محاضرات في اندماج الشركات في مشروع قانون الشركات الفلسطيني

المبحث الثاني

صور الاندماج

تختلف صور الاندماج بحسب الزاوية التي ينظر إليه منها، فهناك تقسيم تقليدي للاندماج من حيث الشكل القانوني، وهناك تقسيم بحسب طبيعة عمل الشركات الداخلة في الاندماج، وكذلك بحسب تدخل الإرادة فيه أو عدم تدخلها.

المطلب الأول

الاندماج من حيث الشكل القانوني

يتبين من تعريف الاندماج ومن نصوص القوانين التي نظمته أن الاندماج يقع في صورتين رئيستين: الاندماج بطريق الضم، والاندماج بطريق المزج.

أولا: الاندماج بطريق الضم. (8)

ويكون ذلك باندماج شركة أو أكثر وتسمى الشركة المندمجة والتحامها بشركة أخرى تسمى الشركة الدامجة، بحيث تصبح الأولى جزءا من الشركة الثانية وتزول شخصيتها القانونية، وتنتقل أصولها وخصومها إلى الثانية التي تبقى محتفظة بشخصيتها القانونية؛ ويزيد رأسمالها بقدر قيمة موجودات الشركة المندمجة. (9)

وقد أضاف قانون الشركات الكويتي لهذه الصورة الاندماج بطريق الانقسام والضم، وذلك بتقسيم ذمة الشركة إلى جزأين أو أكثر وانتقال كل جزء إلى شركة قائمة. (10)

ثانيا: الاندماج بطريق المزج. (11)

ويكون بأن تندمج شركتان أو أكثر وتمتزج معا بهدف تأسيس شركة جديدة، بحيث تنقضي الشخصية المعنوية للشركات المندمجة وتنشأ شخصية معنوية جديدة هي الشركة الناتجة عن الاندماج ، تنتقل لها أصول وخصوم الشركات المندمجة؛ بحيث تمتلك جميع موجودات وأموال الشركات المندمجة كما تتحمل ديون والتزامات تلك الشركات باعتبارها خلفا عاما لها.(12)

أوجه الشبه والاختلاف بين الضم والمزج:

  1. يتفق الضم والمزج في أن الشركة المندمجة في كل منهما تفنى وتفقد شخصيتها المعنوية.
  2. تبقى المشروعات التي تألفت الشركات لتحقيقها قائمة ومستمرة وتنتقل إلى الشركة الدامجة أو الجديدة حسب نوع الاندماج.
  3. يبقى الشركاء في الشركات المندمجة محتفظين بصفتهم كشركاء في الشركة الدامجة أو الجديدة.
  4. يجب إصدار أسهم عينية جديدة إلى مساهمي الشركة أو الشركات المختفية مقابل أسهمهم فيها.
  5. يجب موافقة مجالس الإدارة ونسبة عالية من المساهمين في الهيئات العامة غير العادية، والجهات الإدارية في الدولة حتى يتم إنجاز أي منهما.
  6. يترتب على الضم مجرد زيادة رأسمال الشركة الدامجة، بينما في المزج يلزم اتباع إجراءات تأسيس شركة جديدة.

المطلب الثاني

الاندماج بحسب طبيعة عمل الشركات الداخلة في الاندماج

سواء كان الاندماج بطريق الضم أم بطريق المزج، فإن مجالات عمل الشركات المندمجة قد تكون متشابهة ، أو متكاملة ، أو مختلفة. (13)

أولا: الاندماج الأفقي.

إذا كانت غايات الشركات الداخلة في الاندماج متماثلة، أي أنها تمارس ذات الأعمال، كما لو كانت تنتج ذات السلع والتسويق في ذات الأسواق، مثال ذلك اندماج بنكين، أو شركتي تصنيع دواء، أو مواد غذائية معينة. يسمى الاندماج؛ بالاندماج الأفقي، وتستمر الشركة الدامجة أو الناتجة عن الاندماج بالعمل بذات النشاط ولكن بحجم أكبر، أي أن الاندماج الأفقي يهدف إلى تنمية نشاط المشروع في فرع الإنتاج ذاته؛ بزيادة رأسماله وعماله؛ دون تغيير نوع النشاط.

ويفترض هذا الاندماج الحد من التنافس، والتركيز الصناعي واستقراره، ولكن يمكن أن يؤدي إلى الاحتكار والقدرة على التحكم بالأسعار، مما يستدعي إلى تدخل الدولة إذا شعرت أن وراءه عملية احتكار أو أنه يضعف المنافسة في السوق بشكل كبير.

ثانيا: الاندماج العمودي أو الرأسي.

إذا كانت غايات الشركات الداخلة في الاندماج متكاملة، أي أن كل شركة تكمل الأخرى؛ بأن تقوم واحدة منها بإنتاج سلعة أو خدمة تتكامل مع السلعة أو الخدمة التي تنتجها الأخرى، كما لو اندمجت شركة لإنتاج المواد الغذائية، مع شركة تصنع العبوات التي توضع فيها المواد الغذائية، أو مع شركة تسويق مواد غذائية، أو مع كليهما. وكذلك اندماج شركة تصنيع سيارات مع شركة تصنع إطارات السيارات. ويسمى الاندماج في هذه الحالة بالاندماج العمودي.

ثالثا: الاندماج المختلط (أو التجميعي).

وفي هذا الاندماج تكون غايات الشركات المندمجة مختلفة، أي أن كل شركة تمارس نشاطا مختلفا عن الأخرى. وهذه الصورة من الاندماج قليلة .

المطلب الثالث

الاندماج بحسب تدخل الإرادة فيه

يكون الاندماج بحسب تدخل الإرادة إما وديا ( اختياريا) أو قسريا ( جبريا).

أولا: الاندماج الودّي ( الاختياري).

وهو الأصل حيث يتم الاندماج باتفاق يعقد بين الشركات الراغبة فيه دون إكراه أو ضغط أو تدخل من أية جهة. غير أن القانون قد يشترط الحصول على موافقة مسبقة من جهة معينة، من ذلك ما نصت عليه المادة 65 من القرار بقانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن المصارف بأنه : أ- يجب الحصول على الموافقة الخطية المسبقة من سلطة النقد لدى رغبة أي مصرف الاندماج مع مصرف آخر أو أكثر.

ثانيا: الاندماج القسري ( الجبري).

ويكون ذلك عندما تقوم جهة إدارية معينة بدمج الشركات بشكل إجباري لتصويب وضع الشركات المتعثرة أو التي توشك على الإفلاس والتصفية. وفي هذه الحالة فإن الأدق هو أننا في حالة دمج أكثر من الاندماج.

من ذاك ما نصت عليه المادة 64 من القرار بقانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن المصارف بأنه:

  1. لسلطة النقد حق إصدار قرار دمج مصرف أو جزء منه في مصرف آخر أو أكثر بموافقة الجمعية العمومية للمصرف الذي يتم الدمج فيه وهيئته العامة وبغض النظر عن موافقة المصرف محل الاندماج وهيئته العامة، وذلك في أي من الحالات التالية:
  1. عدم مقدرة المصرف على تلبية متطلبات سلطة النقد المتعلقة بالحد الأدنى لرأس المال والاحتياطيات، أو إذا لم يعد قادرا على الوفاء بالتزاماته.
  2. عدم التزام مجلس إدارة المصرف أو الإدارة التنفيذية بأحكام هذا القانون والتعليمات والقرارات الصادرة بمقتضاه وذلك بعد استنفاذ الإجراءات الواردة في المادة ( 53) من هذا القانون.
  3. تكرار مخالفة المصرف لأحكام هذا القانون أو أية أنظمة أو تعليمات أو قرارات صادرة بمقتضاه وبحيث أدت هذه المخالفات إلى تحقيق خسائر أثرت سلبا على المركز المالي للمصرف وبما يشكل تهديدا لمصلحة المودعين أو تهديدا لاستقرار الجهاز المصرفي في فلسطين.
  4. استغلال أو تبديد أموال المصرف من قبل الأطراف ذوي الصلة وعدم الالتزام بالتصويب، عبر حصولهم على تسهيلات بدون موافقة خطية مسبقة من سلطة النقد، أو حصولهم على شروط تفضيلية في المنح على الشروط المطبقة على عملاء المصرف، أو تجاوز الحدود المقررة من سلطة النقد لتسهيلات ذوي الصلة ، أو عدم الالتزام بتسديد تسهيلات ذوي الصلة المتعثرة.
  5. إساءة استخدام أموال المصرف عبر توظيفها في أوجه استثمار ذات مستويات مخاطر عالية نتج عنها تعريض المصرف لمخاطر تحقيق خسائر جسيمة في محفظة المصرف أثرت سلبا على المركز المالي للمصرف.
  6. مخالفة المصرف لنسب التملك في رأس المال المحدد وفق هذا القانون والأنظمة والتعليمات والقرارات ذات العلاقة دون الحصول على موافقة خطية مسبقة من سلطة النقد.
  7. إذا توقف المصرف مدة تتجاوز ثلاثة أشهر عن تلقي الودائع من الجمهور أو غيرها من الأموال القابلة للرد، أو توقف عن منح الائتمان والتمويل بأنواعه وأشكاله.
  8. بناء على توصية المسئول المفوض المعين. (14)
  9. إذا ارتأت سلطة النقد ضرورة لذلك وبما يحقق المصلحة العامة ويعزز من متانة وسلامة الجهاز المصرفي.
  1. تضع سلطة النقد الإجراءات والآليات المناسبة لإتمام عملية الاندماج.
  2. لسلطة النقد الحق في اختيار المستشارين والخبراء لتقييم المصرف محل الاندماج.

وعرفت تعليمات سلطة النقد رقم (6/2010) الصادرة بتاريخ 3 آب 2010 الدمج الإجباري بأنه: الدمج الذي يتم بقرار من سلطة النقد للحفاظ على حقوق المودعين، أو تحقيقا للمصلحة العامة.

(8)(8) ويطلق عليه بعض الفقه الابتلاع أو الامتصاص . ثروت عبد الرحيم ، شرح القانون التجاري ، دار البحوث العلمية، الكويت، 1957، صفحة 258، ومحمود مختار بريري، قانون المعاملات التجارية، الشركات الجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، دون سنة نشر، صفحة 86.

(9)(9) نصت المادة 186 من المشروع لسنة 2016 على أنه ( يتم اندماج الشركات المنصوص عليها في هذا القانون… 1- باندماج شركة أو أكثر مع شركة أو شركات أخرى تسمى ( الشركة الدامجة) وتنقضي الشركة أو الشركات الأخرى المندمجة فيها وتزول الشخصية الاعتبارية لكل منها وتنتقل جميع حقوق والتزامات الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة بعد شطب تسجيل الشركة المندمجة …)

(10)(10) قانون الشركات الكويتي رقم 1 لسنة 2016، المادة 255/3 .

(11)(11) ويسميه البعض الاندماج الصحيح أو بالمعنى الضيّق. محمد أمين ملش، الشركات، مطابع دار الكتاب العربي، القاهرة، 1957، صفحة 357.

(12)(12) نصت المادة 186 المذكورة على أنه ( 2- باندماج شركتين أو أكثر لتأسيس شركة جديدة تكون هي الشركة الناتجة عن الاندماج، وتنقضي الشركات التي اندمجت بالشركة الجديدة وتزول الشخصية الاعتبارية لكل منها).

(13)(13) أحمد عبد الوهاب سعيد أبو زينة، الإطار القانوني لاندماج الشركات التجارية ؛ دراسة مقارنة ( القانون الفلسطيني، الأردني، المصري)، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ؛ جامعة القاهرة، 2012، صفحة 19 و 20.

(14)(14) المسئول المفوض المعين هو المسئول الذي تعينه سلطة النقد عملا بالمادة 56 من القرار بقانون لتحقيق الأغراض الواردة في هذه المادة ، ومنها …. البحث عن فرص لدمج المصرف أو جزء منه مع مصرف آخر … أو التوصية لسلطة النقد بدمج المصرف بما يكفل ويحقق المحافظة على أموال المودعين.