الفصل الثاني – حضور الخصوم وغيابهم

      تنص المادة (65) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أنه ” يعرض ملف الدعوى على رئيس المحكمة أو القاضي المختص بعد إقامتها لتعيين جلسة للنظر فيها ويبلغ موعد هذه الجلسة إلى الخصوم ، مع مراعاة أحكام المادة (62) من هذا القانون “.

      وحيث إن هذا النص لم يبين وقت عرض ملف الدعوى على رئيس المحكمة لتعيين موعد الجلسة ، فإنه يمكن تعيين الجلسة بإحدى طريقتين :

      الطريقة الأولى ، أن يعرض ملف الدعوى على رئيس المحكمة أو القاضي المختص مباشرة بعد إقامة الدعوى ، بحيث يتم تعيين موعد الجلسة مع الأخذ بعين الاعتبار الفترة المقررة للتبليغ والمدة المحددة لتقديم اللائحة الجوابية ، وهي يومان لقلم المحكمة ، وسبعة أيام لمأمور التبليغ (المحضر) وخمسة عشر يوما للمدعى عليه ، بمعنى أن يحدد موعد الجلسة في وقت بعد ستة وعشرين يوما على الأقل من قيدها في قلم كتاب المحكمة. وفي هذه الحالة يبلغ المدعى عليه موعد الجلسة مع لائحة الدعوى، وهذه الطريقة تختصر إجراءات تبليغ المدعى عليه في مرة واحدة بدل تبليغ لائحة الدعوى أولا ، ثم تبليغ موعد الجلسة بعد ذلك .

      الطريقة الثانية، أن تبلغ لائحة الدعوى للمدعى عليه، وبعد تقديم اللائحة الجوابية أو انتهاء المدة المحددة لتقديمها ، يعرض ملف الدعوى على رئيس المحكمة أو القاضي المختص لتعيين موعد الجلسة ، ويتم تبليغ الطرفين بهذا الموعد .(1)

      وسوف نتكلم في حضور الخصوم أمام المحكمة ، ثم في غيابهم ونبين بعد ذلك حكم وفاة أحد الفرقاء أو إعلان إفلاسه أو فقده لأهلية الخصومة في المباحث التالية .

المبحث الأول

الحضور في المحكمة

      متى تم تبليغ موعد الجلسة للخصوم ، وجب عليهم الحضور أمام المحكمة في اليوم والساعة المحددين بمذكرة التبليغ لإبداء ما لديهم من طلبات ودفوع . وإذا تخلف الخصم عن الحضور فلا يكره على ذلك ، ولكن تخلفه لا يمنع المحكمة من نظر الدعوى والحكم فيها وذلك حتى لا يؤدي تهرب الخصم أو إهماله إلى عرقلة سير العدالة . إلا أن هذا لا يعني أن حضور الخصوم كغيابهم لا يؤثر على سير الدعوى وهو ما سنراه عند الكلام عن الغياب .

      وتبدأ الإجراءات في جلسة المحاكمة بالمناداة على الخصوم ومثولهم أمام المحكمة ، وإثبات الحضور بمحضر الجلسة ، والأصل أن يكون الحضور للخصوم أنفسهم . ويجوز لكل من الطرفين أن يوكل محاميا عنه بموجب صك وكالة مسجلة حسب الأصول . وللمحامي حق التصديق على تواقيع موكليه على الوكالات الخصوصية ، ويكون المحامي مسؤولا  شخصيا عن صحة هذه التواقيع . أما الوكالات العامة التي تتضمن قيام المحامي عن موكله بجميع ما يتعلق بالأمور والأعمال التي تدخل ضمن اختصاص المحاكم فيتم تنظيمها لدى كاتب العدل (1) .

      ويجوز للمحامي أن يفوض محاميا آخر لينوب عنه في أية إجراءات قضائية أو ليرافع عنه في أية جلسة ما لم يكن هناك نص في الوكالة يمنع مثل هذه الإنابة. ويعطى هذا التفويض بصورة مكتوبة ويوقع عليه ولا يستوفى عنه رسم ولا يلصق عليه طوابع (2) . لذلك قررت محكمة النقض أن انشغال وكيل الطاعن لدى محكمة أخرى لا يعتبر عذرا مشروعا لعدم حضور الجلسة لأن بإمكانه وفق القانون أن ينيب أحد زملائه للحضور .(3)

      وعلى الوكيل أن يثبت وكالته عن الخصم ، وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تطالبه بتقديم الدليل عليها فهذه المسألة تتعلق بالنظام العام . ويكون إثبات الوكالة بتقديم توكيل خاص يتعلق بخصومة معينة أو توكيل عام . ويجب أن يودع التوكيل الخاص بملف الدعوى ، أما إذا كان التوكيل عاما فتكتفي المحكمة بالاطلاع عليه وإثبات رقم التوكيل، وتاريخه ، والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة . ويجوز للمحكمة إذا شاءت أن تحتفظ بصورة عنها يصدقها رئيس القلم وتكون تابعة لرسم الابراز .

      وقد نصت المادة (61) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أنه ” لا تقبل دعوى في محاكم البداية أو الاستئناف أو النقض دون محام مزاول.” وعلى ذلك أصبح التوكيل أمام هذه المحاكم إلزاميا ، ولم يعد كافيا مجرد توقيع المحامي على اللائحة . كما هو منصوص عليه في الفقرة 5/ب من المادة 20 من قانون تنظيم مهنة المحاماة المعدل رقم 3 لسنة 1999 .

      ويترتب على التوكيل بالخصومة الآثار التالية :

  1. كل ما يجوز للفرقاء عمله أو القيام به أمام المحكمة يجوز أن يعمله أو يقوم به المحامي ، وإذا كان أحد الفرقاء شركة أو جمعية أو هيئة ، يجوز أن يقوم أي موظف من موظفيها المفوضين حسب الأصول بكل ما يمكنها أن تقوم به بموجب قانون أصول المحاكمات .
  2. أن كل ورقة بلغت إلى محامي أي فريق من فرقاء الدعوى تعتبر أنها بلغت بصورة قانونية إلى الموكل إذا كان مفوضا بالتبليغ .
  3. يجوز لأي فريق ينوب عنه محام مدعياً كان أو مدعى عليه أن يعزل محاميه في أي دور من أدوار المحاكمة ، وذلك بإبلاغ المحكمة إشعاراً بهذا العزل ، وتبليغ نسخة منه إلى الفرقاء الآخرين .
  4. لا يجوز للمحامي أن يتنازل عن التوكيل في وقت غير مناسب . ويجب عليه أن يخطر موكله بكتاب موصى عليه بتنازله عن التوكيل وأن يستمر في إجراءات الدعوى شهرا على الأقل متى كان ذلك لازما للدفاع عن مصالح الموكل(1) .
  5. إذا تعدد الوكلاء يجوز لأحدهم الانفراد بالعمل في القضية ما لم يكن ممنوعاً من ذلك بنص صريح في التوكيل .

      وتنقضي الوكالة بأحد الأسباب التالية :

  1. صدور حكم في موضوع الدعوى أمام درجة التقاضي الموكل فيها .
  2. اعتزال الوكيل الوكالة قبل الفصل في الدعوى .
  3. عزل الوكيل .
  4. موت الموكل أو الوكيل .

      ويلاحظ أن موت الوكيل أو انقضاء الوكالة بالانسحاب أو بالعزل لا يترتب عليه وقف إجراءات الخصومة ، وإنما للمحكمة أن تمنح أجلا مناسبا للخصم الذي مات وكيله أو انقضت وكالته لتعيين وكيل جديد .


(1) أخذ بهذه الطريقة قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني فنص في المادة 59/3 منه على أنه : 3- بعد انقضاء ثلاثة أيام من تاريخ تبيلغ جواب المدعى عليه للمدعي أو اليوم = = التالي لانقضاء الأجل الذي كان ينبغي أن يتم الجواب فيه يعرض قلم الكتاب على رئيس المحكمة أو القاضي المختص إضبارة الدعوى لتعيين جلسة للنظر فيها ويبلغ موعد هذه الجلسة إلى المدعي والمدعى عليه حسب الأصول ، وللمحكمة أن ترجئ تعيين الجلسة وتسمح للمدعي بالرد على الجواب إن طلب إليها ذلك.

(1) المادة 20/4/ج،د من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 3 لسنة 1992 المعدل .

(2) المادة 20/4/أ من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 3 لسنة 1992 المعدل .

(3) نقض مدني 190/2008 تاريخ 27/10/2008 ج 4 ص 809.

(1) المادة 24 من قانون تنظيم مهنة المحاماة .