محاضرات في اندماج الشركات في مشروع قانون الشركات الفلسطيني

المبحث الرابع

اندماج الشركات تحت التصفية وشركة الشخص الواحد

المطلب الأول

اندماج الشركات تحت التصفية

تبقى الشركة متمتعة بالشخصية القانونية خلال مرحلة التصفية بالقدر اللازم للانتهاء من التصفية، فلا يجوز لها القيام بأعمال تتجاوز هذا الهدف، كما لا يجوز إلغاء التصفية بعد البدء فيها لأن معنى ذلك إعادة الشركة إلى الحياة وهو ما لا يجوز.

لذلك فإن الأصل عدم جواز اندماج الشركة تحت التصفية بشركة أخرى، لأن الاندماج ليس من أغراض التصفية، بل يتنافى مع غرضها، ولعدم وجود جهة مختصة قادرة على اتخاذ قرار الاندماج.

ولكن لما كانت الشركة مشروعا اقتصاديا يلزم الحفاظ عليه وتشجيع استمراره، فقد أجازت بعض التشريعات للشركة أثناء مرحلة التصفية الاندماج بشركة أخرى، من ذلك ما نصت عليه المادة 288 من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري لسنة 1981 ( ويجوز أن يتم الاندماج، حتى ولو كانت الشركة المندمجة في مرحلة التصفية بشرط موافقة الهيئات المختصة في هذه الشركة على إلغاء التصفية)، وكذلك المادة 255 من قانون الشركات الكويتي رقم 1 لسنة 2016، والمادة 283 من قانون الشركات التجارية الإماراتي رقم 2 لسنة 2015.

وشرط إلغاء التصفية في حالة الاندماج يعني أن طبيعة كل من التصفية والاندماج تختلف عن الأخرى، ولكل منهما قواعده وإجراءاته، وأن هذا الإلغاء يقصد به إعادة الشخصية المعنوية للشركة المطلوب تصفيتها؛ إلى نطاقها الطبيعي الذي كانت عليه قبل مرحلة التصفية.(9)

ولا يؤثر إلغاء التصفية على ما قام به المصفي قبل ذلك؛ من بيع بعض الموجودات؛ والتصالح مع المدينين بالنسبة لحقوقهم؛ أو إتمام بعض الأعمال التي كانت قد بدأتها الشركة قبل اتخاذ قرار بتصفيتها. فقرار إلغاء التصفية الغرض منه وقف الإجراءات عند مرحلة معينة تمهيدا لاندماج الشركة في شركة أخرى أو معها بالحالة التي انتهت عندها أعمال التصفية. وهو يكون عادة في بداية التصفية، وبقاء الشركة محتفظة بأموالها وموجوداتها؛ أو معظمها على الأقل. أما إذا كانت التصفية قد وصلت إلى المرحلة النهائية؛ وتم البدء في عملية توزيع الأصول بين الشركاء أو المساهمين، قد لا يبقى شيء من هذه الأصول ويكون الاندماج صوريا.

ويذهب رأي في الفقه إلى أن اشتراط موافقة الهيئات المختصة في الشركة تحت التصفية على إلغاء التصفية، يعني أن الاندماج يجوز في التصفية الاختيارية وليس الإجبارية، لأن قرار التصفية الإجبارية صادر عن المحكمة المختصة. بينما يذهب رأي آخر إلى أنه يجوز في التصفية الإجبارية أيضا وذلك بقرار من المحكمة التي قررت حل الشركة وتصفيتها. (10)

كما يذهب رأي في الفقه أنه في حالة إلغاء التصفية والاندماج، تكون الشركة تحت التصفية مندمجة لا دامجة، أو مزج شركتين تحت التصفية لتكوين شركة جديدة. بينما يذهب رأي آخر إلى أنه يمكن بعد إلغاء قرار التصفية أن تكون الشركة دامجة. (11)

أما في كل من قانون الشركات الأردني لسنة 1997 ومشروع قانون الشركات الفلسطيني؛ وقانون الشركات الإماراتي، فلا يوجد نص يجيز اندماج الشركات تحت التصفية. لذلك ذهب رأي إلى أنه لا يجوز ذلك لأن صلاحيات المصفي محددة في القانون؛ ولا يجوز له أن يتخذ قرارا باندماج الشركة؛ كما لا يوجد هيئة عامة غير عادية خلال مرحلة التصفية لاتخاذ مثل هذا القرار.

بينما ذهب رأي آخر إلى أن المشرع لم يحظر الاندماج بنص صريح، لذلك لا مانع من الاندماج لأن فيه إنقاذ للشركة، وأنه يمكن للمصفي وفق المادة (264/أ) من قانون الشركات الأردني والمادة ( 269) من المشروع الفلسطيني لسنة 2016، أن يدعو الهيئة العامة للشركة للحصول على موافقتها على أي أمر يراه ضروريا بما في ذلك العدول عن التصفية، وأن يقترح عليهم مسألة إلغاء التصفية والاندماج، ويكون للهيئة العامة غير العادية تقرير الاستمرار في التصفية أو العدول عنها من أجل خوض عملية الاندماج. (12)

المطلب الثاني

اندماج شركة الشخص الواحد

لم ينص قانون الشركات المصري لسنة 1981 على شركة الشخص الواحد، غير أنه منح الشركة التي يقل عدد الشركاء فيها عن النصاب مهلة ستة أشهر لاستكمال هذا النصاب وإلا اعتبرت منحلة بحكم القانون. لذلك فإن الشركة تبقى خلال الأشهر الستة قائمة ومتمتعة بالشخصية المعنوية، وتباشر نشاطها وفقا لأحكام القانون وأحكام نظامها. وعلى ذلك لا يوجد ما يمنع من اندماجها بغيرها خلال هذه الفترة، بحيث يستطيع الشريك الواحد تصويب أوضاع الشركة بالاندماج ويبقي على استمرارية مشروعها.

ويذهب رأي في الفقه أن اندماج شركة الشخص الواحد في هذه الحالة يكون بالضم دون المزج. بينما يذهب رأي آخر إلى أنه يمكن أن تكون شركة الشخص الواحد مندمجة أو دامجة، سواء بالضم أو المزج، فالعبرة ليست بعدد أعضاء الشركة وإنما باعتراف القانون لها بالشخصية الاعتبارية. (13)

أما قانون الشركات الأردني لسنة 1997 والمشروع الفلسطيني لسنة 2016 فقد أجازا إنشاء شركة الشخص الواحد بإجراءات وحالات وشروط معينة، لذلك لهذه الشركة الاندماج مع أية شركة أخرى، وفق القواعد والأسس الواردة في القانون أو المشروع لهذا الاندماج.

كما أنه وفق المادة 28/د من قانون الشركات الأردني والمادة 30/د من المشروع لسنة 2016 في حالة انسحاب أحد الشركاء في الشركة العادية العامة ، وكانت الشركة مكونة من شخصين اثنين، لا يؤدي ذلك إلى فسخ الشركة ويترتب على الشريك الباقي إدخال شريك جديد أو أكثر إلى الشركة عوضا عن الشريك المنسحب خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الانسحاب . وبالتالي تبقى للشركة شخصيتها المعنوية ويمكنها أن تندمج بغيرها خلال هذه المدة وبذلك يكون الشريك الباقي قد صوّب أوضاع الشركة بما يكفل استمرار مشروعها.

(9)(9) أما إذا قدم مصفي الشركة المنحلة موجودات هذه الشركة إلى شركة أخرى فإن ذلك لا يعد اندماجا، وإنما مجرد بيع هذه الموجودات باعتباره أمرا ضروريا لتسهيل عملية التصفية، أو مجرد مساهمة من قبل الشركاء في الشركة المنحلة بحصة عينية في الشركة القائمة يزداد بها رأسمالها مقابل أسهم عينية تعطى لهؤلاء الشركاء. أحمد أبو زينة، صفحة 58.

(10)(10) احمد أبو زينة ، صفحة 60.

(11)(11) المرجع السابق صفحة 61.

(12)(12) كما أن للمراقب أو لمجموعة من المساهمين يملكون (25%) من رأسمال الشركة المكتتب به الطلب من المراقب دعوة الهيئة العامة من أجل مناقشة مسألة الاندماج؛ إذا كانت هناك فرصة للتراجع عن التصفية وإبرام عقد اندماج مع شركة أخرى. وللمحكمة في التصفية الإجبارية إلغاء التصفية لأجل الاندماج بناء على طلب المصفي إذا اقتنعت بذلك. المرجع السابق صفحة 64.

(13)(13) المرجع السابق، صفحة 66 و 67.