محاضرات في اندماج الشركات في مشروع قانون الشركات الفلسطيني

المبحث الثاني

جنسية الشركة الداخلة في الاندماج

تختلف التشريعات في تحديد جنسية الشركة من دولة لأخرى وفقا لقانونها الوطني، وفق أحد معايير ثلاثة هي : معيار موطن الشركة( مركز إدارتها الرئيس)؛ ومعيار مركز النشاط الرئيس للشركة؛ ومعيار الرقابة والإشراف الذي يتحدد تبعا لجنسية الشركاء أو القائمين على الإدارة.

واندماج شركة وطنية بشركة أجنبية يترتب عليه بالضرورة تغيير جنسيتها، وهي مسألة تخضع لقانون الدولة التي تنتمي إليها الشركة من حيث مدى جواز تغيير الجنسية، بحيث يمكن أن يجيز ذلك؛ أو يقيده بشروط معينة؛ أو يحظره مطلقا، وعلى الشركة التي ترغب في الاندماج بشركة أخرى تختلف عنها في الجنسية، أن تتبع كافة الإجراءات التي يفرضها قانون جنسيتها بشأن الاندماج في شركة من جنسية مختلفة.

لذلك يثور السؤال: هل يجوز اندماج شركتين أو أكثر إذا اختلفت جنسيتها؟

وللإجابة على هذا السؤال، فإن اندماج شركتين مختلفتي الجنسية لا يخلو من أحد فرضين:

الفرض الأول: أن تكون الشركة الدامجة أو الجديدة شركة وطنية، والشركة أو الشركات المندمجة أجنبية. وفي هذه الحالة فإن جنسية الشركة الدامجة لا تتأثر، لذلك تجيز القوانين الوطنية ذلك، وفي هذه الحالة يجب أن يراعى مدى جواز مساهمة الأجانب في الشركات الوطنية.

ففي مصر أجازت المادة 130 من قانون الشركات المصري للشركة الأجنبية التي تزاول نشاطها في مصر الاندماج في شركة مساهمة عامة مصرية أو تكوين شركة مصرية جديدة.

كما نصت المادة 186 من المشروع الفلسطيني لسنة 2016 على أن ( 3- باندماج فروع ووكالات الشركات الأجنبية العاملة في فلسطين في شركة فلسطينية قائمة أو جديدة تؤسس لهذه الغاية وتنقضي تلك الفروع والوكالات وتزول الشخصية الاعتبارية لكل منها).(4) في حين كانت المادة 204 من مشروع سنة 2010 قد نصت على أنه ( 3- اندماج فرع أو فروع الشركات الأجنبية العاملة في فلسطين وفقا لأي من الطريقتين المذكورتين أعلاه شريطة موافقة الشركة الأم للفرع أو الفروع على عملية الاندماج).

بينما نصت تعليمات سلطة النقد الفلسطينية رقم (6/2010) بخصوص الاندماج الاختياري للمصارف على أنه ( 2- يكون الاندماج بين المصرف الوافد وبين المصرف المحلي من خلال اندماج مصرف وافد أو أكثر في مصرف محلي أو أكثر أو العكس . 3- يجوز اندماج المصرف الوافد مع مصرف أو أكثر من المصارف الوافدة وفق الشروط التي تحددها سلطة النقد. 8- يجب الحصول على موافقة المركز الرئيسي للمصرف الوافد على قرار الاندماج، وكذلك على موافقة السلطة الرقابية في البلد الأم وفقا لمتطلباتها بهذا الشأن).

الفرض الثاني: أن تكون الشركة الدامجة أجنبية؛ والشركة المندمجة وطنية، ويصعب القول بجواز الاندماج في هذه الحالة لغياب النصوص التشريعية التي تنظم قواعده ووجود مشكلات وصعوبات تعترض طريقه بسبب اختلاف قوانين كل دولة عن باقي الدول وتنازع هذه القوانين فيما بينها، ولا سبيل لتذليلها إلا عن طريق إبرام الاتفاقيات بين الدول المختلفة بشأن الاندماج الدولي. ومن ذلك مشروع الاتفاقية الدولية بشأن الاندماج الدولي التي أعدتها لجنة خبراء تمثل الدول الأعضاء في المجموعة الأوروبية سنة 1972، وتم إعادة المفاوضات بشأنها من جديد سنة 1974، ولم يتم إعداد المشروع المقترح بصيغته النهائية. (5)

ولم يتحدث مشروع قانون الشركات الفلسطيني بشكل مباشر عن مسألة جنسية الشركة الداخلة في الاندماج ، ويفهم من مجمل نصوصه أنه يجيز وينظم اندماج فروع ووكالات الشركات الأجنبية في الشركات الوطنية وحدها دون غيرها. لذلك لا مجال للحديث عن اندماج شركة فلسطينية في شركة أجنبية سواء كانت عاملة في فلسطين أم لم تكن. وذلك تجنبا لسيطرة الشركات الأجنبية على اقتصاد البلاد، ولأن تغيير جنسية الشركة يؤدي إلى ترتيب آثار سلبية بالنسبة لحقوق المساهمين الأساسية؛ وزيادة الالتزامات المفروضة عليهم بسبب خضوع الشركة بعد تغيير جنسيتها لقانون دولة أجنبية.

وبناء على ذلك فإنه لا يجوز اندماج شركة فلسطينية بشركة أجنبية، فإذا أرادت شركة فلسطينية الاندماج في أو مع شركة أجنبية ليس أمامها سوى أن يتم حلها وتصفيتها، ونقل صافي موجوداتها إلى الشركة الدامجة أو الجديدة.

ومع ذلك يلاحظ أن تعليمات سلطة النقد رقم (6/2010) نصت على أنه (يكون الاندماج بين المصرف الوافد وبين المصرف المحلي من خلال اندماج مصرف وافد أو أكثر في مصرف محلي أو أكثر أو العكس ). وقد يفهم من ( أو العكس) أن هذه التعليمات أجازت أن يندمج مصرف محلي ( أي فلسطيني) بمصرف أجنبي، ولكن يبدو من البند الثامن من هذه التعليمات أن المقصود بالمصرف الوافد هو فرع المصرف الأجنبي، حيث اشترطت وجوب الحصول على موافقة المركز الرئيسي للمصرف الوافد على قرار الاندماج، وكذلك على موافقة السلطة الرقابية في البلد الأم وفقا لمتطلباتها بهذا الشأن.

(4)(4) نقلا عن المادة 222 / ج أردني.

(5)(5) حسام الدين الصغير، المرجع السابق، صفحة 131 – 136.