الفصل الرابع – اعتراض الغير

المبحث الثالث

أنواع اعتراض الغير

      كانت المادة 201 من قانون أصول المحاكمات الحقوقية رقم 42 لسنة 1952 تنص على أنه “يقسم اعتراض الغير إلى أصلي وطارئ:

  1. الاعتراض الأصلي يقدم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المعترض عليه بلائحة تتضمن بيان الأسباب التي يستند إليها المعترض في جرح الحكم وإبطاله تبلغ نسخة منها إلى المعترض عليه ثم يجري تبادل اللوائح بين الطرفين وفق أحكام هذا القانون.
  2. الاعتراض الطارئ يكون على حكم سابق أبرزه أحد الخصمين أثناء النظر في الدعوى القائمة ليثبت به مدعاه فيعترض عليه الخصم الآخر لدى المحكمة التي تنظر في الدعوى المذكورة بلائحة تتضمن الأسباب التي يستند إليها في إبطاله، فإذا كان الحكم المعترض عليه صادرا منها أو من محكمة أخرى مساوية لها في الدرجة تنظر دعوى الاعتراض مع الدعوى الأصلية القائمة وتفصل فيهما بقرار واحد، وإذا ظهر للمحكمة أنه صادر من محكمة أعلى في الدرجة تفهم المعترض أن عليه مراجعة تلك المحكمة وتستمر هي في رؤية الدعوى الأصلية إلى أن يرد إليها من تلك المحكمة ما يشعر بتأخير الدعوى الأصلية إلى نهاية اعتراض الغير.

      ولتوضيح كل من الاعتراض الأصلي والاعتراض الطارئ نورد المثال التالي: إذا صدر حكم في دعوى بين محمد وسعيد حول ملكية قطعة أرض، قرر أن الأرض المختلف عليها ملك لسعيد، وكانت هذه الأرض في الحقيقة ملك لخالد، فإن خالد يملك الطعن في الحكم بطريق اعتراض الغير بقصد إبطاله، ويكون اعتراضه في هذه الحالة اعتراضا أصليا.

      أما إذا قام خالد بعد صدور الحكم بحرث الأرض وزراعتها، فرفع سعيد عليه دعوى مدعيا ملكية الأرض، وأبرز الحكم السابق في أثناء نظر الدعوى لإثبات ادعائه، فإن خالد يملك أن يتعرض على الحكم المبرز، ويكون اعتراضه في هذه الحالة اعتراضا طارئا.

      أما قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، فقد نص في الفقرة الأولى من المادة 246 على أن “يقدم اعتراض الغير بلائحة دعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم (المعترض) عليه”(1).

      وبذلك لم يعد هناك سوى اعتراض أصلي يقدم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، فإذا كانت الدعوى التي أبرز فيها الحكم المعترض عليه هي ذات المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم، فإن المعترض يقدم اعتراضه لهذه المحكمة حيث تنظر في الاعتراض باعتباره دفعا في الدعوى كما هو الحال في القانون القديم.

      أما إذا كانت المحكمة التي تنظر الدعوى التي أبرز فيها الحكم المعترض عليه غير المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم، فإن على المعترض أن يتقدم باعتراضه إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المعترض عليه، وأن يستصدر منها أمرا مستعجلا بتأخير الدعوى الأصلية إلى نتيجة الاعتراض، يقدمه إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية، وبذلك توقف هذه المحكمة نظر الدعوى إلى نتيجة الاعتراض.

المبحث الرابع

ميعاد تقديم الاعتراض

      كانت المادة 202 من قانون أصول المحاكمات الحقوقية لسنة 1952 الملغى تنص على أنه “تسمع دعوى اعتراض الغير إلى أن يمر الزمان على الحقوق التي يتخذها المعترض أساسا لاعتراضه”.

      أما المادة 245 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد فقد نصت على أنه “لا يقبل اعتراض الغير بعد تنفيذ الحكم المعترض عليه إلا إذا كان التنفيذ قد تم دون حضور المعترض أو من يمثله”.

ويتبين من ذلك أن المشرع لم يشترط مدة معينة لتقديم الاعتراض خلالها، وذلك لأن المعترض ليس طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المعترض عليه، لذلك لا يتصور تبليغه الحكم فلا تسري في مواجهته مدد الطعن، كما أنه بالنسبة للأشخاص الذين تقرر لهم حق الطعن باعتراض الغير استثناء، قد لا ينكشف الغش او الاحتيال فورا أو بعد صدور الحكم أو بعد تبليغه، لذلك يمكن تقديم هذا الاعتراض ما لم يسقط أصل الحق الموضوعي بمضي المدة، إلا إذا تم تنفيذ هذا الحكم بحضور المعترض أو من يمثله، ففي هذه الحالة لا يعد معذورا ويسقط حقه في الاعتراض لأنه كان عليه أن يقدم اعتراضه بمجرد البدء بتنفيذ الحكم بحضوره، فلا يجوز له وقد حضر ولم يعترض على التنفيذ أن يقدم اعتراضا على الحكم بعد تمام التنفيذ.

المبحث الخامس

كيفية تقديم الاعتراض وأثره

      يقدم اعتراض الغير بلائحة دعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المعترض عليه، وتشتمل لائحة الاعتراض على بيان الحكم المعترض عليه وأسماء الخصوم وأسباب الاعتراض (م 246).(1)

      ولا يترتب على تقديم اعتراض الغير أي أثر موقف بالنسبة للحكم المعترض عليه إلا إذا قررت المحكمة وقف تنفيذه مؤقتا بناء على طلب المعترض. وهذا ما نصت عليه المادة 247 بقولها “لا يترتب على تقديم اعتراض الغير وقف تنفيذ الحكم المعترض عليه ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك بناء على طلب المعترض متى كان في مواصلة تنفيذه ضرر جسيم بكفالة أو بدونها”.

      وتنظر المحكمة في الاعتراض وفق الإجراءات العادية لنظر الدعوى ويترتب على اعتراض الغير طرح الخصومة على المحكمة من جديد بحيث يصبح للمحكمة التي تنظر الاعتراض أن تعيد نظر الموضوع من جديد، ويكون للخصوم بخصوص موضوع النزاع ما كان لهم من حقوق من قبل، وذلك في حدود ما رفع عنه الاعتراض.

      أما بالنسبة للحكم الصادر في اعتراض الغير فيترتب عليه الآثار الآتية:

  1. إذا أخفق الغير في اعتراضه، وانتهى الحكم الذي يفصل في اعتراض الغير إلى رد الاعتراض، يبقى الحكم المطعون عليه بالاعتراض كما هو، ويلزم المعترض بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة (م 249).
  2. أما إذا كان الغير محقا في اعتراضه، واستجابت المحكمة لمطالب المعترض، فإن ذلك يستتبع الرجوع عن الحكم المعترض عليه أو تعديله، ولكن ليس كليا وتجاه جميع الخصوم بل في حدود ما يمس حقوق المعترض (م 1/248) بمعنى أن الحكم الذي تصدره المحكمة في الاعتراض لا يبطل من الحكم المعترض عليه سوى الجزء الذي يخص المعترض أو يمس حقوقه فقط، بينما يبقى الحكم الأصلي نافذا في حق الخصوم فيه، ويتمتع بحجية القضية المقضية بالنسبة لهم حتى بالنسبة للأجزاء التي أبطلت في حق المعترض.
  3. إذا كان الحكم المعترض عليه لا يقبل التجزئة، أي إذا كان يتعذر تنفيذ الحكمين (الحكم الأصلي والحكم في الاعتراض) في وقت واحد، عدلت المحكمة الحكم بكامله (م 2/248)، وشملت آثاره عندئذ جميع أطراف النزاع. ولذلك يجب في هذا الفرض دعوة الخصوم جميعا إلى المحاكمة وإلا كان الاعتراض غير مقبول، وذلك لجعل الحكم حجة تجاههم جميعا. ومثال ذلك أن يصدر حكم بثبوت حق ارتفاق على عقار في مواجهة شريك على الشيوع فيقدم الشريك الآخر اعتراض الغير زاعما أنه بقي خارج الخصومة، فإذا قبل اعتراضه وحكم بعدم ثبوت حق الارتفاق، فإن هذا الحكم يفيد الشريك الذي حكم عليه سابقا لعدم قبول الحكمين للتجزئة، لذلك يجب أن يدخل في المحاكمة الخصوم الذين مثلوا في المحكمة الأولى.

(1) سقطت كلمة “المعترض” من النص الأصلي في القانون.

(1) نقض مدني 31/2005 تاريخ 19/10/2005 ج 2 ص 174.