المسئولية المدنية للمحامي عن الخطأ المهني

المبحث الرابع

دعوى المسئولية

طرفا الدعوى

أولا: المدعي، هو الموكل الذي تولى المحامي الدفاع عن حقه بطريق النيابة الاتفاقية أو القانونية أو القضائية. سواء بصفته الشخصية أو بصفته نائبا عن غيره كالولي أو الوصي أو القيم أو وكيل التفليسة. والخلف العام أو الخاص للمضرور؛ والدائن باسم مدينه المضرور بالدعوى غير المباشرة متى كان الضرر الذي لحق المتضرر ضررا ماديا. سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.

ثانيا: المدعى عليه، هو المحامي المسئول عن تعويض الضرر الذي أصاب الموكل أو من ناب عنه المحامي نيابة قانونية أو قضائية. ويجوز إدخال المسئول الأصلي (التابع) في الدعوى ضامنا.

موضوع الدعوى، هو المطالبة بالتعويض عن عدم تنفيذ المحامي التزامه إن كان التزاما بنتيجة، أو عدم بذل العناية المطلوبة قانونا إن كان التزام المحامي بذل عناية وهو الغالب.

عبء الإثبات، يقع عبء الإثبات على المدعي بوجود ضرر لحقه بسبب خطأ المحامي، ومقدار هذا الضرر.

التعويض عن الضرر الناشئ عن خطأ المحامي

ينشأ الحق في التعويض لحظة وقوع الضرر؛ وليس لحظة صدور الحكم بالتعويض. ويخضع الضرر الناتج عن عمل المحامي للقواعد التي تحكم الضرر في المسئولية المدنية. ويقدر التعويض بما لحق العميل من خسارة وما فاته من كسب.

ويتم التعويض عن الضرر المادي سواء كانت المسئولية عقدية أم تقصيرية. ولا يوجد نص في القانون الفلسطيني يقرر التعويض عن الضرر الأدبي في المسئولية العقدية فلا يسأل المحامي عن الضرر الأدبي الذي يصيب موكله عند عدم تنفيذ التزاماته العقدية.

بينما يجوز التعويض عن الضرر الأدبي بالنسبة للمسئولية عن الفعل الضار/ التقصيرية، كما في حالة قيام المحامي بإفشاء سر الموكل وأدى ذلك إلى تشويه سمعته لأن إفشاء الأسرار يعتبر فعلا ضارا خارجا عن نطاق المسئولية التعاقدية

ويقدر التعويض في حالة المسئولية العقدية بالضرر المباشر المتوقع. بينما في حالة الفعل الضار/ المسئولية التقصيرية بالضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع. ويعتبر ضررا مباشرا لخطأ المحامي ضياع الحق على صاحبه بسبب إهمال المحامي في رفع الاستئناف في موعده. (18)

ويقدر القاضي التعويض عن الضرر بقيمة الضرر كما آل إليه وقت النطق بالحكم بحسب ما تناقص أو تفاقم، بما يكفي لجبر الضرر. وهي مسألة تعود لسلطة القاضي التقديرية.

ويقدر التعويض بالنقود، وهو يقدر بما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب. فإذا لم يلحق الموكل ضرر ولم يفته كسب من جراء عدم تنفيذ المحامي لالتزامه أو تأخره في التنفيذ؛ فلا يكون هناك محل للحكم بالتعويض. وتقدير التعويض مسألة موضوعية لا يخضع فيها القاضي لرقابة محكمة النقض، بينما تعيين العناصر التي تدخل في تقدير التعويض تعد مسألة قانونية يخضع فيها القاضي للرقابة.

شرط الإعفاء من المسئولية:

يجوز أن يتفق المحامي مع موكله على الإعفاء من المسئولية عن الخطأ العقدي أو على تحديد مداها قبل وقوع الضرر، فهذا الشرط صحيح؛ ولكن يبقى المحامي الوكيل بالرغم من هذا الشرط مسئولا عن الغش أو الخطأ الجسيم، إلا إذا كان الغش أو الخطأ الجسيم واقعا من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ الوكالة واشترط عدم مسئوليته عنهم. (19)

أسباب الإعفاء من المسئولية :

يعفى المحامي من المسئولية بسبب القوة القاهرة، أو فعل الغير أو خطأ المضرور.

  1. القوة القاهرة: مثال ذلك أن يحتفظ المحامي بالمستندات في حقيبته؛ وتسرق الحقيبة من مكتبه مع حاجات أخرى، فإن المحامي لا يكون مسئولا عن سرقتها إذا كان قد بذل في حفظها عناية المحامي المعتاد؛ لأن حادثة السرقة تعد قوة قاهرة. وكذلك إذا كلف المحامي برفع دعوى أو تقديم طعن وحدث فيضان جعل الوصول إلى المدينة التي ترفع الدعوى أمامها مستحيلا حتى انقضت مدة الطعن، فلا يمكن مساءلة المحامي عن تفويت الفرصة لأن ذلك نتج عن قوة ليس بالإمكان دفعها ولا يد للمحامي في وقوعها. (20)
  2. فعل الغير، كما لو فقد ملف الدعوى وما يحتويه بسبب خطأ الموظف المسئول عنه في المحكمة، أو نشب حريق في المحكمة أدى إلى تلف الملف.
  3. خطأ المضرور، كما لو استعاد الموكل أحد المستندات في الدعوى من المحامي وفقده، فلا يكون المحامي مسئولا عن ضعف الأدلة التي أدت إلى خسارة الدعوى نظرا لتسبب الموكل في فقد أحد الأدلة المهمة لكسبها.

تقادم دعوى التعويض:

  1. في المسئولية العقدية : لا تسمع الدعوى بمرور 15 سنة وفق القاعدة العامة.
  2. في المسئولية عن الفعل الضار/ التقصيرية : سنتين وفق المادة 68 من قانون المخالفات المدنية.

(18)(18) يذهب رأي في الفقه إلى أن مسئولية المحامي يجب أن تجاوز الأضرار التي يمكن توقعها وقت التعاقد، لأن المحامي يتمتع بحرية واسعة في العمل تنتج عنها بالتأكيد أضرار غير متوقعة، فالموكل لا يستطيع أن يقيد المحامي بقواعد محددة في طريقة الدفاع، لذلك يجب أن يسأل المدافع عن كل ما تسبب في إلحاقه بعميله وإن كان غير متوقع، وأنه من غير المعقول أن يعفى المحامي من الضرر الحادث الذي لم يكن يتوقعه الموكل. عبد الباقي سوادي، صفحة 306 و 307.

(19)(19) السنهوري صفحة 474. بينما يذهب رأي في الفقه إلى إبطال هذا الشرط أو التخفيف منه حماية للطرف الضعيف وهو المواطن المحتاج إلى الاستعانة بمحام، وجواز الاتفاق على تشديد مسئولية المحامي كالاتفاق على تحمله تبعة القوة القاهرة. عبد الباقي سوادي صفحة 167.

(20)(20) أما إذا تعهد المحامي بالطعن في الحكم خلال المدة القانونية، وصدر عليه قبل أن ينفذ التزامه قرار من مجلس التأديب بمنعه من مزاولة مهنة المحاماة لمخالفة مهنية ارتكبها، فإنه يكون مسئولا عن تفويت الفرصة على الموكل؛ لأن منعه من مزاولة مهنة المحاماة يرجع إلى خطأ من جانبه.