانية: إذا فقد المدين حقه في الأجل لأحد الأسباب الواردة في القانون كأن يشهر إفلاس المدين أو إعساره، أو يضعف ما أعطى الدائن من تأمين خاص.

وبناء على هذا الشرط، إذا كان حق الدائن احتماليا أو مقيدا بأي وصف؛ فإنه لا يجوز تنفيذه جبرا عن المدين. ومن أمثلة السندات التنفيذية التي لا يجوز تنفيذها لأنها تتضمن حقا غير حال الأداء الحكم الذي يمنح المدين أجلا للوفاء بالدين؛ إذ تستطيع المحكمة أن تمهل المدين في السداد وهو ما يعرف بنظرة الميسرة أو الأجل القضائي. وقد يكون وفاء الدين على أقساط؛ فلا يجوز التنفيذ بالدين أو بأي قسط منه إلا بعد حلول أجله.

المبحث الثاني

السند التنفيذي

فكرة السند التنفيذي وهدفها:

تعتبر فكرة السند التنفيذي من أهم الأفكار الأساسية في التنفيذ الجبري، لما يلعبه السند التنفيذي من دور هام في حماية الحقوق، حيث لا يمكن إجراء التنفيذ الجبري لاقتضاء هذه الحقوق ما لم يوجد سند تنفيذي. وتهدف هذه الفكرة إلى التوفيق بين اعتبارين متناقضين بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر:

الاعتبار الأول: هو مصلحة الدائن في تنفيذ سريع وفوري لحَقّه دون عنت، وهذه المصلحة تتطلب أن لا يهتم الموظف القائم بالتنفيذ بأي اعتراضات يبديها المدين.

والاعتبار الثاني: هو اعتبار العدالة التي تقتضي عدم السماح بالتنفيذ إلا لصاحب الحق الموضوعي، والسماح للمدين بالمنازعة في التنفيذ قبل بدئه؛ إن كان لهذه المنازعة مبرر، لما للتنفيذ من آثار وخيمة بالنسبة له تصل إلى حد نزع ماله وبيعه جبرا عنه.

حكمة السند التنفيذي:

تتمثل حكمة السند التنفيذي في وجوب أن لا يترك البدء في التنفيذ لهوى طرف من أطرافه؛ أو لتحكم القائم به، فلا يترك لمحض إرادة الدائن لأن ذلك سوف يعرض المدين لتعسف إجراء تنفيذ لا أساس له ولا حق للدائن في إجرائه. ولا يترك لهوى المدين الذي سيعارض إجراءه ويبتدع الوسائل لعرقلته ما سوف يؤدي إلى عدم حصول الدائن على حقه أبدا. ولا يمنح الموظف القائم بالتنفيذ سلطة التحقق من وجود أو عدم وجود حق يراد حمايته قبل البدء بالتنفيذ؛ لأن ذلك يتجاوز وظيفته التنفيذية؛ كما يؤدي إلى عرقلة وتعطيل التنفيذ. بل أن يبدأ التنفيذ بناء على أساس موضوعي كاف في الدلالة على وجود حق جدير بالحماية التنفيذية.(3) لذلك تطلب القانون ضرورة وجود السند التنفيذي كأساس للتنفيذ، بحيث يدل هذا السند على وجود الحق الموضوعي لمن بيده السند التنفيذي.(4)

وقد انبثق عن ذلك ثلاث قواعد تتعلق بالسند التنفيذي وهي:

  1. لا يجوز التنفيذ بغير سند تنفيذي، ولا يقبل من الدائن أن يقدم لسلطة التنفيذ أي دليل غيره لكي يقنعها بالقيام بالتنفيذ حتى لو كان له حق موضوعي ولكن غير ثابت بسند تنفيذي.
  2. أن السندات التنفيذية قد وردت في القانون على سبيل الحصر.
  3. أن السند التنفيذي كاف لبدء إجراءات التنفيذ والاستمرار فيه حتى النهاية؛ متى توافرت فيه الشروط القانونية، ما لم تثر منازعة في التنفيذ.

ويجب توافر السند التنفيذي وفق الشروط القانونية عند البدء في التنفيذ الجبري، فلا عبرة بتوافره بعد البدء بالتنفيذ، فلو بدأ التنفيذ وكان أحد شروط السند التنفيذي غير متوافر، فإن التنفيذ يكون باطلا؛ ولا يصححه توافر هذه الشروط بعد ذلك أثناء إجراءات التنفيذ.

ونبين في هذا المطلب ماهية السند التنفيذي في مطلب أول، وأنواع السند التنفيذي في مطلب ثان.

المطلب الأول

ماهية السند التنفيذي

تنص المادة (8/1) من قانون التنفيذ على أنه (لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحقوق مؤكدة في وجودها ومحددة في أطرافها ومعينة في مقدارها وحالة الأداء) وعددت الفقرة الثانية منها الأسناد التنفيذية، حيث اعتمد المشرع الفلسطيني المفهوم الواسع للسندات التنفيذية فلم يقصرها على الأحكام والقرارات القضائية، وإنما شمل السندات الرسمية والعرفية والأوراق التجارية القابلة للتداول.

لذلك نبين المقصود بالسند التنفيذي والشروط الواجب توافرها فيه وخصائصه فيما يلي:

الفرع الأول
المقصود بالسند التنفيذي

السند التنفيذي مصطلح قانوني ورد في قانون التنفيذ للدلالة على السند الذي يجوز للدائن بموجبه التنفيذ الجبري على أموال مدينه، تطلب المشرع فيه شروطا معينة إذا توافرت أصبح لازما على جهة التنفيذ إجبار المدين على الأداء المطلوب، فالقاعدة المستقرة أنه لا تنفيذ دون سند تنفيذي.

وقد اختلف الفقه حول المقصود بهذا السند.

فعرفه بعضهم بأنه: عمل قانوني يتخذ شكلا معينا يتضمن تأكيدا لحق الدائن الذي يريد الاقتضاء الجبري. (5) غير أن هذا التعريف لا يتضمن أهم عناصر السند التنفيذي وهو أنه حاسم لكل نزاع سابق حول موضوع الحق وصفة السند.

وعرفه آخرون بأنه: عمل قانوني يفترض فيه حسم كل نزاع سابق حول موضوع الحق وصفة السند يحتم على السلطة العامة اقتضاء الحق الوارد فيه. (6) وهذا التعريف تضمن صفة الإجبار للسلطة العامة على اقتضاء الحق الوارد في السند، غير أنه لم يبين ما إذا كان ذلك من تلقاء ذاتها أم بناء على طلب.

لذلك عرفه غيرهم بأنه: عمل قانوني محدد مكتوب صادر وفقا للأوضاع القانونية، يتضمن حقا مؤكدا في وجوده معينا في مقداره حال الأداء، لطرف قبل الآخر، يفترض فيه حسم كل نزاع سابق على صدوره حول الحق الثابت فيه وحول صفته، يحتم على الجهة المختصة عند الطلب منها اقتضاء الحق الوارد فيه جبرا عن المدين. (7)

وهذا التعريف الأخير أكثر شمولا ودقة.

الفرع الثاني
الشروط الواجب توافرها في السند التنفيذي

حتى يعتبر السند سندا تنفيذيا يجب أن تتوافر فيه الشروط التالية:

  1. السند التنفيذي من الأعمال القانونية المحددة بنص القانون، فلا يعتبر سندا تنفيذيا إلا ما ورد ذكره في المواد 8/2 و27 و36 و38 و39 من قانون التنفيذ التي حددت السندات التنفيذية على سبيل الحصر. لذلك لا يجوز القياس عليها لإدخال سندات أخرى، كما لا يجوز الاتفاق على اعتبار أي عمل آخر مهما كان سندا تنفيذيا؛ لأن النصوص المنظمة والمحددة للسندات التنفيذية من القواعد المتعلقة بالنظام العام كونها من قواعد التنظيم القضائي. لذلك لا تعتبر فواتير الكهرباء والماء سندات تنفيذية لأن القانون لم يعطها هذه الصفة.
  2. أن يكون مكتوبا وصادرا وفقا للأوضاع المقررة في القانون، فما ليس مكتوبا لا يعد سندا، ويجب أن يكون السند صادرا ممن يملك إصداره قانونا، وأن يصدر وفق الشكل المقرر في القانون؛ وذلك حسب نوع السند وجهة إصداره.
  3. أن يتضمن السند أداء محقق الوجود معين المقدار حال الأداء، فمحل هذا السند هو حق موضوعي مستوف للشروط التي تجيز طلب تنفيذه جبرا.
  4. أن يكون حاسما لكل نزاع سابق على صدوره، سواء كان النزاع حول الحق الموضوعي الثابت في السند، أم حول صفة السند من حيث الصحة والبطلان.
  5. ألا يكون مر عليه الزمان، وتختلف مدة مرور الزمن باختلاف نوع السند، فالأحكام والسندات الرسمية تتقادم بمرور خمسة عشر سنة على صدورها، أما السندات العرفية فتختلف باختلاف الحقوق الثابتة فيها، ما بين ورقة تجارية وبين سند عادي. كما تختلف باختلاف الشخص الذي يطلب منه أداء الحق الثابت فيها؛ وما إذا كان مدينا أصليا أم مظهرا أو كفيل طبقا لما قررته المادة 28 من قانون التنفيذ. فإذا مر الزمن على السند زالت عنه صفته التنفيذية ولا يعود صالحا للتنفيذ بموجبه.
  6. أن يكون مشتملا على الصيغة التنفيذية.
الفرع الثالث
خصائص السند التنفيذي

يختص السند التنفيذي بمجموعة من الخصائص تميزه عن غيره من السندات وهي:

  1. أنه عمل قانوني شكلي، أي أنه عمل مكتوب بشكل معين، فالقانون يتطلب لكي يرتب السند التنفيذي آثاره، أن يتضمن بيانات تختلف باختلاف نوع السند؛ من حيث أطرافه؛ والحق الثابت فيه، وتاريخه. فإذا كان السند رسميا يجب أن يتضمن بالإضافة إلى ذلك بيانا بالجهة الصادر عنها، وتوقيع وختم الموظف المختص بإصداره. أما إذا كان السند عرفيا فيجب أن يكون الحق الثابت فيه عبارة عن أداء مبلغ من النقود، فلا يعتبر السند العرفي المتضمن أداء غير النقود سندا تنفيذيا.
  2. أنه حجة في كل ما ورد فيه، وهذه الحجية تختلف باختلاف نوع السند، فإذا كان رسميا تكون له حجية مطلقة في كل ما ورد فيه من بيانات وما تضمنه من حق، ولا يقبل الطعن فيه إلا بالتزوير. أما إذا كان عرفيا فتكون له حجية نسبية بين أطرافه ومن وقع عليه، ولكن يجوز إثبات عكس الوارد فيه أو إنكار الحق الثابت فيه لوقوع الصورية مثلا؛ أو لوقوع محرره تحت تأثير أحد عيوب الرضا، أو الادعاء بالوفاء بالحق الثابت فيه.
  3. أنه مفترض ضروري للتنفيذ، أي أنه لا يجوز الطلب من دائرة التنفيذ اقتضاء حق لصاحب الشأن دون أن يكون بحوزته سند تنفيذي. فالسند التنفيذي هو الوسيلة الوحيدة المؤكدة لطلب الدائن اقتضاء حقه جبرا عن المدين. فلا يقبل من الدائن أي وسيلة أخرى للتنفيذ بموجبها وإلا كان التنفيذ باطلا. فالقانون بالنسبة للتنفيذ لا يعتد بوجود الحق الموضوعي في الواقع، بل بوجوده ضمن سند تنفيذي يؤكده.
  4. أنه كاف بذاته للتنفيذ الجبري، فالسند التنفيذي له قوته الذاتية التي لا يحتاج معها إلى شيء خارج عنه لتوضيح أو إكمال ما يتضمنه. فإذا احتاج إلى محرر آخر لتوضيح أو إكمال ما فيه يفقد كفايته الذاتية وبالتالي يخرج من عداد السندات التنفيذية.
  5. أنه مؤكد للحق الموضوعي الثابت فيه، فوجود السند التنفيذي يعني وجود الحق دون الحاجة إلى إثبات، فالمشرع جعل للسند المتوافرة شروطه من القوة ما يجعل المجادلة حول موضوعه أمرا صعبا. غير أن ذلك ينطبق على الأحكام والقرارات والأوامر القضائية والسندات الرسمية، في حين قد لا يتوفر في السندات العرفية. (8)

المطلب الثاني

أنواع السندات التنفيذية

حصر المشرع السندات التنفيذية فيما أورده في المواد 8/2 و27 و36 و38 و39 من قانون التنفيذ، ويتبين من هذه النصوص أن السندات التنفيذية قسمان: الأول سندات وطنية، والثاني سندات أجنبية. ونتناول كل قسم على التوالي.

الفرع الأول
السندات التنفيذية الوطنية

تنقسم السندات التنفيذية الوطنية إلى سندات قضائية، وسندات غير قضائية.

الغصن الأول
السندات التنفيذية القضائية

السندات القضائية هي السندات التي يصدرها القضاء، سواء كان قضاء عاما أم خاصا؛ بما يملك من سلطة الفصل في النزاعات أو بما له من سلطة ولائية. وهي تنحصر في: الأحكام، والأوامر والقرارات، ومحاضر التسوية والصلح التي تصدق عليها المحاكم، وقرارات المحكمين. ونتناول كل نوع منها على التوالي.

أولا: الأحكام

الحكم كسند تنفيذي هو القرار الحاسم الصادر من محكمة مختصة بما لها من سلطة قضائية، في منازعة أقيمت لديها وفق القانون يتضمن أداء معينا لشخص قِبَل آخر، ويتطلب تنفيذه استعمال القوة الجبرية. والأحكام التي تنفذ وفق المادة (8) من قانون التنفيذ هي الأحكام الصادرة عن المحاكم النظامية والشرعية وأحكام المحاكم الجزائية المتعلقة بالحقوق الشخصية. (9)

ويعد الحكم القضائي عنوان الحقيقة وحجة فيما قضى به، لذلك فهو أقوى السندات التنفيذية حجية في التنفيذ لأنه يصدر بعد محاكمة ويحسم كل نزاع حول الحق، ويحوز حجية الأمر المقضي، ويتضمن تأكيدا تاما لوجود حق الدائن وإلزام المدين الوفاء به. (10)

ونبين فيما يلي شروط اعتبار الحكم سندا تنفيذيا، ثم التنفيذ العادي للأحكام، ثم التنفيذ المعجل للأحكام، على التوالي.

  1. شروط اعتبار الحكم سندا تنفيذيا

لا يكفي أن يكون الحكم صادرا من محكمة مختصة في نزاع، بل يشترط لاعتباره سندا تنفيذيا الشروط التالية:

  1. أن يكون الحكم نهائيا: حيث نصت المادة (19) من قانون التنفيذ على ” 1- لا يجوز التنفيذ الجبري للأحكام ….. ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزا…). وعلة هذا الشرط هي أن الحكم النهائي قد وصل إلى درجة الاستقرار والتثبت من الإلزام فيه على نحو يمكن أن يجعل التنفيذ الذي يجري بموجبه مستقرا. (11)

فالحكم النهائي هو الحكم الذي لا يقبل الطعن فيه بالاستئناف كقاعدة وهو يكون كذلك في الحالات التالية:

  1. إذا صدر في حدود النصاب النهائي لمحكمة الصلح وفق نص المادة 39/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.
  2. إذا صدر الحكم الابتدائي من محكمة الدرجة الأولى وفوت المحكوم عليه ميعاد الطعن بالاستئناف وفق المادة (205) من القانون المذكور.
  3. إذا تم الطعن في الحكم بالاستئناف، ثم انقضت الخصومة سواء بقبول ترك الاستئناف أو سقوط الخصومة قانونا وفق المادة (132) من قانون الأصول.
  4. الأحكام الصادرة من محاكم البداية بصفتها الاستئنافية ومن محاكم الاستئناف وفق المادة (225) من قانون الأصول المدنية.
  5. أن يكون من أحكام الإلزام: وهو الحكم الذي يقرر أو يؤكد حقا لأحد الخصوم؛ ويلزم الخصم الآخر بأدائه، أو هو الحكم الذي يتضمن إلزام أحد الخصوم بأداء معين إلى الخصم الآخر. مثال ذلك الحكم بإلزام المستأجر بدفع الأجرة أو برد العين للمؤجر، والحكم على المسئول بدفع التعويض. (10) حيث نصت المادة (8/1) من قانون التنفيذ على أنه (لا يجوز التنفيذ إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحقوق…) ولذلك فإن الحكم الذي لا يتضمن حقا للمحكوم له والتزاما على المحكوم عليه لا يعتبر سندا تنفيذيا.

أما الأحكام المقررة أو المنشئة فلا تعد سندا تنفيذياولكنها تفيد الخصوم في الاستناد إليها في رد الدعاوى التي توجه ضدهم. وعلى ذلك إذا تضمن الحكم إلزاما في شق منه وتقريرا أو إنشاء في شق آخر، ففي هذه الحالة ينفذ جبرا في الشق الأول. مثال ذلك الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع مع إلزام المدعى عليه بالمصاريف، يعتبر سندا تنفيذيا فقط فيما يتعلق بالمصاريف المحكوم بها وليس فيما يتعلق بصحة ونفاذ عقد البيع.

وقد استثنى المشرعبعض القرارات الكاشفة والمنشئةالتي يتخذها القاضي أثناء نظر الدعوى وأعطاها قوة تنفيذية كما في تقرير نفقة مؤقتة للزوجة وذلك لاعتبارات إنسانية.

  1. أن يكون الحكم قد صدر وفق قواعد الاختصاص النوعي والوظيفي للمحكمة: لأن قواعد الاختصاص هذه من النظام العام ومخالفة هذه القواعد تؤدي إلى بطلان الحكم وكأنه لم يكن.
  2. أن يكون الحكم قد صدر وفق الإجراءات التي حددها قانون أصول المحاكمات المدنيةوالتجارية والتي توجب أن يكون الحكم قد تضمن اسم المحكمة التي أصدرت الحكم وتاريخ إصداره وأسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره، وأسماء الخصوم، وأن يتضمن الحكم أسبابه ومنطوقه.
  3. أن لا يكون الحكم المطلوب تنفيذه غامضا يتعذر على دائرة التنفيذ القيام بتنفيذه.
  4. أن لا يكون الحكم مستحيل التنفيذ، لأن الحكم بالمستحيل لا يمكن تنفيذه، كما لو تضمن الحكم تسليم طفل ثبت وفاته وقت إيداع الحكم للتنفيذ.
  5. ألا يكون قد مر الزمان على الحكم: حيث نصت المادة (166/1) من قانون التنفيذ على أنه (تكون الأحكام قابلة للتنفيذ خلال خمس عشرة سنة من اليوم الذي صدرت فيه). وعلى ذلك إذا انقضت المدة المذكورة دون قيام المحكوم له بطلب تنفيذ الحكم سقطت الصفة التنفيذية عنه، ما لم يكن هناك عذر شرعي يقطع المدة، شرط أن يثبت المحكوم له وجود هذا العذر أمام المحكمة المختصة عملا بالمادة (168) من قانون التنفيذ.

الصورة التنفيذية للحكم:

لا يجوز تنفيذ الحكم القضائي إلا إذا كان مشتملا على الصيغة التنفيذية، فهذه الصيغة هي التي تفيد أن الحكم أصبح نهائيا وقابلا للتنفيذ.

وتختلف الصورة التنفيذية عن مسودة الحكم، وعن نسخة الحكم الأصلية، وعن الصورة البسيطة للحكم.

فالمسودة هي الورقة التي يكتب عليها الحكم وتشتمل على منطوقه وأسبابه ويوقع عليها القضاة الذين اشتركوا في إصداره، وعادة ما تكون محررة بخط يد القاضي الذي صاغ الأسباب، وقد تحتوي على شطب أو إضافات ولا يؤثر ذلك فيها. لذلك أوجبت المادتان 172 و173 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية أن تودع مسودة الحكم في ملف الدعوى، ولا تعطى منها صورة ولكن يجوز للخصوم الاطلاع عليها إلى حين إتمام نسخته الأصلية.

ونسخة الحكم الأصلية هي النسخة التي تشمل وقائع الدعوى والأسباب والمنطوق وتوقع من رئيس الهيئة والكاتب وتحفظ في الملف. (المادة 176 أصول).

أما الصورة البسيطة فهي صورة طبق الأصل من نسخة الحكم الأصلية، وهي تعطى لأي شخص يطلبها ولو لم يكن له شأن في الدعوى بعد دفع الرسم المستحق (المادة 177 أصول)

أما صورة الحكم التنفيذية فهي صورة من نسخة الحكم الأصلية تختم بخاتم المحكمة وتوقع من رئيس قلم المحكمة بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية (المادة 181 أصول).

القواعد المنظمة لتسليم الصورة التنفيذية:

  1. لا تسلم الصورة التنفيذية إلا لخصم من الخصوم الماثلين في الدعوى، فلا يجوز تسليم الصورة التنفيذية لغير الخصوم في الدعوى، ولذلك لا تسلم لدائن متضامن أو كفيل لم يكن طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم.
  2. لا تسلم الصورة التنفيذية للحكم إلا للخصم المحكوم لصالحه، فلا يجوز تسليم المحكوم عليه صورة تنفيذية من الحكم إلا إذا كان الحكم متضمنا إلزام كل من الخصمين بأمر، كما في دعوى الشفعة حيث يقضي فيها الحكم بالشفعة وتسليم العقار للشفيع مقابل الثمن والملحقات، وكذلك الحكم بصحة التعاقد في مقابل دفع الثمن المتفق عليه في العقد في المواعيد المنصوص عليها. (12)

ويجوز إعطاء صورة تنفيذية لخلف الخصم المحكوم لصالحه، بشرط ألا يكون السلف قد حصل على صورة تنفيذية. فإذا كان السلف قد حصل على صورة تنفيذية لا يجوز تسليم السلف صورة أخرى؛ حتى لو لم يكن السلف قد استعمل الصورة التي حصل عليها، لأن وجود صورتين تنفيذيتين صالحتين بالنسبة لنفس الخلف يؤدي إلى إمكان تكرار التنفيذ، بل يستطيع الخلف أن يستعمل الصورة التي كان السلف قد حصل عليها.

ويلاحظ أنه لا عبرة بتعدد المحكوم عليهم، إذ تكفي صورة واحدة فقط ينفذ بها عليهم كل فيما يخصه، ولا تتعدد الصورة التنفيذية بتعدد المحكوم عليهم. أما إذا تعدد الأشخاص المحكوم لهم، بأن كان المحكوم له أكثر من شخص، فيجوز تسليم صورة تنفيذية لكل منهم.

  1. أن تسلم صورة تنفيذية واحدة فقط للخصم الواحد، فلا يجوز تسليم الخصم أكثر من صورة تنفيذية واحدة منعا للتلاعب بالتنفيذ أكثر من مرّة، ومنعا لمجال الغش واستخدام الحكم بعد استنفاذه لقوته التنفيذية. (13) فإذا ضاعت الصورة التنفيذية للحكم أو تلفت، لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية للمحكوم له إلا في حالة التثبت من فقدان الصورة الأولى أو تلفها (المادة 182 أصول). ولم يبين النص كيفية التثبت، بينما نصت المادة 183 من قانون المرافعات المصري على أنه (تحكم المحكمة التي أصدرت الحكم في المنازعات المتعلقة بتسليم الصورة التنفيذية الثانية عند ضياع الأولى بناء على صحيفة تعلن من أحد الخصوم إلى خصمه الآخر). أي أنه يجب رفع دعوى بالإجراءات المعتادة للمطالبة بتسليم صورة ثانية أمام المحكمة التي أصدرت الحكم. ويقع على الخصم الذي يطلب الصورة الثانية عبء إثبات واقعة فقد أو هلاك الصورة الأولى، وله أن يثبت ذلك بكافة طرق الإثبات لأنها واقعة مادية.
  2. أن يكون الحكم جائزا تنفيذه جبرا، فإذا كان الحكم ابتدائيا غير مشمول بالنفاذ المعجل، أو كان حكما منشئا أو تقريريا لا يتضمن إلزاما بأداء معين، كالحكم بمجرد صحة السند المدعى بتزويره، أو الصادر بعدم الاختصاص، لا يجوز تسليم صورة تنفيذية منه.
  1. التنفيذ العادي للأحكام

إذا توافرت الشروط السابق ذكرها في الحكم كان التنفيذ بموجبه جائزا وفقا للسير العادي للأمور، وبالإجراءات الطبيعية والمعتادة للتنفيذ، أي تنفيذه تنفيذا عاديا. ولكن السؤال هنا هو ما أثر الطعن في الحكم على التنفيذ؟

أثر الطعن بالاستئناف على التنفيذ:

الطعن بالاستئناف لا يكون إلا للأحكام الابتدائية، لذلك نصت المادة (19/1) من قانون التنفيذ على عدم جواز تنفيذ الأحكام التي تقبل الطعن بالاستئناف. وهذه القاعدة تشمل جميع الأحكام التي تقبل الاستئناف سواء كانت أحكام ابتدائية قابلة للاستئناف وفق المادة (201) أو مستعجلة يجوز استئنافها وفق المادة (202)، أو الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم الصلح التي يجوز استئنافها وفق المادتين (203 و204) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.

غير أن الذي يثير التساؤل هو أن المادة (211/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية قد نصت على أنه (يترتب على تقديم الاستئناف وقف تنفيذ الحكم أو القرار المستأنف لحين الفصل فيه ما لم يكن النفاذ المعجل منصوصا عليه في القانون أو مأمورا به في الحكم أو القرار). فهذا النص يوحي بجواز تنفيذ الحكم الابتدائي القابل للاستئناف لأنه لا يوقف تنفيذ إلا ما يجوز تنفيذه.

غير أن هذا الفهم لهذا النص يتعارض مع نص المادة (19/1) من قانون التنفيذ التي تنص على أنه (لا يجوز التنفيذ الجبري للأحكام …. ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزا إلا إذا كان التنفيذ المعجل منصوصا عليه في القانون أو مشمولا في الحكم …).

لذلك يمكن القول بأن نص المادة (19/1) من قانون التنفيذ قد ألغى حكم المادة (211/1) من قانون أصول المحاكمات، لأن قانون التنفيذ لاحق في صدوره على قانون الأصول، ومن المعلوم أن النص اللاحق يلغي حكم النص السابق الذي يتعارض معه، وقد أكد المشرع ذلك في المادة (171/10) من قانون التنفيذ التي نصت على أنه ( يلغى العمل …. 10- جميع النصوص التي تتعارض مع أحكام هذا القانون والتي وردت في أي قوانين أخرى كانت سارية قبل نفاذه.

أثر الطعن بطريق غير عادي على التنفيذ:

طرق الطعن غير العادية هي الطعن بالنقض، واعتراض الغير، وإعادة المحاكمة.

ولا تعد محكمة النقض درجة من درجات التقاضي، وإنما تقتصر أسباب الطعن أمامها على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، أي أنها محكمة قانون لا محكمة وقائع. لذلك نصت المادة 240 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على أن (الطعن بطريق النقض لا يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك بكفالة أو بدونها بناء على طلب الطاعن).

وكذلك نصت المادة 247 من القانون المذكور على أنه (لا يترتب على تقديم اعتراض الغير وقف تنفيذ الحكم المعترض عليه، ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك بناء على طلب المعترض متى كان في مواصلة تنفيذه ضرر جسيم بكفالة أو بدونها). كما نصت المادة 255 منه على أنه (لا يترتب على تقديم الطعن بإعادة المحاكمة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك بكفالة أو بدومها).

ويتبين من هذه النصوص أن الأصل أنه لا يترتب على الطعن في الحكم بطريق غير عادي وقف تنفيذه، وأنه استثناء من هذا الأصل يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه أمامها. فوقف التنفيذ لا يترتب على مجرد الطعن في الحكم وإنما هو لا يتقرر إلا بصدور الحكم به؛ إذا توافرت شروط معينة.

ولم تحدد المادتان 240 و255 الشروط الواجب توافرها لقبول طلب وقف التنفيذ، تاركة ذلك لتقدير المحكمة في حين اشترطت المادة 247 أن يكون في مواصلة الحكم ضرر جسيم. غير أننا نرى أنه يشترط لذلك ذات الشروط الواردة في المادة (26) من قانون التنفيذ، وهي:

  1. أن يكون وقف التنفيذ بناء على طلب الطاعن في لائحة الطعن أو في طلب مستقل،(14) فلا تأمر المحكمة بوقف التنفيذ من تلقاء ذاتها وإنما بناء على طلب الطاعن. كما أنه لا يقبل طلب وقف التنفيذ من الخصم الذي لم يطعن في الحكم.
  2. أن يقدم الطلب قبل تمام التنفيذ، فإذا تم تنفيذ الحكم فعلا قبل تقديم الطلب لا يقبل الطلب لأنه يقع على غير محل وما تم تنفيذه لا يمكن وقفه. أما إذا تم التنفيذ بالنسبة لشق أو جزء من الحكم فقط قبل تقديم الطلب فإن هذا الطلب ينصب على الجزء من الحكم الذي لم يتم تنفيذه. (15)

ولكن ما الحكم إذا تم تنفيذ الحكم بعد تاريخ تقديم طلب وقف التنفيذ وقبل أن تقرر محكمة النقض في الطلب؟

وفي الإجابة على هذا السؤال نصت المادة 251/2 من قانون المرافعات المصري على أنه (ينسحب الأمر الصادر بوقف تنفيذ الحكم على إجراءات التنفيذ التي اتخذها المحكوم له بناء على الحكم المطعون فيه من تاريخ طلب وقف التنفيذ). ونرى الأخذ بهذا الحكم في القانون الفلسطيني رغم عدم وجود نص مماثل في قانون التنفيذ.

  1. تحقق الخشية من وقوع ضرر جسيم من التنفيذ يتعذر تداركه. وقد نصت على هذا الشرط المادة 251 من قانون المرافعات المصري. وهو شرط ضروري رغم عدم النص عليه في المادة 240 من قانون أصول المحاكمات الفلسطيني. وهذا الشرط يتطلب توافر عنصرين معا، الأول أن يكون الضرر المحتمل من التنفيذ جسيما، والثاني أن يتعذر تدارك هذا الضرر. ولمحكمة الطعن غير العادي السلطة التقديرية الكاملة في استظهار الخشية من الضرر ومدى جسامته ومدى تعذر تداركه.

ويرى البعض أن الملاءة من أهم العناصر التي تبحث في موضوع الضرر الجسيم المتعذر تداركه، فالطاعن يجتهد في إثبات عدم ملاءة خصمه المطعون ضده، بينما يجتهد المطعون ضده في إثبات ملاءته لتجنب الحكم بوقف التنفيذ. (16) ولكن هناك حالات تتحقق فيها خشية الضرر الجسيم المتعذر تداركه بصرف النظر عن ملاءة المطعون ضده، ومثال ذلك حالة الحكم بإخلاء المأجور أو بهدم العقار أو بغلق المحل.(17)

أما تعذر تدارك الضرر فإنه يعني صعوبة إعادة الحال إلى ما كان عليه صعوبة كبيرة. (18) ولا يشترط أن تكون إعادة الحال إلى ما كان عليه مستحيلة؛ بل يكفي أن تكون صعبة ومرهقة. (19) مثل تنفيذ حكم إخلاء عقار يشغله محل تجاري ويصعب العثور على مكان آخر مناسب له، أو حكم هدم منزل، وتنفيذ حكم بمبلغ نقدي لصالح شخص معسر، وكل ذلك يخضع لتقدير المحكمة.

ويشترط أن يكون الضرر الذي يستند إليه الطاعن في طلب وقف التنفيذ متحققا وقت الحكم بالوقف، ولا يشترط أن يكون قائما وقت تقديم الطلب. فلو أفلس المطعون ضده مثلا بعد تقديم الطلب وقبل الحكم فيه؛ وجب الحكم بوقف التنفيذ ولو كان المطعون ضده وقت تقديم الطلب موسرا. والعكس لو كان معسرا وقت تقديم الطلب ثم استحدث له ثروة قبل الحكم في الطلب فأصبح موسرا يمكن الرجوع عليه بقيمة المبلغ المحكوم به في حالة نقض الحكم، فعندئذ لا يكون هناك محل لوقف التنفيذ ما لم تر المحكمة الوقف لاعتبارات أخرى غير ملاءة المطعون ضده.

ويلاحظ أنه لا يشترط تحقق الضرر الجسيم المتعذر تداركه بالفعل؛ أو أن يكون مؤكدا، بل يكفي أن يكون هناك احتمال قوي لوقوعه، وهو ما عبرت عنه المادة 251 مرافعات مصري بالخشية من وقوع الضرر، فمجرد الخشية من وقوع الضرر الجسيم المتعذر تداركه تكفي للحكم بوقف التنفيذ.

  1. ترجيح إلغاء الحكم: ويقصد بذلك أن تكون أسباب الطعن جديّة بحيث تستطيع المحكمة أن تستشف منها احتمال إلغاء الحكم عند الفصل فيه. وتوافر جدية أسباب الطعن يدخل ضمن عناصر تقدير المحكمة فلها أن ترفض وقف التنفيذ رغم توافر الشروط الأخرى إذا استشفت من هذه الأسباب ما يرجح عدم قبول الطعن أو رفضه.

إجراءات وقف التنفيذ أمام محكمة النقض:

يقدم طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه في لائحة الطعن بالنقض أو في طلب مستقل مرفق بها. ويقدم الطلب إلى الهيئة التي تنظر الطعن بالنقض، وتنظر الهيئة الطلب تدقيقا فلا يشترط حضور الخصوم، وتصدر قرارها بأغلبية آراء أعضاء الهيئة، وإذا حكمت المحكمة بالوقف فإن لها أن توجب تقديم كفالة وأن تحدد نوع الكفالة وقيمتها، أو تأمر بما تراه كفيلا بصيانة حق المطعون ضده إذا صدر الحكم في الطعن الأصلي لصالحه؛ كأن تأمر بإيداع المبلغ المحكوم به أو ما يتحصل من التنفيذ أولا بأول في خزانة المحكمة، أو تسليم الشيء المتنازع عليه إلى حارس لحين الفصل في النزاع نهائيا. كما قد تقرر المحكمة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه جزئيا كالحكم بوقف تنفيذ قسط من الدين المحكوم به بالنسبة لبعض الخصوم دون بعضهم الآخر إذا كان القضاء الوارد في الحكم المطعون فيه يقبل التجزئة من حيث وقف تنفيذه بالنسبة لبعض الخصوم دون بعضهم الآخر وفقا لتقدير المحكمة. وقد تقرر المحكمة وقف التنفيذ دون كفالة إذ لها في ذلك سلطة تقديرية كاملة.

والحكم بوقف التنفيذ هو حكم وقتي لا يقيد المحكمة عند الفصل في موضوع الطعن، فلها أن تحكم بعدم قبول الطعن أو برفضه رغم سبق حكمها بوقف التنفيذ، كما أن لها أن تقبل الطعن وتنقض الحكم المطعون فيه رغم سبق رفضها طلب وقف التنفيذ. (20)

جواز الجمع بين الإشكال وطلب وقف التنفيذ في النقض:

يجوز الجمع بين الإشكال وطلب وقف التنفيذ في النقض، فاختصاص محكمة النقض بوقف التنفيذ في حالة الخشية من الضرر الجسيم المتعذر تداركه، لا يمنع من الاستشكال في تنفيذ الحكم أمام قاضي التنفيذ بصفته قاضيا للأمور المستعجلة.

فيجوز للطاعن أن يطلب من محكمة النقض وقف تنفيذ الحكم وفي ذات الوقت تقديم إشكال في تنفيذ ذات الحكم، وإذا صدر حكم النقض برفض طلب وقف التنفيذ فإن ذلك لا يحول دون صدور حكم من قاضي التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة بوقف التنفيذ في إشكال يتعلق بذات الحكم؛ إذا ما بني على أساس آخر غير الخشية من وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه. ولكن إذا صدر حكم قاضي التنفيذ برفض الإشكال ثم صدر حكم محكمة النقض بوقف التنفيذ، فإن حكم محكمة النقض يَجُبّ حكم قاضي التنفيذ.

حالة تقديم أكثر من طعن بالنقض في حكم واحد وتعدد طلبات وقف تنفيذ ذات الحكم:

إذا تعدد الطعن في حكم واحد لدى محكمة النقض، يجوز أن تتعدد طلبات وقف التنفيذ، ولكن إذا قضت المحكمة برفض أحدها فإن ذلك يعد مانعا من إعادة نظر طلب آخر لوقف التنفيذ لذات أسباب ومبررات الطلب الأول، أما إذا كان الطعن الثاني يتضمن أسبابا غير أسباب الطعن الأول الذي قضي فيه برفض التنفيذ، فإن الطلب الثاني يكون جائزا. (21)

  1. التنفيذ المعجل للأحكام

ذكرنا سابقا أن القاعدة في تنفيذ أحكام الإلزام أنه لا يجوز تنفيذها جبرا إلا إذا كانت أحكاما نهائية لا يجوز الطعن فيها بالاستئناف. غير أن المشرع أورد استثناء على هذه القاعدة في المادة 19 من قانون التنفيذ مؤداه جواز تنفيذ الأحكام غير النهائية إذا كان التنفيذ المعجل منصوصا عليه في القانون أو مشمولا في الحكم أو القرار القضائي.

وقد أجاز المشرع هذا الاستثناء لاعتبارات رآها جديرة بتقريره، من ذلك وجود حالات يكون فيها سند المحكوم له قويا بحيث يرجح معه احتمال تأييد الحكم إذا طعن فيه، أو أن موضوع الدعوى مستعجلا مما يتعين تنفيذ الحكم فيه فورا وإلا فات الغرض الذي قصده المشرع من طرح الموضوع بصفته المستعجلة على القضاء، أو أن المحكوم له ممن رعاهم المشرع رعاية خاصة تتطلب التعجيل بحصولهم على حقهم تحقيقا لهذه الرعاية.(22)

وقد راعى المشرع في هذه الحالات التوفيق بين مصلحة المحكوم له في تنفيذ الحكم الصادر لمصلحته دون انتظار أن يصبح نهائيا، ومصلحة المحكوم عليه في عدم تنفيذ الحكم ضده إلا إذا استقر وأصبح غير قابل للطعن فيه، فحرص على تحديد حالات التنفيذ المعجل وتنظيمها، سواء في حالات النفاذ المعجل بقوة القانون، أم النفاذ المعجل القضائي.

حالات التنفيذ المعجل بقوة القانون: (23)

يكون الحكم قابلا للتنفيذ الجبري بمجرد صدوره دون حاجة لأن تصرح المحكمة به في حكمها ودون حاجة لأن يطلبه الخصم من المحكمة، في إحدى الحالات التالية:

  1. الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة إذا كانت تتضمن أداء أو منفعة للمحكوم له يتطلب الحصول عليها تنفيذها جبرا، لأن التأخير في تنفيذها يتعارض مع ما قرره المشرع من إجراءات وقواعد خاصة مراعاة لظروف الاستعجال، ويكون التنفيذ في هذه الحالة معجلا وبدون كفالة ما لم يتضمن الحكم أمرا بتقديم كفالة، وذلك عملا بالمادة (20) من قانون التنفيذ. فاشتراط الكفالة اختياري للمحكمة ويبنى على اعتبارات يستخلصها القاضي من ظروف الحالة المعروضة عليه، فإن وجد أن ضررا قد يصيب المحكوم عليه من التنفيذ المعجل يجوز له اشتراط الكفالة، وفي هذه الحالة يجب تقديمها قبل إجراء التنفيذ الجبري.

فالحكم المستعجل يستمد قوته التنفيذية من نص القانون مباشرة دون حاجة لطلب من الخصم لأنه بطبيعته لا يحتمل التأخير ولا جدوى من ورائه إذا لم ينفذ فورا. فصفة الاستعجال تبرر صدور هذا الحكم بإجراءات مختصرة كما تبرر تنفيذه سريعا. (24) كما أن الغالب أن المحكوم عليه لا يضار من تنفيذه لأنه يقضي بإجراء وقتي لا يمس أصل الحق المتنازع فيه.

ولم يتضمن نص هذه المادة ما يعد أمرا مستعجلا، لذلك يمكن اعتبار الأمثلة الآتية من الأمور المستعجلة الواردة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001:

  1. الأحكام الصادرة في حال الخشية من حدوث ضرر محتمل من فوات الوقت وفق المادة 102.
  2. الأحكام الصادرة بمنع المستدعى ضده من السفر عملا بالمادتين 111 و277.
  3. الحكم الصادر بإعادة توصيل المياه والكهرباء أو الخدمات لمن قطعت عنه عملا بالمادة 112.
  4. الحكم الصادر بإثبات الحالة بمعرفة مندوب المحكمة عند الخشية من ضياع معالم واقعة أو إحداث تغييرات من شأنها أن تمس مركز طالب إثبات الحالة ومنع المستدعى ضده من إجراء التغييرات لحين البت في الدعوى سواء قبل إقامة الدعوى أو أثناء نظرها عملا بالمادة 113 أصول مدنية.
  1. الأحكام القاضية بتسليم الصغير أو مشاهدته وفق المادة 21 من قانون التنفيذ.
  2. الحكم الصادر بأجرة الحضانة أو أجرة الرضاع أو أجرة المسكن للزوجة، أو النفقة للمطلقة وللأبناء والوالدين، وفق المادة 21 من قانون التنفيذ. وقد هدف المشرع من التنفيذ المعجل في هذه الحالات أن يحصل المحكوم له على ما يمكنه من مواجهة مطالب الحياة، لأن الغالب أن تكون المبالغ المحكوم بها هي مورد رزقه الوحيد.
  3. الأحكام الصادرة في المواد التجارية، ويقصد بالحكم الصادر في مادة تجارية؛ الحكم الصادر في الموضوع. والحكمة في إجازة التنفيذ المعجل في هذه الأحكام هي ما تقتضيه الثقة في المعاملات التجارية من تعجيل في الوفاء وسرعة في إجراءات الخصومة واقتضاء الحقوق،(25)

وعبارة المشرع في المادة (22) تتسع لتشمل كل حكم يصدر في مادة تجارية أيا كان مصدر الالتزام فيها؛ وأيا كان دليله عقدا أو غير عقد، وسواء كان موضوعه تنفيذ الالتزام الوارد في عقد تجاري أم فسخ العقد ورد ما قبض مع التعويض. ويرجع في تحديد تجارية المادة إلى نصوص قانون التجارة حسب التكييف القانوني الذي يعطيه القاضي لوقائع النزاع ويبينه في الحكم.(26)

ويتعين على القاضي في هذه الحالة إلزام المحكوم له بتقديم كفالة وفق المادة 22 من قانون التنفيذ. فالكفالة في هذه الحالة واجبة بقوة القانون شأنها شأن التنفيذ المعجل ذاته، فهي ليست اختيارية بل حتمية وهي تقترن دائما بالنفاذ المعجل ما لم يرد نص خاص بالمسائل التجارية في قوانين أخرى لا يستوجب كفالة فلا يحكم بها. مثال ذلك ما نصت عليه المادة (317/2) من قانون التجارة بأن الحكم الصادر بشهر الإفلاس معجل التنفيذ، فهذه المادة لم تشترط الكفالة، ولذلك لا يجوز للمحكمة أن تشترطها.

وحكمة وجوب الكفالة لتنفيذ الحكم الصادر في مادة تجارية المشمول بالتنفيذ المعجل، تكمن في أهمية الضمان بالنسبة للمعاملات التجارية، حيث وازن المشرع بين النفاذ الحتمي للحكم الصادر في المادة التجارية، وبين احتمال إلغاء هذا الحكم في الاستئناف فاشترط الكفالة كضمان لمواجهة هذا الاحتمال.

وعلى ذلك إذا توافرت إحدى هذه الحالات وقضت المحكمة صراحة بعدم إجازة تنفيذ الحكم معجلا؛ فإنها تكون قد أخطأت ويكون للمحكوم له أن يطعن في الحكم بسبب الخطأ في الوصف. أما إذا قررت المحكمة خطأ رفض تنفيذه معجلا، فرغم أن النفاذ المعجل هنا حاصل بقوة القانون؛ وأمر المشرع أجدر بالاحترام من خطأ المحكمة، فإن مأمور التنفيذ ليس له سلطة تقديرية ما إذا كانت المحكمة قد أخطأت أم لا، بل عليه أن يمتثل لما تحكم به المحكمة، وعلى الخصم أن يطعن في هذا القرار. (27)

حالات التنفيذ المعجل القضائي:

نصت المادة 23 من قانون التنفيذ على أنه (يجوز للمحكمة بناء على طلب ذي الشأن أن تأمر بشمول حكمها بالتنفيذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة إذا قدرت رجحان حق المحكوم له وكان يخشى من تأخير التنفيذ وقوع أضرار جسيمة بمصالحه).

ويتبين من هذا النص أن التنفيذ المعجل في هذه الحالة يكون بقرار من القاضي بناء على طلب الخصم المحكوم له بشمول الحكم بالنفاذ المعجل، إذا توافرت إحدى الحالات الواردة في المادة 23 المذكورة، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء ذاتها ولو توافرت إحدى هذه الحالات.

وإذا تقدم الخصم بطلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل، وجب على المحكمة أن تتأكد من توافر إحدى الحالات الواردة في المادة 23 من قانون التنفيذ، ولها سلطة تقديرية في قبول طلب الحكم بالتنفيذ المعجل أو رفضه، فإذا رأت تنفيذ الحكم تنفيذا معجلا عليها أن تنص على ذلك في الحكم، وإن لم تنص على شمول الحكم بالنفاذ المعجل فإن ذلك يعتبر رفضا ضمنيا للطلب.

ويستند القاضي في شموله الحكم بالتنفيذ المعجل إلى اعتبارين معا هما:

  1. قوة سند الحق المحكوم به وهو ما عبر عنه برجحان حق المحكوم له بما لا يحتمل معه إلغاء الحكم عند الطعن فيه بأي من طرق الطعن.
  2. حالة الاستعجال، وذلك بأن يخشى من أن يترتب على تأخير التنفيذ وقوع أضرار جسيمة بمصالح المحكوم له مقدم الطلب. فلا يكفي الضرر العادي لتبرير شمول الحكم بالنفاذ المعجل لأن تأخير تنفيذ الحكم يضر دائما بمصلحة المحكوم له؛ وإنما يجب أن يكون الضرر جسيما. وتقدير جسامة الضرر يعتبر مسألة نسبية تتوقف على الظروف الموضوعية والشخصية الملابسة، والتي يمكن أن يكون من صورها الحكم بإجراء الإصلاحات العاجلة أو برد الحيازة عند سلبها أو أن يكون المحكوم عليه مهددا بخطر الإعسار أو الإفلاس. (28)

وحالات النفاذ المعجل القضائي غير محصورة كما هو الحال بالنسبة لحالات النفاذ المعجل القانوني، بل جاء الحكم عاما بهدف تحقيق المرونة والتيسير في إعمال قواعد النفاذ المعجل وترك للقضاء في كل حالة تقدير مدى توافر الشروط وما إذا كان من الملائم شمولها أو عدم شمولها بالتنفيذ المعجل في ضوء المعيار المرن الذي قرره في هذه المادة وهو رجحان حق المحكوم له والخشية من وقوع ضرر جسيم بمصالح المحكوم له إذا تأخر التنفيذ. ويأخذ القاضي في اعتباره الموازنة بين ما يحتمل أن يصيب المحكوم له من ضرر بسبب تأخير التنفيذ وما يصيب المحكوم عليه من ضرر بسبب النفاذ المعجل ويوازن بين الطرفين.

ويخضع تقدير توافر الضرر الجسيم من عدمه لسلطة المحكمة التي تأمر بالتنفيذ، ولكن يجب على المحكمة أن تسبب حكمها تسبيبا كافيا بحيث تحدد بدقة الظروف الواقعية التي تبرر حدوث الضرر الجسيم، لذلك إذا اقتصرت المحكمة مثلا على القول بأنه (يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم) فإنها تكون قد استندت على أسباب عامة وغامضة لا تصلح لتسبيب أمرها بالتنفيذ المعجل.(29)

ومن الحالات التي يرجح فيها حق المحكوم له ويقل احتمال إلغاء الحكم إذا ما طعن فيه حالة منازعات التنفيذ الموضوعية، كما إذا كان الحكم صادرا لمصلحة طالب التنفيذ في منازعة متعلقة به. فإذا كان طالب التنفيذ قد شرع في التنفيذ بمقتضى سند تنفيذي جائز تنفيذه، سواء كان حكما أو غير حكم، ثم ثارت منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ من شأن إثارتها وقف التنفيذ، ثم حكم في هذه المنازعة لصالح طالب التنفيذ؛ فهذا الحكم يجوز شموله بالنفاذ المعجل وذلك بالاستمرار في التنفيذ السابق.

ومن أمثلة هذه الحالة؛ حالة الاعتراض الواردة في المادة (32) من قانون التنفيذ. فإذا اعترض المدين في الميعاد وأنكر الدين أو بعضه أو أنكر استمرار قيامه في ذمته، وكلف الدائن بمراجعة المحكمة المختصة لإثبات ما وقع الإنكار عليه، وتقرر وقف التنفيذ إلى أن يتم الفصل في دعوى الدائن؛ وحكم له بذلك، فإن هذا الحكم يجوز شموله بالنفاذ المعجل وذلك بالاستمرار في التنفيذ السابق.

والحكمة من جواز شمول الحكم الصادر في المنازعة الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ بالنفاذ المعجل في هذه الحالة هي تمكين طالب التنفيذ من تفادي الآثار المترتبة على مشاكسة خصمه الذي يسعى إلى وقف التنفيذ بإقامة عقبات غير جديّة في سبيله. (30) فإذا قضت المحكمة لصالح طالب التنفيذ كان لها أن تشمل حكمها بالنفاذ المعجل استجابة لطلبه إذا تبين لها أن خصمه قد أقام المنازعة بقصد الكيد والمشاكسة ووقف إجراءات التنفيذ، وبذلك تفسد المحكمة عليه سعيه وتمكن طالب التنفيذ من الاستمرار في إجراءاته. (31)

ومن الحالات الأخرى التي يرجح فيها حق المحكوم له ويجوز فيها الأمر بالنفاذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة، ما نصت عليه المادة 290 من قانون المرافعات المصري وهي:

  1. الأحكام الصادرة بأداء النفقات والأجور والمرتبات.
  2. إذا كان الحكم قد صدر تنفيذا لحكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي أو مشمول بالنفاذ المعجل بغير كفالة أو كان مبنيا على سند رسمي لم يطعن فيه بالتزوير وذلك متى كان المحكوم عليه خصما على الحكم السابق أو طرفا في السند.
  3. إذا كان المحكوم عليه قد أقر بنشأة الالتزام.
  4. إذا كان الحكم مبنيا على سند عرفي لم يجحده المحكوم عليه.

الكفالة المطلوبة:

الكفالة ضمان يقدمه طالب التنفيذ عند تنفيذ الحكم تنفيذا معجلا، بحيث يمكن إعادة الحال إلى ما كانت عليه إذا ما ألغت محكمة الاستئناف الحكم الذي جرى التنفيذ بموجبه نتيجة الطعن فيه. لذلك لا تقدم الكفالة إلا إذا شرع المحكوم له في تنفيذ الحكم معجلا، أما إذا انتظر حتى يصبح الحكم المشمول بالنفاذ المعجل مع الكفالة نهائيا، فإن تنفيذ الحكم يتم وفق القواعد العامة ولا يلتزم بتقديم الكفالة.(32)

نصت المادة 24 من قانون التنفيذ على أنه:

  1. في الأحوال التي لا يجوز فيها تنفيذ الحكم إلا بكفالة تتولى المحكمة تحديد نوع الكفالة ومقدار الكفالة، على أن تراعي كفايتها لإزالة آثار التنفيذ المعجل وإعادة الحال إلى ما كان عليه إذا تبين فيما بعد عدم الأحقية فيه وألغت محكمة الاستئناف الحكم محل التنفيذ.
  2. لا يجوز في هذه الأحوال البدء في التنفيذ المعجل إلا بعد تقديم الكفالة المأمور بها.

ونصت المادة 25 منه على أنه:

  1. إذا كانت الكفالة المأمور بها في الحكم هي إلزام المحكوم له بتقديم كفيل مقتدر، فإن الكفيل يلتزم بتحرير الكفالة، ويكون المحضر المشتمل على هذه الكفالة بمثابة سند تنفيذي قبل الكفيل.
  2. إذا كانت الكفالة هي تسليم الشيء المأمور بتسليمه في الحكم إلى حارس مقتدر، فإن الحارس يلتزم بأن يحرر في قلم المحكمة تعهدا بقبول الحراسة والالتزام بواجباتها.

ويتبين من هذين النصين أن الأصل في الكفالة أن تكون جوازية تخضع لسلطة القاضي التقديرية في الحكم بها أو عدم الحكم بها في كافة حالات التنفيذ المعجل. غير أن المشرع استثناء من هذا الأصل أوجب تقديم الكفالة في التنفيذ المعجل القانوني للأحكام الصادرة في المواد التجارية وفقا للمادة (22) من قانون التنفيذ، وبالتالي لا سلطة تقديرية للمحكمة في هذه الحالة بل يجب الحكم بها دائما.

كما أن هناك حالات أخرى لا يجوز الحكم فيها بالكفالة نصت عليها المادة (21) من قانون التنفيذ وهي تسليم الصغير أو رؤيته أو أجرة الحضانة أو الرضاع أو المسكن للزوجة أو النفقة للمطلقة وللأبناء أو الوالدين. والحكمة في ذلك هي عدم قدرة المحكوم له على تقديم الكفالة بحيث إذا أجبر على تقديمها قبل الشروع في التنفيذ لاستحال عليه القيام بالتنفيذ.

كما يتبين أن المشرع قد أعطى محكمة الموضوع سلطة تحديد مقدار الكفالة ونوعها في الحالات التي يتقرر فيها تقديم كفالة سواء بنص القانون أو بحكم المحكمة، على أن تراعي أن تكون الكفالة كافية لإزالة آثار التنفيذ المعجل وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ إذا ألغت محكمة الاستئناف الحكم محل التنفيذ.

طرق تنفيذ الكفالة:

يجوز للمحكمة عند إجراء التنفيذ المعجل أن تختار طريقا من طرق تقديم الكفالة التالية:

  1. أن يودع المحكوم له خزانة المحكمة المختصة بالتنفيذ مبلغا كافيا من النقود وتقدير هذا المبلغ متروك لسلطة المحكمة، ولا يشترط أن يكون مساويا لقيمة الحكم المنفذ به؛ بل أن يكون كافيا لتعويض الضرر الذي قد يصيب المحكوم عليه من جراء التنفيذ المعجل.
  2. أن يودع المتحصل من التنفيذ خزانة المحكمة، أو أن يتم تسليم الشيء إلى حارس مقتدر إذا كان الحكم صادرا بتسليم شيء.
  3. تقديم كفيل مقتدر، سواء كانت الكفالة نقدية أم عينية. وهذا الطريق ييسر على طالب التنفيذ ويمتاز عن غيره من الطرق في أنه يسمح للنقود بالتداول لتقوم بدورها الاقتصادي بدل تجميدها بالإيداع في خزانة المحكمة فترة من الزمن. ولا يشترط أن يكون الكفيل من أصحاب العقارات بل يكفي أن يكون مقتدرا على وجه العموم، والاقتدار يعني أن يكون موسرا وهو متروك لتقدير القاضي. وعليه أن يحرر الكفالة، ويعتبر محضر الكفالة سندا تنفيذيا قبل الكفيل لا يحتاج لتنفيذه صدور حكم بذلك عند الاقتضاء. وقد جرى العمل على تصديق الكفالة من الغرف التجارية للدلالة على أن الكفيل موسر.

ويترتب على عدم تقديم الكفالة المطلوبة أو عدم تقديمها بالصورة المقررة، عدم جواز البدء بالتنفيذ؛ وإذا بدأ يكون باطلا، بمعنى أن الكفالة شرط ابتداء وبقاء.

ويهدف نظام الكفالة في التنفيذ المعجل إلى إقامة التوازن بين مصلحة المحكوم له في التنفيذ السريع والفوري؛ ومصلحة المحكوم عليه في توقي ما قد يؤول إليه الحال إذا تم إلغاء الحكم الذي جرى تنفيذه من احتمال عدم إمكان إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ لأي سبب من الأسباب كإعسار المحكوم له أو إفلاسه مثلا.

وبالإضافة لإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ، نصت المادة 18/3 من قانون التنفيذ على أن (لصاحب الحق في الرد مطالبة طالب التنفيذ بالتعويضات عن الضرر الذي لحقه نتيجة التنفيذ الباطل إن كان له مقتضى).

خصائص التنفيذ المعجل: (33)

  1. تنفيذ وقتي يزول بزوال الأسباب التي أدت إليه.
  2. الحكم بالتنفيذ المعجل وجوبي في بعض الأحوال، وجوازي في الأحوال الأخرى.
  3. يجب معه أحيانا تقديم كفالة، ولا يجب تقديم كفالة في حالات أخرى.
  4. لا يجوز تأخير تنفيذ الحكم المشمول بالتنفيذ المعجل ما لم تقرر محكمة الطعن وقفه وفقا للشروط المقررة في القانون.
  5. طريق اختياري يجوز رغم وجوده وتقريره عدم سلوكه وسلوك الطريق العادي للتنفيذ، وفي هذه الحالة لا يلزم تقديم الكفالة المطلوبة.

وقف التنفيذ المعجل من محكمة الاستئناف:

نصت المادة (26) من قانون التنفيذ على أنه:

  1. يجوز للمحكمة المرفوع إليها الاستئناف أن تقرر بناء على طلب المحكوم عليه وقف التنفيذ المعجل إذا كان يخشى وقوع ضرر جسيم من التنفيذ، بالشروط التي تراها كافية لضمان حقوق المحكوم له.
  2. يجوز للمحكمة أن تقيد التنفيذ بتقديم كفالة حال عدم تقديمها لدى محكمة الدرجة الأولى.
  3. يجوز للمحكمة عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم كفالة أو تأمر بما تراه كفيلا بحماية حق المحكوم له.

ويتبين من هذا النص أنه يشترط لوقف تنفيذ الحكم المشمول بالتنفيذ المعجل ما يلي:

  1. الطعن في الحكم المشمول بالنفاذ المعجل بالاستئناف، فلا يقبل طلب وقف التنفيذ ممن لم يتقدم بطعن في الحكم، لأن محكمة الاستئناف لا تملك نظر طلب بوقف تنفيذ حكم لم يطعن فيه أمامها، ولن تقضي بوقف التنفيذ إلا إذا تبين لها من خلال أسباب الطعن أنه يرجح إلغاءه.
  2. تقديم طلب لوقف التنفيذ من المحكوم عليه، سواء في لائحة الاستئناف أو بطلب مستقل معه أو بعده. فليس لمحكمة الاستئناف أن تقرر وقف التنفيذ من تلقاء ذاتها وإنما بناء على طلب المحكوم عليه،
  3. أن يتم تقديم الطلب قبل تمام التنفيذ، وهو شرط بديهي رغم عدم النص عليه، لأن الهدف من وقف التنفيذ هو وقاية المحكوم عليه من الضرر الناجم عن التنفيذ المعجل، لذلك لا جدوى من هذا الطلب بعد تمام التنفيذ ويكون الطلب غير مقبول لانعدام المصلحة فما تم لا يوقف وإنما يلغى. وإذا تم التنفيذ جزئيا يكون الطلب مقبولا بخصوص ما لم يتم تنفيذه، وإذا تم التنفيذ بعد تقديم الطلب وقبل الفصل فيه، فإن حكم الوقف ينسحب على ما تم تنفيذه ويكون ذلك بإعادة الحال إلى ما كانت عليه.(34)
  4. أن يكون الطعن بالاستئناف صحيحا من حيث الشكل والموضوع، فإذا كان الاستئناف باطلا امتنع على محكمة الاستئناف الفصل في طلب وقف التنفيذ المقدم تبعا له. ومع ذلك يجوز تقديم استئناف جديد بشكل صحيح ما دام ميعاده لم ينقضي وإعادة تقديم طلب وقف التنفيذ تبعا للاستئناف الجديد الصحيح. (35) ولا يشترط أن يطلب وقف التنفيذ مرة واحدة فقط، بل يجوز تجديد طلب وقف التنفيذ بالتبعية للاستئناف إذا جدت وقائع جديدة أو إذا بني الطلب على وقائع سابقة لم يتم التمسك بها في الطلب الأول ما دام باب المرافعة في الاستئناف لم يقفل.
  5. الخشية من وقوع ضرر جسيم من التنفيذ أو من استمراره، وتتوافر هذه الخشية في كل حالة تكشف فيها الظروف أن إعادة الحال إلى ما كان عليه إذا قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم سيكون متعذرا.

وهذا الشرط يقابل ويوازن سلطة المحكمة في الأمر بالتنفيذ المعجل إذا كان يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بالمحكوم له، حيث يخول المحكمة في الحالتين سلطة الموازنة بين المصلحتين وترجيح إحداهما على الأخرى.

ويجب أن يكون الضرر الجسيم مما يلحق بالمحكوم عليه، أما إذا كان من شأن تنفيذ الحكم أن يلحق ضررا جسيما بشخص آخر فإن طلب وقف التنفيذ لا يقبل من المحكوم عليه لانعدام مصلحته فيه، ما لم يكن هناك ضرر يمسه هو من جراء ذلك أيضا. (36)

ولم يشترط المشرع في الضرر سوى أن يكون جسيما فلم يشترط أن يكون هذا الضرر مما يتعذر تداركه.

ويجب التأكد من جسامة الضرر؛ فلا يكفي الضرر البسيط. والضرر الجسيم ليس هو مجرد الضرر العادي، وإنما هو ضرر يقع من جراء التنفيذ على مال ذي قيمة خاصة أو استثنائية مما قد يؤدي إلى التأثير على الحالة المادية أو الأدبية للمحكوم عليه لدرجة كبيرة. وهو ليس مسألة موضوعية بل مسألة تقديرية تختلف باختلاف الظروف الشخصية، فالضرر الذي يصيب شخصا قد يعتبر بسيطا ويعتبر هو ذاته جسيما إذا أصاب شخصا آخر، لذلك يجب النظر إلى الظروف الخاصة للمحكوم عليه وللظروف الاقتصادية في زمن معين. (37)

كما لم تشترط المادة (26) المذكورة أن تكون أسباب الطعن في الحكم يرجح معها إلغاءه، غير أن ذلك يدخل في اعتبار محكمة الاستئناف خلال تقديرها لظروف الدعوى بما لها من سلطة تقديرية فإذا لم تستشف من أسباب الطعن وفحص المستندات فحصا سطحيا ما يرجح إلغاء الحكم فإنها لا تحكم بالوقف.

والحكمة من قبول طلب وقف التنفيذ في هذه الحالة، أن الفصل في الاستئناف الأصلي قد يستغرق وقتا طويلا، وقد يصدر حكم محكمة الاستئناف بعد مرور هذا الوقت بإلغاء الحكم المستأنف بعد أن يكون قد نفذ تنفيذا معجلا، وقد يصعب على طالب التنفيذ المعجل إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ، ولتفادي الضرر قبل وقوعه، أجاز القانون لمحكمة الاستئناف أن توقف الحكم متى توافرت شروط معينة، ليتفادى ما قد يصيب المحكوم عليه من ضرر جراء تنفيذ الحكم الابتدائي تنفيذا معجلا قبل الفصل في الاستئناف الأصلي

الحكم في طلب وقف التنفيذ:

تفصل المحكمة في طلب وقف التنفيذ على وجه الاستعجال وقبل الفصل في موضوع الاستئناف، ولها سلطة تقديرية كاملة في الحكم بوقف التنفيذ المعجل أو عدم الحكم به حتى ولو توافرت شروطه، ولها أن تحكم بوقف التنفيذ الجزئي بالنسبة لشق من الحكم المستأنف أو بالنسبة لبعض الخصوم دون بعضهم الآخر. (38)

والحكم الذي تصدره محكمة الاستئناف في طلب وقف التنفيذ المعجل سواء كان بالقبول أو الرفض؛ هو حكم وقتي لا يقيدها عند نظر موضوع الاستئناف، ولذلك يجوز لها أن ترد الاستئناف رغم سبق حكمها بوقف التنفيذ؛ كما يجوز لها أيضا أن تلغي الحكم المستأنف على الرغم من رفضها وقف التنفيذ المعجل. كما أن لمحكمة الاستئناف أن تعدل عن حكمها إذا تغيرت الظروف التي صدر فيها هذا الحكم، ولذلك إذا قضت برفض الطلب؛ ثم ظهر خطر جديد لم يكن ماثلا عند نظر الطلب الأول، يجوز طلب الوقف من جديد ولها عندئذ أن تحكم بوقف التنفيذ. (39)

والحكم الصادر من محكمة الاستئناف بوقف التنفيذ المعجل أو برفض وقفه يجوز الطعن فيه استقلالا فور صدوره بطرق الطعن المقررة قانونا وقبل صدور الحكم المنهي للخصومة في الاستئناف باعتباره حكما وقتيا تطبيقا للاستثناء الوارد في المادة 192/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001.

ضمانات المحكوم له عند الوقف:

نصت الفقرة الأولى من المادة (26) من قانون التنفيذ على أنه يجوز للمحكمة المرفوع إليها الاستئناف أن تقرر وقف التنفيذ المعجل بالشروط التي تراها كافية لضمان حقوق المحكوم له، وأنه يجوز لها عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم كفالة أو تأمر بما تراه كفيلا بحماية حق المحكوم له.

وهذا النص يوفر للمحكوم له ضمانا عند وقف التنفيذ المعجل وذلك حتى يستطيع إذا رفضت المحكمة الطعن بعد ذلك أن ينفذ الحكم.

وللمحكمة سلطة تقديرية كاملة في تقدير الكفالة، فهي توازن بين مصلحة الطرفين، ولها أن تشترط تقديم كفالة لوقف التنفيذ، أو اتخاذ أي إجراء آخر تراه كفيلا بصيانة حق المحكوم له كتسليم الشيء إلى حارس يتولى المحافظة عليه إلى حين الفصل في الطعن، أو أي تدبير آخر، ولها أن ترفض اشتراط الكفالة أو أي تدبير أو ضمانات أخرى.

التنفيذ بموجب مسودة الحكم:

نصت المادة (17) من قانون التنفيذ على أنه: للمحكمة قبل صدور الحكم في الأمور المستعجلة أو في الأحوال التي يكون فيها التأخير ضاراً بالدائن أن تأمر (بناء على طلب خطي من الدائن) بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير تبليغه وفي هذه الحالة يسلم الكاتب المسودة لدائرة التنفيذ التي تلتزم بإعادتها فور الانتهاء من التنفيذ.

ويتبين من هذا النص أن المشرع أجاز للمحكمة التي أصدرت الحكم تنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير تبليغه مخالفا بذلك القواعد العامة في التنفيذ في أمرين:

أولهما: أنه يجيز التنفيذ بمقتضى مسودة الحكم. وثانيهما: أنه أجاز تنفيذ الحكم بغير حاجة إلى تبليغه.

ولإعمال هذا النص يشترط تحقق إحدى حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون الحكم صادرا في أمر مستعجل، سواء كان صادرا من قاضي الأمور المستعجلة، أو من قاضي التنفيذ في حالة ما إذا صدر الحكم في أمر مستعجل كالإشكال الوقتي، أو من قاضي الموضوع في طلب وقتي، وسواء كان مشمولا بالنفاذ أم جائز التنفيذ وفق القواعد العامة.

والحالة الثانية: أن يكون صادرا في طلب موضوعي تأخير تنفيذ الحكم الصادر فيه يضر بمصلحة المحكوم له.

وقد رأى المشرع في هاتين الحالتين أن تأجيل التنفيذ إلى حين حصول المحكوم له على صورة تنفيذية قد يؤدي إلى تفويت الغرض المقصود من استصدار الحكم، أو الإضرار الشديد بمصلحة المحكوم له.

وتصدر المحكمة أمرها بناء على طلب المحكوم له التنفيذ بموجب مسودة الحكم، وتشترط المادة (17) المذكورة أن يقدم الدائن طلب التنفيذ بموجب المسودة قبل إصدار المحكمة حكمها في الدعوى، لأنه بصدور الحكم تستنفد المحكمة ولايتها على الدعوى؛ ولا يجوز لها إصدار مثل هذا الأمر.

وللمحكمة سلطة تقديرية في قبول الطلب أو رفضه، فهي تقرر التنفيذ بموجب المسودة ودون تبليغ إذا قدرت أن ظروف الدائن تستوجب السرعة في تنفيذ الحكم وأن التأخير يترتب عليه الإضرار به. وفي هذه الحالة يجب أن يكون الأمر بالتنفيذ بموجب مسودة الحكم ودون تبليغ صريحا.

ويجري التنفيذ بموجب مسودة الحكم بقيام كاتب المحكمة بتسليم مسودة الحكم إلى دائرة التنفيذ مباشرة ولا يجوز تسليمها للمحكوم له لأن المادة (173) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية تعطي الحق للخصوم في الاطلاع على منطوق الحكم فقط قبل إتمام إعداد النسخة الأصلية؛ ولا تجيز لهم أخذ صور عن المسودة. ولذلك تلتزم دائرة التنفيذ بإعادة المسودة إلى المحكمة فور الانتهاء من التنفيذ.

ثانيا الأوامر والقرارات القضائية

اعتبرت المادتان (8/2 و19/1) من قانون التنفيذ الأوامر والقرارات القضائية من السندات التنفيذية. وهي الأوامر والقرارات التي تصدرها المحاكم متضمنة أداء معينا من شخص لآخر بصدد أعمال لا تمس أصل الحق. حيث أطلق قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية اصطلاح القرار على الإجراء الذي تتخذه المحكمة قبل الفصل في النزاع، وأجاز للمحكمة أن تصدر قبل الفصل في النزاع ما تقتضيه الدعوى من قرارات؛ وذلك بناء على طلب يقدم للمحكمة ومثال ذلك:

  1. أوامر التقدير: وهي أوامر تصدر لتقدير مبلغ معين من النقود مقابل القيام بخدمة قضائية معينة ومنها:
  1. أوامر تقدير الرسوم القضائية:
  2. أوامر تقدير مصاريف الدعوى: وفق المادة 186/ 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ونصها (للمحكمة أن تحكم أثناء المحاكمة برسوم ومصاريف أي طلب أو إجراء مرتبط بالدعوى دون أن يؤثر ذلك على القرار الصادر فيها بشأن الرسوم والمصاريف).
  3. أمر تقدير أتعاب الخبراء: وفق المادة 186 من قانون البينات ونصها (تقدر أتعاب الخبير ومصروفاته بأمر من المحكمة التي عينته بمجرد صدور الحكم في موضوع الدعوى، فإذا لم يصدر هذا الحكم في الثلاثة أشهر التالية لإيداع التقرير لأسباب لا دخل للخبير فيها قدرت أتعابه ومصروفاته بغير انتظار الحكم في موضوع الدعوى.
  4. أوامر تقدير مصاريف الشهود: وفق نص المادة (100/2) من قانون البينات ونصها (تقدر المحكمة نفقات الشهود بناء على طلبهم، ويعطى الشاهد صورة عن أمر التقدير تكون نافذة على الخصم الذي استدعاه).
  1. القرارات التي تصدر في طلب الدفعات المستعجلة وفق أحكام قانون التأمين.
  2. قرار الحجز على مال المدين لدى الغير.
  3. قرار تغريم الكفيل قيمة الكفالة إذا عجز عن إحضار من كفله.
  4. الأمر الصادر بتقدير مصاريف انتقال موظف المحكمة لخارج المحكمة.

وتكتسب جميع تلك الأوامر والقرارات قوتها من صفتها القضائية.

ثالثا محاضر التسوية القضائية والصلح

اعتبرت المادة (8/2) من قانون التنفيذ محاضر التسوية القضائية والصلح التي تصدق عليها المحاكم النظامية والشرعية من الأسناد التنفيذية.

وبخصوص التسوية القضائية نصت المادة (73) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على أنه (…. فإذا تمت التسوية كليا أو جزئيا يحرر محضر يوقعون عليه ويصدقه القاضي ويكون له قوة السند التنفيذي).

أما بالنسبة للصلح فقد نصت المادة (118/2) من قانون الأصول على أنه (2-للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة في أية حالة كانت عليها الدعوى إثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة ويوقع منهم أو من وكلائهم، فإذا كانوا قد كتبوا ما اتفقوا عليه ألحق الاتفاق بمحضر الجلسة وأثبت محتواه فيه ويكون لهذا المحضر قوة السند التنفيذي وتسلم صورته وفقا للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام).

وإثبات الصلح في محضر الجلسة وتوقيعه من الأطراف والقاضي والكاتب يجعل محضر الجلسة بمثابة توثيق قضائي للصلح، فهو لا يعد حكما أو أمرا من المحكمة بل يستمد قوته القانونية من إرادة الأطراف، لذلك لا يخضع لقواعد تنفيذ الأحكام وإنما يكون نافذا فورا باعتباره سندا تنفيذيا

وترجع القوة التنفيذية لتلك المحاضر واعتبارها سندات تنفيذية إلى أنها تمت في محضر قضائي بما يشكل ضمانة كافية لصحة ما ورد فيها باعتباره إقرارا قضائيا من الخصوم لا يجوز لأي منهم الرجوع عنه، ولا يجوز الطعن فيه عملا بالمادة (191/3) من قانون الأصول المدنية.

ولم يقتصر المشرع على اعتبار محاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم سندات تنفيذية بذاتها، بل قرر هذه الصفة أيضا لمحاضر التسوية التي ينجزها قاضي التسوية عملا بالمادة 73 من قانون الأصول السابق ذكرها. فمهمة قاضي التسوية ليست إصدار الأحكام وإنما مجرد التوفيق بين الخصوم بغرض الوصول إلى صلح قضائي.

رابعاأحكام (قرارات) المحكمين

اعتبرت المادة (8/ 2) من قانون التنفيذ أحكام المحكمين القابلة للتنفيذ من الأسناد التنفيذية. ونصت المادة (19) منه على أنه (لا يجوز التنفيذ الجبري…. وأحكام المحكمين بعد تصديقها من المحكمة المختصة ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزا …).

ويعد التحكيم قضاء خاصا نظمه قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة 2000، وينتهي التحكيم بقرار فاصل في النزاع، والأصل أن على الخصوم احترام قرار التحكيم وتنفيذه اختياريا، فإذا رفض الخصم المحكوم عليه تنفيذه؛ يلجأ الخصم الذي صدر القرار لصالحه إلى طلب تنفيذه جبرا من دائرة التنفيذ.

وقد اختلفت التشريعات بصدد إعطاء قرارات التحكيم حجية الشيء المقضي به بعد صدوره، فأعطت بعض التشريعات لهيئة التحكيم سلطة إضفاء القوة التنفيذية دون أن يطلب ذلك من أية جهة أو سلطة أخرى مثل القانونين النرويجي والنمساوي. بينما ذهبت غالبية التشريعات ومنها قانون التحكيم الفلسطيني إلى عدم قابلية قرار التحكيم للتنفيذ الجبري قبل المصادقة عليه من المحكمة المختصة.

فنصت المادة (45/1) من قانون التحكيم رقم 3 لسنة 2000 على أنه (إذا انقضت المدة المنصوص عليها في المادة 44 من هذا القانون دون الطعن في قرار التحكيم تصدر المحكمة المختصة بناء على طلب أحد الأطراف قرارا بتصديقه وإكسابه الصيغة التنفيذية، ويكون قرار المحكمة نهائيا، وينفذ بالطريقة التي تنفذ بها قرارات المحاكم).

كما نصت المادة (47) من القانون المذكور على أنه (يكون لقرار التحكيم بعد تصديقه من المحكمة المختصة القوة والمفعول التي لقرارات المحاكم ويتم تنفيذه بالصورة التي ينفذ فيها أي حكم أو قرار صادر عن محكمة وفقا للأصول المرعية).

ويلاحظ على هذه النصوص أن قانون التنفيذ استخدم مصطلح حكم بينما استخدم قانون التحكيم مصطلح قرار تمييزا لما يصدره المحكمون عن الأحكام القضائية.

ويشترط لتنفيذ قرار أو حكم المحكمين أن يتم تصديقه من المحكمة المختصة وإكسابه الصيغة التنفيذية.

ويجدر التنويه هنا إلى أن قرار أو حكم التحكيم لا يخضع لطرق الطعن العادية أي الاستئناف الذي يخضع له حكم المحكمة، بل حدد قانون التحكيم أسبابا على سبيل الحصر للطعن في قرار التحكيم لدى المحكمة المختصة وهي وفق المادة (1) المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع المعروض على هيئة التحكيم. لذلك فإن عبارة ( … ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزا) الواردة في المادة (19) من قانون التنفيذ تنصرف إلى الأحكام والقرارات القضائية وليس لقرارات أو أحكام المحكمين، فالذي يقبل الطعن بالاستئناف هو قرار المحكمة المختصة بتصديق قرار التحكيم وليس قرار التحكيم ذاته.

خامسا الأسناد التي يعطيها القانون صفة السند التنفيذي

بعد أن عددت المادة (8/2) من قانون التنفيذ الأسناد التنفيذية ورد في آخرها (…. وغيرها من الأسناد التي يعطيها القانون هذه الصفة. وبالرجوع إلى نصوص هذا القانون نجد أنه نص على نوعين من هذه الأسناد وهما:

  1. المحضر المثبت لتعهد الكفيل وفق المادة (25/1) التي نصت على أنه ( 1- إذا كانت الكفالة المأمور بها في الحكم هي إلزام المحكوم له بتقديم كفيل مقتدر، فإن الكفيل يلتزم بتحرير الكفالة، ويكون المحضر المشتمل على هذه الكفالة بمثابة سند تنفيذي قبل الكفيل).
  2. محضر بيع المنقولات المحجوزة: وفق المادة (101) التي نصت على أنه (إذا لم يدفع المشتري الثمن فورا تطرح الأموال المحجوزة مجددا للبيع على عهدته …… ويعتبر محضر البيع سندا تنفيذيا بالنسبة إليه بفرق الثمن وبالنفقات المذكورة).
الغصن الثاني
السندات التنفيذية غير القضائية

السندات التنفيذية غير القضائية هي وفق المادة (8/2) من قانون التنفيذ السندات الرسمية والعرفية. ونتناول كل واحد منها على التوالي.

أولا: السندات الرسمية

عرفت المادة (9) من قانون البينات السندات الرسمية بأنها هي التي ينظمها الموظفون العموميون ومن في حكمهم الذين من اختصاصهم تنظيمها طبقا للأوضاع القانونية. ويقصد بالموظف العمومي الكاتب العدل ومن في حكمه وفق قانون الكاتب العدل رقم 11 لسنة 1952، دون سواهم من الموظفين العموميين الذين يدخل في اختصاصهم تحرير أوراق رسمية أخرى. ولذلك لا تعتبر سندات تنفيذية محاضر الشرطة أو محاضر النيابة العامة ولو تضمنت إقرارا بالحق؛ والسندات التي يحررها الخبراء وعقود الزواج وأوراق المحضرين، إذ لا يعتبر سندا تنفيذيا سوى السند الذي يتم توثيقه أمام كاتب العدل أو من يقوم مقامه.

وقد اعتبر قانون التنفيذ السندات الرسمية من السندات التنفيذية الواردة في المادة (8/2) منه، كما منحها القوة التنفيذية بنص المادة (27) منه التي نصت على أنه (للدائن بدين من النقود إذا كان دينه حال الأداء ومعين المقدار وثابتا بالكتابة بسند عرفي أو بسند مصدق لدى كاتب عدل …. أن يراجع دائرة التنفيذ لتقوم بتحصيل الدين بعد تقديمه طلبا إليها بذلك مقرونا بإيداع سند الدين الأصلي).

ويتبين من نص المادة (27) المذكورة أنه يشترط لاعتبار السند الرسمي سندا تنفيذيا:

  1. أن يكون موقعا ومصدقا عليه من كاتب عدل أو من يقوم مقامه.
  2. أن يتضمن إلزام المدين بأداء مبلغ من النقود معين المقدار حال الأداء.

ورغم أن السند الرسمي يتمتع بقوة تنفيذية، ويمكن تنفيذه مباشرة من دائرة التنفيذ، إلا أنه يجوز لصاحب السند مراجعة المحكمة للحصول على حكم في موضوع السند إذا رغب في ذلك، وخاصة إذا كان يخشى إثارة اعتراض بشأن موضوع الحق في السند أو صحته أمام دائرة التنفيذ.

وقد وردت النصوص المتعلقة بالصورة التنفيذية للعقود الرسمية في قانون الكاتب العدل المذكور لا في قانون التنفيذ. ووفقا للمادة 19 من هذا القانون لا تسلم صورة عن أي ورقة محفوظة في إضبارة الكاتب العدل أو مسجلة في دفتره إلا لذوي العلاقة، ويحظر عليه أن يعطي ما عداهم شيئا مما ذكر ما لم يأمر رئيس المحكمة أو قاضي الصلح. والمراد بذوي العلاقة أصحاب التوقيع والعاقدون والذين قاموا مقامهم بحكم القانون.

ثانيا السندات العرفية

أعطت المادة (8/2) من قانون التنفيذ السندات العرفية قوة السندات التنفيذية دون حاجة لمراجعة القضاء والحصول على حكم بالحق موضوع السند.

وقد عرفت المادة (15) من قانون البينات السند العرفي بأنه (هو الذي يشتمل على توقيع من صدر عنه أو على خاتمه أو بصمته، ولا تتوافر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة (9) من هذا القانون).

وأعطت المادة (19) من قانون البينات للرسائل قوة السندات العرفية من حيث الإثبات ما لم يثبت موقعها أنه لم يرسلها ولم يكلف أحدا بإرسالها. كما أعطت للبرقيات ومكاتبات التلكس والفاكس والبريد الإلكتروني هذه القوة أيضا إذا كان أصلها المودع في مكتب التصدير موقعا عليها من مرسلها. واعتبرت البرقيات مطابقة لأصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك.

ويعتبر السند العرفي من السندات التنفيذية وفق نص المادة (8/2) من قانون التنفيذ والمادة (27) منه، ويشترط فيه: أن يكون محله أداء مبلغ من النقود معين المقدار حال الأداء. وألا يكون قد مر عليه الزمن.

والسندات العرفية في قانون التنفيذ نوعان:

  1. السندات العرفية العادية: وهي السندات غير الرسمية التي يكون موضوعها أداء مبلغ من النقود حال الأداء معين المقدار بغض النظر عن مصدر نشأة هذا الحق.
  2. الأوراق التجارية وقد عرفتها المادة (123) من قانون التجارة بأنها سندات قابلة للتداول بمقتضى أحكام القانون وهي سند السحب ويسمى أيضا البوليصة أو السفتجة، وسند الأمر ويسمى أيضا السند الإذني ومعروف باسم الكمبيالة، والشيك والسند لحامله أو القابل للانتقال بالتظهير.

وقد فرق المشرع بالنسبة لتنفيذ الأوراق التجارية بوصفها سندات تنفيذية بين حالة رجوع الدائن على ساحب الشيك أو محرر الكمبيالة وكفيله؛ وفي هذه الحالة يمكن للدائن تقديم طلب تنفيذها مباشرة دون الحاجة لأي إجراء آخر. وبين رجوع الدائن على المظهرين وكفلائهم فأوجب لتنفيذ الورقة التجارية ضد المظهر أو ضامنه الاحتياطي (كفيله) أن يوجه الاحتجاج لعدم الوفاء إلى موطن الملتزم بوفاء الورقة، وفق المادتين 224 و260 من قانون التجارة.(37) كما يلزم إرسال إشعار إلى المظهرين والكفلاء خلال المدة التي نص عليها قانون التجارة وهي وفق المادة 183 من قانون التجارة أربعة أيام العمل لتالية ليوم الاحتجاج لكي يتمكن الدائن من الرجوع على كل منهم.

علما بأن المادة (28) من قانون التنفيذ أجازت للدائن أن يطلب من دائرة التنفيذ تحصيل دينه من المظهرين والكفلاء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الاحتجاج إذا كان هذا الاحتجاج يتطلبه القانون.

وعلى ذلك يلزم لطلب تنفيذ الشيك من قبل حامله الأخير ضد المظهر أو كفيله:

  1. أن يكون الشيك قد قدم للبنك للوفاء بقيمته خلال (30) يوما من التاريخ المبين عليه كتاريخ إصدار، لأن عدم تقديم الشيك خلال هذه المدة يعتبر الحامل مهملا ويسقط حقه في الرجوع على المظهرين وضامنيهم.
  2. أن يحمل الشيك ختم البنك أو غرفة المقاصة الذي يفيد بعدم وجود رصيد، حيث اعتبر القانون هذا البيان كافيا كاحتجاج بعدم الوفاء.
  3. أن يرسل طالب التنفيذ إلى المظهر أو كفيله خلال أربعة أيام العمل التالية لختم البنك بعدم وجود رصيد، إشعارا بعدم صرف الشيك ومطالبة بالوفاء بقيمته.
  4. أن لا يكون حقه في الرجوع على المظهرين قد سقط بالتقادم بمضي المدة المنصوص عليها في المادة 271 من قانون التجارة وهي ستة شهور محسوبة من تاريخ انقضاء ميعاد التقديم.
  5. أن يطلب من دائرة التنفيذ تحصيل قيمة الشيك خلال (15) يوما من تاريخ ختم البنك بعدم وجود رصيد.

أما إذا قدم الشيك للبنك خلال المدة القانونية ورفض ختمه بعدم وجود رصيد، فعلى حامل الشيك أن يحرر الاحتجاج لدى الكاتب العدل خلال يومي العمل التاليين لتاريخ الاستحقاق، ويرسل الإشعار، كما هو الحال بالنسبة للكمبيالة.

إجراءات تنفيذ السندات الرسمية والعرفية:

وفق المادة (27) من قانون التنفيذ يقدم الدائن طلب تنفيذ السند إلى دائرة التنفيذ مقرونا بإيداع سند الدين الأصلي، يطلب فيه تحصيل المبلغ المحدد الوارد في السند، فلا يقبل التنفيذ بموجب صورة السند. وإذا كان السند يتضمن في جزء منه أداء مبلغ معين حال الأداء من النقود؛ وفي الجزء الآخر تسليم شيء آخر، فإنه يعد سندا تنفيذيا فيما يتعلق بالجزء الأول فقط، ويترتب على تقديم طلب التنفيذ وإيداع سند الدين لدى دائرة التنفيذ، انقطاع التقادم.

وتبلغ دائرة التنفيذ المدين بورقة إخطار موقعة من مأمور التنفيذ ومختومة بختم الدائرة ومرفقا بها صورة من السند المطلوب تنفيذه. وتشمل ورقة الإخطار تكليف المدين بالوفاء بالدين أو بإبداء ما قد يكون لديه من وجوه الاعتراض، وذلك خلال سبعة أيام من تاريخ التبليغ مع إنذاره بأن الدائرة ستبادر إلى التنفيذ بعد انقضاء هذا الميعاد دون الوفاء أو الاعتراض.(38)

فإذا أقر المدين بالدين أو بقسم منه، يدون الإقرار في محضر التنفيذ ويوقع عليه المدين وقاضي التنفيذ، وتقوم دائرة التنفيذ بتنفيذ ما جرى الإقرار به. (39)

الاعتراض على تنفيذ السندات الرسمية والعرفية:

أعطى قانون التنفيذ في المادة (30/2) منه للمدين الحق في الاعتراض على التنفيذ خلال سبعة أيام من تاريخ تبلغه الإخطار بالتنفيذ. فإذا لم يتم الاعتراض خلال هذه المدة تبادر دائرة التنفيذ في اتخاذ إجراءات التنفيذ. غير أن المادة (34/2) من قانون التنفيذ أجازت لقاضي التنفيذ قبول الاعتراض المقدم بعد المدة على أن يثبت المدين وجود أعذار للتأخير.

ولم يحدد القانون للاعتراض شكلا محددا، فقد يكون كتابة في شكل استدعاء يقدم لقاضي التنفيذ وهو الغالب، وقد يكون شفاهة يدون في محضر التنفيذ.

ويكون الاعتراض وفق المادة (32/1) بإنكار الدين كله أو بعضه، كما قد يكون بإنكار استمراره في ذمته بالادعاء بعدم بقائه لمرور الزمن أو الادعاء بالوفاء به.

الأثر المترتب على الاعتراض:

إذا تم تقديم الاعتراض خلال المدة القانونية، فإن الأثر المترتب عليه يختلف باختلاف الأحوال على النحو التالي:

  1. إذا أنكر المدين الدين كله أو بعضه أو ادعى بمرور الزمن، يكلف قاضي التنفيذ الدائن بمراجعة المحكمة المختصة لإثبات ما وقع الإنكار عليه وذلك عن طريق دعوى الإجراءات المختصرة. غير أن أثر الإنكار يختلف بالنسبة لوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه لحين الفصل في الدعوى:
  1. فإذا كان الدين محل الاعتراض ثابتا بسند عرفي، يترتب على الاعتراض وفق المادة (32/2) من قانون التنفيذ، وقف التنفيذ بقوة القانون دون الحاجة لصدور قرار بالوقف من قاضي التنفيذ، ما لم تقرر المحكمة التي تنظر دعوى الإجراءات المختصرة بناء على طلب الدائن الاستمرار في التنفيذ.
  2. أما إذا كان الدين محل الاعتراض ثابتا بسند مصدق لدى كاتب العدل أو ورقة من الأوراق التجارية القابلة للتظهير، فإن الاعتراض لا يؤثر في التنفيذ، فيبقى التنفيذ مستمرا عملا بالمادة (32/3) من قانون التنفيذ، ما لم تقرر المحكمة التي تنظر دعوى الإجراءات المختصرة بناء على طلب المدين وقف التنفيذ.
  3. إذا لم ينكر المدين الدين ولكنه ادعى الوفاء بجزء منه، فيكون لدائرة التنفيذ وفق المادة (33) من قانون التنفيذ، مثابرة التنفيذ في الجزء الذي أقر بأنه لم يتم الوفاء به، ويكلف المدين بمراجعة المحكمة المختصة لإثبات ما يدعيه.

ولدى مراجعة المحكمة المختصة، سواء من الدائن بدعوى الإجراءات المختصرة في الحالة الأولى، أو من المدين في الحالة الثانية، فقد يثبت نتيجة المحاكمة صحة ادعاء المدين واعتراضه، وتقرر المحكمة عدم ثبوت الدين وفي هذه الحالة يتم إلغاء جميع إجراءات التنفيذ التي اتخذت في حدود ما تم الاعتراض عليه، ويكون الحكم الصادر في الدعوى هو السند التنفيذي لإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ الملغى، كما يكون للمدين الحق في رفع دعوى للمطالبة بالتعويضات عما يكون قد لحقه من أضرار ناجمة عن أعمال التنفيذ التي اتخذت ضده دون حق عملا بالمادة (35) من قانون التنفيذ.

أما إذا ثبت عدم صحة الادعاء والاعتراض، فيترتب على ذلك ثبوت صحة السند وحجيته نهائيا، ويتوجب على دائرة التنفيذ المثابرة على التنفيذ من النقطة التي توقف عندها. ولم يرد في قانون التنفيذ نص مماثل لما ورد في المادة(35) بخصوص حق المطالبة بالتعويض، غير أن للدائن هذا الحق عملا بالقواعد العامة في الفعل الضار. والمادة (98/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية عندما يكون مدعى عليه في الدعوى التي أقامها مدينه وفق المادة (33) من قانون التنفيذ.

وتلافيا للادعاءات غير الصحيحة التي يقصد بها المدين المماطلة، نجد أن المادة (7/ و) من قانون التنفيذ الأردني نصت على أنه (إذا أثبت الدائن صحة الدين المطلوب تنفيذه، حكمت المحكمة على المدين بغرامة تعادل خمس قيمة الدين المنازع به، تودع كلها للخزينة بالإضافة لما تحكم به للدائن من رسوم وفائدة قانونية وأتعاب محاماة). ونقترح على المشرع عندنا أن يأخذ بالحكم بالغرامة على المدين الذي يثبت عدم صحة اعتراضه.

الفرع الثاني
السندات التنفيذية الأجنبية

السندات التنفيذية الأجنبية هي كل سند صادر في بلد أجنبي، يتضمن أداء معينا لشخص قِبَل آخر، ويجوز الأمر بتنفيذه في فلسطين بذات الشروط المقررة في ذلك البلد لتنفيذ السندات الفلسطينية. ولم ترد السندات الأجنبية ضمن السندات التنفيذية التي ذكرتها المادة (8) من قانون التنفيذ، رغم أن المشرع نظمها في المواد (36و37و38و39) من قانون التنفيذ، لأن المشرع الفلسطيني لا يعترف للسندات التنفيذية الأجنبية بالقوة التنفيذية الذاتية، بل يشترط لذلك صدور الأمر بتنفيذها وفق الإجراءات والشروط الواردة في تلك النصوص.

ونبين فيما يلي السندات القضائية الأجنبية، ثم السندات غير القضائية الأجنبية على التوالي.

الغصن الأول
السندات القضائية الأجنبية

تتمثل هذه السندات في الأحكام القضائية أو القرارات أو الأوامر الأجنبية، وأحكام المحكمين، ونعرض لها فيما يلي.

أولا: الأحكام أو القرارات أو الأوامر القضائية الأجنبية

يقصد بالأحكام أو القرارات أو الأوامر القضائية الأجنبية، الأحكام والقرارات والأوامر التي تصدر في بلد أجنبي، من محكمة أجنبية أي مشكلة خارج فلسطين، وتفصل في المنازعات الخاصة للأفراد، وتكون واجبة التنفيذ فيما تقضي به.

والأصل في تنفيذ الأحكام هو مبدأ إقليمية القضاء وهو يعني أن ولاية القضاء في كل دولة محدد إقليميا بحدود إقليمها، وأن سلطات التنفيذ في أية دولة؛ تطبق الأحكام التي تصدرها محاكم هذه الدولة؛ ولا تنفذ الأحكام التي تصدر من محكمة أجنبية، لأنها إن فعلت ذلك سوف تأتمر بأوامر سلطة أجنبية وهو أمر غير جائز.

غير أن تطبيق هذا المبدأ بصورة مطلقة يؤدي إلى الإضرار بالعدالة وضياع حقوق الأفراد في كثير من الأحيان، خاصة بعد ازدياد المعاملات بين الأفراد المنتمين إلى دول مختلفة في العصر الحديث؛ وما يفرضه مبدأ العدالة واحترام الحقوق المكتسبة في الخارج، وهو ما يقتضي الاعتراف بإمكانية تنفيذ الأحكام والأوامر الأجنبية في دول أخرى دون اشتراط إقامة دعوى بالحق الثابت في الحكم أو الأمر أمام المحاكم الوطنية للدولة المراد التنفيذ في إقليمها، وذلك توفيرا للوقت والجهد والنفقات، بحيث تكفي مراجعة الحكم أو الأمر الأجنبي قبل تنفيذه. وهذا دفع التشريعات المختلفة إلى قبول تنفيذ الأحكام الأجنبية بشروط يضعها المشرع في كل دولة بغرض إعمال الرقابة عليها للتحقق من خلو السند التنفيذي الأجنبي من العيوب الجوهرية التي تعوق تنفيذ مثيله في الدولة التابعة لها هذه المحاكم حتى لو كان السند قابلا للتنفيذ الجبري في الدولة الأجنبية.

ويتم تنفيذ السند التنفيذي الأجنبي في معظم التشريعات عن طريق إصدار أمر بالتنفيذ من محاكم الدولة التي يراد تنفيذ السند فيها، وأمر التنفيذ هو إجراء قضائي يقصد به منح الحكم قوة تنفيذية في فلسطين، فيكون قابلا للتنفيذ الجبري كما هو قابل له في الدولة التي صدر فيها.

وقد أجاز المشرع في المادة (36/1) من قانون التنفيذ الأمر بتنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة في بلد أجنبي في فلسطين بذات الشروط المقررة في ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر الفلسطينية فيه، تطبيقا لشرط التبادل والمعاملة بالمثل، فالحكم الأجنبي يعامل في فلسطين فيما يتعلق بتنفيذه كما يعامل الحكم الفلسطيني في البلد الأجنبي، فإذا كان قانون البلد الأجنبي لا يعتد بحجية الحكم الفلسطيني ولا يجيز تنفيذه ويوجب على صاحب الحق المحكوم به إقامة دعوى جديدة بطلبه، أو كان هذا القانون يجيز تنفيذ الحكم الفلسطيني بعد أن تراجعه المحاكم من حيث الموضوع ومن حيث الشكل، أو كان هذا القانون يجيز تنفيذ الحكم الفلسطيني دون مراجعته من حيث الموضوع، فإن الحكم الذي يصدر من محاكم ذلك البلد يعامل في فلسطين ذات المعاملة.

ووفق المادة (36/2) من قانون التنفيذ يكون طلب الأمر بتنفيذ الحكم أو القرار أو الأمر الأجنبي في فلسطين بإقامة دعوى أمام محكمة البداية التي يراد التنفيذ في دائرتها، أيا كانت قيمة الحق الصادر به الحكم المراد تنفيذه وذلك لأهمية ودقة المسائل التي تثار بشأن إصدار أمر التنفيذ.

ولم يحدد القانون المدة التي يتعين إقامة الدعوى خلالها، ونرى أنه يجوز طلب الأمر بالتنفيذ ما دام الحكم محتفظا بصلاحيته كسند تنفيذي وفق قانون البلد الذي صدر فيه.

ويجب على طالب التنفيذ أن يرفق بلائحة الدعوى نسخا من الحكم أو القرار أو الأمر المطلوب تنفيذه، وأن تكون مصدقة حسب الأصول من الجهات المختصة في بلد الإصدار وفي فلسطين.

وتسري أحكام قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على هذه الدعوى. ولكي ينفذ الحكم الأجنبي لا بد أن يصدر قرار من المحكمة الفلسطينية بذلك ويطلق على هذا القرار (قرار تنفيذ الحكم الأجنبي) وهو إجراء قضائي يسبغ على الحكم الأجنبي القوة التنفيذية، فالحكم بذاته مجردا عن هذا القرار لا يكون قابلا للتنفيذ في دوائر التنفيذ.

ويترتب على إعطاء الحكم الأجنبي صيغة التنفيذ أن يصبح بمثابة الحكم الذي ينفذ طبقا للأحكام الصادرة عن المحاكم الفلسطينية.

شروط الأمر بتنفيذ الحكم أو القرار أو الأمر الأجنبي:

يجب على المحكمة التي تقام لديها الدعوى بطلب إصدار أمر بتنفيذ حكم أجنبي أن تتحقق أولا من كيفية معاملة المحاكم في الدولة الأجنبية للحكم الفلسطيني الذي يطلب تنفيذه في بلدها عملا بشرط المعاملة بالمثل. كما يجب عليها أن تتحقق من خلو ذلك الحكم من العيوب الجوهرية التي تحول دون تنفيذه في فلسطين. حيث اشترطت المادة (36/1) من قانون التنفيذ للأمر بتنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر الأجنبية في فلسطين ألا تتناقض مع القوانين الفلسطينية أو تلحق ضررا بالمصلحة الوطنية العليا. كما حددت المادة (37) من قانون التنفيذ شروط الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي فنصت على أنه، لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:

  1. أن محاكم دولة فلسطين غير مختصة وحدها بالفصل في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو القرار أو الأمر، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.
  2. أن الحكم أو القرار أو الأمر صادر من محكمة مختصة وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه. وفقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها في مادة من مواد القانون الخاص. والعبرة في ذلك بطبيعة الحكم الصادر وليس بالجهة التي أصدرته لذلك يجوز تنفيذ الحكم بالتعويض ولو كان صادرا من محكمة جزائية في دعوى مدنية أقيمت تبعا للدعوى الجزائية.
  3. أن الحكم أو القرار أو الأمر حاز قوة الأمر المقضي به طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته، أي غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن العادية، لأن الحكم القابل للطعن هو حكم غير مكتمل الحجية ومن الأفضل أن لا ينفذ في بلد آخر حتى ولو كان معجل التنفيذ في البلد الذي صدر فيه، إذ قد يتعذر إعادة الحال إلى ما كان عليه إذا ما ألغي هذا الحكم نتيجة الطعن.
  4. أن الحكم أو القرار أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو قرار أو أمر سبق صدوره من محكمة فلسطينية، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة في فلسطين. فالحكم الفلسطيني أولى بالحجية والتنفيذ من الحكم الأجنبي متى كان الحكمان قد صدرا في دعوى واحدة، أي متى اتحد الموضوع والسبب في كل منهما وكان الخصوم في إحداهما هم نفس الخصوم في الدعوى الأخرى. ويعمل بهذا الشرط في الدعاوى التي يكون فيها الاختصاص مشتركا بين المحاكم الفلسطينية والمحاكم الأجنبية، أما الدعاوى التي تختص بها المحاكم الفلسطينية وحدها فإنه لا يعتد بأي حكم أجنبي يصدر فيها ولا ينفذ حتى في حالة عدم صدور حكم من محاكم فلسطين يتعارض معه؛ عملا بالفقرة الأولى من المادة (37).

سلطة المحكمة في إصدار الأمر بالتنفيذ:

إذا توافرت الشروط السابقة فإن لمحكمة البداية مطلق السلطة التقديرية في منح أو عدم منح الأمر بتنفيذ الحكم أو القرار أو الأمر الأجنبي في فلسطين، ولكن المحكمة لا تملك الفصل في موضوع النزاع بحكم منها. ويجوز لها أن تأمر بتنفيذ جزء من الحكم الأجنبي دون الجزء الآخر، كما يجوز أن تصدر أمر التنفيذ في مواجهة بعض المحكوم عليهم دون بعضهم الآخر.

وعلى ذلك يجوز للمحكمة التي تنظر الدعوى أن ترفض الطلب المقدم إليها لتنفيذ حكم أجنبي لأحد الأسباب التالية:

  1. إذا كانت محاكم فلسطين مختصة وحدها بالفصل في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو القرار أو الأمر.
  2. إذا كانت المحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي غير مختصة به طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.
  3. إذا أثبت المحكوم عليه بأن الحكم لم يكتسب قوة الأمر المقضي به طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته.
  4. إذا كان الحكم يتعارض مع حكم سبق صدوره من محكمة فلسطينية.
  5. إذا كان الحكم مخالفا للنظام العام أو للآداب في فلسطين.
  6. إذا كان الحكم صادرا من محاكم دولة لا يجيز قانونها تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم فلسطين، وفق مبدأ المعاملة بالمثل.
  7. عدم دفع الرسوم القانونية كاملة.

ثانيا: أحكام التحكيم الأجنبية

نصت المادة (38) من قانون التنفيذ على أنه (تسري أحكام المادتين 36 و37 على أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي، شريطة أن يكون الحكم صادرا في مسألة يجوز فيها التحكيم طبقا لأحكام قانون التحكيم الفلسطيني).

وقد نصت المادة (3) من قانون التحكيم رقم (3) لسنة 2000 على أنه (لغايات هذا القانون يكون التحكيم …. ثالثا: أجنبيا إذا جرى خارج فلسطين). دون أن يحدد جهة التحكيم الأجنبي، ولذلك فإنه يشمل الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم المحلية أو هيئات التحكيم الدولية، فجميعها يقبل التنفيذ في فلسطين متى توافرت فيه الشروط القانونية وهي:

  1. أن يتضمن إلزام المحكوم عليه بأداء معين.
  2. أن يكون قد اكتسب قوة الأمر المقضي، وتم تصديقه من المحكمة المختصة في البلد الذي صدر فيه، ما لم يكن قانون بلد الإصدار يمنحه القوة التنفيذية دون تصديق.
  3. ألا يتعارض أو يتناقض مع القوانين الفلسطينية ومع المصلحة الوطنية العليا، أو مع النظام العام والآداب العامة في فلسطين.
  4. ألا يتعارض مع حكم أو قرار قضائي سابق صادر في فلسطين. (40)
  5. من المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم وفق قانون التحكيم الفلسطيني.
الغصن الثاني
السندات غير القضائية الأجنبية

نصت المادة (39) من قانون التنفيذ على أنه:

  1. السندات الرسمية القابلة للتنفيذ والمحررة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ السندات الرسمية القابلة للتنفيذ المحررة في فلسطين.
  2. يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى رئيس محكمة البداية التي يراد التنفيذ في دائرة اختصاصها.
  3. لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من توافر الشروط المطلوبة كرسمية السند وقابليته للتنفيذ وفقا لقانون البلد الذي تم فيه، ومن خلوه مما يخالف النظام العام أو الآداب في فلسطين.

ويتبين من هذا النص أنه قصر جواز التنفيذ على السندات الأجنبية الرسمية فقط، ولم يجز طلب تنفيذ السندات الأجنبية العرفية. واشترط لتنفيذ السند الأجنبي الرسمي ما يلي:

  1. أن تكون الدولة الأجنبية تقبل تنفيذ السندات الرسمية الفلسطينية، وفق مبدأ المعاملة بالمثل المقرر في العلاقات الدولية. فالسند الرسمي الأجنبي يعامل بالنسبة لتنفيذه في فلسطين بذات المعاملة التي تعامل بها السندات الرسمية المحررة في فلسطين في الدولة الأجنبية، فإذا كان قانون البلد الأجنبي يجيز تنفيذ السند الرسمي المحرر في فلسطين دون مراجعة للحق الثابت فيه؛ فإن السند الرسمي الأجنبي يعامل في فلسطين ذات المعاملة أي ينفذ بدون مراجعة للحق الثابت فيه، والعكس صحيح أيضا.
  2. أن يعتبر السند سندا تنفيذيا وفق قانون البلد الذي صدر فيه. فإذا لم يكتسب هذه الصفة في بلد الإصدار لا يجوز تنفيذه ولو كان يعتبر سندا تنفيذيا وفق القانون الفلسطيني، وذلك حتى لا يتم التحايل على قانون البلد الأجنبي باللجوء لتنفيذ ما لا يجوز تنفيذه فيه، باللجوء إلى بلد تجيز التنفيذ، ولمنع إعطاء صفة لسند لم تثبت له عند نشوئه.
  3. أن يتضمن أداء معينا.
  4. أن يكون رسميا صادرا من جهة مختصة وفق قانون بلد الإصدار.
  5. أن يخلو مما يخالف النظام العام والآداب في فلسطين.

إجراءات تنفيذ السندات الأجنبية وسلطة المحكمة بالنسبة لها:

يجري تنفيذ السند الرسمي الأجنبي بناء على طلب يقدم إلى رئيس محكمة البداية التي يراد تنفيذ السند في دائرتها، وفقا للإجراءات المقررة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية. ويرفق السند بلائحة الطلب.

وتقوم المحكمة بالتحقق من توافر الشروط المطلوبة قانونا وهي رسمية السند وقابليته للتنفيذ وفقا لقانون البلد الذي تم فيه، وخلوه مما يخالف النظام العام أو الآداب في فلسطين. فإذا تثبتت من ذلك تصدر أمرها بتنفيذ السند، وإن وجدت أنه يخالفها أو لا تتوافر فيه الشروط تقرر رفض طلب التنفيذ.

ويجري تنفيذ السندات الأجنبية التي صدر الأمر بتنفيذها بذات الشروط التي تُنفذ بها البلد الأجنبي السندات الرسمية الفلسطينية، تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل.

(1)(1) تم استحداث دائرة تنفيذ خاصة بالمحاكم الشرعية لتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن تلك المحاكم وبذلك خرجت من اختصاص قاضي التنفيذ.

(2)(2) وجدي راغب المرجع السابق صفحة 54، فتحي والي، التنفيذ الجبري وفقا لمجموعة المرافعات المدنية والتجارية وقانون الحجز الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة،1981، بند 69 صفحة 131.

(3)(3) وجدي راغب، صفحة 38و39.

(4)(4) أحمد المليجي، المرجع السابق، صفحة 912و913.

(5)(5) وجدي راغب فهمي وسيد أحمد محمود وسيد سالم أبو سريع، شروح في التنفيذ الجبري القضائي 2000-2001، صفحة 49. ومحمد عبد الخالق عمر، مبادئ التنفيذ، الطبعة الأولى؛ دار النهضة، القاهرة، 1974 صفحة 31.

(6)(6) فتحي والي، التنفيذ الجبري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991، صفحة 29.

(7)(7) عبد الله الفرا، محاضرات في التنفيذ الجبري وفقا لقانون التنفيذ رقم 23 لسنة 2005، 2007/2008، صفحة 36.

(8)(8) تنص المادة 32 من قانون التنفيذ على أنه ( 1- إذا اعترض المدين في الميعاد المحدد وأنكر الدين أو بعضه أو أنكر استمرار قيامه في ذمته، كلف الدائن بمراجعة المحكمة المختصة لإثبات ما وقع الإنكار عليه، وتقام الدعوى بالإجراءات المختصرة وفقا لقانون أصول المحاكمات المندية والتجارية. 2- إذا كان الدين محل الاعتراض ثابتا بسند عرفي يكون للاعتراض أثر مانع من التنفيذ إلى أن يتم الفصل في دعوى الدائن ما لم يصدر من المحكمة التي تنظر الدعوى قرار بالاستمرار فيه. 3- إذا كان الدين محل الاعتراض ثابتا بسند مصدق لدى كاتب العدل أو بورقة من الأوراق التجارية القابلة للتظهير، لا يؤثر الاعتراض في التنفيذ الذي يجب أن تبادر إليه الدائرة ما لم يصدر قرار من المحكمة المختصة المرفوع إليها الدعوى لوقفه.

(9)(9) لم تعد دائرة التنفيذ مختصة بتنفيذ الأحكام الشرعية بعد إنشاء دائرة تنفيذ شرعية تابعة للقضاء الشرعي.

(10)(10) هناك فرق بين نفاذ الحكم وتنفيذه، فنفاذ الحكم يعني إحداث آثار معينة بمجرد النطق به دون حاجة لاتخاذ أي إجراء، فنفاذ الحكم لا يتطلب استعمال القوة الجبرية ولا الحصول على صورة تنفيذية ولا يتأثر بالطعن فيه، ولا يحتاج لسريانه أي إجراء تنفيذي. فالحكم بصحة تصرف معين مثلا يحدث أثره الفوري ويحقق مصلحة ذي الشأن بمجرد صدوره دون حاجة لإجراءات التنفيذ الجبري. بينما تنفيذ الحكم لا يتم بمجرد صدور الحكم، بل يتطلب توافر الشروط اللازمة لاتخاذ التنفيذ الجبري وفقا للإجراءات المنصوص عليها قانونا واستخدام القوة الجبرية. أحمد أبو الوفا، إجراءات التنفيذ بند 20 صفحة 43 وهامشها، التعليق على نصوص قانون المرافعات صفحة 837. أحمد المليجي صفحة 915و916.

(11)(11) نبيل عمر وأحمد خليل وأحمد هندي، صفحة 29.

(10)(10) الحكم المقرر هو الحكم الذي يصدر مقررا أو مؤكدا لحالة أو مركز موجود من قبل دون أن يتضمن إلزام أحد الخصوم بأداء معين كالحكم بصحة ونفاذ عقد البيع، والحكم الصادر بصحة التوقيع وثبوت النسب. والحكم المنشئ هو الذي ينشئ حالة أو مركزا قانونيا لم يكن موجودا كالحكم الصادر في دعوى القسمة والحكم بفسخ عقد من العقود والحكم بالإفلاس.

(12)(12) أحمد المليجي، الجزء الخامس، صفحة 944.

(13)(13) وجدي راغب، صفحة 59 ، عبد الباسط جميعي بند 312 صفحة 342، أحمد المليجي جزء 5 صفحة 945.

(14)(14) تشترط المادة (251) من قانون المرافعات المصري أن يقدم طلب وقف التنفيذ لدى محكمة النقض في صحيفة ” لائحة” الطعن بالنقض. ويرى الفقه أن ذلك ضروري للتأكد من جديّة الطلب؛ وأنه يدل على تبعية الطلب لطعن مرفوع فعلا أمام المحكمة، وأنه بالتالي لا يجوز تقديم طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بالنقض بطلب مستقل عن لائحة الطعن. أحمد المليجي، صفحة 1103 و1104، عبد الباسط جميعي؛ طرق وإشكالات التنفيذ في قانون المرافعات الجديد، 1974، صفحة 115 و116.

(15)(15) فتحي والي لند 35 صفحة 45.

(16)(16) عبد الباسط جميعي، المرجع السابق، صفحة 117.

(17)(17) أحمد المليجي ًصفحة 1108.

(18)(18) فتحي والي بند 24 صفحة 44 , 49.

(19)(19) وجدي راغب صفحة 108.

(20)(20) أحمد المليجي صفحة 1115، فتحي والي بند 27 صفحة 52، وجدي راغب صفحة 104.

(21)(21) أحمد المليجي صفحة 1119.

(22)(22) أحمد المليجي صفحة 1025.

(23)(23) ويطلق عليه النفاذ المعجل القانوني أو الحتمي أو الوجوبي.

(24)(24) فتحي والي بند 33 صفحة 59.

(25)(25) وجدي راغب صفحة 77، فتحي والي بند 33 صفحة 59و60.

(26)(26) أحمد المليجي صفحة 1047 و1048.

(27)(27) أحمد المليجي، صفحة 1025.

(28)(28) رمزي سيف، قواعد تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية، طبعة 8، 1969، بند 52 صفحة 52 ، وجدي راغب صفحة 79. أحمد المليجي صفحة 1059.

(29)(29) فتحي والي بند 34 صفحة 66. وعكس ذلك أحمد أبو الوفا بند 38 صفحة 95، حيث يرى أن مجرد شمول الحكم بالنفاذ المعجل تطبيقا للمادة 290 مرافعات مصري المقابلة للمادة 23 تنفيذ فلسطيني يشف عن سبب هذا الشمول ولا يتطلب تبريرا خاصا، ويكون لمحكمة الطعن مراجعة هذا التقدير بعدئذ تطبيقا للمادة 26 من قانون التنفيذ.

(30)(30) أحمد أبو الوفا، بند 37 صفحة 91.

(31)(31) أحمد المليجي صفحة 1061.

(32)(32) رمزي سيف بند 36 صفحة 39، وجدي راغب صفحة 88.

(33)(33) عبد الله الفرا، صفحة 68.

(34)(34) رمزي سبق بند 34 صفحة 36، فتحي والي بند 41 صفحة 80. عكس ذلك أحمد أبو الوفا التعليق ج1 صفحة 567، وجدي راغب صفحة 99، حيث يرى أن الحكم بوقف التنفيذ باعتباره حكما وقتيا يؤدي وظيفة وقائية بحتة تنصرف إلى المستقبل، أي إلى التنفيذ اللاحق ولا يؤدي بطبيعته وظيفة جزائية ترد على ما تم من تنفيذ قبل صدوره.

(35)(35) نبيل عمر وأحمد خليل وأحمد هندي، التنفيذ الجبري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2005، بند 86 صفحة 195.

(36)(36) عبد الباسط جميعي صفحة 110.

(37)(37) فتحي والي بند 25 صفحة 44.

(38)(38) أحمد أبو الوفا، التعليق على نصوص قانون المرافعات الجديد، جزء 2 صفحة 570، وجدي راغب صفحة 102.

(39)(39) فتحي والي بند 42 صفحة 83.

(37)(37) يرجع لكتابنا الوجيز في شرح القانون التجاري، الجزء الثالث، الأوراق التجارية، الطبعة الخامسة، 2019، المكتبة الأكاديمية، صفحة 262 – 267. والملتزم بالوفاء بقيمة سند السحب والشيك هو المسحوب عليه لذلك اكتفى المشرع بالنسبة للشيك وجود بيان على الشيك صادر عن البنك المسحوب عليه أو غرفة المقاصة يذكر فيه أن الشيك قدم في الوقت المحدد (أي خلال ثلاثين يوما من التاريخ المبين عليه) ولم تدفع قيمته. أما بالنسبة للكمبيالة فيكون الاحتجاج بورقة رسمية من خلال كاتب العدل. ويقدم خلال أحد يومي العمل التاليين ليوم الاستحقاق. ويرسل إلى موطن الملتزم بالوفاء أي الساحب أو المحرر. بينما يتم إرسال إشعار للمظهر خلال أربعة أيام العمل التالية ليوم الاحتجاج. ولكن ليس هناك طريقة لإجراء الإشعار فيجوز أن يكون شفاهة أو كتابة. ويفضل إرساله بالبريد مع علم الوصول تلافيا لصعوبة الإثبات، على أن يرسل خلال الميعاد ويعد الميعاد مرعيا ولو وصل للمرسل إليه بعد انتهاء هذه المدة.

(38)(38) المادة (30) من قانون التنفيذ.

(39)(39) المادة (31) من قانون التنفيذ.

(40)(40) أما بالنسبة لوجود قرار تحكيم فلسطيني سابق، فإن كان هذا القرار قد تم تصديقه من المحكمة المختصة قبل صدور حكم التحكيم الأجنبي، يعد ذاك مانعا من تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي. أما إن لم يكن قد تم تصديقه ولجأ الطرفان إلى التحكيم الأجنبي فإن هذا يعد تنازلا عن قرار التحكيم الوطني.