الفصل الرابع – التجارة الإلكترونية

العدول عن القبول الإلكتروني :

الأصل في العقود التقليدية أنه متى التقى الإيجاب بالقبول تم العقد وأصبح ملزما لا رجعة فيه . ولكن نظرا لأن المستهلك في العقد الإلكتروني ليس لديه الإمكانية الفعلية لمعاينة السلعة والإلمام بخصائص الخدمة قبل إبرام العقد ، فإنه يجب تخويل المستهلك حق نقض العقد بعد انعقاده بالإرادة المنفردة . لذلك فقد أقرت العديد من التشريعات _ كالفرنسي والأمريكي والإنجليزي – أحقية المستهلك في العدول بشأن العقود الإلكترونية ؛ خلال فترة السماح ، باعتبار أن المستهلك في التعاقد عن بعد لا يرى المنتج أو السلعة ؛ فقد يتسلم منتجا لا يتفق والمواصفات المتعاقد عليها ، ومن ثم يحق له إرجاع هذا المنتج خلال فترة معينة هي فترة السماح . وهذه الفترة تختلف من قانون إلى آخر ففي فرنسا للمشتري إعادة المنتج خلال مدة سبعة أيام كاملة من تاريخ تسلمه .

ويكون الحق في العدول أو في الرجوع عن طريق استبدال المبيع بآخر ؛ أو برد المبيع واسترداد الثمن . وقد قصر القانون الفرنسي حق العدول على المنتجات فقط دون الخدمات ، وأن يكون ذلك لعيب عدم مطابقة المنتج للمواصفات المطلوبة . بينما تضمن التوجيه الأوربي الخاص بالبيع عن بعد حق المستهلك في العدول عن المنتجات والخدمات ، ولم يقيد ذلك بأي شرط .

وممارسة المستهلك لحقه في العدول قد لا يجدي نفعا من الناحية العملية في بعض الحالات ، مثل عقود برامج الحاسب ؛ وذلك إذا تم إرسالها بالبريد العادي ؛ وقام العميل بفض الأختام ونزع الغلاف ، أو تم إرسالها إلكترونيا إلى ذاكرة الحاسب الآلي الخاص بالمستخدم .

السكوت :

لم يتطرق القانون النمطي والقوانين الإلكترونية لهذه الحالة ، لذلك تخضع للقواعد العامة في القانون المدني .

مجلس العقد ، زمان ومكان إنشاء العقود الإلكترونية :

لم يتطرق القانون النمطي والتشريعات الإلكترونية المقارنة للحديث عن مجلس العقد ، لذلك تخضع هذه المسألة للقواعد العامة في التعاقد بين حاضرين والتعاقد بين غائبين .

ونفرق في هذا الخصوص بين فرضين :

الفرض الأول :التعاقد بواسطة المحادثة المباشرة مع المشاهدة ( بالصوت والصورة ) عبر الإنترنت أو الهاتف المرئي Video- telephone ، فيتم الإيجاب والقبول في ذات الوقت ؛ حيث يتم اتصال واحد بين الشخصين عبر برنامج ، بحيث يرى كل منهما ما يكتبه الآخر على ذات الساحة الخاصة به ( . ( On line

وفي هذا الفرض ذهب رأي إلى أن هذه الحالة يمكن أن تعد بحكم المواجهة الحقيقية والتعاقد بين حاضرين زمانا ومكانا ، إذا افترضنا أن الشخص الذي طلب التعاقد قد انتقل حكما إلى المكان الذي يقيم فيه المتعاقد الآخر لإجراء التصرف القانوني المطلوب .

بينما ذهب رأي آخر إلى أنه طالما كان الطرفان مفترقين بالأجسام الحقيقية ؛ فإن أحدهما يبقى غائبا عن الآخر من حيث المكان ؛ فلا يمكن اعتباره تعاقدا بين حاضرين حتى لو انتقلت صورة وصوت أحدهما للآخر ، ولذلك فإنه يعد تعاقدا بين حاضرين من حيث الزمان ؛ وغائبين من حيث المكان ، ويكون مكان الانعقاد هو مكان استلام القبول بموجب القانون . والرأي الثاني هو الأرجح .

الفرض الثاني : وجود فاصل زمني بين الإيجاب والقبول ، حيث يرسل الموجب رسالة للآخر ؛ الذي يتأخر في فتح بريده الإلكتروني ، ثم يرد بالقبول . وفي هذه الحالة يكون التعاقد بين غائبين من حيث الزمان والمكان ، مثل إرسال رسالة بريدية .