الفصل الثاني – العمليات المصرفية الإسلامية

تستخدم المصارف الإسلامية عمليات المرابحة والمشاركة والمضاربة، كأساليب في توظيف الأموال المتجمعة لديها. ونبين كل نوع من هذه العمليات باختصار على التوالي

المبحث الأول

عقد المرابحة للآمر بالشراء (1)

تعد المرابحة المصرفية من أهم صيغ التمويل الأكثر تطبيقا في العمليات المصرفية الإسلامية؛ حيث بدأ استخدامها مع بداية نشأة المصارف الإسلامية عام 1975، حيث يقوم المصرف من خلال هذه العملية بتمويل النشاطات الاستثمارية في مجال التجارة والصناعة والاحتياجات الشخصية لمختلف العملاء، فهي تمكن العملاء من شراء مختلف البضائع والسلع كالآلات والمواد الخام والأثاث والسيارات وغيرها؛ من السوق المحلي أو الدولي.

ويهدف المصرف من هذا التمويل استثمار الأموال المودعة لديه وتحقيق الربح المشروع الخالي من الربا أو شبهته، وخدمة عملائه بالأساليب الشرعية المطبقة للمرابحة.

ونبين تعريف المرابحة وشروط عقد بيع المرابحة في مطلب أول، ثم مراحل عقد المرابحة للآمر بالشراء في مطلب ثان، ثم الضوابط الشرعية لبيع المرابحة للآمر بالشراء والفرق بين التمويل بالمرابحة والتمويل المصرفي التقليدي في مطلب ثالث.

المطلب الأول

تعريف المرابحة وشروط عقد بيع المرابحة

تعريف المرابحة:

المرابحة في اللغة هي تحقيق الربح.

وفي الاصطلاح، توجد تعريفات عديدة للمرابحة لدى الفقهاء، وهي وإن اختلفت في الصياغة إلا أن دلالتها واحدة، حيث تدور حول بيع السلعة بثمن شرائها مع إضافة ربح معلوم؛ سواء بنسبة محددة من الثمن أو بمبلغ محدد، وقد يكون بيع المرابحة نقدا؛ كما قد يكون مؤجلا بدفعة واحدة أو مقسطا.

فبيع المرابحة هو أسلوب من أساليب التمويل المباشر، أي نوع من بيوع الأمانات التي تعتمد على إخبار المشترين بثمن السلعة وتكلفتها التي قامت على البائع وما هي زيادته عليها. وهي نوعان:

النوع الأول المرابحة البسيطة، وهي أن يشتري شخص سلعة بثمن؛ ثم يبيعها لآخر بالثمن الأول وزيادة. مثل البيوع التي يقوم بها التجار في العادة، فهم يشترون السلع؛ ويبيعونها لمن يرغب في شرائها بربح في العادة. وقد يكون البيع مساومة دون ذكر الثمن الأول (التكلفة)، أو أمانة أي ذكر ثمنها الأول، وسواء كان الثمن حالا أو مؤجلا أو مقسطا.

والنوع الثاني المرابحة للآمر بالشراء وتسمى أيضا المرابحة المركبة، وهي إحدى بيوع الأمانة، حيث يقوم من يريد شراء سلعة معينة بالطلب إلى شخص آخر بأن يشتري له تلك السلعة؛ ويعده بأن يشتريها منه بربح معين. ويسمى من يريد السلعة بالآمر بالشراء، بينما يسمى الشخص الآخر بالمأمور بالشراء أو البائع. وعادة يتم دفع الثمن بموجب أقساط شهرية متساوية؛ أو دفعة واحدة بعد أجل محدد. وتكيّف هذه العملية على أنها عملية مركبة لأنها تتضمن وعدا بالشراء؛ وبيعا بالمرابحة، حيث إن المأمور أو البائع لا ينفذ هذا البيع إلا بعد تملكه للسلعة موضوع المعاملة.

وهذ النوع الثاني هو محل دراستنا، ففي حالة المصارف الإسلامية فإن المرابحة المصرفية تعني توسط المصرف لشراء سلعة بناء على طلب عميله، ثم بيع هذه السلعة للعميل بالأجل بثمن يساوي التكلفة الكلية للشراء مع ربح معلوم متفق عليه بينهما، مع بيان التكلفة الحقيقية ومقدار الربح. ويقصد بالتكلفة الكلية للشراء، ثمن شراء السلعة مضافا إليه جميع النفقات التي يدفعها المصرف لحيازة السلعة.

شروط عقد بيع المرابحة

يشترط في عقد بيع المرابحة الشروط العامة في عقد البيع التي تتمثل في أركان العقد حتى يقع صحيحا، وهي: صيغة التعاقد أي وضوح دلالة الإيجاب والقبول وتطابقهما واتصالهما. وطرفا العقد (البائع والمشتري في عقود البيع) من حيث الأهلية وسلامة الإرادة من العيوب. والمحل أو المتعاقد عليه (السلعة) من حيث كونه خاليا من الجهالة والغرر وغير ذلك من التفصيلات التي هي في الأصل شروط عقد البيع بمعناه العام.

وبالإضافة لهذه الشروط يختص بيع المرابحة بشروط خاصة لصحته أهمها:

  1. أن يكون الثمن الأول معلوما للمشتري الثاني، لأن المرابحة بيع بالثمن الأول والمصروفات المعتبرة، ومعرفة الثمن شرط لازم في عقود المرابحة لكونها من عقود الأمانة، فإذا لم يعلم الثمن الأول في مجلس العقد كان البيع فاسدا لأن الجهالة فيه تؤدي إلى فساد عقد البيع.
  2. أن يكون الربح معلوما، لأنه جزء من الثمن والعلم بالثمن شرط في صحة البيع.
  3. أن يكون العقد الأول خاليا من أموال الربا، أي ألا يكون الثمن في العقد الأول مقابلا لجنسه من أموال الربا، لأن المرابحة هي بيع مرتب على الثمن الأول مع زيادة، والزيادة مع اتحاد الجنس (قمح بقمح، ذهب بذهب، فضة بفضة، نقد بنقد) ربا وليس ربحا، لذلك لا يجوز إجراء المرابحة المؤجلة في الذهب والفضة والعملات.
  4. أن يتملك المصرف السلعة بطريقة الملكية المتعارف عليها في المجتمع المتعامل فيه.
  5. أن يكون العقد الأول صحيحا، فإن كان فاسدا لم يجز البيع، لأن ما يبنى على فاسد فهو فاسد أيضا.

المطلب الثاني

مراحل عقد المرابحة للآمر بالشراء

تمر عملية المرابحة للآمر بالشراء بمراحل ثلاثة:

المرحلة الأولى: طلب الأمر بالشراء، وتشمل خطوات ثلاثة:

  1. يحدد العميل السلعة التي يرغب في شرائها عن طريق المصرف الإسلامي، وجهة الشراء، ويقدم طلبا إلى المصرف لشراء هذه السلعة، وذلك بتعبئة نموذج يسمى طلب شراء مرابحة، حيث يقوم موظف المصرف باستيفاء كافة البيانات والمعلومات الخاصة بهذه السلعة، وخاصة مواصفاتها؛ ومصدرها؛ وكميتها؛ وموردها؛ وثمنها الأصلي؛ والمستندات الضرورية من العميل؛ وشروط ومكان التسليم … وغيرها من البيانات.
  2. يقوم المصرف بدراسة الجدوى لطلب الشراء المقدم من العميل الآمر بالشراء؛ دراسة مستوفية، حيث يتحقق من مصداقية البيانات والمعلومات المقدمة من العميل، وما يتعلق بالسلعة وقابلية تسويقها؛ والمخاطر المصاحبة لها، والجانب الشرعي للاتجار بها، وتكلفة شراء السلعة ونسبة الربح المصاحبة لها، وكافة الضمانات المقدمة من العميل، والأقساط ومواعيد دفعها … الخ.
  3. الوعد بالشراء، إذا تم الاتفاق بين المصرف والعميل على تنفيذ بيع المرابحة للآمر بالشراء، يتم تحرير نموذج المواعدة، حيث يعد العميل (المشتري) بشراء السلعة من المصرف مرابحة بتكلفتها؛ مع زيادة نسبة أو مقدار الربح المتفق عليه. كما يتضمن هذا الوعد أيضا شروط الدفع والسداد لقيمة السلعة. ويجوز أن يعد مستند واحد موقع عليه من قبل العميل يشمل الرغبة في الشراء والوعد، سواء كان محررا من قبل العميل أو نموذجا معتمدا من قبل المصرف يوقع عليه العميل.

المرحلة الثانية: الاتصال بالمورد والتعاقد معه، يقوم المصرف بالتواصل مع المورد (وهو البائع الأول الذي يمتلك السلعة المطلوبة)، ويتم التعاقد معه على شراء السلعة، بحيث يتملك المصرف السلعة وتصبح في حيازته. وأهم البيانات التي يجب توافرها في عقد الشراء من المورد، الثمن الأصلي للسلعة حسب سعر الفاتورة، والتكاليف المصاحبة لعملية الشراء حتى وصول السلعة لمخازن المصرف أو المكان المتفق عليه، ومكان وتاريخ تسليم السلعة، وتكون المخاطر المصاحبة لعملية الشراء والنقل من مسئولية المصرف، حيث يتحمل المصرف بعد شرائه السلعة وقبل بيعها بالمرابحة إلى العميل؛ تبعة الهلاك ومسئولية ظهور أي عيب فيها. ويجوز أن يقوم المصرف بتوكيل العميل بتسلم السلعة نيابة عنه؛ بصفته وكيلا عن المصرف، حيث يتولى تسلم السلعة ويشعر المصرف بحسن تنفيذ الوكالة، فيقوم المصرف بدفع الثمن للبائع.

المرحلة الثالثة: التعاقد مع العميل الآمر بالشراء، فبعد أن يتملك المصرف السلعة وتصبح في حيازته، يتصل بالعميل لإتمام عملية البيع وكتابة العقد الذي يشتمل على البيانات التالية: طرفا العقد، وثمن السلعة الأصلي مضافا إليه المصروفات المصاحبة لعملية الشراء، ومبلغ الربح المضاف، ومبلغ ضمان الجديّة، وقيمة كل قسط، والمدة الزمنية للسداد، والضمانات المقدمة من العميل، حيث يجوز توثيق الدين الناتج عن المرابحة بكفيل أو رهن شأنه في ذلك شأن أي بيع بالأجل. وبعدها يقوم المصرف بتسليم السلعة للعميل في المكان المتفق عليه.

ولما كان المصرف في بيع المرابحة للآمر بالشراء لا يشتري السلعة إلا بناء على طلب العميل ووعده بشرائها من المصرف، فإن السؤال هو: هل الوعد ملزم للعميل أم لا؟ وما أثر نكول العميل عن الشراء؟

وللإجابة على هذا السؤال نجد أن الفقه الإسلامي قد اختلف في حكم الوعد. فبينما ذهب بعض الفقهاء إلى أن الوعد ملزم، ويمكن تنفيذه قضاء، ويترتب على من نكل عن وعده تعويض الضرر الذي يلحق بالموعود له. ذهب رأي آخر وهو رأي أبي حنيفة، أن الوعد ملزم ديانة وغير ملزم قضاء، ولا يترتب على النكول عنه أية مسئولية.

وقد أخذ القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 بالرأي الأول، فنص في المادة (106) منه على أنه (إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه الآخر طالبا تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللازمة للعقد وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة، قام الحكم متى حاز قوة القضية المقضية مقام العقد). وبناء على هذا النص فإن طرفي العقد يلتزمان بالوعد الذي قطعه كل منهما للآخر، فالآمر بالشراء ملزم بشراء السلعة طالما هي مطابقة للمواصفات المحددة، والمصرف ملزم ببيع السلعة للآمر بالشراء.

في حين وفق مجلة الأحكام العدلية السارية في المحافظات الشمالية من فلسطين (الضفة الغربية) والمستمدة من الفقه الحنفي، فإن الوعد غير ملزم، فإذا نكل العميل عن وعده لا يترتب عليه أي إلزام، ولا يغير من الأمر شيئا النص في طلب الأمر بالشراء أن العميل ملزم بالوعد. لذلك وللتخلص من إشكالية الوعد وإلزاميته، يحق للمصرف عند شراء السلعة أن يضمن العقد حق الخيار له خلال مدة معقولة، فإذا لم يشتر العميل السلعة؛ أمكنه ردها إلى البائع ضمن تلك المدة بموجب خيار الشرط المقرر شرعا، والمنصوص عليه في المادة 300 من المجلة.

كما أنه يمكن للمصرف في الوعد الملزم، أن يأخذ من العميل مبلغا نقديا على سبيل الأمانة يسمى هامش أو ضمان الجديّة، ليطمئن إلى إمكان تعويضه في حالة نكول العميل عن وعده، فإذا تم الشراء اعتبر هذا المبلغ جزءا من الثمن. وإذا نكل العميل عن شراء السلعة المطلوبة لأي سبب، بعد أن قام المصرف بشرائها، يقوم المصرف ببيعها لطرف ثالث، فإذا بيعت بذات الثمن المتفق عليه أو أكثر منه، يرد للعميل مبلغ ضمان الجديّة، وإذا بيعت بأقل من الثمن المتفق عليه يغطى الفرق من مبلغ ضمان الجديّة ويرد الباقي للعميل إن وجد. وإذا كان الضرر أكبر من مبلغ ضمان الجديّة طالب العميل بالفرق. علما بأن التطبيق العملي يشير إلى ندرة حالات النكول عن الشراء، لأن العميل لا يلجأ للمصرف إلا لكونه بحاجة للسلعة التي طلب شراءها.

أما إذا كان الوعد غير ملزم، كما هو الحال عندنا، فإن حصول المصرف على مبلغ هامش أو ضمان الجديّة يوفر على المصرف في حالة الخلاف مع العميل، مشقة وعبء اللجوء للقضاء، ويلقي بهذا العبء على عاتق العميل.

المطلب الثالث

الضوابط الشرعية لبيع المرابحة للآمر بالشراء

تتمثل أهم الضوابط الشرعية لعقد بيع المرابحة في الآتي:

  1. يجب على المصرف التأكد من أن المبيع بالمرابحة مما يجوز التعامل به شرعا، فلا تجوز المرابحة في المحرمات كالخمور والخنزير وغيرها.
  2. لا يجوز للمصرف توقيع عقد بيع السلعة مرابحة قبل تملكه لها وقبضها حقيقة أو حكما، كاستلام مستندات الشحن أو شهادة التخزين التي تعين البضاعة من المخازن التي تدار بطرق مناسبة موثوق بها مثلا. ويجب أن يكون عقد شراء السلعة والوثائق والمستندات الصادرة عند إبرام هذا العقد باسم المصرف وليس العميل.
  3. يجب أن يتأكد المصرف أن البائع للسلعة ليس العميل ذاته أو وكيله، لأنه لا يجوز للمصرف شراء السلعة من الواعد بالشراء نفسه؛ ثم في الوقت ذاته بيعها له مرابحة بالأجل بثمن أكبر، لأن ذلك من بيوع العينة المحرمة شرعا. كما يجب أن يدفع المصرف الثمن للبائع بنفسه وعدم إيداع الثمن في حساب العميل.
  4. الحد الأدنى لتحقق متطلب القبض الشرعي للسلعة هو تحمل المصرف تبعة هلاكها أو هبوط سعرها. لذلك لا يجوز تحميل العميل ضمان ما يطرأ على السلعة من أضرار خلال فترة الشحن والتخزين، ويكون التأمين على السلعة من مسئولية المصرف بصفته مالكها، وبالتالي فإن أي تعويض يكون من حقه وحده دون العميل.
  5. يجب على المصرف الإفصاح للعميل عن تكلفة السلعة وتفاصيل المصروفات المباشرة التي تدخل في الثمن، كمصاريف النقل والتخزين ورسوم الاعتماد المستندي وأقساط التأمين. وكل خصم يحصل عليه المصرف من البائع بخصوص السلعة المباعة ذاتها ولو بعد العقد، يستفيد منه العميل بتخفيض الثمن الإجمالي بنسبة الخصم.
  6. للمصرف الحق في حساب الربح الذي يرضى به بالطريقة التي يراها مناسبة، أي مبلغا مقطوعا أو نسبة معينة من التكلفة. ولا مانع من استخدام أحد مؤشرات التمويل المعتمدة لتحديد مبلغ المرابحة، وأن يلحظ مدة الأجل عند حساب هذا المبلغ. ولكن لا يجوز للمصرف بعد توقيع العقد وثبوت دين المرابحة في ذمة العميل؛ المطالبة بزيادة هذا الدين سواء بسبب زيادة الأجل أو التأخر عن السداد لعذر أو بغير عذر.
  7. يجوز للعميل أن يحصل على عروض بأسعار السلعة باسمه الخاص؛ وعندها تعتبر إرشادية ليس لها صفة الإيجاب، فإذا كان العرض باسم المصرف يعتبر إيجابا من البائع يبقى قائما إلى انتهاء المدة المحددة فيه، فإذا صدر قبول من المصرف انعقد البيع تلقائيا بينه وبين البائع.
  8. لا يجوز إجراء المرابحة المؤجلة في الذهب أو الفضة أو العملات.
  9. يجب على المصرف إبرام عقد بيع المرابحة بعقد منفصل عن الوعد بالشراء.
  10. يجوز للمصرف أن يطلب ضمانات مشروعة أو الحصول على كفالة طرف ثالث أو رهن مال منقول أو عقار أو رهن السلعة محل العقد رهنا رسميا.
  11. يجوز للمصرف والعميل الواعد بالشراء عند إبرام عقد بيع المرابحة الاتفاق على تعديل بنود العقد عما تم الاتفاق عليه في الوعد، سواء بالنسبة للربح أو الأقساط أو الأجل أو غيرها.
  12. لا يجوز للمصرف أن يأخذ من العميل أي مبلغ نقدي في مرحلة المواعدة بأي شكل كان، سواء كان عربونا أو دفعة مقدمة من ثمن البضاعة التي سيشتريها أو هامش الجديّة أو أي مبلغ نقدي آخر.
  13. لا يجوز اشتراط عدم انتقال ملكية السلعة للعميل إلا بعد سداد الثمن، ولكن يجوز إرجاء تسجيل السلعة باسم العميل المشتري لضمان سداد ثمن السلعة مع الحصول على تفويض من العميل للمصرف ببيع السلعة إذا تأخر في سداد الثمن.
  14. لا يجوز إلزام العميل بشراء السلعة في حال امتناعه عن إبرام عقد المرابحة، ولكن يجوز للمصرف أن يحصل على تعويض في حال الضرر الناشئ عن رفض العميل وعده بالشراء.
  15. لا يجوز أن يعطى العميل توكيلا بأن يشتري لحساب المصرف ويبيع لنفسه بربح محدد متفق عليه في حدود سقف متفق عليه، وهو ما يعرف بالمرابحة المدورة.
  16. إذا خشي المصرف من عدول العميل عن الشراء، فيجوز للمصرف أن يشتري السلعة بالخيار ليتمكن من رد السلعة في حال العدول.

الفرق بين التمويل بالمرابحة والتمويل المصرفي التقليدي:

  1. تقوم المرابحة على وجود ركيزة السلعة فيها، فلا تصح المرابحة بلا وساطة سلعية، حيث يترتب على العقد التزام المصرف البائع بتسليم السلعة المتفق عليها للعميل المشتري، مقابل التزام العميل بثمن مؤجل يسدده على أقساط أو في أجل متفق عليه.
  2. المديونية الناتجة عن المرابحة ذات سقف معلوم ومحدد وغير قابل للزيادة نظير الأجل، بينما في التمويل التقليدي يزداد سقف المديونية نظير تأخير الأجل في حالتي التعثر أو التأجيل.
  3. عملية المرابحة هي عملية متاجرة بواسطة شراء سلعة وإعادة بيعها بالأجل للمشتري، فهي ليست عملية إقراض نقدي كالقروض المصرفية التقليدية. وبهذا يتضح الفرق بين البيع والربا، إذ ليس من العدل التسوية بين المتاجرة بالسلعة والمتاجرة بالنقود.

المبحث الثاني

المشاركة

تقوم فكرة التمويل بالمشاركة على أساس أن المصرف يعتبر شريكا للعميل حيث تربطه علاقة شريك بشريك وليس علاقة دائن بمدين. وتكمن المشاركة في كون المصرف يملك المال فقط، والعميل يملك المال والعمل معا، حيث يتقاسم الطرفان الربح والخسارة معا؛ وفق نسب يتم الاتفاق عليها مسبقا.

أنواع صيغ المشاركة:

المشاركة باختلاف مدة كل منها، نوعان هما:

  1. المشاركة قصيرة الأجل: حيث يتفق الطرفان على مدة محددة للتمويل، كأن يقوم المصرف بتمويل جزء من رأس المال العامل لدورة واحدة للنشاط الجاري؛ أو لسنة مالية، أو بتمويل عملية محددة مثل عملية توريد معينة؛ أو مقاولة إنشاء مبنى معين، أو نقل صفقة معينة خلال فترة محددة قصيرة الأجل، وبعد انتهاء المدة يقوم المصرف والعميل باقتسام الأرباح أو العائد وفقا للنسب المتفق عليها.
  2. المشاركة طويلة الأجل: وهي مشاركة تتضمن شراء أصول رأسمالية إنتاجية يتم تشغيلها لسنوات لتعطي عائدا، كإنشاء مصنع أو شركة أو خط إنتاج. وهذه المشاركة نوعان:
  1. الشركة الثابتة برأسمال مشترك: حيث يقوم المصرف بالمساهمة في رأسمال المشروع الذي يتقدم به العميل أيا كان نوع هذا المشروع، صناعيا أو تجاريا؛ أو سلعيا، وذلك وفق حصة مشاركة ثابتة لكلا الطرفين، ويتم اقتسام الربح بنسبة مساهمة كل منهما في رأس المال، ووفقا لهذه الصيغة يستمر المصرف في تمويل المشروع ما دام قائما ومستمرا ويعمل.
  2. المشاركة المتناقصة: وتعرف بالمشاركة المنتهية بالتمليك، وهي تصلح لتمويل المشروعات الصناعية والمزارع والمستشفيات ولأي مشروع يمكن أن ينتج دخلا منتظما، وتعتبر أهم أساليب التمويل بالمشاركة التي تستخدمها المصارف الإسلامية، لأن المصرف يمنح الفرصة لشريكه لامتلاك المشروع خلال مدة معينة، لأنه لا يقصد من عقد المشاركة الاستمرار في المشاركة إلى حين انتهاء الشركة، بل يكون للشريك الحق في أن يحل محله في ملكية المشروع.

المبحث الثالث

المضاربة

عرفت المادة 1404 من مجلة الأحكام العدلية المضاربة بأنها نوع شركة على أن رأس المال من طرف والسعي والعمل من طرف آخر ويقال لصاحب رأس المال رب المال وللعامل مضارب.

فالمضاربة هي عبارة عن عقد بموجبه يسلم شخص مبلغا من المال لشخص آخر ليتاجر به على أن يقتسما الربح وفق الشروط المتفق عليها بينهما، الثلث أو النصف مثلا، فهي شركة يكون فيها رأس المال من رب المال والعمل من الآخر الذي يسمى المضارب، حيث يقوم المضارب بالعمل في المال المقدم له، ويقسم الربح بين رب المال والمضارب بنسب معلومة، أما الخسارة فيتحملها رأس المال، ما لم يثبت أن المضارب قد قصّر أو أهمل في عمله أو أخل بأحد شروط المضاربة.

وفي المضاربة المصرفية وتسمى المشتركة أو المتعددة، يقوم المصرف الإسلامي باعتباره مضاربا بعرض استثماره لمدخرات أصحاب الأموال، وفي المقابل يعرض المصرف باعتباره صاحب مال أو وكيل عن أصحاب الأموال على أصحاب المشروعات الاستثمارية؛ استثمار تلك الأموال على أن توزع الأرباح حسب الاتفاق بين الأطراف الثلاثة، والخسارة على صاحب المال. (1)

نوعا المضاربة: نصت المادة 1406 من المجلة على أن المضاربة قسمان مضاربة مطلقة ومضاربة مقيدة.

  1. المضاربة المطلقة: وهي وفق نص المادة 1407 من المجلة التي لا تتقيد بزمان ولا مكان ولا نوع تجارة ولا بتعيين بائع ولا مشتر. فهي مضاربة مفتوحة يترك فيها المصرف للمضارب حرية التصرف وفقا لإرادته، ولا يقيده بقيود معينة مثل ممارسة المضاربة في نشاط اقتصادي معين أو في مكان معين أو فترة زمنية محددة، وغيرها من القيود التي يراها المصرف كفيلة لحفظ ماله وتأمين مخاطر هلاكه.
  2. المضاربة المقيدة: وهي وفق المادة 1407 من المجلة، التي تقيد بواحد من القيود السابقة، مثلا إذا قال في الوقت الفلاني أو في المكان الفلاني أو اشتر الأموال الفلانية أو عامل فلانا وفلانا أو أهالي البلدة الفلانية. فهذا النوع من المضاربة يضع فيها المصرف قيودا وشروطا تقيد حركة المضاربة في إجراء أعمال المضاربة سواء فيما يتصل بالنشاط الاقتصادي أو المكان أو الزمان أو الأفراد الذين سوف تتعلق بهم عملية المضاربة، ويتم النص على القيد أو الشرط عند كتابة عقد المضاربة وقبل مباشرة أي عمل يتصل بها.

(1)(1) يرجع إلى أحمد قاسم عوض نعيرات، المصارف الإسلامية في فلسطين ومدى التزامها بمعايير المرابحة الشرعية، البنك الإسلامي الفلسطيني والبنك الإسلامي العربي نموذجا، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، 2015.

سهى مفيد أبو حفيظة وآخرين، المرابحة للآمر بالشراء في البنوك الإسلامية في فلسطين، المجلة الدولية للبحوث الإسلامية والإنسانية المتقدمة، الجامعة الوطنية الماليزية، المجلد 5 العدد 10 أكتوبر 2015 صفحة 19-32.

سعيد عبد محمد ومي حمودي عبد الله، عقد بيع المرابحة في المصارف الإسلامية، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد الحادي والثلاثون 2012.

إضاءات، نشرة يصدرها معهد الدراسات المصرفية، دولة الكويت، فبراير-مارس 2010 العدد الثالث.

(1)(1) مفلح فيصل الجراح، المضاربة في البنك الإسلامي الأردني، الواقع والمعوقات والحلول، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، مج 13 عدد 4، 2017 صفحة 209، وقد بين الباحث في بحثه أن استثمارات البنك افتقرت تماما إلى التمويل بصيغة المضاربة نتيجة مخاطر عديدة تناولها في بحثه بالتفصيل. ويرجع في شروط المضاربة وأحكامها إلى المواد 1408 – 1430 من مجلة الأحكام العدلية وشرحها لمحمد خالد الأتاسي المجلد الرابع، دار الثقافة للنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2017 صفحة 298 وما بعدها.