إدارة سير الدعوى المدنية – Case Management

خامسا: معالجة الدفوع الواردة في اللائحة الجوابية:

درج المحامون على وضع عدد من البنود في مقدمة اللائحة الجوابية تتضمن دفوعا شكلية وموضوعية ودفوعا بعدم القبول منها :

  1. الدعوى مردودة شكلا وغير مسموعة قانونا .
  2. الدعوى مردودة للجهالة الفاحشة .
  3. الدعوى مردودة لعدم الاختصاص .
  4. الدعوى مردودة لانعدام الخصومة .
  5. الدعوى مردودة للتناقض .
  6. الدعوى واجبة الرد لأنها لا تنطوي على أي سبب .
  7. الدعوى واجبة الرد لأنها لا تستند إلى سبب قانوني أو واقعي صحيح .
  8. المدعي ممنوع قانونا من إقامة هذه الدعوى .
  9. الدعوى مردودة لمخالفتها للأصول والقانون .
  10. الدعوى مردودة لأنها كيدية .

وعادة ما يكرر وكيل المدعى عليه لائحته الجوابية دون التفات القاضي إلى هذه البنود ، رغم أن منها ما يتعلق بالنظام العام ، ثم يقدم طلبا لرد الدعوى قبل الدخول في الأساس متضمنا واحدا أو أكثر من الدفوع الواردة في اللائحة الجوابية .

ورغم أن قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 نص صراحة على دفوع عدم القبول باعتبارها دفوعا مختلفة عن الدفوع الشكلية والموضوعية أخذا بالتقسيم الحديث للدفوع ، إلا أن كثيرا من القضاة لا زال يتمسك بالتقسيم التقليدي للدفوع إلى شكلية وموضوعية ويعتبر دفوع عدم القبول إما دفوعا شكلية أو موضوعية . كما لا زال كثير من المحامين يخلط بين الدفوع الشكلية أو الموضوعية ودفوع عدم القبول في طلباتهم لرد الدعوى قبل الدخول في الأساس .

لذلك من المهم للقاضي أن يلم بكل نوع من أنواع الدفوع بصورة واضحة ومحددة ، وأن يبادر إلى التعامل مع هذه الدفوع بطريقة تحقق سرعة الفصل فيها ، وتفويت الفرصة على الخصوم للمماطلة وإطالة أمد النزاع . ولتحقيق ذلك نبين أهم الدفوع التي تدخل في كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة ، في الجدول التالي:

الدفوع الشكلية

تهدف إلى الطعن في صحة إجراءات الدعوى التي تمت لمخالفتها القواعد الإجرائية المستوجب لصحة انعقاد الخصومة ، وهي تشمل :

1- عدم الاختصاص : أ- المحلي . ب- النوعي ج- القيمي . د- الوظيفي .

2-البطلان – بطلان تبليغ الأوراق .

3-الضم

4-الإحالة .

  • الأصل أن الدفوع الشكلية لا تتعلق بالنظام العام.
  • الاستثناء الاختصاص النوعي والقيمي والوظيفي يتعلق بالنظام العام.
  • تسعى الدفوع الشكلية لعدم الحكم في موضوع الدعوى أو تأخير هذا الحكم – أي إنهاء الخصومة دون الفصل في موضوعها أو تأخير هذا الفصل.

دفوع عدم القبول

تتعلق بعدم أحقية المدعي في إقامة الدعوى ، لعدم توفر الشروط التي يتطلبها القانون لقبول الدعوى ، وهي تشمل :

  1. المصلحة
  2. الصفة
  3. الأهلية.
  4. الجهالة.
  5. التناقض.
  6. مرور الزمن ( التقادم).
  7. أن الدعوى سابقة لأوانها لعدم اتخاذ إجراء يتطلبه القانون. ( مثل إخطار عدلي) .
  8. رفعها في غير المناسبة أو الميعاد المحدد( قبل أو بعد الميعاد) .
  9. حجية الأمر المقضي.
  10. عدم قبول التدخل لعدم الارتباط بينه وبين الطلب الأصلي.
  11. وجود اتفاق تحكيم : هذا الدفع له حكم خاص في قانون التحكيم الفلسطيني حيث بموجبه تقرر المحكمة وقف الإجراءات وليس رد الدعوى ( كما في قانون التحكيم الأردني ) أو عدم قبولها ( كما في قانون التحكيم المصري .

الدفوع الموضوعية

وهي توجه لذات الحق المدعى به سواء من حيث نشوئه أو بقائه أو مقداره وهي تشمل :

  1. إنكار وجود الحق أصلا . – الدفع بالصورية .
  2. إنكار التوقيع على العقد.
  3. الدفع بانتفاء الضرر المؤدي للمسئولية .
  4. التمسك ببطلان العقد .
  5. انقضاء الدين – الوفاء – الإبراء – المقاصة .
  6. الدفع ببراءة الذمة .
  7. الدفع بعدم التنفيذ.
  8. الدفع بالفسخ.
  9. الدفع بعدم مشروعية العقد أو سند الدين.
  10. الدفع باستحالة التنفيذ.
  • وهذه الدفوع مجرد أمثلة لأن الدفوع الموضوعية لا يمكن أن تحصر ، وهي تستند إلى العقد ، أو القانون ، أو القواعد العامة.
  • وهي وفق المادة 89 أصول مدنية : تبدى مرة واحدة قبل الدخول في أساس الدعوى .
  • والأصل أنها لا تتعلق بالنظام العام بل بمصالح الأشخاص .
  • واستثناء من ذلك قد يتعلق الدفع الموضوعي بالنظام العام مثل عدم مشروعية السبب أو المحل .
  • تهدف إلى رفض طلبات المدعي كلها أو بعضها .

وقد كان قانون أصول المحاكمات الحقوقية يجيز للخصوم إبداء أي دفع موضوعي في أي وقت قبل إقفال باب المرافعة ، وكان هذا الأمر يطيل إجراءات المحاكمة ويسمح للمدعى عليه بالمماطلة والتسويف . لذلك عدل المشرع في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية عن ذلك لسببين :

الأول : سرعة البت في القضايا وتفويت الفرصة على المدعى عليه للمماطلة .

والثاني : حتى تتمكن المحكمة من تحديد نقاط الاتفاق والاختلاف وحصر مسائل الاختلاف .

لذلك نص في المادة 89 من القانون المذكور على وجوب أن يقدم الخصوم طلباتهم ودفوعهم – غير المتعلقة بالنظام العام ومنها الدفوع الموضوعية – مرة واحدة قبل الدخول في أساس الدعوى . ولكنه لم ينص على سقوط الحق في إبدائها إذا لم يتم التمسك بها قبل الدخول في الأساس ، وإنما ترك المجال للمدعى عليه لتدارك ما فاته منها ولو بتقصيره ، وسمح له بتقديمها لدى محكمة الاستئناف إذا لم يكن قد سقط حقه في إبدائها أمام محكمة الدرجة الأولى كالدفع بمرور الزمن .

  1. الفصل في الدفوع الشكلية والدفوع بعدم القبول

يهدف الدفع الشكلي والدفع بعدم القبول إلى انقضاء الخصومة دون التعرض لموضوع الدعوى ، لذلك فإن من حسن الإدارة القضائية أن تتصدى المحكمة للفصل في هذه الدفوع إن وجدت ، لأن ثبوت الدفع يوفر على المحكمة والخصوم الوقت والجهد .

وعلى الرغم من أن تصدي المحكمة للفصل في الدعوى يفترض اختصاصها بنظرها ، وأن الاختصاص وظيفيا ونوعيا وقيميا يتعلق بالنظام العام ويجوز للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها ، إلا أن غالب القضاة اعتادوا على عدم التصدي لهذه المسألة وترك إثارة الدفوع للخصوم . وحيث إن من حق الخصم إثارة الدفع المتعلق بالنظام العام في أية مرحلة تكون عليها الدعوى ، قد يعمد الخصم إلى عدم إثارة هذا الدفع في بداية سير الخصومة ، بل وقد لا يلتفت إلى هذا الدفع إلا بعد صدور الحكم ، فيكون سببا للطعن فيه .

لذلك فإن من الحكمة أن تبادر المحكمة بعد تكرار اللوائح إلى التأكد من اختصاصها المتعلق بالنظام العام ، فإن وجدت أنها غير مختصة وظيفيا أو نوعيا أو قيميا قررت إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة ، وإن وجدت أنها مختصة وظيفيا ونوعيا وقيميا – وهو الغالب – وكان المدعى عليه قد دفع بعدم الاختصاص المحلي تتحقق المحكمة من هذا الدفع ، فإن ثبت لها عدم اختصاصها محليا قررت إحالة الدعوى للمحكمة المختصة . وإن ثبت أنها مختصة محليا أو لم يكن المدعى عليه قد أثار هذا الدفع – بحيث يعد متنازلا عنه – فإنها تسير في الدعوى . فإن كان المدعى عليه قد دفع بعدم قبول الدعوى تفصل المحكمة في هذا الدفع ،(14) وإلا فإنها تنتقل مباشرة إلى الخطوة التالية

  1. الفصل في الدفوع الموضوعية وموضوع الدعوى

بعد أن تتحقق المحكمة من اختصاصها وتفصل في ما أثاره المدعى عليه من دفوع شكلية أو بعدم القبول ، تنتقل إلى رؤية موضوع الدعوى . وبالنسبة لهذه المسألة قد يقتصر المدعى عليه على مجرد إنكار ما ورد في الدعوى أو يثير دفعا موضوعيا يمس الحق المدعى به .

وتفصل المحكمة في هذا الدفع على استقلال لأن الفصل فيه قد يغني عن بحث موضوع الدعوى، ولكن إذا تبين للمحكمة أنها غير قادرة على الفصل في الدفع دون بحث موضوع الدعوى ، فإن لها في هذه الحالة أن تأمر بضم الدفع إلى الموضوع ، ولكن عليها أن تبين في حكمها ما هو قرارها بخصوص هذا الدفع وإلا كان حكمها معيبا وعرضة للطعن فيه (م 91/2).

وعندما تبحث المحكمة الدفع الذي يثيره المدعى عليه فإنها تكلفه بإثبات دفعه ، فإن أثبت المدعى عليه الدفع حكمت المحكمة على ضوء ذلك ، وإن عجز عن إثبات دفعه وطلب تحليف المدعي اليمين الحاسمة ، ونكل المدعي عن حلفها تقرر المحكمة رد الدعوى ، وإن لم يوجه المدعى عليه اليمين الحاسمة أو وجهها وحلف المدعي اليمين ، تقرر المحكمة رد الدفع ومن ثم تسير في الدعوى حسب الأصول .

(14)(14) نقض مدني 58/2008 تاريخ 30/10/2008 ج 4 ص 408. وقد ورد فيه إن ثبوت السبب الأول الذي يعني عدم توافر الخصومة يغني عن البحث في موضوع الدعوى ولا يجوز بحث الموضوع مع ثبوت عدم صحة الخصومة.