المسئولية المدنية للمحامي عن الخطأ المهني

المطلب الثاني

الضرر

يعد الضرر شرطا لازما لتحقق المسئولية وترتيب التعويض، فالهدف من المسئولية هو إصلاح الضرر. فالضرر هو الركن الأساس في المسئولية؛ لأنها تعتمد عليه في قيامها من أجل جبره ولا قيام لها بدونه.

وقد يكون هذا الضرر ماديا يصيب الموكل في جسمه أو في ذمته المالية، ومثال ذلك عدم تقديم بينات تفيد وفاءه بالمبلغ المطالب به ما أدى إلى حبسه، ونتج عن ذلك عدم إمكانية ممارسته لعمله ما ألحق به خسارة مالية. أو خطأ وقع به المحامي أدى بعد حبس العميل إلى فقدان عمله لفقدانه شرط حسن السيرة والسلوك.

ويشترط أن يكون الضرر محققا؛ سواء كان حالا أم تراخى وقوعه إلى المستقبل. فإذا كان محقق الوقوع في المستقبل، يجوز للقاضي تقديره بما لديه من عناصر الدعوى. وإذا لم يستطع تقديره فور وقوع سببه، للقاضي أن يحكم بالتعويض عن الضرر الذي تحقق بالفعل مع حفظ حق المضرور في المطالبة باستكمال التعويض عند تحقق الضرر. فلا تعويض عن الضرر المحتمل إلا إذا تحقق فعلا.

كما يشترط أن يكون الضرر مباشرا، أي ناشئا عن خطأ المحامي مباشرة، أي أنه نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به. كما لو تبلغ المحامي الحكم ولم يقم بالطعن فيه بحيث فوت فرصة على موكله في كسب الدعوى بالرغم من أن كسبها لم يكن مؤكدا. فإذا كانت مسئولية المحامي مسئولية عقدية فإن التعويض يقتصر على الضرر المباشر المتوقع فقط إلا في حالتي الغش والخطأ الجسيم فإنه يسأل عن الضرر غير المتوقع. أما إذا كانت مسئوليته تقصيرية فإن التعويض يشمل الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع.

أما إذا تبلغ الموكل الحكم ولم يتبلغه المحامي؛ وأصبح قطعيا بحق العميل، فإن المحامي لا يكون مسئولا في مثل هذه الحالة لأن مسئوليته غير مباشرة.

تفويت الفرصة:

يقصد بتفويت الفرصة حرمان الشخص من فرصة كان من المحتمل أن تعود عليه بالكسب. (14) ويذهب غالب الفقه والقضاء إلى أن مجرد تفويت الفرصة يعد في حد ذاته ضررا محققا يستوجب التعويض عن الفرصة لا عن نتيجتها. (15) وعلى ذلك يعتبر المحامي مسئولا عن تفويت الفرصة على موكله أو من يدافع عنه بالتراخي في اتخاذ الإجراء القانوني في الميعاد، كما لو أقام الدعوى بعد مرور الزمن، أو طعن في الحكم بعد المدة القانونية، وهو يسأل بسبب هذا التقصير عن تعويض المتضرر لأن تفويت الفرصة في حد ذاته ضرر محقق يستوجب التعويض. أما درجة احتمال كسب الدعوى، أو نتيجة الطعن التي تعد أمرا محتملا فيدخل في تقدير التعويض، حيث يتفاوت مقدار التعويض تبعا لمدى احتمال كسب الدعوى، فإذا كان الاحتمال كبيرا في كسب الاستئناف أو النقض؛ يقضى بتعويض يتناسب وهذا الاحتمال، وإذا كان احتمال الكسب ضعيفا نقص مبلغ التعويض؛ إلا أن الحكم به أمر لا بد منه، حتى لو ثبت أن نتيجة الدعوى لن تتغير، وأن رفع الطعن في موعده لن يغير من الحكم في الدعوى.