الفصل الخامس – حماية الحق

المبحث الأول

وسائل حماية الحق

الدعوى المدنية والدعوى الجنائية :

إذا تم الاعتداء على حق شخص أو إنكاره ، كان له أن يلجأ إلى السلطات العامة طالبا الحماية ، فهو يتوجه إلى القضاء للدفاع عن حقه بإقامة دعوى تسمى دعوى مدنية لأنها قائمة على حق مدني أو حق خاص ، ويختص بها القضاء المدني .

ولكن قد يرى المشرع في بعض الحالات أن الاعتداء على الحق لا يقتصر أثره على صاحب الحق فقط ، بل يعد اعتداء على المجتمع نفسه ، فيجعل من هذا الاعتداء جريمة جنائية يعاقب عليها، ويعهد للنيابة العامة -باعتبارها ممثلة للجماعة- بتوجيه هذه الدعوى ، وتسمى الدعوى في هذه الحالة بالدعوى الجنائية وترفع أمام القضاء الجنائي .

ويستطيع من أصابه ضرر نتيجة الجريمة أن يتقدم إلى القضاء الجنائي مطالباً بحقوقه المدنية ، ويقال لهذه الحالة الادعاء المدني تبعاً للدعوى الجنائية . على أنه يشترط في هذه الحالة أن يكون أساس الدعوى هو الجريمة ، وأن يكون قد أصاب المدعي ضرر ، وأن يكون الضرر ناشئاً من الجريمة ، أي أن يكون المطلوب هو التعويض عن الضرر الناشئ من الجريمة ذاتها . ففي السرقة مثلاً يحق لصاحب المسروقات التدخل أمام القضاء الجنائي للمطالبة برد الشيء أو الحكم له على السارق بقيمته . لذلك لا يجوز إقامة دعوى ضد شركة التأمين التي أمن لديها الجاني أمام المحكمة الجنائية لأن التزامها يترتب على عقد التامين لا على الجريمة التي وقعت من المتهم .

وكما أن للشخص رفع دعوى أصلية لحماية حقه ، فإن له أيضاً إذا رفعت عليه دعوى دون حق أن يدفع هذه الدعوى بما لديه من دفوع قانونية لردها . فوسيلة الحماية تشمل الدفع بالإضافة إلى الدعوى .

وسائل الحماية المدنية :

ذكرنا في حديثنا عن الحقوق الملازمة للشخصية أنه إذا وقع اعتداء على حق من الحقوق الملازمة لشخصية الفرد فله أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر . لذا سنتكلم هنا عن وسائل حماية الحقوق المالية سواء بالنسبة للحقوق الشخصية أو الحقوق العينية .

فبالنسبة للحقوق الشخصية يستطيع الدائن أن يطلب من المدين تنفيذ الالتزام عيناً وإذا امتنع قضت المحكمة عليه بتنفيذه جبرا . ويشترط أن يكون التنفيذ العيني ممكناً، فإذا أصبح مستحيلاً بسبب من الأسباب لم يبق أمام الدائن سوى الرجوع بالتعويض إذا كانت الاستحالة بسبب خطأ المدين، أو ينقضي الالتزام دون تعويض إذا كانت الاستحالة لسبب أجنبي كهلاك الشيء . ويجوز للمدين كذلك إذا كان التنفيذ العيني مرهقاً له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي إذا كان لا يلحق بالدائن ضرر جسيم . ويشمل التعويض مقدار الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه ، وهو يقدر بما أصاب الدائن من خسارة وما فاته من كسب بسبب عدم التنفيذ .

أما بالنسبة للحقوق العينية فوسيلة حمايتها هي الدعوى العينية التي يختلف موضوعها بحسب الأحوال ، ومن ذلك مثلاً دعوى الاسترداد التي يرفعها المالك الذي يستولي الغير على ملكه دون حق، ودعوى تقرير حق الارتفاق أو حق الانتفاع التي يرفعها صاحب حق الارتفاق أو حق الانتفاع ضد مالك العقار الذي ينكر عليه حقه ، وكذلك دعاوى الحيازة ضد من يعتدي على حيازة الشخص ويرفعها الحائز لمجرد كونه حائزاً دون حاجة لإثبات حق عيني يستند إليه في تلك الحيازة . وقد قرر المشرع هذه الدعوى محافظة على النظام والأمن ، ولا مانع بعد ذلك من أن يرفع من يدعي حقاً على العقار دعوى بأصل الحق الذي يدعيه ضد الحائز .

كما أنه إذا نشأ عن الاعتداء على الحق العيني ضرر ، فإن لصاحب هذا الحق أن يطالب بالتعويض .