الفصل الثاني – رجال القضاء وأعوانهم

المبحث الثاني

أعوان القضاء

      لتسهيل عمل القضاة وتأمين سير العدالة على الوجه الصحيح ، يلزم وجود عدة أشخاص يقومون بمعاونة رجال القضاء في تأدية وظائفهم ، ومعاونة المتقاضين في القيام بالأعمال التي يتطلبها سير الدعوى ، ويسمون أعوان القضاء ، ويمكن تصنيفهم إلى الفئات التالية :

أولا : كتاب المحاكم

      كتاب المحاكم هم موظفون إداريون يقومون بأعمال كثيرة أهمها تقدير الرسوم القضائية وتحصيلها ، وتسجيل الدعاوى ، وتحرير محاضر الجلسات ، وكتابة الأحكام والتوقيع عليها . ولا تصلح جلسات المحاكم إلا بحضور الكاتب ، كما أن الأحكام لا تستكمل شكلها القانوني إلا بتوقيعه عليها، وذلك عملا بالمادة 118/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية التي تنص على :1- يحضر مع هيئة المحكمة كاتب يتولى تدوين إجراءات المحاكمة ويوقع محضر الجلسة من هيئة المحكمة وكاتب الجلسة. المادة 176 من القانون المذكور التي تنص على أنه :يوقع رئيس الجلسة وكاتبها نسخة الحكم الأصلية ….وتحفظ في ملف الدعوى.

          غير أن عدم توقيع الكاتب على محضر المحاكمة أو على نسخة الحكم الأصلية لا يرتب البطلان ، ذلك أن المشرع لم يرتب البطلان على مخالفة حكم هاتين المادتين، وعلى ذلك فإنه لا يكفي عدم التوقيع للحكم بالبطلان بل يلزم في ضوء المادة 23/1 من القانون المذكور أن يقدم الطاعن ما يثبت أن الغاية من الإجراء الذي خولف لم تتحقق بسبب هذا العيب. وفي ذلك تقول محكمة النقض إن عدم توقيع كاتب المحكمة على نسخة الحكم الأصلية الموقعة من هيئة المحكمة لا يعد سببا للطعن في الحكم وينطوي على الإغراق في التمسك بالشكليات خلافا لإرادة المشرع.(1)

          ويمكن في ضوء نص المادة 118 المذكورة القول أيضا إن غاية المشرع من حضور الكاتب هو معاونة القاضي في إدارته للجلسة بتدوين المحضر ليس إلا، فإذا قام القاضي بهذا العمل بنفسه فإن عمله هذا يكون صحيحا لا مطعن عليه ولا بطلان فيه ما دام قد وقع على محضر المحاكمة أو الحكم.

ثانيا : المحضرون (مأمورو التبليغ)

      المحضرون وفق قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى أو مأمورو التبليغ وفق قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد هم موظفون يقومون بتبليغ الأوراق القضائية على اختلاف أنواعها إلى أطراف الدعوى والشهود والخبراء . كما يقومون بتنفيذ الأحكام والسندات الرسمية. وهم يخضعون كسائر موظفي الدولة إلى قانون الخدمة المدنية من حيث التغيب والترقية والعزل والمسؤولية .

ثالثا : المحامون

      المحامون هم طائفة من رجال القانون متخصصون في تقديم المساعدة لمن يطلبها من المتقاضين ، بإبداء النصح إليهم ، ومباشرة إجراءات الخصومة عنهم أمام المحاكم بطريق الوكالة لقاء أجر .

      وينظم مهنة المحاماة النظامية في فلسطين القانون رقم 3 لسنة 1999 وتعديلاته، بالإضافة إلى أنظمة نقابة المحامين الداخلية التي وضعتها النقابة . أما مهنة المحاماة الشرعية فينظمها القانون رقم 12 لسنة 1952 ، والمحامون لا يعدون من الموظفين .

      ولا يعد المحامي طرفا في الخصومة ولو كان نائبا في الخصومة عن أحد الخصوم ، فهو يقدم مساعدة فنية للخصم الذي يوقع على لائحة دعواه أو ينوب عنه في الخصومة ، ولكن تظل صفته الأساسية في الخصومة أنه من أعوان القضاء بل يطلق عليه اسم القضاء الواقف مقارنة بالقضاء الجالس وهم القضاة .

      لذلك نصت المادة 20/5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 3 لسنة 1999 على أنه : ب- لا يجوز النظر في الدعاوى أمام محكمة العدل العليا دون محام مزاول ، ولا تقبل لائحة استئنافية أو لائحة دعوى أو لائحة جوابية أمام محكمة البداية دون أن تكون موقعة من محام مزاول ، إلا أن المادة (61) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد لسنة 2001 ذهبت خطوة أخرى فنصت على أنه ” لا تقبل دعوى في محاكم البداية أو الاستئناف أو النقض دون محام مزاول “.

      ومرجع هذا الحظر ما تثيره الدعاوى في مثل هذه الحالات من مشاكل قانونية دقيقة تقتضي فيمن يتصدى لها أن يكون على جانب كبير من الخبرة والدراية ، والمحامي بما له من معرفة وخبرة في القانون يستطيع أن يصيغ الدعوى أو الدفاع صياغة قانونية سليمة ، وهو بذلك يعين القاضي في أداء رسالته في تطبيق القانون . ولذا لا تعد القواعد المنظمة لهذه المعاونة مقررة للمصلحة الخاصة للخصم ، بل تعد مقررة للمصلحة العامة ومتعلقة بالنظام العام ، مما يجيز للمحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسها عند مخالفة هذا النص .

          ولم يشترط قانون تنظيم مهنة المحاماة سوى أن يكون المحامي مسجلا في سجل المحامين المزاولين لممارسة مهنة المحاماة ومنها الترافع أمام المحاكم بكافة درجاتها وأنواعها، دون اعتبار لعدد سنوات المزاولة . ولكن استثناء من ذلك نصت المادة 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 2001 على أنه:لا يجوز مباشرة الإجراءات أمام المحكمة إلا بواسطة ممثل عن هيئة قضايا الدولة، أو بواسطة محام لا تقل مدة خبرته بالمحاماة عن عشر سنوات متصلة.

          وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفصل العاشر من قانون تنظيم مهنة المحاماة قد بين واجبات المحامي في المواد 26 و 27 و 28 منه ، فإذا خالف المحامي هذه الواجبات بأن قبل دعوى ضد زميل له أو ضد مجلس النقابة قبل إجازته من المجلس ، أو ضد شخص كان وكيلا عنه في نفس الدعوى ولو بعد انتهاء وكالته مثلا ، أو ترافع محاميان شريكان أو متعاونان في مكتب واحد أحدهما ضد الآخر أو مثلوا في دعوى لفريقين مختلفي المصالح، ولم يعترض الخصم على ذلك أمام المحكمة قبل السير في الدعوى ، وأصدرت المحكمة حكمها ، فإن هذا الحكم يكون صحيحا لا مطعن عليه وإن كان المحامي عرضة للمساءلة التأديبية عملا بالمادة 29 من القانون المذكور. ذلك أن المشرع لم ينص على بطلان الإجراءات أو الحكم نتيجة مخالفة المحامي لواجبات مهنته الواردة في هذا القانون، بل على تعرضه للعقوبات الواردة في المادة 29 منه.(1)

رابعا : الخبراء

      الخبير هو شخص غير موظف لديه دراية ومعلومات فنية خاصة ، يمكن أن تستعين به المحكمة في بعض المسائل التي يستلزم تحقيقها هذه المعلومات مثل تحقيق الخطوط والمضاهاة ، دون أن تتقيد المحكمة برأي الخبير . والخبرة وسيلة من وسائل الإثبات ، وقد نظم أحكامها قانون البينات رقم 4 لسنة 2001 في المواد 156 حتى 191 منه .  

خامسا : المترجمون

      ويتم الاستعانة بهم في الدعاوى التي يكون الخصوم أو أحدهم أجنبي لا يعرف اللغة العربية . وتعد وزارة العدل قائمة بأسماء المترجمين القانونيين الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية لممارسة هذه المهنة، وتمنحهم ترخيصا لذلك .


(1) نقض مدني رقم 201/2008 تاريخ 11/9/2008 ج 4 ص 582 ، ونقض مدني 93/2008 تاريخ 29/12/2008 ج 4 ص 269. وعكس ذلك قانون المرافعات المصري حيث نص في المادة 25 منه على أنه: يجب أن يحضر مع القاضي في الجلسات، وفي جميع إجراءات الإثبات كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع القاضي وإلا كان العمل باطلا.

(1) نقض مدني 200/2008 تاريخ 16/10/2008 ج 4 ص 266.