مشروع القانون المدني الفلسطيني بين العقد الموقوف والعقد القابل للإبطال

موقف القوانين المدنية العربية

اختلفت القوانين المدنية العربية في وصف هذا العقد ، فمنهم من أخذ بفكرة العقد غير النافذ أو الموقوف نقلا عن الفقه الإسلامي كالقانون المدني الأردني والعراقي واليمني والسوداني. ومنهم من نقل عن الفقه الغربي فكرة العقد القابل للإبطال كالقانون المدني المصري .

فالعقد القابل للإبطال و فق هذا الرأي هو عقد استوفى أركانه ولكن تخلف فيه شرط من شروط صحته لنقص في الأهلية أو لعيب في الإرادة ، وهو عقد له وجود قانوني ما دام لم يتقرر بطلانه – وهو يتفق في ذلك مع فكرة العقد الموقوف – وهذا العقد وفق هذا الرأي ينتج كل الآثار القانونية التي تترتب عليه لو نشأ صحيحا ، ولكن هذا الوجود غير مستقر ، فإن لحقته الإجازة أصبح عقدا صحيحا على الدوام ، وإن تقرر بطلانه انعدم وجوده القانوني انعداما تاما وزالت جميع آثاره القانونية التي أنشأها بأثر رجعي أي اعتبر عقدا باطلا منذ البداية.

مقارنة بين فكرة العقد الموقوف والعقد القابل للإبطال :

يتفقان في النقاط التالية :

  1. للعقد في كلا الحالتين وجود قانوني منذ انعقاده .
  2. ترد الإجازة على العقد في كل منهما .
  3. إذا لم تتم إجازته ينقلب عقدا باطلا .

يختلفان في الأثر المترتب على العقد :

  1. العقد الموقوف لا ينتج أثره ما لم ترد عليه الإجازة . بينما العقد القابل للإبطال ينتج أثره بين عاقديه من وقت إبرامه إلى أن يتم إبطاله.
  2. إجازة العقد الموقوف تسمح بأن تترتب عليه آثاره وبدونها لا ينتج العقد أثرا قانونيا، بينما إجازة العقد القابل للإبطال لا تضيف إليه جديدا بل تقتصر على تأييد ما أنتجه من آثار وتبعد عنه عوامل الفناء .
  3. ما دام العقد الموقوف لا يرتب أثرا فإنه يكفي لمن تقرر الوقف لمصلحته أن يتمسك بعدم إجازة العقد حتى يصبح العقد باطلا ، أما العقد القابل للإبطال فلا يتقرر البطلان إلا بالاتفاق أو بالقضاء ولا يجوز ذلك بالإرادة المنفردة للمتعاقد.

مكانة العقد الموقوف والعقد القابل للإبطال من العقود الصحيحة والباطلة:

يرى الحنفية أن العقد الموقوف قسم من أقسام العقد الصحيح ينطبق عليه تعريفه وحكمه، فهو مشروع بأصله ووصفه لتوفر الرضا والأهلية كاملة أو قاصرة ، ولا يتوقف حكمه على القبض ، وتوقف حكمه على الإجازة مشابه لتوقف العقد الذي فيه خيار على إسقاط هذا الخيار ، وهذا العقد الأخير عقد صحيح.

أما العقد القابل للإبطال في الفقه القانوني فإنه يعد من أقسام العقد الباطل، حيث يقسم العقد الباطل إلى باطل بطلانا مطلقا إذا نقص ركن من أركان انعقاده ، وباطل بطلانا نسبيا أو قابلا للإبطال إذا استوفى أركانه ولكن تخلف شرط من شروط صحته.

ونحن نرى أن اعتبار العقد القابل للإبطال قسما من العقد الباطل في غير محله ، فالعقد الباطل ليس له وجود قانوني ولا يرتب أثرا منذ انعقاده ، بينما نجد أن العقد القابل للإبطال له وجود قانوني وتترتب عليه آثاره كالعقد الصحيح تماما ما لم يتقرر بطلانه ، والقول باعتبار العقد باطلا يتناقض مع القول بترتب آثاره عليه ، فآثار العقد لا تترتب عليه منذ انعقاده إلا إذا وصف بأنه عقد صحيح ولكن وجوده يكون غير مستقر إلى أن تجري عليه الإجازة فيستقر وإلا بطل ، وهو بذلك يقترب من العقد الصحيح الذي تضمن أحد الخيارات كما قال بذلك الحنفية أو بالعقد غير اللازم وإن اختلف حكمه بالنسبة لأثره في حال عدم الإجازة .

الحكمة من الوقف على الإجازة في الفقه الإسلامي وتقرير دعوى الإبطال في القانون:

تهدف فكرة الوقف على الإجازة في الفقه الإسلامي والقوانين المدنية التي أخذت عنه إلى حماية كل من يتوقف التصرف على إجازته وعدم الإضرار به ، بإعطائه الحق في إجازة التصرف إن كان فيه مصلحة له ، وحق فسخه أو رده إذا كان ضارا بمصالحه، وهذا في الواقع يتفق مع مبدأ الرضائية كما يتفق مع سياسة الشارع الإسلامي في تحريم أكل أموال الناس بالباطل والمحافظة على حقوق الناس وعدم الإضرار بها . وهي ذات الغاية التي يهدف إليها تقرير دعوى إبطال العقد في العقد القابل للإبطال .

ولكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو : ما هي الفكرة الأكثر دقة وقدرة على تحقيق الحماية المطلوبة ؟

وللإجابة على هذا السؤال نكتفي بالمقارنة بين النصوص الناظمة لبيع ملك الغير في كل من القانون المدني المصري ومشروع القانون المدني الفلسطيني اللذين أخذا بفكرة العقد القابل للإبطال والقانونين المدني الأردني والمدني العراقي اللذين أخذا بفكرة العقد الموقوف .

القانون المدني المصري

مادة 466 – إذا باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه ، جاز للمشتري أن يطلب إبطال

البيع، ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار ، سجل العقد أو لم يسجل .

وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد.

المادة 467 – إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحا في حق المشتري.

وبذلك ينقلب العقد صحيحا في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد.

مادة 468 – إذا حكم للمشتري بإبطال البيع وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع ، فله أن

يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية .

مشروع القانون المدني الفلسطيني

مادة 496 – إذا باع شخص ملك غيره بغير إذنه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع.

يكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار ، سجل العقد أو لم يسجل.

لا يسري البيع في حق مالك العين المبيعة ولو نزل المشتري عن حقه في طلب إبطال

العقد.

مادة 497 – إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحا في حق المشتري.

ينقلب البيع صحيحا في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد انعقاد العقد.

مادة 498 – إذا حكم للمشتري بإبطال البيع وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع فله أن

يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية .

القانون المدني الأردني

مادة 171 – يكون التصرف موقوف النفاذ على الإجازة إذا صدر من فضولي في مال غيره أو …..

مادة 550 – 1- إذا باع شخص ملك غيره بغير إذنه جاز للمشتري أن يطلب فسخ البيع.

2- ولا يسري البيع في حق مالك العين المبيعة ولو أجازه المشتري.

مادة 551 – 1- إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحا في حق المشتري.

2- وينقلب صحيحا في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد.

القانون المدني العراقي

مادة 135 – 1- من تصرف في ملك غيره بدون إذنه انعقد تصرفه موقوفا على إجازة المالك.

2- فإذا أجاز المالك تعتبر الإجازة توكيلا ويطالب الفضولي بالبدل إن كان قد قبضه من العاقد الآخر.

3-وإذا لم يجز المالك تصرف الفضولي بطل التصرف وإذا كان العاقد الآخر قد أدى للفضولي البدل فله الرجوع عليه به ، فإذا هلك البدل في يد الفضولي بدون تعد منه وكان العاقد الآخر قد أداه عالما أنه فضولي فلا رجوع له بشيء منه.

  1. وإذا سلم الفضولي العين المعقود عليها لمن تعاقد معه فهلكت في يده بدون تعد منه فللمالك أن يضمن قيمتها أيهما شاء ، فإذا اختار تضمين أحدهما سقط حقه في تضمين الآخر.