محاضرات في ارتباط الدعاوى وأثره على وحدة الخصومة المدنية

الفصل الثاني

الخصوم في الطعن

نبين في هذا الفصل الشروط الواجب توافرها في خصوم الطعن، ثم تحديد خصوم الطعن في مطلبين.

المطلب الأول

الشروط الواجب توافرها في خصوم الطعن

يشترط في الطاعن شرطان هما :

  1. أن يكون له مصلحة في الطعن بأن يكون الحكم الصادر قد ألزمه بشيء ما؛ أو حرمه من حق أو مركز قانوني يدعيه. لذلك لا يقبل الطعن ممن قضي له بكل طلباته.
  2. وألا يكون قد قبل الحكم صراحة أو ضمنا؛ أو قام بتنفيذه مختارا، دون أن يكون مضطرا لذلك؛ دفعا للحيلولة دون تنفيذه جبرا عنه. (1)

كما يشترط في المطعون ضده شرطان هما:

  1. أن يكون قد استفاد من الوضع القانوني المترتب على صدور الحكم المطعون فيه.
  2. وألا يكون قد تنازل عن المنفعة التي حصل عليها من الحكم. وهذا الشرط يقابل شرط المصلحة بالنسبة للطاعن.

وبالإضافة لهذه الشروط، يجب أن يتوافر في خصوم الطعن شرطان يهدفان للحفاظ على وحدة الخصومة في مراحلها المختلفة هما:

  1. أن يكون خصوم الطعن أطرافا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.
  2. أن يختصموا بذات الصفة التي كانت لهم.

وسنعرض لهذين الشرطين بشيء من التفصيل.

الشرط الأول: أن يكون الخصم في الطعن طرفا في الخصومة محل الطعن.

ويعد هذا الشرط تطبيقا لمبدأ نسبية إجراءات المرافعات المعمول به في كافة القوانين الإجرائية، فلا يجوز الاحتجاج بالحكم القضائي إلا في مواجهة خصوم الدعوى التي صدر فيها الحكم، ولا يجوز الاحتجاج بهذا الحكم في مواجهة الغير الذي لم يكن طرفا في الخصومة؛ لأنه يعد أجنبيا بالنسبة له، كما يمتنع عليه الطعن في هذا الحكم لأنه لم يؤثر على حقوقه سلبا أو إيجابا.

الشرط الثاني: وحدة الصفة

يلزم أن تكون صفات الخصوم في خصومة الطعن هي ذات صفاتهم التي كانت لهم في الخصومة محل الطعن. والعبرة في صفات الخصوم بما ورد في الطلبات الختامية من الخصوم؛ لذلك قد تتغير صفة الخصوم أثناء سير الخصومة.

ويمكن أن تحدد الصفة في الاستئناف عن طريق الحكم الصادر من محكمة أول درجة، ولكن يمكن للخصم أن ينازع في الصفة التي خلعها عليه ذلك الحكم؛ إذا أثبت أن هذه الصفة قائمة على وقائع خاطئة.

المطلب الثاني

تحديد خصوم الطعن

نبين في هذا المطلب المقصود بالخصم في الاستئناف، ثم المقصود بالخصم في النقض في فرعين.

الفرع الأول
المقصود بالخصم في الاستئناف ( تبادل الطلبات)

يتحدد الخصم في الاستئناف – طبقا لهذا المعيار – من خلال تبادل الطلبات في خصومة الدرجة الأولى، فيشمل المدعي ؛ والمدعى عليه؛ وكل من المتدخل والمختصم في الدعوى الذي اشترك في تبادل الطلبات مع الخصوم؛ واعتبر خصما في الحكم الصادر في الخصومة محل الطعن.

فلا يتحدد الخصم في الاستئناف بما جاء في لائحة الدعوى الأصلية؛ وإنما يعتد بما ورد في الطلبات الختامية المقدمة في خصومة الدرجة الأولى، لأنه قد يكون الشخص خصما حقيقيا في بداية النزاع؛ ثم تنتفي عنه هذه الصفة فيما بعد بالتنازل أو الترك.

ولكن بالنسبة للمتدخل الاختصامي الذي يقتصر الحكم على رفض تدخله؛ أو عدم قبول تدخله، فلا يجوز له الطعن إلا في الحكم الصادر برفض أو عدم قبول تدخله، ويمتنع عليه الطعن في الحكم الصادر في موضوع الخصومة؛ لأنه لم يكن طرفا فيها.

الفرع الثاني
المقصود بالخصم في النقض ( تبادل الطلبات – فكرة المصلحة)

بالإضافة إلى تبادل الطلبات في خصومة الاستئناف، فإن محاكم النقض تعوّل على شرط المصلحة لتحديد خصوم النقض. فالمصلحة تعد معيارا احتياطيا لتبادل الطلبات؛ فإذا لم يكن هناك تبادل طلبات، كما في حالة صدور حكم غيابي ، فإنه يجوز قبول الطعن بالنقض من شخص لم يكن حاضرا في الخصومة المطعون في حكمها بالنقض.

ومن المستقر قضاء أن الخصومة في الطعن بالنقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوما حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، كما يجب أن يكون الشخص قد اختصم في الاستئناف؛ فلا يكفي أن يكون قد اختصم أمام محكمة أول درجة.

واستعمال المصلحة كمعيار لتحديد الخصوم في النقض ؛ ولو كمعيار احتياطي، يفترض توافر الشروط الأخرى اللازمة للطعن بالنقض، لأن مجرد الخسارة لا تكفي لسلوك هذا الطريق، بل يجب أن تتوافق الخسارة مع أحد الأسباب التي نص عليها القانون لسلوك هذا الطريق من طرق الطعن، أي يلزم أن يشوب الحكم المطعون فيه عيب من العيوب التي أوردها المشرع على سبيل الحصر في المادتين 225 و226 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.

(1)(1) المادة 191/2 أصول مدنية.