المسئولية المدنية للمحامي عن الخطأ المهني

خلاصة البحث

يتبين مما تقدم أن مسئولية المحامي المدنية عن أخطائه المهنية تبدو على نوعين:

الأولى : مسئولية عقدية في حالة ارتباط المحامي مع موكله بعقد وكالة أو عقد تقديم خدمة.، ويخل المحامي بالتزامه العقدي في صورة عدم بذل العناية الواجب عليه بذلها في تنفيذه

والثانية: مسئولية قانونية ناشئة عن نص القانون مباشرة، وذلك في الحالات التي نص عليها القانون بالرغم من عدم ارتباط المحامي بعقد مع عميله.

ويذهب رأي في الفقه إلى أن المسئولية العقدية للمحامي تبدو قاصرة عن تحقيق العدالة، لأنها لا تضمن للمضرور اقتضاء ما يغطي الأضرار اللاحقة به وذلك للأسباب التالي: (21)

  1. المسئولية العقدية تقوم على ثلاثة أركان: خطأ وضرر وعلاقة سببية، والتزام المحامي ببذل عناية – الخطأ – لا يتوافر إلا بأن يثبت الدائن وهو الموكل المتضرر أن المدين وهو المحامي لم يبذل العناية الواجب عليه بذلها قانونا وأصول المهنة، وعبء الإثبات في هذه الحالة عبء ثقيل قد يعجز الموكل عن تحمله.
  2. يتمتع المحامي بحرية الدفاع ولا يتقيد بما رسمه له الموكل وقت تكليفه، لذلك فإن الموكل كثيرا ما يصاب بأضرار مباشرة غير متوقعة، في حين أن التعويض في المسئولية العقدية يقتصر على الضرر المباشر المتوقع وقت انعقاد العقد.
  3. جرت المحاكم وهي تأخذ بمسئولية المحامي التعاقدية على إحالة الدعاوى ضد المحامين إلى خبراء من المحامين أيضا، ويأتي رأي الخبراء في الغالب مفيدا أن خطأ المحامي لم يكن السبب في خسارة الموكل الدعوى. وبالرغم من أن رأي الخبير استشاري وتستأنس به المحكمة، إلا أن المحاكم تعتبره أمرا ينبغي التسليم به؛ وتعده سندا لإعفاء محام مقصر من تعويض ضرر سببه لمواطن بعد تسلم أتعابه منه. وأنه لا مبرر لإحالة الدعوى إلى خبراء، خاصة وأن المحامين قد ينساقون بحكم الزمالة إلى التغاضي عن تقصير زميلهم.

ويخلص هذا الرأي إلى أنه نظرا لسمو مهنة المحاماة وما ينبغي أن تمارسه من دور هام في تحقيق العدالة وضمان المصلحة العامة، ينبغي أن يتولى القانون تحديدها بالنص خروجا على القواعد العامة للمسئولية المدنية، لتكون مسئولية قانونية تنشأ بنص القانون. فيغلب فيها القانون صفة العلاقة القانونية على صفة العلاقة العقدية في الحالة التي يكون فيها المحامي متعاقدا مع عميلهن وتكون قانونية صرفا تنشأ عن نص القانون في غير هذه الحالات. (22)

(21)(21) عبد الباقي سوادي ، صفحة 144 و 145.

(22)(22) المرجع السابق، صفحة 144 و 167.