إدارة سير الدعوى المدنية – Case Management

النتائج والتوصيات

أولاالنتائج:

خلصت الدراسة إلى النتائج التالية:-

  1. تعود الأسباب التي أسهمت بدور كبير في إطالة المدد الطبيعية والمتوقعة للفصل في الدعاوى أمام المحاكم والتي توجب الأخذ بنظام إدارة الدعوى إلى :

أ- ضعف البنية التحتية لمرفق القضاء من قضاة وكوادر إدارية وتجهيزات وما رافقه من زيادة الأعباء على القاضي.

ب- تكلفة التقاضي المتزايدة باطراد سريع لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي لأفراد الشعب؛ إما لظروفهم الاقتصادية؛ أو لعدم تناسب حجم الدعوى مع النفقات المطلوبة لإقامتها، مما أدى إلى عزوف عدد كبير من الناس عن اللجوء للقضاء.

ج- الممارسات غير اللائقة التي يسلكها بعض المحامين باستغلال جهل الناس بالقانون، في غياب نص القانون الحازم إزاء هذه الممارسات سواء في قانون الأصول أو في قانون ممارسة مهنة المحاماة وآدابها. وكذلك ممارسات بعض أطراف النزاع من غير المحامين من حيث تعمد المماطلات غير المبررة للضغط على الطرف الآخر لإضعاف موقفه وإجباره على قبول أو عرض تسوية غير عادلة، مما يؤدي إلى تنازل صاحب الحق عن جزء من حقه بهدف إنهاء النزاع.

د- ضعف الدور الرقابي الذي يفترض أن تلعبه نقابة المحامين على أعضائها.

ه- غياب التطبيق السليم من قبل المحاكم لبعض النصوص القانونية التي تنظم المدد وترتب الإجراءات، وعدم وضوح بعض النصوص القانونية وغياب التفسير السليم لها من قبل جهات التفسير المعنية، وكذلك غياب الاجتهادات القضائية لمحكمة النقض.

  1. إدارة الدعوى المدنية ليس بالعمل القضائي البحت، فهي تعتبر مرحلة تخرج بأصلها عن العمل القضائي مع بقاء الصفة القضائية عليها، فهي أقرب لمؤسسة تعمل على إدارة ملف الدعوى وضبط حركتها من المرحلة السابقة على المحاكمة حتى تصل إلى لحظة الفصل فيها، وتسيره بشكل يحقق أعلى صور الجدوى لضمان سرعة الفصل فيها.
  2. ترتكز إدارة الدعوى على معيار أساسي يقوم على عامل الوقت واختصار أمد المنازعة، وعليه يمكن تعريف إدارة الدعوى بالاعتماد على هذا العامل بأنها : نظام شامل لإدارة الوقت والأحداث والإجراءات التي تتم في قضية ما منذ بداية تسجيلها في قلم المحكمة حتى نهايتها وإغلاق ملفها.
  3. وفق إدارة الدعوى، للمحكمة الحق في رسم السياسة العامة التي تتبعها في إدارتها للدعوى، فهي من يملك الحق في تسيير الدعوى بشكل يضمن لها أفضل السبل في تحقيق الهدف منها، فهي لا تلزم بإتباع إجراءات صارمة وثابتة بشكل ثابت ودائم، وإنما تتولى إتباع سبل مختلفة بهدف تحقيق الغاية من الدعوى، فتطبق من الإجراءات ما تراه مناسبا؛ أي طبقا لاجتهادها بعد أن تقوم بدراسة القضية وموضوعها وأطرافها وأهميتها.
  4. تقسم التشريعات في الدول المختلفة في الجهة المختصة بإدارة الدعوى إلى ثلاث فئات هي:

أ- تشريعات تعهد بإدارة الدعوى إلى موظفين إداريين على درجة عالية من الكفاءة والخبرة ومدربين بشكل جيد كما هو الحال في ولاية كلفورنيا الأمريكية.

ب- تشريعات تذهب إلى إدارة الدعوى من قبل قضاة متخصصين كما في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني الذي نقل عن نظام إدارة الدعوى في التشريع الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية.ج- تشريعات يكون القاضي الذي ينظر الموضوع هو نفسه من يشرف على إدارته منذ البداية سواء بنفسه أو بواسطة القسم الذي يتبع له في المحكمة مما يمكنه من الفصل في الدعوى بعد الاستماع لأقوال الطرفين، أي أن كل قضية تخضع لإدارة الدعوى أمام القاضي نفسه الذي ينظرها، بمعنى أن كل قاض هو قاضي إدارة دعوى بالنسبة للدعوى التي ينظرها،كما في النظام الإنجليزي.

  1. تدخل المشرع الفلسطيني في كل من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة2001 وقانون البيّنات في المواد المدنية والتجارية رقم 4 لسنة 2001، وجعل للقاضي دورا إيجابيا أكثر فاعلية، سواء قبل بدء المحاكمة أو خلال نظر الدعوى والسير في إجراءاتها، مقررا أن مهمة القضاء هي البحث عن الحقيقة والفصل في الدعاوى بسرعة، لذلك أسند للقاضي إدارة سير الدعوى وتحقيق عناصرها وأدلتها لضمان حسن تنفيذ القوانين الإجرائية والحد من الدفوع والإجراءات التحكمية التي يسعى إليها الخصوم لتأجيل نظر الدعاوى، ولسرعة الفصل في القضايا دون المس بالضمانات الأساسية للتقاضي المقررة للخصوم.
  2. اهتم قانون البينات في المواد المدنية والتجارية الفلسطيني بإظهار الدور الإيجابي للقاضي، فقرر له سلطة واسعة في تقدير قيمة ما يقدم له من أدلة دون انتظار دفاع الخصوم بشأنها وهذا يساهم بشكل كبير في الإسراع في الفصل في النزاعات إذا ما تم استعمال هذه السلطات بشكل يتناسب وطبيعة البينة المقدمة من الخصوم. نذكر منها على سبيل المثال سلطة القاضي في أن يقضي بمجموعة من الجزاءات المدنية والمالية على من يتسبب في تعطيل الفصل في الدعاوى بسبب يرجع إلى ادعاء التزوير في سند لم يثبت صحته أو توانى في إثباته أو أهمل في متابعته.
  3. مع أن الدور الإيجابي للقاضي في الخصومة المدنية سواء بالنسبة لإجراءات نظرها أو إثباتها أصبح أمرا واقعا ونافذا في التشريع الفلسطيني منذ عام 2001 بصدور ونفاذ كل من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وقانون البينات، إلا أن الملاحظ أن بعض القضاة ما زالوا متأثرين بما اعتادوا عليه في ظل قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى من دور سلبي، وأن تطبيقهم لما ورد في هذين القانونين من أحكام متعلقة بالدور الإيجابي للقاضي يكاد يكون منعدما رغم مرور ما يزيد على 13 سنة، الأمر الذي أبقى على بطء الفصل في الدعاوى وزاد من تراكم القضايا أمام المحاكم، وأتاح الفرصة للمماطلين وآكلي حقوق الناس بالباطل للاستمرار في تحقيق مآربهم
  4. على الرغم من نفاذ كل من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وقانون البينات منذ عام 2001، إلا أن الباحث في أحكام المحاكم يرى أن غالب القضاة نادرا ما مارسوا دورهم المهيمن في إدارة الدعوى وتحقيق أدلتها وفق ما رسمه هذان القانونان، لذلك بقيت نصوصهما مجرد أدوات جامدة لا حراك فيها، فالنص الذي لا تطبقه المحاكم هو مجرد نص ميت، فإحياء النص لا يكون إلا بتطبيقه. ويبدو أنه غاب عن الكثير من القضاة كيفية استخدام هذه الأدوات وممارسة هذا الدور الإيجابي الذي يمكنهم من توجيه الدعاوى إلى طريقها المستقيم والحيلولة دون تهاون الخصوم وركونهم إلى وسائل المماطلة والكيد وكسب الوقت، الأمر الذي أدى إلى تراكم القضايا أمامهم.
  5. يستجيب القضاة لطلبات التأجيل حتى ولو لذات السبب مما فتح مجالا لإطالة أمد المنازعات وتراكم القضايا أمام المحاكم.
  6. تبين من الدراسة في إجراءات الدعوى في التشريع الفلسطيني بأنه عندما يكلف القاضي الطرفين بتحديد نقاط الاتفاق والاختلاف، غالبا ما يتمسك كل من الطرفين بلائحته، وهذا الموقف غير جائز ويؤدي إلى إطالة أمد الدعوى.