محاضرات في اندماج الشركات في مشروع قانون الشركات الفلسطيني

المبحث الثاني

آثار الاندماج بالنسبة للشركة الدامجة

ذكرنا أنه يترتب على الاندماج انتقال الذمة المالية للشركة أو الشركات المندمجة إلى الشركة الدامجة بكافة عناصرها الإيجابية والسلبية، وهذا يعني زيادة رأسمال الشركة الدامجة بحصة عينية من خلال موجودات الشركة أو الشركات المندمجة التي ستنقل إليها، وهو ما يستوجب من جهة تعديل عقد تأسيس الشركة الدامجة ونظامها، كما يعني من جهة أخرى أن الشركة الدامجة ستتحمل المسئولية عن ديون الشركة المندمجة في مواجهة دائني هذا الأخيرة.

المطلب الأول

زيادة رأسمال الشركة الدامجة بحصة عينية

في الاندماج بطريق الضم، تتلقى الشركة الدامجة موجودات الشركة أو الشركات المندمجة، وبالتالي يزيد رأسمالها بالاندماج؛ وتكون هذه الزيادة بحصة عينية، لذلك تكون جميع الأسهم التي تصدرها الشركة الدامجة من نوع الأسهم العينية، وليس فيها أسهم نقدية، حتى وإن وجدت مبالغ نقدية كانت تشكل أرصدة حسابات الشركة المندمجة وتم تحويلها باسم الشركة الدامجة، لأن الأسهم التي تعطى لمساهمي الشركة المندمجة لا يتم تحديدها بالنظر إلى تلك المبالغ وحدها، وإنما بالنظر إلى القيمة الفعلية لتلك الشركات، فعملية الاندماج تعني أن الشركة الدامجة تتلقى المشروع الذي تأسست الشركة المندمجة لتحقيقه بالكامل؛ وبكافة عناصره المادية والمعنوية. (8) والتالي فإن رأسمال الشركة الدامجة يزيد بمقدار صافي موجودات وأصول الشركة أو الشركات المندمجة بعد حسم واستنزال الديون والالتزامات المترتبة على تلك الشركات. ومن ثم تقسيم صافي الموجودات والأصول إلى أسهم عينية على المساهمين.(9)

ولا تتطلب زيادة رأسمال الشركة الدامجة اللجوء إلى أسلوب الاكتتاب العام؛ لأن المساهمين معروفين سلفا؛ وهم مساهمو الشركة أو الشركات المندمجة، ولأن عقد الاندماج هو الذي يتكفل بتوزيع الأسهم الجديدة. ولكن تقوم الشركة الدامجة بتعديل عقد تأسيسها ونظامها والنشر بخصوص هذه الزيادة.

وتكون الأسهم العينية التي تصدرها الشركة الدامجة مقابل حصة الشركة المندمجة، قابلة للتداول فور إصدارها، استثناء من قاعدة حظر تداول الأسهم العينية إلا بعد انقضاء سنتين على إصدارها، لأن المادة 189/د من المشروع الفلسطيني توجب أن يرفق بطلب الاندماج البيانات المالية لآخر سنتين ماليتين للشركات الراغبة بالاندماج مصادقا عليها من مدققي الحسابات، مما يعني أنه يجب أن يكون قد مضى على تأسيس الشركة المندمجة سنتان على الأقل، ونص المادة (100 و 111 أردني، 101 مشروع) الذي يحظر تداول الأسهم العينية قبل مضي سنتين قاصر على الأسهم العينية التي تصدر عند تأسيس الشركة. (10) بينما نصت المادة 190 من المشروع الفلسطيني على أنه ( على مجلس إدارة كل شركة من الشركات الراغبة في الاندماج تبليغ الدائرة والهيئة والسوق خلال عشرة أيام من تاريخ اتخاذ قرار الاندماج، ويوقف تداول أسهمها اعتبارا من تاريخ تبليغ ذلك القرار ويعاد تداول أسهم الشركة الناتجة عن الدمج بعد انتهاء إجراءات الاندماج وتسجيلها، وفي حالة العدول عن الدمج يعاد تداول أسهم تلك الشركات).

ويستفاد من هذا النص أن المشروع لم يفرض قيودا على تداول أسهم الشركة الناتجة عن الاندماج، وأنه يتم تداول هذه الأسهم بعد انتهاء إجراءات الدمج، حتى لا يؤدي ذلك إلى إحجام المساهمين على الدخول في عمليات الاندماج، بل وتشجيعا لهم على التصويت لصالح الاندماج طالما أنه سيبقى في إمكانهم التصرف بأسهمهم.

ويبرر الفقه عدم حظر تداول الأسهم العينية التي تصدرها الشركة الدامجة أو الجديدة فور إصدارها، بأن هذه الأسهم تصدر مقابل ما كانت تمثله أسهم مساهمي الشركات المندمجة في موجوداتها وأصولها، وهي أسهم قابلة للتداول قبل الاندماج قرره لهم القانون؛ ولذلك يجب أن تبقى الأسهم التي تصدر بدلا منها قابلة للتداول، والقول بغير ذلك فيه إهدار لحقوق مكتسبة على غير سند صحيح ؛ ويعيق تحقيق هدف المشرع من الاندماج. وأن غاية القيد الزمني عند تأسيس الشركة هو حماية الراغبين في شراء أسهم الشركة من مغبة الإقبال على ذلك قبل أن يتضح مركزها المالي، وهو أمر غير وارد في الشركة الناتجة عن اندماج شركات مضى على تأسيسها فترة من الزمن؛ إذ أصبح مركزها المالي معروف للجميع. (11)

المطلب الثاني

مسئولية الشركة الدامجة أو الجديدة عن ديون والتزامات الشركة المندمجة

يترتب على الاندماج انتقال العناصر السلبية للذمة المالية للشركة أو الشركات المندمجة؛ إلى الشركة الدامجة أو الجديدة الناشئة عن الاندماج. وبالتالي تصبح الشركة الدامجة أو الجديدة مسئولة عن ديون والتزامات الشركة أو الشركات المندمجة، باعتبارها خلفا عاما للشركة المندمجة بحكم القانون، لأنه بالاندماج تزول شخصيتها القانونية فلا يتصور استمرار مسئوليتها عن خصومها بعد نفاذ الاندماج.

وقد نصت المادة 202 من المشروع الفلسطيني على أنه ( تنتقل جميع حقوق والتزامات الشركات المندمجة إلى الشركة الدامجة أو الشركة الناتجة عن الاندماج حكما بعد انتهاء إجراءات الدمج وتسجيل الشركة وفقا لأحكام هذا القانون، وتعتبر الشركة الدامجة أو الناتجة عن الاندماج خلفا قانونيا للشركات المندمجة وتحل محلها في جميع حقوقها والتزاماتها). (12)

وديون الشركة المندمجة تنتقل إلى الشركة الدامجة أو الجديدة بالحالة التي كانت عليها، فإذا كانت حالة تبقى كذلك؛ وإن كانت مؤجلة يبقى الأجل؛ وإن كانت مضمونة بضمان شخصي أو عيني انتقلت بذلك الضمان. ومع ذلك إذا نشأ عن الاندماج شركة جديدة؛ فإن التزام الكفيل قبل إحدى الشركات المندمجة لا يضمن الديون اللاحقة على عملية الاندماج؛ إلا إذا تعهد الكفيل بذلك صراحة للشركة الجديدة. (13)

وهذه الديون، إما أن يتم الوفاء بها قبل الاندماج؛ أو تؤول المسئولية عنها إلى الشركة الدامجة أو الجديدة سواء كانت معلومة أو مجهولة. (14) وليس لها التحلل من مسئوليتها عن أي دين بحجة عدم علمها به أو بمقداره عند تنفيذ الاندماج؛ طالما ثبت استحقاق الدين على الشركة المندمجة.

(1)(1) نقض مصري رقم 288 سنة 38 قضائية جلسة 12/5/1974. مشار إليه في احمد أبو زينة، صفحة 235.

(2)(2) تمييز حقوق 182/1994 مجلة نقابة المحامين السنة 43 عدد 3و4 لسنة 1995 صفحة 873.

(3)(3) أحمد أبو زينة ، صفحة 240.

(4)(4) محمود سمير الشرقاوي، الشركات التجارية في القانون المصري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986،صفحة 61.

(5)(5) محمود مختار أحمد بريري، الشخصية المعنوية للشركة التجارية، شروط اكتسابها وحدود الاحتجاج بها… الطبعة الثانية، دون دار نشرن 2002، صفحة 73 وما بعدها.

(6)(6) حسام الدين الصغير، صفحة 493.

(7)(7) طعن رقم 284 سنة 34 قضائية، جلسة 7/12/1967، س 18 ص 185. مشار إليه في أحمد أبو زينة ، صفحة 246.

(8)(8) حسام الدين الصغير ، صفحة 509.

(9)(9) محمد حسين إسماعيل، الاندماج في مشروع قانون الشركات الأردني، صفحة 181.

(10)(10) مصطفى كمال طه، الشركات التجارية، 1998، صفحة 341. بينما أجاز القانون الفرنسي تداول الأسهم العينية التي تصدرها الشركة الدامجة أو الجديدة بشرطين: الأول أن تكون الشركة المندمجة شركة مساهمة أو توصية بالأسهم؛ وأن تكون أصول الشركة المندمجة ممثلة قبل الاندماج بأسهم قابلة للتداول. أي أنه أوجب أن تكون الشركة المندمجة من شركات الأسهم قد مضى على تأسيسها عامين على الأقل. حسني المصري، المرجع السابق، صفحة 245. بينما أجاز المشرع المصري تداول هذه السهم العينية بمجرد إصدارها دون قيد أو شرط، وقد انتقد الفقه في مصر موقف المشرع واعتبر ذلك مثلبا من المثالب التي يجب على المشرع التدخل لعلاجها بما يكفل ضمان سلامة مركز الشركة المندمجة؛ والاستعانة بنصوص القانون الفرنسي، وأوصى ألا تمنح الموافقة على اندماج الشركات إلا بعد نشر ميزانيتها عن مدة عامين كاملين حتى يكون المركز المالي للشركات الراغبة في الاندماج قد عرف معرفة دقيقة. سميحة القليوبي ؛ الشركات التجارية؛ 1983؛ بند 322؛ هامش 2 ؛ صفحة 354، حسام الدين الصغير؛ المرجع السابق، صفحة 522.

(11)(11) خالد العازمي، المرجع السابق، صفحة 325 و 326.

(12)(12) نقل المشروع هذه المادة عن المادة 238 من قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997، وقد كانت المادة 268 من قانون 1989 تضيف (… وذلك في حدود ما اتفق عليه في عقد الاندماج مع عدم الإخلال بحقوق الدائنين)، نقلا عن المادة 132 شركات مصري لسنة 1981، غير أن المشرع حذف هذه الفقرة في قانون 1997.

(13)(13) محمد فريد العريني، الشركات التجارية، المشروع التجاري الجماعي بين وحدة الإطار القانوني وتعدد الأشكال، دار الجامعة الجديدة للنشرن الإسكندريةن 2009، ، صفحة 416. عبد الوهاب المعمري، اندماج الشركات التجارية متعددة الجنسيات، … دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى، 2010، صفحة 534.

(14)(14) إلياس ناصيف، الكامل في قانون التجارةن الجزء الثاني، الشركات التجارية، الطبعة الثانية، منشورات البحر المتوسط ومنشورات عويدات، بيروت/ باريس، 1992، صفحة 406.