الفصل الرابع – إثبات الحق

تعريف الإثبات :

الإثبات هو تقديم الدليل أمام القضاء بالكيفية والطرق التي يحددها القانون ، على وجود واقعة قانونية متنازع فيها بين الخصوم . فهو في الواقع إقامة الدليل على مصدر الحق .

وتبدو أهمية الإثبات في العلاقات القانونية ، في أن الحق يكون عديم القيمة إذا عجز صاحبه عن إثبات وجوده . فالحق الذي لا دليل عليه يكون والعدم سواء . لذا لزم أن تقترن دراسة الحق بدراسة وسائل إثباته .

محل الإثبات

محل الإثبات هو الواقعة القانونية التي أنشأت الحق المدعى به ، سواء كانت واقعة مادية أم تصرفا قانونيا . فالدائن الذي يطالب بمبلغ من النقود في ذمة المدين ، عليه أن يثبت مصدر هذا الدين سواء كان عقداً أم عملاً غير مشروع أم كسباً بلا سبب … الخ . فالحق ذاته لا يثبت أو ينتفي بل يستخلص من مصدره ، فإذا أثبت المدعي ذلك كان على القاضي – الذي يفترض فيه العلم بالقانون – أن يطبق القاعدة القانونية على ما ثبت لديه من وقائع .

وتختلف طريقة إثبات الواقعة القانونية بحسب ما إذا كانت واقعة مادية حيث يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات ، لأن طبيعة هذه الوقائع لا تقبل اشتراط نوع معين من الأدلة وإلا استحال إثباتها في أغلب الحالات . فلا يعقل مثلاً أن يطلب إثبات سرقة بدليل كتابي عندما يطالب المدعي بحقه في استرداد المسروقات ، أو التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الفعل الضار .

أما إذا كانت الواقعة محل الإثبات تصرفاً قانونياً فإن الأصل هو إثباتها بالكتابة والاستثناء هو جواز إثباتها بشهادة الشهود إذا كانت قيمة التصرف لا تزيد على عشرة دنانير . لأن هذا التصرف يبرمه الأفراد فيما بينهم وتتحكم فيه إرادتهم ، لذا فمن الطبيعي أن تستلزم الكتابة – كقاعدة عامة – لإثباته .

ويشترط في الواقعة التي ينصب عليها الإثبات ، سواء كانت واقعة مادية أم تصرفاً قانونياً ، شروط معينة نص عليها القانون ، حيث يلزم أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة في الإثبات ، وجائزة القبول .

عبء الإثبات

تبدو أهمية تحديد من يقع عليه عبء الإثبات في أنه كثيرا ما يخسر الأفراد دعاواهم رغم كونهم أصحاب حق ، لأنهم عجزوا عن تقديم الدليل المثبت لحقهم . وعملا بقاعدة البينة على المدعي ، فإن عبء الإثبات يقع على المدعي . ولا يقصد بالمدعي رافع الدعوى فقط ، بل قد يكون من رفعت عليه الدعوى . فالدائن الذي يدعي أن له مبلغاً من النقود في ذمة المدين ثمن بضاعة مثلاً ، عليه إثبات ما يدعيه . ومتى ثبت حصول البيع ، وادعى المدين أنه بريء الذمة لأنه دفع الثمن ، صار بدفعه هذا مدعيا وتوجب عليه إثبات ما يدعيه .