محاضرات في اندماج الشركات في مشروع قانون الشركات الفلسطيني

خطة الدراسة:

ندرس موضوع اندماج الشركات في بابين:

الباب الأول: تعريف الاندماج، وصوره، ونطاقه، وطبيعته القانونية.

الباب الثاني: القواعد القانونية لاندماج الشركات.

الباب الأول

المفهوم القانوني للاندماج ونطاقه وطبيعته القانونية

ينقسم هذا الباب إلى ثلاثة فصول : الفصل الأول ، المفهوم القانوني للاندماج ، والفصل الثاني نطاق تطبيق الاندماج، والفصل الثالث، الطبيعة القانونية للاندماج.

الفصل الأول

المفهوم القانوني للاندماج

ينقسم هذا الفصل لثلاثة مباحث، نعرف الاندماج في مبحث أول، ثم نبين صوره في مبحث ثان، والتفرقة بينه وبين العمليات المشابهة في مبحث ثالث.

المبحث الأول

تعريف الاندماج

عرف الفقه الاندماج بتعريفات عدّة تدور كلها حول عناصره وشروطه وآثاره، من ذلك:

تعريفه بأنه “الاندماج هو فناء شركة في شركة أخرى موجودة أصلا أو مزمع تأسيسها، بأن تقدم الشركة المندمجة موجوداتها بصفة حصة إلى الشركة الدامجة في مقابل عدد من الأسهم يعطى للمساهمين في الشركة المندمجة، وقد يقع الاندماج في أكثر من شركتين”. (1) أو أنه تلاحم شركتين قائمتين تلاحما يقتضي بالضرورة فناء كل منهما أو إحداهما ليكونا معا شركة جديدة. (2)

وكذلك أن الاندماج ” له صورتان، إما أن يقع بين شركتين قائمتين إذا وافقت إحداهما على الانضمام إلى الأخرى؛ ويترتب عليه فناء الشركة المندمجة وزيادة رأسمال الشركة الدامجة، وإما أن يقع بطريق أعم لا يقتصر على مجرد ضم إحدى الشركتين للأخرى؛ ولكن يترتب عليه فناء الشركتين من أجل قيام شركة جديدة على أنقاضهما”. (3)

كما عرفه بعضهم بأنه ” عقد بين شركتين أو أكثر يترتب عليه اتحاد ذمتهما المالية؛ بحيث يجتمع جميع الشركاء في شركة واحدة، وقد يتم هذا الاجتماع بأن تضم شركة بقية الشركات الأخرى الداخلة في الاندماج إليها؛ وهو ما يطلق عليه الاندماج بطريق الضم، أو أن تحل جميع الشركات الراغبة في الاندماج فتنشأ شركة جديدة تتلقى جميع أصول وخصوم الشركات التي تم دمجها؛ وهو ما يطلق عليه الاندماج بطريق المزج”. (4)

وعرفه آخر بأنه ” عقد يبدأ باتفاق متفق عليه من قبل المخولين قانونا لشركات قائمة، ويكون بشكلين؛ الضم حيث تندمج شركة أو أكثر بانتقال خصومها وأصولها لصالح الشركة الدامجة ، أو بتلاشي شركة أو أكثر والناتج عنهما شركة جديدة بأصول وخصوم الشركات المندمجة؛ وتسمى العملية بالمزج، مع استمرار مشروع الشركة”.(5)

كما تم تعريف الاندماج بأنه : عقد تضم بمقتضاه شركة أو أكثر إلى شركة أخرى، فتزول الشخصية المعنوية للشركة المنضمة؛ وتنتقل أصولها وخصومها إلى الشركة الضامّة. أو تمتزج بمقتضاه شركتان أو أكثر فتزول الشخصية المعنوية لكل منها؛ وتنتقل أصولها وخصومها إلى شركة جديدة. (6) وينقص هذا التعريف أنه لا يشير إلى حصول الشركاء في الشركة المندمجة على حصص أو أسهم في الشركة الدامجة أو الجديدة كأثر من آثار الاندماج، وأن انقضاء الشركة المندمجة يكون دون تصفية.

ويتبين من هذا التعريف خصائص الاندماج وهي كما يلي:

  1. أن الاندماج عقد، وهو عمل اتفاقي أي أنه يتم بين الهيئات الإدارية المختصة في الشركات الداخلة في الاندماج دون تدخل من جهة أخرى، لذلك فهو يختلف عن الدمج الذي يعد فعلا جبريا حين تقوم جهة معينة بدمج هذه الشركات، كقيام سلطة النقد بدمج أحد البنوك في بنك آخر لأحد الأسباب الواردة في قانون المصارف وفق صلاحيتها المنصوص عليها في ذلك القانون.
  2. أنه يتم بإحدى صورتين، إما بالضم أو بالمزج.
  3. أنه يقع بين شركات قائمة ومتمتعة بالشخصية المعنوية، لذلك لا يعد اندماجا مجرد ضم مشروع فردي إلى شركة قائمة أو جديدة لأن المشروع الفردي لا يعد شركة لعدم تمتعه بالشخصية المعنوية، ولا نقل عنصر من عناصر شركة إلى شركة أخرى كحصة عينية في رأسمالها بحيث تبقى الشركة الناقلة محتفظة بشخصيتها المعنوية، ولا دخول شركة كشريكة في شركة أخرى من خلال شراء الأولى أسهما في الشركة الثانية حتى لو تملكت معظم هذه الأسهم، بل تصبح ممثلة في الجمعية العامة في تلك الشركة بما تملكه من أسهم وتحتفظ كل شركة منهما بشخصيتها المعنوية، ولا اتفاق شركتين أو أكثر للعمل تحت إدارة مشتركة؛ مثل الاتحادات الصناعية أو المهنية، ولا التجمع المؤقت للشركات التي تتحد فيه بهدف تنفيذ مشروع معين؛ وتحمل تبعاته واقتسام الأرباح والخسائر.
  4. أنه يترتب على الاندماج انقضاء الشخصية المعنوية للشركات المندمجة وانتقال أصولها وخصومها إلى الشركة الدامجة؛ أو الشركة الجديدة الناتجة عن الاندماج.
  5. أنه حل مبتسر للشركة المندمجة تنقضي به شخصيتها الاعتبارية دون تصفية.
  6. أنه لا يترتب على انقضاء الشركة المندمجة زوال المشروع الاقتصادي الذي كانت تقوم عليه، بل يبقى هذا المشروع قائما بعد انتقاله إلى الشركة الدامجة أو الجديدة.
  7. أن الشركاء في الشركة المندمجة يحصلون على حصص أو أسهم في الشركة الدامجة أو الجديدة.(7)

(1)(1) محمد صالح ، شركات المساهمة، الطبعة الأولى، مطبعة جامعة فؤاد الأول، 1949، صفحة 387.

(2)(2) أبو زيد رضوان، الشركات التجارية في القانون الكويتي المقارن، دار الفكر العربي، القاهرة، ط 1، 1978صفحة 141.

(3)(3) حسام الدين عبد الغني الصغير ، المرجع السابق، صفحة 23.

(4)(4) سميحة القليوبي ، الشركات التجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الرابعة، 2008، صفحة 163 و 164.

(5)(5) خلدون الحمداني، الآثار القانونية لاندماج الشركات على حقوق الدائنين في القانون العراقي، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2009، صفحة 21.

(6)(6) حسني المصري ، المرجع السابق، صفحة 36.

(7)(7) ويقابل الاندماج ، انقسام الشركة إلى شركتين أو أكثر، وهو يفترض أن يكون المشروع على درجة من الضخامة تسمح بتقسيمه إلى مشروعين أو أكثر، بحيث تزول الشخصية المعنوية للشركة المنقسمة؛ وتقوم على كل مشروع شركة جديدة ويصير مساهمو الشركة المنقسمة مساهمين في الشركات الجديدة التي لا تقل عن اثنتين. ويتم الانقسام بغرض تخصص كل شركة من الشركات الجديدة في فرع معين من النشاط، أو بغرض مواجهة ظروف قانونية أو اقتصادية أو ضريبية خاصة. كتفادي الصعوبات التي تواجهها الإدارة، أو الاستفادة من المزايا التي يوفرها القانون للمشروعات الصغيرة أو المتوسطة ، خاصة عندما يميل الوضع الاقتصادي لتفضيل هذه المشروعات الأخيرة ويكون الانقسام أفقيا بتقسيم صناعة واحدة إلى عدد من الصناعات التي لا يتوقف بعضها على بعض، مثال ذلك أن تقتصر شركة تقوم بصناعة النسيج بمختلف أنواعه؛ على نوع واحد كنسيج القطن ، أو على نوع واحد من نسيج القطن؛ كالنسيج الرفيع. كما يكون الانقسام رأسيا، باقتصار الشركة على عملية واحدة أو أكثر من العمليات التي كانت تقوم بها لإنتاج سلعة واحدة، مثال ذلك اقتصارها على عملية نسيج القطن أو صباغته بعد أن كانت تقوم بحلجه وغزله أيضا. .حسني المصري، المرجع السابق، صفحة 27 و28 و 49.