الفصل الرابع – محل التنفيذ

يقصد بمحل التنفيذ الشيء أو المال الذي يجري التنفيذ عليه بموجب السند التنفيذي،(1) وهو يختلف باختلاف طريقة التنفيذ، فالمحل في التنفيذ المباشر يختلف عن المحل في التنفيذ غير المباشر، لذلك سنعرض محل التنفيذ في مبحثين:

المبحث الأول التنفيذ الجبري المباشر

المبحث الثاني: التنفيذ الجبري غير المباشر أو بطريق الحجز

المبحث الأول

التنفيذ الجبري المباشر

المحل في التنفيذ المباشر أو العيني هو ذاته محل الحق الموضوعي الثابت في السند التنفيذي الذي التزم المدين بأدائه، مثل العقار أو المنقول الذي يلزم المدين بتسليمه بناء على علاقة المديونية؛ ويتم تسليمه جبرا دون تغيير أو تبديل متى توافرت شروط معينة.

ولتوضيح ذلك سنتناول الموضوع في مطلبين:

المطلب الأول: شروط التنفيذ الجبري المباشر

المطلب الثاني: كيفية التنفيذ الجبري المباشر

المطلب الأول

شروط التنفيذ المباشر (العيني)

نصت المادة (63) من قانون التنفيذ على أنه (لا يجوز تنفيذ الالتزامات التي لا يكون محلها من النقود إلا إذا كان ذلك ممكنا قانونا). ويتبين من هذا النص أنه يشترط لتنفيذ الالتزام تنفيذا مباشرا ما يلي:

  1. أن يكون التنفيذ العيني ممكنا:

ويقصد بالإمكان عدم استحالة وجوده وعدم استحالة القيام به. أي الاستحالة المطلقة بالنسبة لجميع الأشخاص وهي ترتبط بأصل الأشياء لا بالأشخاص مثل الالتزام بتسليم حصان تبين أنه قد نفق. أما إذا كانت الاستحالة نسبية أي تتعلق بشخص المدين فقط بحيث لا يمكن معها القيام بتنفيذ الالتزام، ولكن يمكن لغيره القيام به، كمن يلتزم بإجراء عملية جراحية وهو ليس طبيبا، أو برسم لوحة فنية وهو ليس رساما، فإن هذا النوع من الاستحالة يبقى معه الالتزام قائما وقابلا للتنفيذ العيني.

وقد يكون سبب الاستحالة راجعا إلى خطأ المدين، وفي هذه الحالة يصار إلى التنفيذ غير المباشر أو المطالبة بفسخ العقد إن كان ملزما لجانبين ويرتب على طرفيه التزامات متقابلة. أما إذا كان سبب الاستحالة أجنبيا خارجا عن إرادة المدين كقوة قاهرة فإن الالتزام يزول في هذه الحالة.

  1. ألا يكون التنفيذ العيني مرهقا:

ويراد بالإرهاق ليس مجرد زيادة الكلفة، بل العنت الشديد أو الخسارة الفادحة الناشئة عن وقائع جديدة غير متوقعة عند التعاقد ترتب عليها ارتفاع الكلفة بشكل كبير جعل تنفيذ الالتزام يهدد المركز المالي للمدين أو جعله في وضع لا يمكن معه تنفيذ الالتزام. ويتم إزالة الإرهاق بواسطة تعديل الالتزامات بين الدائن والمدين بما يعيد التوازن للرابطة التعاقدية.

ويكون من صلاحيات قاضي الموضوع مراجعة الرابطة التعاقدية بين الدائن والمدين وعليه في سبيل إعادة التوازن إليها أن يراعي في قراره مصلحة الدائن في اقتضاء حقه وفق ما تضمنه السند التنفيذي ومصلحة المدين في عدم إرهاقه وتكليفه بما لا يطيق.

أما إذا كان عدم التنفيذ لا يرجع لإرهاق المدين وإنما لحاجته لنظرة الميسرة أو لتقسيط الأداء المطلوب، فإن المادة (155/1) من قانون التنفيذ أجازت له طلب ذلك.

  1. طلب التنفيذ الجبري:

فالتنفيذ الجبري وفق المادة (2/1) يكون بناء على طلب ذي الشأن، لذلك لا يجوز لدائرة التنفيذ أن تبادر من تلقاء ذاتها إلى التنفيذ أيا كان نوعه. كما لا يجوز لها الانتقال من نوع إلى آخر لم يطلبه صاحب الشأن، فلا يجوز القيام بالتنفيذ غير المباشر في حين أن المطلوب هو التنفيذ المباشر.

وطلب التنفيذ لا يقتصر على الدائن، بل يجوز للمدين أيضا طلب التنفيذ المباشر؛ وذلك عن طريق العرض الحقيقي والإيداع سندا للمادة (62) من قانون التنفيذ التي تجيز للمدين ذلك.


المطلب الثاني

كيفية التنفيذ الجبري المباشر

تختلف كيفية التنفيذ المباشر باختلاف محله على النحو التالي:

أولا إذا كان محل التنفيذ القيام بعمل:

نصت المادة (65) من قانون التنفيذ على أنه:

  1. في الالتزام بعمل شيء معين إذا امتنع المدين عن العمل، تقوم دائرة التنفيذ بتنفيذ هذا العمل على نفقة المدين.
  2. يسدد الدائن نفقات العمل المطلوب تنفيذه سلفا إذا كانت طبيعة الالتزام تسمح بذلك، على أن تحصل هذه النفقات من المدين بعد التنفيذ وترد للدائن، فإذا امتنع الدائن عن أداء هذه النفقات، تقدرها دائرة التنفيذ بواسطة خبراء تنتدبهم لهذا الغرض وتتولى تحصيلها من المدين بحجز أمواله وبيعها وفقا لأحكام القانون.

وتفيد هذه المادة أنه إذا امتنع المدين عن القيام بالعمل المطلوب، فإن دائرة التنفيذ تقوم بناء على طلب الدائن بتنفيذ هذا العمل على نفقة المدين إذا كانت طبيعة العمل تسمح بذلك.

وهذه العبارة الأخيرة توجب عندما يكون محل التنفيذ القيام بعمل، التمييز بين ما إذا كانت شخصية المدين محل اعتبار لكفاءة أو صفة فيه، وفي هذه الحالة لا يجوز التنفيذ الجبري لأن في ذلك مساس بحرية المدين، لذلك إذا رفض المدين القيام بالعمل؛ جاز للدائن أن يطلب إذنا من القضاء بالقيام بالعمل على نفقة المدين، أو تنفيذه دون إذن إذا استوجبت الضرورة، كما له أن يطلب التعويض النقدي. وقد يكون هناك شرط جزائي متفق عليه بينهما، فيطالب الدائن بتنفيذه وفق أحكام الشرط الجزائي.

أما إذا لم تكن شخصية المدين محل اعتبار؛ كما لو كان التزام المدين هو بناء جدار، فيجوز لدائرة التنفيذ بناء على طلب الدائن جلب عمال ليقوموا ببناء الجدار على نفقة المدين.

وبالنسبة لنفقات تنفيذ هذا الالتزام، إما أن يعجل الدائن هذه النفقات ويتم تحصيلها من المدين وردها إليه، فإن رفض الدائن ذلك، تقدر دائرة التنفيذ هذه النفقات التي يحتاجها التنفيذ العيني بواسطة خبراء، ثم تتولى تحصيلها عن طريق حجز بعض أموال المدين وبيعها بما يكفي لنفقات التنفيذ.

ثانيا إذا كان محل التنفيذ الامتناع عن عمل:

نصت المادة (66) من قانون التنفيذ على أنه (إذا أخل المدين بالتزامه بالامتناع عن عمل بموجب سند تنفيذي نافذ في مواجهته ورفض إزالة ما وقع منه مخالفا لالتزامه، تقوم دائرة التنفيذ بإزالة ما وقع مخالفا على نفقة المدين، وتطبق بالنسبة لنفقات الإزالة الأحكام المنصوص عليها في المادة (65).

ولم تبين هذه المادة كيفية التنفيذ العيني للامتناع، لأن الامتناع موقف سلبي يتوقف على إرادة المدين ذاته؛ عكس القيام بعمل فهو إيجابي يظهر على الواقع؛ ويمكن القيام به من غيره. لذلك فإن التنفيذ العيني للامتناع؛ إذا لم يقم به المدين من نفسه؛ لا يمكن أن نستعيض عن ذلك بأي وسيلة أخرى، كما لا يجوز إكراهه على ذلك بواسطة حبسه؛ لأن ذلك لا يجدي في تنفيذ الالتزام عينا؛ فلا يكون ممكنا سوى إزالة الآثار التي ترتبت على مخالفة المدين لالتزامه بالامتناع، وذلك عن طريق إزالتها على نفقة المدين.

ويجدر التنويه هنا أن إزالة ما وقع مخالفا من المدين يكون فقط عندما يكون التزام المدين بالامتناع عن عمل مادي، كعدم البناء أو عدم فتح نافذة مطلة على بيت جاره، وفي هذه الحالة يمكن إزالة آثار المخالفة بإزالة البناء أو إغلاق النافذة. أما إذا كان التزامه بالامتناع عن عمل غير مادي كالالتزام بعدم المنافسة، أو عدم إفشاء أسرار العمل، فإن إزالة آثار المخالفة لا يمكن أن تكون بالتنفيذ المباشر بل بالتنفيذ غير المباشر عن طريق التعويض.

ثالثا: إذا كان محل التنفيذ تسليم شيء:

نصت المادة (64) من قانون التنفيذ على أنه:

  1. إذا لم يذعن المدين في السند التنفيذي ويسلم برضاه الشيء المعين واجب التسليم ولم يكن ذلك الشيء ظاهرا للعيان، وعجز المدين عن تقديم أدلة كافية على تلفه أو هلاكه أو ضياعه، يجوز حبسه وفقا لإجراءات الحبس المنصوص عليها في هذا القانون.
  2. لا تطبق أحكام البند (1) أعلاه إذا كان عدم التسليم ناشئا عن سبب لا يد للمدين فيه.

ويتبين من هذا النص أنه إذا كان محل السند التنفيذي هو تسليم شيء، ورفض المدين تسليمه بإرادته، وكان هذا الشيء ظاهرا للعيان؛ فإنه ينزع منه ويسلم للدائن.

أما إذا كان الشيء غير ظاهر للعيان، تتاح الفرصة للمدين لإثبات أن هذا الشيء قد تلف أو هلك أو ضاع، فإن عجز عن ذلك ولم يقدم أدلة كافية، ولم يكن عدم التسليم ناشئا عن سبب أجنبي لا يد له فيه، فيجوز إجباره على التسليم عن طريق حبسه.

وإذا كان الشيء محل التنفيذ قد تم نقل حيازته إلى شخص آخر بعد الحكم، فإن تبدل اليد في هذه الحالة ونقل حيازة العين إلى شخص غير المدين، لا يؤثر في المعاملة التنفيذية، بل يستخدم ذات السند لاسترداد هذا الشيء من يد الحائز الجديد. (2)

فإذا وجد في المحل الواجب إخلاؤه أشخاص آخرون غير المدين وراجعوا دائرة التنفيذ مدعين أن إقامتهم ليست تبعا للمحكوم عليه ولا هي بإعارة أو إيجار منه؛ ولم يقدموا لقاضي التنفيذ أي مستند يثبت وجودهم المستقل عن المحكوم عليه، فإنه يتم إخلاءهم ولا يلتفت إلى ادعائهم.

أما إذا أبرزوا أوراقا تثبت استقلالهم بالإقامة عن المحكوم عليه، فإن على قاضي التنفيذ وقف التنفيذ بالنسبة لهم وإمهالهم مدة مناسبة لمراجعة المحكمة المختصة للحصول منها على سند بذلك. ويتوقف مصير التنفيذ على نتيجة الحكم الذي تصدره المحكمة المذكورة، فإن أثبتوا صحة ادعائهم يلغى ما تم من إجراءات التنفيذ، وإن حكم بعدم صحة الادعاء تثابر دائرة التنفيذ على التنفيذ من النقطة التي توقف عندها ويخلى المحل من المقيمين فيه بموجب ذات السند.

وإذا كان في المحل الذي تم إخلاءه أموال تخص المنفذ ضده ورفض تسلمها رغم تبليغه حسب الأصول بضرورة مراجعة دائرة التنفيذ خلال مهلة معينة لاستلامها؛ وكان أمر المحافظة عليها يستلزم نفقة، فإن قاضي التنفيذ يقوم ببيعها بالمزاد ويقتطع جميع النفقات التي أنفقت عليها حتى بيعها من الثمن، ويحفظ الباقي أمانة للمحكوم عليه.(3)

وإذا أخلت دائرة التنفيذ المحل وسلمته إلى طالب التنفيذ، ثم عاد المنفذ ضده ووضع يده على ذلك المحل مجددا دون سبب قانوني كعقد تملك أو الإيجار مع طالب التنفيذ أو بالإرث منه، فإن للدائن أن يطلب من دائرة التنفيذ أن تقوم بإعادة التنفيذ ضده ثانية، وعلى دائرة التنفيذ إجابة طلبه. ويكون المنفذ ضده المعتدي عرضة للعقوبة التي يقررها قانون العقوبات. (4)

المبحث الثاني

التنفيذ غير المباشر (التنفيذ بطرق الحجز)

نظم المشرع التنفيذ بطريق الحجز في المواد من (70) إلى (140) من قانون التنفيذ، وسيتم تناول هذه الأحكام بالتفصيل لاحقا، ولذلك سيقتصر بحثنا عن محل التنفيذ بطريق الحجز على الشروط الواجب توافرها في محل التنفيذ بطريق الحجز، والقواعد العامة التي تحكم الحجز على الأموال، والأموال التي لا يجوز الحجز عليها في مطالب ثلاثة على التوالي.

المطلب الأول

الشروط الواجب توافرها في محل التنفيذ بطريق الحجز

نصت المادة (40) من قانون التنفيذ على أن:

  1. التنفيذ لا يرد إلا على أموال المدين وفي الحدود التي يقررها القانون.
  2. أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه، وجميع الدائنين متساوون في هذا الضمان إلا من كان له منهم حق التقدم طبقا للقانون.

ويتبين من هذا النص أن محل التنفيذ غير المباشر، هو الأداء المقابل الذي يستعاض به عن الأداء الأصلي الثابت في السند التنفيذي، وهذا المقابل قد يكون مالا أو حقا ماليا للمدين. غير أن بعض أموال المدين لا يقبل التنفيذ عليها، لذلك فإنه يشترط لجواز الحجز على المال أو الحق المالي ما يلي:

  1. أن يكون مالا أو حقا ماليا:

فالتنفيذ وفق المادة (40) من قانون التنفيذ لا يرد إلا على أموال. ويقصد بالمال كل عين لها قيمة يمكن أن تقدر بالنقود. والمال قد يكون نقودا، أو منقولا، أو عقارا. أما الحق المالي فيقصد به الحق الذي يمكن أن يقوم بالمال؛ ويشمل الحقوق العينية كحق الملكية، والحقوق الشخصية كالحق في التعويض، والحقوق المعنوية أو الأدبية كحق المؤلف بعد النشر.

أما ما ليس مالا أو حقا ماليا ولا يقدر بمال فلا يقبل الحجز والتنفيذ عليه، كرابطة الزوجية، وكل ما كان محله شخص المدين أو الإنسان ذاته؛ كالحكم بالطاعة أو بتسليم الصغير أو مشاهدة الصغير، فهذه الأحكام لا يجوز تنفيذها بطريق الحجز.

  1. أن يكون المال أو الحق المالي مملوكا للمدين:

وذلك لأن المدين يضمن دينه بأمواله الخاصة، فضلا أنه لا يجوز التنفيذ على أموال الغير لأن فيه اعتداء على حقوقهم يوجب الحماية. كما لا يجوز التنفيذ على مال ينتفع به المدين لأن رقبة محل الانتفاع ليست ملكا للمدين، كما لا يجوز الحجز على أموال أحد الزوجين وفاء لدين على الآخر لأن ذمة كل منهما منفصلة ومستقلة عن ذمة الآخر.

والعبرة في ملكية المال أو الحق المالي ليست بوقت نشوء الالتزام، وإنما بملكيته وقت الحجز عليه. فإذا كان المال مملوكا للمدين وقت نشوء الدين ثم خرج بعد ذلك من ملكيته، لا يجوز الحجز عليه باعتباره ملكا للغير.

واستثناء من هذا الشرط أجيز الحجز على مال غير مملوك للمدين ضمن الأحوال التالية:

  1. إذا كان المال مقدما من الغير كضمان لحق الدائن، كالتنفيذ على الشيء الذي يقدمه الكفيل العيني، أو المقدم كرهن من غير المدين، وفي هذه الحالة يتم الحجز على هذا المال ليس باعتباره مملوكا للمدين، وإنما باعتبار صاحبه مسئولا عن الوفاء بالدين.
  2. إذا كان المال منقولا وموجودا في العين المؤجرة ودخل ضمن امتياز بدل الإيجار. فقد أجازت المادة (150/4) من قانون التنفيذ الحجز والتنفيذ عليه استيفاء لبدل أجرة العين طالما كان المنقول موجودا في العين المؤجرة وفي حيازة المستأجر، بغض النظر عن شخص المالك فقد افترض القانون أن المستأجر يملكها عملا بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية للحائز.
  3. المنقولات الموجودة مع المدين في الفندق، حيث قرر القانون امتيازا لصاحب الفندق على هذه المنقولات بما له من دين على النزيل مقابل الخدمة المقدمة له، وفق المادة (150/4) من قانون التنفيذ، وبذلك يجوز الحجز عليها بافتراض ملكيتها للمدين وعلى من يدعي عكس ذلك أن يثبته.
  1. أن يكون المال مما يجوز التصرف فيه:

فالهدف من التنفيذ من خلال الحجز على أموال المدين هو بيعها للحصول على ثمنها، فإذا كان المال لا يقبل التصرف فيه فإنه لا يقبل الحجز عليه لانعدام الغاية من الحجز.

ويرجع عدم جواز التصرف في الأشياء إلى عدة أمور هي:

  1. عدم جواز التصرف في الشيء بحسب طبيعته، وخروجه من التعامل، كالمباحات، وهي الأشياء التي لا مالك لها كالشمس والهواء والطير في الفضاء. وذلك لأنها ليست محرزة، أما إذا تمت حيازتها وأصبحت محلا لملكية خاصة فإنه يمكن التصرف بها ويجوز الحجز عليها.
  2. عدم جواز التصرف في الأشياء بحكم القانون، بأن حظر القانون التعامل فيه أو تداوله، كالمخدرات والأسلحة والتركات المستقبلة والحقوق المتصلة بشخص المدين كحق الاستعمال وحق السكنى، والدرجات العليمة. وكذلك الأموال التي لا يجوز التصرف فيها استقلالا كحقوق الارتفاق بمعزل عن العقار المقررة لمصلحته أو العقار المخدوم، والعلامة التجارية بمعزل عن المشروع الذي تمثله تلك العلامة منعا للخلط بين المنتجات.
  3. عدم جواز التصرف في الأشياء اتفاقا، حيث أجاز المشرع الشرط المانع من التصرف لمدة معينة متى كان الباعث على المنع مشروعا، الذي يرد في العقود الناقلة للملكية كالهبة؛ والتصرفات الإرادية المنفردة كالوصية. ويرتبط عدم جواز التصرف لوجود الشرط المانع من التصرف؛ بصحة هذا الشرط، فإذا لم يكن صحيحا جاز التصرف في المال وبالتبعية جاز الحجز عليه. كما يرتبط بحياة المانع أو الممنوع من التصرف، فإذا توفي أحدهما لم يعد الشرط قائما وبالتالي يجوز الحجز على المال. (5)
  1. أن يكون المال أو الحق المالي مما يجوز الحجز عليه:

فقد نص القانون على عدم جواز الحجز على بعض أموال المدين لاعتبارات تتعلق بشخصه أو لاعتبارات إنسانية؛ أو لطبيعة المال أو الغرض منه، أو احتراما للالتزامات الدولية، فإذا وقع الحجز على أي من هذه الأموال كان باطلا، ما لم ينزل من تقرر عدم جواز الحجز لمصلحته عن ذلك، ولكن لا يجوز الاتفاق مقدما على جواز الحجز والتنفيذ على ما قرر القانون عدم جواز الحجز عليه أيا كانت المصلحة التي يحميها المنع سواء كانت مصلحة خاصة أو عامة.

المطلب الثاني

القواعد العامة التي تحكم الحجز على الأموال

نصت المادة (40) من قانون التنفيذ على أن:

  1. التنفيذ لا يرد إلا على أموال المدين وفي الحدود التي يقررها القانون.
  2. أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه، وجميع الدائنين متساوون في هذا الضمان، إلا من كان له منهم حق التقدم طبقا للقانون.

ويتبين من هذا النص أن المشرع وضع قواعد عامة للحجز على الأموال والتنفيذ عليها وهي التالية:

القاعدة الأولى: يجب أن يكون محل التنفيذ مالا: ويقصد بالمال الحقوق المالية سواء كانت حقوقا شخصية أم عينية. لذلك تستبعد الحقوق غير المالية وكذلك الحقوق المتعلقة بذات المدين؛ فلا يجوز الحجز والتنفيذ على حق المؤلف سواء من الجانب الأدبي أم حقه في الاستغلال المالي، أي لا يلزم بنشر مؤلفه أو الاستمرار في إعادة نشره. ولكن يجوز التنفيذ على النسخ التي تم نشرها أو على نصيبه من عائد النشر إن كان قد أعطى حق النشر لأحد الناشرين.

القاعدة الثانية: يجب أن يكون المال محل التنفيذ مملوكا للمدين في السند التنفيذي: أي أن يكون المال المراد حجزه مملوكا للمدين أو الكفيل الشخصي أو الكفيل العيني. لذلك إذا تصرف المدين في المال تصرفا نافذا قبل الحجز عليه يعتبر التنفيذ باطلا، كما لا يجوز التنفيذ على مال الشركة استيفاء لدين على الشريك لأن للشركة شخصية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها. غير أن هذه القاعدة ورد عليها استثناء يجيز توقيع الحجز على مال غير مملوك للمدين إذا كان للدائن حق على المال المملوك للغير يسمح له بتوقيع الحجز على مال لا يملكه المدين مثل حق صاحب الفندق في الحجز على الأمتعة التي يحضرها النزيل في الفندق بناء على ما له من امتياز عليها بالرغم من أنها قد تكون مملوكة للغير طالما لم يعرف وقت إحضارها بحق الغير فيها.

القاعدة الثالثة: أن جميع أموال المدين يجوز حجزها: سواء كانت منقولة أو غير منقولة، فالضمان العام لا يخص دائنا بعينه بل يخص جميع الدائنين لذلك فإن للدائن العادي الحق في طلب الحجز على أي مال من أموال المدين داخلا في ضمانه العام أينما وجد بعد التحقق من ملكيته لها؛ حتى لو كان هذا المال مثقلا برهن أو امتياز لدائن آخر، فهناك فرق بين جواز الحجز على مال للمدين من ناحية وبين توزيع حصيلة التنفيذ من ناحية أخرى. فكل من الدائن العادي والدائن الممتاز يكونان على قدم المساواة فيما يتعلق بتوقيع الحجز؛ وكل ما في الأمر أن صاحب حق الرهن أو الامتياز سوف يتقدم على الدائن العادي في استيفاء حقه عند توزيع حصيلة التنفيذ.

كما أن حق الدائن العادي في حبس مال من أموال مدينه، لا يمنع غيره من الدائنين من توقيع الحجز على المال المحبوس باعتباره عنصرا من عناصر الضمان العام للدائنين.

ويجوز كذلك أن يكون المال المملوك للمدين محلا للتنفيذ بنزع الملكية سواء كانت ملكيته مفرزة أو شائعة، لأن القانون لم يشترط ملكية المال للمدين ملكية مفرزة، فيجوز الحجز على حصة شائعة للمدين وبيعها، ويصبح المشتري بالمزاد مالكا لهذه الحصة على الشيوع.(6)

القاعدة الرابعة: حرية الدائن طالب الحجز في اختيار ما يشاء من أموال المدين لإجراء التنفيذ عليها: فقاعدة الضمان العام تفترض أن للدائن الحرية المطلقة في الحجز على ما يشاء من أموال المدين باعتبارها جميعا ضامنة لحقه، فله أن يحجز على العقار قبل المنقول؛ أو على المنقول قبل العقار، وله أن يحجز منقولا معينا دون منقول آخر، أو على عقار دون عقار آخر.

ولا يشترط التناسب بين مقدار الدين الذي يراد التنفيذ من أجله وقيمة المال المطلوب الحجز عليه، فيجوز للدائن بمبلغ بسيط أن يحجز على ما يشاء من أموال مدينه. لأن إيقاع الحجز من جانب أحد الدائنين لا يمنع غيره من الدائنين من إيقاع حجز جديد على ذلك المال الذي تم حجزه وبالتالي مشاركة الجميع في اقتسام الثمن لذلك من مصلحة الدائن ألا يكتفي بتوقيع الحجز على ما يوازي قيمة دينه احتياطا لمزاحمة دائنين آخرين.

وللدائن العادي أن يطلب الحجز على مال مرهون، كما أن للدائن المرتهن أن يحجز على مال آخر للمدين غير المال المرهون له إذا كانت له مصلحة في ذلك نظرا لتأخر مرتبته في الرهن. ولا يلزم الدائن بترتيب معين إلا إذا نص القانون على ذلك.

ولكن يجب على الدائن أن يعين مالا أو أموالا بطلب الحجز عليها، فلا يجوز الحجز على جميع أموال المدين، وذلك لأن التنفيذ القضائي هو نظام فردي يقتصر على التنفيذ على مال معين تحقيقا لجزاء يفرضه القانون لصالح دائن معين أو أكثر من دائن، وليس كنظام الإفلاس الذي يؤدي إلى تصفية شاملة لذمة المدين لمصلحة جماعة الدائنين.

غير أن ترك الحرية للدائن وفق قاعدة الضمان العام قد يؤدي إلى تعسف الدائن في استعمال حقه في الحجز بما يضر المدين لذلك خفف المشرع من هذه القاعدة المقررة لمصلحة الدائن فنص على عدد من الوسائل التي يمكن بها الحد من أثر الحجز حتى لا يحرم المدين من أمواله إلا بالقدر الذي يقتضيه الوفاء بديونه، ليحقق التوازن بين مصلحة الدائن ومصلحة المدين عند التنفيذ ومن هذه الوسائل:

  1. ترتيب البدء في التنفيذ: فنص في المادة (41) من قانون التنفيذ على أنه: (يبدأ التنفيذ على ما يملكه المدين من نقود سائلة وعلى ما له من حقوق لدى الغير، وفي حالة عدم كفايتها يجري الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة).
  2. الإيداع والتخصيص: فنص في المادة (42) على انه (1- يجوز في أي حالة كانت عليها الإجراءات قبل إيقاع البيع إيداع مبلغ من النقود مساو للديون المحجوز من أجلها والمصاريف، يخصص للوفاء بها دون غيرها، ويترتب على هذا الإيداع زوال الحجز عن الأموال المنقولة وانتقاله إلى المبلغ المودع. 2- إذا وقعت بعد ذلك حجوز جديدة على المبلغ المودع، فلا يكون لها من أثر في حق من خصص لهم المبلغ). ولم يحدد المشرع من له صفة القيام بهذا الإجراء، لذلك يجوز أن يقوم به كل ذي مصلحة في التخلص من الحجز كالمحجوز عليه، والمحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير، أو مشتري المال المحجوز.
  3. قصر الحجز: فنص في المادة (43) على أنه (1- إذ كانت قيمة الحق المحجوز من أجله تقل عن قيمة الأموال المحجوز عليها، جاز للمدين أن يطلب من قاضي التنفيذ الحكم بصفة مستعجلة بقصر الحجز على بعض هذه الأموال، ويكون ذلك بإجراءات التكليف بالحضور، يخاصم فيها جميع الدائنين الحاجزين ولا يكون الحكم الصادر قابلا للطعن بأي طريق. 2- في هذه الحالة يكون للدائنين الحاجزين حق الأولوية في استيفاء حقوقهم من الأموال التي يقصر الحجز عليها). ويلاحظ في هذه الحالة أن الحكم الذي يصدر بالقصر هو حكم وقتي لا يمس أصل الحق. وأن جواز قصر الحجز على أموال معينة لا يجوز أن يمس أو يلغي حقوق أصحاب الامتياز؛ لأن مصدرها القانون ولا يجوز إلغاء حق مقرر قانونا بقضاء مؤقت يصدر في غيبة صاحب الحق الذي لا يختصم في هذه الدعوى، ولذلك لا يسري القصر الذي يصدر وفق هذه المادة إلا على الدائنين العاديين اللاحقين في توقيع الحجز، ويجوز لهؤلاء الدائنين العاديين أن يطلبوا إلغاء الأولوية المقررة لمن خصص لهم بعض المحجوز إذا كان هذا التخصيص قد تم صوريا بالتواطؤ بين المخصص لهم وبين المدين إضرارا بحقوقهم في الحجز ويكون ذلك بدعوى موضوعية أمام قاضي التنفيذ. (7)
  4. الكف عن بيع المنقولات: فنص في المادة (103) على أنه (إذا كانت الأموال المراد بيعها متعددة وبيع منها ما يكفي لسداد الدين وفائدته والنفقات يجب توقيف المزايدة ورد الأشياء الباقية لصاحبها).
  5. تأجيل بيع العقار المحجوز: فنص في المادة (116) على أنه ( 1-إذا كان صافي ما تغله أموال المدين غير المنقولة في سنة واحدة يفي بحقوق الدائن الحاجز وفوض لهذا الدائن أمر الاستيلاء على المحاصيل المذكورة، يصدر قاضي التنفيذ أمرا بتأخير بيع هذه الأموال، فإذا حجز على المحاصيل المذكورة لقاء دين ممتاز وتعذر على الدائن الحاجز أن يستوفي دينه منها بصورة منظمة أو طرأ بعد هذا التفويض أي حادث منعه من استيفاء حقوقه فيجوز له أن يطلب بيع الأموال مجددا، ولا يؤدي تأخير البيع بالصورة المذكورة إلى رفع الحجز عن الأموال المذكورة بل تبقى محجوزة إلى أن يتم وفاء الدين المحجوزة من أجله كاملا. 2- إذا ادعى المدين أن لديه أموالا يمكن أن يوفرها لدفع الدين إذا أمهل، وأن بيع أمواله غير المنقولة مع مراعاة جميع ظروف القضية يوقعه في ضيق غير مناسب، فعلى قاضي التنفيذ أن يدعو الفريقين ويسمع أقوالهما فإذا اقتنع بصحة ادعاء المدين أصدر قرارا بتأخير البيع لمدة أقصاها ستة أشهر أو بدفع الدين المحجوز من أجله أقساطا خلال المدة التي تقررها المحكمة مع بقاء الحجز على تلك الأموال إلى أن يتم وفاء الدين كاملا).
  6. السماح للمدين بيع ماله غير المنقول المحجوز بنفسه: فنص في المادة (117) على أنه (يجوز لقاضي التنفيذ بقرار يصدره أن يأذن للمدين بأن يبيع أو يفرغ للآخرين أمواله غير المنقولة المحجوزة بشرط أن يقتطع من ثمنها حين البيع أو الفراغ قيمة الدين المحكوم به مع الرسوم والنفقات).

القاعدة الخامسة: عدم جواز حجز الأموال التي منع القانون حجزها: فهذه الأموال لا تصلح أن تكون محلا للتنفيذ وهو ما سنبحثه في المطلب الثالث.

المطلب الثالث

الأموال التي لا يجوز الحجز عليها

الأصل أنه يجوز الحجز على جميع أموال المدين باعتبارها تدخل في الضمان العام للدائنين، ما لم يمنع المشرع التنفيذ على مال معين بنص خاص لاعتبارات تدعوه لذلك. وهذه الاعتبارات تختلف باختلاف طبيعة المال المراد التنفيذ عليه، فقد يكون هذا المنع رعاية للصالح العام؛ كما هو الشأن في التنفيذ على أموال الدولة، وقد يكون لاعتبارات اقتصادية وإنسانية واجتماعية؛ رعاية للمدين واحترام إرادته بشرط ألا يقصد بهذا المنع الإضرار بمصالح الدائنين.

ولما كان المنع من الحجز على المال والتنفيذ عليه هو استثناء من الأصل، فقد وردت الأموال التي لا يجوز حجزها والتنفيذ عليها في القانون على سبيل الحصر، فإذا حصل الحجز والتنفيذ على مال منع القانون حجزه والتنفيذ عليه، وجب على المنفذ ضده الاعتراض على التنفيذ. وقد نص قانون التنفيذ على الأموال التي لا يجوز الحجز عليها في المواد (44-57) منه، كما ورد بعضها في قوانين أخرى ومنها المادة (268) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، ونتناولها في الفروع التالية.

الفرع الأول
الأموال التي لا يجوز الحجز عليها لاعتبارات المصلحة العامة

أولا: الأموال العامة:

نصت المادة (44) من قانون التنفيذ على أنه:

  1. لا يجوز الحجز ولا اتخاذ إجراءات تنفيذ أخرى على الأموال العامة المنقولة وغير المنقولة التي للدولة أو للأشخاص الاعتباريين أو الهيئات المحلية أو أموال الأوقاف المخصصة لأداء أعمالها.
  2. تشمل الأموال العامة جميع أموال الدولة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من مجلس الوزراء.

وسبب منع الحجز على أموال الدولة ومرافقها وهيئاتها وإداراتها العامة والمحلية، أنها مخصصة للمنفعة العامة، وأنها موثوقة، وهي القائمة على وضع القوانين وتنفيذها وصيانة الحقوق ونشر العدل؛ فلا يتصور أن تراوغ في تسديد ما بذمتها من أموال مدينة بها، والحجز على أموالها يمس هيبتها ويخل بالثقة فيها.

ثانيا: أموال الأوقاف:

ويشمل المنع جميع أنواع الوقف سواء كان وقفا أهليا أم خيريا، طالما كان هذا المال مخصصا لأعمال الوقف.

وسبب منع التنفيذ على أموال الأوقاف المخصصة لأداء أعمالها، هو أن هذه الأموال تخصص منافعها للبر كبناء مدرسة ووقفها، وأن الوقف يخرج من ملكية الواقف ويجعل المال في حكم ملك الله تعالى، فلا يجوز الحجز عليه لاستيفاء دين على ذلك الواقف أو لدين على جهة الوقف؛ أو لدين على المستحق لريع الوقف. فالأموال الموقوفة تعد محبوسة ما دام الوقف قائما، ولذلك فإن المساجد ودور العبادة وما يلزم لأداء الشعائر الدينية لا يجوز الحجز عليه.

ثالثا: الأموال المخصصة لإدارة المرافق العامة أو لتقديم خدمات للجمهور:

نصت المادة (45) من قانون التنفيذ على أنه (لا يجوز الحجز ولا اتخاذ إجراءات تنفيذ أخرى على المنشآت والأدوات والمهمات المخصصة لإدارة المرافق العامة أو لتقديم خدمة عمومية للجمهور).

وفق هذا النص لا يجوز الحجز على الأموال اللازمة لسير المرافق العامة أو لتقديم خدمة عمومية للجمهور، ويستوي في ذلك أن يكون التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من مجلس الوزراء. وهذه الأموال تشمل المنقولات أيا كان نوعها كالآلات والأدوات وغيرها، مثل تخصيص الدولة وسيلة مواصلات لنقل الموظفين إلى أماكن عملهم، كما تشمل العقارات كتخصيص قطعة أرض لإقامة نادي رياضي عليها، أو تخصيص مكان كسوق عام.

ويسري المنع من الحجز على كل مرفق تثبت له صفة المرفق العام؛ سواء كانت تديره الدولة أم كان يدار بواسطة أشخاص عاديين ملتزمين بإدارة المرفق العام. كما أن عدم جواز الحجز قاصر على ما يلزم لسير المرفق العام، فإذا كانت الأموال غير مخصصة لإدارة المرفق العام أو تقديم خدمة للجمهور، ولا يتعارض الحجز عليها مع سير المرفق، فإنه يجوز حجزها والتنفيذ عليها.

وسبب هذا المنع من الحجز على هذه الأموال، أن الحجز عليها وبيعها سيؤدي إلى زوال الغاية التي خصصت من أجلها وهي مصلحة عامة أولى الحماية من غيرها.

الفرع الثاني
الأموال التي لا يجوز الحجز عليها رعاية للغرض الذي خصصت لأجله

نصت المادة (49) من قانون التنفيذ على أنه (لا يجوز الحجز على ما يحكم به القضاء من المبالغ المقررة أو المرتبة مؤقتا للنفقة أو الصرف منها في غرض معين، ولا على الأموال الموهوبة أو الموصى بها لتكون نفقة إلا بمقدار الربع وفاء لدين نفقة مقررة).

ونصت المادة (50) منه على أن (الأموال الموهوبة أو الموصى بها مع اشتراط عدم جواز الحجز عليها لا يجوز حجزها من دائني الموهوب له أو الموصى له، الذين نشأ دينهم قبل الهبة أو الوصية، إلا لدين نفقة مقررة وبمقدار الربع).

ويتبين من هذين النصين أنه لا يجوز الحجز على بعض الأموال حماية للغرض الذي خصصه لها من تصرف بها عند التصرف، وهذه الأموال تتمثل في:

أولا: الأموال التي حكم بها كنفقة أو المترتبة مؤقتا للنفقة:

ويقصد بالمبالغ المقررة للنفقة، النفقات التي يحكم بها للأقارب والأزواج، أما المبالغ المترتبة مؤقتا للنفقة فيقصد بها ما يحكم به من نفقة وقتية حتى يفصل في نزاع موضوعي؛ أو ما تأمر المحكمة بصرفه للمدين المعسر أو لناقص الأهلية من أمواله لينفق منه، أو ما يحكم به من تعويض تكون له صفة النفقة. ومثال ذلك التعويض اللازم لمعيشة المضرور والعناية بحالته الطبية المقررة بسبب عجزه عن العمل. ويلاحظ أن أساس النفقة المؤقتة هو ليس القانون وإنما يحكم بها القاضي بناء على طلب الخصم.

ثانيا: الأموال الموهوبة أو الموصى بها لتكون نفقة:

لا يجوز أيضا الحجز على الأموال التي توهب أو يوصى بها لتكون نفقة، سواء كانت نقودا أو هبات عينية، وسواء كانت منقولات أم عقارات، وذلك من دائني الموهوب له أو الموصى له، سواء كانت ديونهم قد نشأت قبل الهبة أو الوصية أم بعدها.

ومنع الحجز في هذه الحالات هو نسبي، إذ يجوز الحجز على هذه الأموال بتوافر شرطين:

  1. أن يكون الدين المحجوز لأجله دين نفقة مقررة للأزواج والأقارب كالوالدين والأولاد وأولي الأرحام.
  2. ألا تزيد نسبة الحجز عن الربع، فما زاد عن الربع لا يجوز الحجز عليه أيا كان نوع الدين الذي يراد اقتضاؤه.

ثالثا: الأموال الموهوبة أو الموصى بها التي اشترط عدم جواز الحجز عليها:

وقد هدف المشرع من منع الحجز على هذه الأموال رعاية الموهوب له والموصى له، وأساس هذا المنع هو إرادة الأشخاص التي يقرها المشرع احتراما لمبدأ سلطان الإرادة، ولأن الأموال محل الهبة أو الوصية تدخل في ذمة الموهوب له أو الموصى له دون عوض؛ ولذلك لا يصيب دائنيه ضرر من عدم جواز الحجز عليها.

ويلاحظ أن منع الحجز يسري على الأموال الموهوبة أو الموصى بها سواء كان محل هذا المال عقارا أم منقولا، ويستفيد منه الموهوب له أو الموصى له طوال حياته، فإذا تصرف في الشيء أو توفي لا يستفيد الخلف من هذا الشرط سواء كان خلفا خاصا أم خلفا عاما.

ويشترط لعدم جواز الحجز في هذه الحالة ما يلي:

  1. أن يكون المال موهوبا أو موصى به للمدين، أما إذا كان مملوكا له بأي طريق آخر جاز الحجز عليه ضمن الحدود المقررة قانونا.
  2. أن يشترط الواهب أو الموصي عدم جواز الحجز على المال.
  3. ألا يكون الدين المراد اقتضاؤه دين نفقة، فإن كان دين نفقة جاز الحجز بمقدار الربع، وذلك لأن مراعاة مستحق النفقة أجدر من الهدف الذي رمى إليه الواهب أو الموصي.
  4. أن يكون طالب الحجز قد نشأ دينه قبل الهبة أو الوصية، لأن هذا المال لم يكن في اعتبار الدائن عند نشوء دينه، أما إذا نشأ الدين بعد الهبة أو الوصية فيجوز الحجز لأجله على الهبة أو الوصية لدخولها في اعتبارهم عند نشوء ديونهم.

رابعا: المبالغ المحكوم بها للصرف منها في غرض معين في الحكم:

وفق المادة (49) من قانون التنفيذ، لا يجوز أيضا الحجز على ما يحكم به القضاء من مبالغ للصرف منها في غرض معين، كالمبالغ التي يحكم بها على الأب لتعليم ابنه أو علاجه؛ والكفالة التي يحكم بها وتودع خزانة المحكمة في التنفيذ المعجل أو لوقف تنفيذ الحكم.

ومنع الحجز في هذه الحالات هو نسبي، إذ يجوز الحجز على هذه الأموال بتوافر شرطين:

  1. أن يكون الدين المحجوز لأجله دين نفقة على المخصص له.
  2. ألا تزيد نسبة الحجز عن ربع المال المخصص.

خامسا: الأوراق التجارية إلا إذا أصبحت غير قابلة للتداول:

نصت المادة (46) من قانون التنفيذ على أنه (لا يجوز حجز البوالص والشيكات وسندات الأمر إلا إذا كان أجري عليها الاحتجاج بسبب عدم تأديتها أو أعلن إفلاس حاملها أو أصبحت في أي حال غير قابلة للانتقال).

ويتبين من هذا النص أنه حدد شروطا لجواز الحجز على الورقة التجارية هي:

  1. أن تكون من الأوراق التجارية وفق المعنى المقصود في قانون التجارة ومن الأوراق المحددة فيه وهي سند السحب (البوليصة) والشيك والكمبيالة (سند الأمر).
  2. أن تكون الورقة غير قابلة للتداول بالطرق التجارية أو غير التجارية، وهي تكون غير قابلة للتداول بالطرق التجارية إذا كانت للمستفيد الأول أي غير قابلة للصرف لغير صاحبها. كما تصبح غير قابلة للتداول أو الانتقال بالطرق التجارية إذا جرى الاحتجاج بشأنها لدى الموقعين عليها لعدم قيام المسحوب عليه بالوفاء بقيمتها، كما تصبح غير قابلة للتداول بأي طريق في حالة إفلاس الحامل لأنها تدخل ضمن ضمان الدائنين المشتركين في التفليسة.

وعلة عدم جواز الحجز على الأوراق التجارية القابلة للتداول، هي تشجيع الائتمان؛ وضمان السرعة للمعاملات التجارية، لأن الحجز على الورقة يمنع تداولها ويفقدها أهم مميزاتها وهي التداول باعتبارها بديلا عن النقود. (8)

سادسا: اللباس الرسمي لموظفي الحكومة والأثواب والأدوات المستخدمة في الشعائر الدينية:

نصت على ذلك المادة (268) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية في الفقرتين (8 و 9) بقولها: تستثنى الأمور التالية من الحجز: 8- اللباس الرسمي لموظفي الحكومة ولوازمهم الرسمية الأخرى. 9- الأدوات والأثواب والحلل التي تستعمل خلال إقامة الصلاة وما يلزم للقيام بالواجبات الدينية.

الفرع الثالث
الأموال أو الحقوق التي لا يجوز الحجز عليها بسبب طبيعتها

نصت على هذه الأموال المادتان (53و54) من قانون التنفيذ،

فنصت المادة (53) على أنه:

  1. لا يجوز الحجز على حق المؤلف وإنما يجوز الحجز بما لا يتجاوز النصف على نسخ المصنف الذي تم نشره أو على ثمنها تحت يد الغير.
  2. لا يجوز الحجز على المصنفات التي يموت صاحبها قبل نشرها، ما لم يثبت بصفة قاطعة أنه استهدف نشرها.

ونصت المادة (54) على أنه: لا يجوز حجز وبيع الأشياء التالية مستقلة عن المال غير المنقول وإنما تحجز وتباع معه:

  1. المنقولات المتصلة بالمال غير المنقول والمستقرة فيه والمرصودة لخدمته واستغلاله بشرط أن تكون مستعملة فيما خصصت له.
  2. خلايا النحل والآلات والأدوات والحيوانات وغيرها من الأشياء اللازمة لعمل المزارع والمعامل.
  3. التأمينات العينية وحقوق الارتفاق.

ويتبين من هذين النصين أنه لا يجوز الحجز على ما يلي:

أولا: حق المؤلف:

وهذا الحق يشمل المصنفات المكتوبة كما يشمل الرسوم واللوحات التي يرسمها الرسامون والتماثيل التي بنحتها النحاتون. وهو حق غير مالي يرتبط بشخص المؤلف، وشخص المؤلف ليس محلا للتنفيذ، فلا يمكن إلزام المؤلف بنشر أو إذاعة مؤلفه أو مصنفه لأن الأمر يتعلق بشخصه. كما لا يجوز للدائنين إعادة نشر المصنف لأجل استيفاء ديونهم.

أما إذا تم نشر المصنف فإنه يجوز الحجز على ما مقداره نصف النسخ سواء لدى المؤلف نفسه أو لدى المطبعة أو الناشر، كما يجوز حجز ربع ثمن النسخ المباعة لدى الغير.

وإذا توفي المؤلف قبل نشر المصنف، لا يجوز الحجز على المصنف ما لم يثبت طالب الحجز بصورة قاطعة أن المؤلف قد أراد نشره؛ ولكن عاجله الموت قبل النشر، وحينها يجوز الحجز على كامل النسخ من المصنف.

ثانيا: العقارات بالتخصيص:

وهي المنقولات التي يضعها صاحبها في عقار يملكه رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله، مثل آلات الحراثة أو الحصاد. فرصد هذه المنقولات لخدمة العقار أكسبها صفة العقار بالتخصيص لذلك لا يجوز الحجز عليها مستقلة عن العقار الذي خصصت لخدمته، وإنما يجوز الحجز عليها بالتبعية للعقار الذي تخدمه بدون حاجة إلى قرار مستقل بالحجز.

ولكن يشترط لعدم جواز الحجز أن يكون المنقول قد استخدم فعلا لخدمة العقار، فإذا انتهى التخصيص وفقد ذلك المنقول اتصاله بالعقار واستقل عنه، عاد إلى طبيعته وجاز الحجز عليه وفقا للقانون.

ثالثا: خلايا النحل والآلات والأدوات والحيوانات وغيرها من الأشياء اللازمة لعمل المزارع والمعامل.

نصت على هذه الأموال المادة (54/2) من قانون التنفيذ، وهي تشترط لعدم جواز الحجز عليها ما يأتي:

  1. أن تكون الأموال عبارة عن خلايا النحل الذي يستخدم لأغراض الزراعة وخاصة لتلقيح الزهور أو المربى بغرض جني العسل، وما يلزم ذلك من المداخن والمراجل والأثواب الواقية من لسع النحل. أو حيوانات من غير الشياه كالحصان والحمار والبقر والإبل وغيرها من الحيوانات التي تستخدم في الزراعة؛ سواء للحرث أو نقل المياه أو الأسمدة أو المحاصيل. أو الأشياء اللازمة لعمل المزارع كالفؤوس والمحاريث وآلة الرش أو الخراطيم الموصلة للمياه أو آلات ضخ المياه وغيرها مما يستخدمه المزارع في عمله.
  2. أن يكون المدين مزارعا، أو صاحب معمل أي يقوم بتربية النحل وجني عسله، فإذا كان المدين لا يمارس أي من المهنتين بنفسه، وكان يمتلك هذه الأموال فإنه يجوز الحجز عليها.
  3. أن يترك له منها بالقدر اللازم لعمله، وتقدير ذلك مسألة موضوعية تخضع لسلطة قاضي التنفيذ التقديرية.

رابعا: التأمينات العينية:

وهي الرهن الرسمي والرهن الحيازي والامتياز والاختصاص. لأن التأمين العيني لا يوجَد عملا وقانونا لوحده؛ بل تبعا لحق، ولا ينفصل عن الحق المقرر له، ولذلك لا يجوز الحجز على التأمين العيني، بل ما يكون محلا للحجز هو المال محل التأمين.

خامسا: حقوق الارتفاق:

وهي حقوق عينية أصلية تحد من منفعة عقار لمصلحة عقار آخر يملكه شخص آخر، مثل حق المرور والمجرى والمسيل، وغيرها من الحقوق التي نص عليها القانون المدني.

ويرجع سبب عدم جواز الحجز عليها لأنه ليس لها كيان ذاتي مستقل، وإنما توجد بتوافر شروطها، وترتبط وجودا وعدما بالعقار المخدوم؛ لذلك لا يجوز الحجز عليها مستقلة بل بالتبعية للعقار المخدوم. كما أنه لو جاز الحجز عليها وبيعها لأصبح صاحب الحق فيها غير الشخص الذي يملك العقار المخدوم وبالتالي يمنع صاحب العقار المخدوم من استعمال حق الارتفاق الأمر غير الجائز قانونا.

الفرع الرابع
الأموال التي لا يجوز الحجز عليها لاعتبارات إنسانية

نصت المادة (47) من قانون التنفيذ على أنه:

  1. لا يجوز الحجز على ما يلزم المدين وأفراد أسرته الملزم بالإنفاق عليهم والمقيمين معه من الفراش والثياب والأدوات الضرورية للمعيشة، كأدوات الطبخ والنظافة وحفظ الطعام، وكذلك ما يلزمهم من الغذاء لمدة شهر.
  2. لا يجوز الحجز على الدار المملوكة للمدين والتي يسكنها مع أسرته، ولا على الأرض التي يملكها وذلك بالقدر الضروري واللازم لمعيشته هو وأسرته ما لم تكن الدار أو الأرض سببا للمديونية.
  3. يعود تقدير اللزوم في الحالتين لقاضي التنفيذ.

ونصت المادة (48) منه على أنه: لا يجوز الحجز على الأشياء الآتية إلا لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها أو نفقة مقررة:

  1. ما يلزم المدين من كتب وأدوات ومهمات لمزاولة مهنته أو حرفته بنفسه.
  2. إناث الماشية اللازمة لانتفاع المدين في معيشته هو وأسرته، وما يلزم لغذاء هذه الماشية لمدة موسم زراعي واحد.
  3. المعدات والآلات اللازمة لزراعة المدين لأرضه إذا كان مزارعا، وكذلك ما يلزم لغذاء هذه الماشية لمدة موسم زراعي واحد.
  4. مقدار البذور والأسمدة التي تكفي لزراعة المدين لأرضه التي اعتاد زراعتها إذا كان مزارعا، وذلك لمدة موسم زراعي واحد.

ونصت المادة (51) منه على أنه: لا يجوز الحجز على الأجور والرواتب والمكافآت وملحقاتها من علاوات وبدلات وما يستحق من معاشات ومكافآت أو ما يقوم مقامها (وفقا لقانون التقاعد العام) إلا بمقدار الربع، وفي حالة تزاحم الديون تكون لديون النفقة المقررة أولوية في الاستيفاء.

ويتبين من هذه النصوص أنها منعت الحجز على الأموال الواردة فيها لاعتبارات تتعلق بشخص المدين باعتباره إنسانا وأفراد أسرته، صونا لكرامتهم وللمحافظة على حياتهم وعدم تعريضهم للفاقة، لأن التنفيذ ينبغي أن لا يجرد المدين من وسائل استمرار حياته وكرامته الإنسانية، وتمكينه من القيام بأمور حياته ومزاولة نشاطه، وهي تشمل:

أولا: ما يلزم المدين وأفراد أسرته المقيمين معه والملزم بالإنفاق عليهم من فراش وثياب وأدوات ضرورية للمعيشة.(9)

ويشترط لعدم جواز الحجز على هذه الأشياء ما يلي:

  1. أن يكون المال المراد الحجز عليه هو ثياب أو فراش؛ أو أدوات ضرورية للمعيشة. ويقصد بالثياب الملابس الداخلية والخارجية، ولكن لا تعتبر الحلي والمجوهرات من الملابس لذلك يجوز الحجز عليها. أما الفراش فهو ما يلزم من أمتعة للنوم؛ فيشمل الأسرة والمراتب والأغطية والفرشات وغير ذلك. أما الأدوات الضرورية للمعيشة فكل ما يحتاجه المدين وأسرته كأواني الطبخ وأدوات المطبخ والأكل والشرب كالأطباق والملاعق والشوك والسكاكين والأكواب وأدوات التنظيف من مكانس وقشاطات، وأدوات حفظ الطعام كالثلاجة والبراد، وحفظ الملابس كالخزانة، وأدوات تنظيف الملابس كالغسالة، وأدوات الراحة كالكراسي والطاولات، وكل ما يدخل ضمن الأغراض الضرورية لمعيشة المدين وأسرته.
  2. أن تستعمل في أغراض المعيشة، كالأكل والشرب والتنظيف وحفظ المأكولات وغير ذلك، فإن استخدمت لغرض آخر كالزينة جاز الحجز عليها.
  3. أن تكون بالقدر اللازم والكافي للمدين وأفراد أسرته المقيمين معه والملزم بالإنفاق عليهم. ويخضع تحديد أفراد الأسرة الذين يلزم بالإنفاق عليهم لقانون الأحوال الشخصية، ومنهم الأصول والفروع والزوجة. كما يجب أن يكون الشخص الذي يلزم المدين بالإنفاق عليه مقيما مع المدين في ذات البيت، إقامة معتادة وليست طارئة.

وتقدير لزوم وكفاية هذه الأشياء، هي مسألة تختلف في مقاديرها من شخص لآخر؛ بحسب عدد أفراد الأسرة، وحالة المدين وأسرته الصحية ومركزه الاجتماعي بحيث يكون تجريده منه عملا غير إنساني ومنافيا للرحمة، وتقدير هذا اللزوم يعود لسلطة قاضي التنفيذ التقديرية.

ثانيا: ما يلزم المدين وأفراد أسرته الملزم بالإنفاق عليهم والمقيمين معه من غذاء لمدة شهر. ويشترط لذلك ما يلي:

  1. أن يكون الشخص من أفراد أسرة المدين المقيمين معه والملزم بالإنفاق عليهم، ولا يكون الشخص ملزما بالإنفاق إلا بنص القانون أو بحكم القاضي. فقد نص القانون على وجوب الإنفاق على الأبناء الفقراء الذين لم يبلغوا السن القانونية غير القادرين على الكسب أو أن ما يكسبونه لا يكفيهم؛ وعدم تنازلهم عن النفقة، وكذلك الأصول والزوجة.
  2. أن يكون الشخص مقيما إقامة اعتيادية مع المدين، فالزائر لا يعتبر مقيما ولو كان من أفراد الأسرة.

وإذا تحقق الشرطان ترك للمدين ما يكفيه وأفراد أسرته مدة شهر، فإن لم يكن لديهم غذاء يترك لهم مال يكفي لشراء غذاء يكفي مدة شهر.

ثالثا: منزل المدين الذي يكفي لسكنه مع أسرته:

عني المشرع بالمدين وعائلته فمنع الحجز على المنزل الذي يسكن فيه؛ خاصة وأن حق السكن من الحقوق التي يجب صيانتها، ويشترط لعدم جواز الحجز على المسكن ما يلي:

  1. أن يكون البيت الذي يسكن فيه المدين هو الوحيد المملوك له.
  2. أن يكون مخصصا لسكن المدين وأسرته، فإن كان مخصصا لغرض آخر أو كان مؤجرا للغير جاز الحجز عليه.
  3. أن لا يكون مرهونا أو موضع تأمين.
  4. أن يكون بالقدر الكافي واللازم لمعيشة المدين وأسرته، ويخضع تحديد ذلك لسلطة قاضي التنفيذ التقديرية بحسب كل حالة على حدة، فإذا قدّر أن البيت يزيد عما هو ضروري ولازم للمعيشة، جاز الحجز وبيع ما يزيد عن هذا القدر، أو بيع البيت كله؛ إن كان لا يقبل التبعيض، وشراء ما يفي بالقدر الضروري واللازم لمعيشة المدين وأسرته.
  5. ألا يكون التنفيذ اقتضاء لدين سببه المنزل ذاته، كأن يكون باقي ثمن المنزل أو تكملة تجهيزه، فإن كان البيت سبب التنفيذ جاز الحجز عليه.

رابعا: الأرض المملوكة للمدين بالقدر الضروري واللازم لمعيشة المدين وأسرته:

لم تحدد المادة (47/2) من قانون التنفيذ الغرض من هذه الأرض سوى أن تكون لازمة لمعيشة المدين وأسرته، وهو أمر يختلف من شخص لآخر، فما يعد لازما لشخص قد لا يعد لازما لغيره من الأشخاص. وقد تكون هذه الأرض حديقة أو مساحة لزراعة بعض الخضروات أو لتربية الدواجن أو الحيوانات فيها، وتقدير الحد الضروري واللازم لمعيشة المدين وأسرته يعود لقاضي التنفيذ في ضوء حالة المدين وأسرته.

خامسا: ما يلزم المدين من كتب وأدوات ومهمات لمزاولة مهنته أو حرفته بنفسه:

تطبيقا لنص المادة (48) من قانون التنفيذ لا يجوز الحجز على الكتب الضرورية للمدين وأثاث مكتبه إذا كان محاميا، والعيادة والأجهزة الطبية بالنسبة للطبيب، وآلة التصوير وأجهزة الطبع بالنسبة للمصور؛ وغير ذلك مما يلزم لأي صاحب مهنة أو حرفة لمزاولة مهنته أو حرفته مهما بلغت كلفتها أو أثمانها، طالما كان يستعملها بنفسه في مزاولة هذه المهنة أو الحرفة. ويكون العمل مهنة أو حرفة للمدين إذا اعتبر مصدر رزقه الرئيس كالمحاماة أو الطب أو النجارة أو الحدادة أو غير ذلك من المهن أو الحرف. أما إذا لم يكن المدين يستعمل الشيء بنفسه فلا يمتنع الحجز عليه كما لو كان المدين يدير مطبعة ولا يعمل فيها بنفسه فإنه يجوز الحجز عليها.

واللزوم مسألة نسبية تختلف باختلاف المهن والحرف، واختلاف مركز الشخص فيها سواء كانت تلك الأشياء تشكل مكتبا أو عيادة أو مشفى خاص، أو مصنعا أو مشغلا صغيرا. فلا يجوز الحجز عليها ما لم يكن الدين المراد اقتضاؤه من المدين هو ثمن الكتب أو الأدوات أو المهمات، أو مصاريف صيانتها؛ ففي هذه الحالة يجوز الحجز عليها لاقتضاء تلك الديون فقط.

سادسا: إناث الماشية اللازمة لانتفاع المدين وأسرته مع ما يلزمها من غذاء لمدة موسم زراعي واحد.

وفق المادة(48/2) لا يجوز الحجز على إناث الماشية اللازمة لانتفاع المدين بها في معيشته هو وأسرته. وقد حدد المشرع إناث الماشية ولم يحدد أنواعها، وبالتالي فإن المنع يشمل إناث جميع المواشي. وقد راعى المشرع أن إناث الماشية اللازمة لمعيشته لها أهميتها كأدوات المهنة باعتبارها وسيلة المدين لانتفاعه من لبنها وصوفها أو ما تلده ولأنها أكثر فائدة للمدين في بعض الوجوه حيث يمكن استعمالها في منافع أخرى للمدين وأسرته. ويجب أن يكون انتفاع المدين وأسرته منها وليس بقصد استعمالها في مهنة المدين لأن ذلك يدخلها في عموم ما نصت عليه المادة (54/2)، كما يجب ألا تكون موجودة لدى المدين بقصد استغلالها وإلا جاز الحجز عليها.

ولم يحدد المشرع الأسرة في الفقرة الثانية من هذه المادة تحديدا ضيقا كما فعل بالنسبة للثياب والفراش والغذاء، لذلك فإن العبرة في تحديد المقصود بالأسرة الوارد في هذه الفقرة هو بالإعالة الفعلية للأقارب الذين يعولهم ومقيمين معه إقامة دائمة ولو لم يكن على المدين التزام قانوني بذلك.

كما لا يشترط للتمسك بعدم جواز الحجز أن يكون المدين مزارعا، فالنص ورد دون تحديد لذلك فالعبرة أن يكون المدين منتفعا بإناث الماشية فعلا سواء عن طريق استخدام المدين لها بنفسه أم عن طريق شخص آخر. (10)

ولم يحدد المشرع القدر الذي لا يجوز الحجز عليه من إناث الماشية وترك تقدير ذلك لقاضي التنفيذ، كما يجب ترك مقدار من الغذاء للماشية يكفيها لمدة موسم زراعي واحد، أي من وقت الزراعة إلى الحصاد، فإن لم يكن لدى المدين ما يكفيها من الغذاء لمدة موسم، يترك له من النقود ما يكفي لشراء الغذاء لها حتى نهاية الموسم.

وعدم جواز الحجز في هذه الحالة هو منع نسبي، حيث أجاز المشرع الحجز على هذه الماشية وأغذيتها إذا كان التنفيذ لاستيفاء ثمن الماشية أو أغذيتها أو علاجها، أو لدين النفقة التي يحكم بها على المدين للأزواج والأقارب.

سابعا: مقدار البذور والأسمدة التي تكفي لزراعة المدين لأرضه التي اعتاد زراعتها إذا كان مزارعا، وذلك لمدة موسم زراعي واحد.

ويشترط لعدم جواز الحجز في هذه الحالة:

  1. أن يكون المدين مزارعا، فإذا كان غير مزارع أو يقوم بالزراعة بواسطة أشخاص يعملون لديه، لا يدخل ضمن عدم جواز الحجز.
  2. أن تكون الأرض المراد زراعتها ملكا للمدين، فإذا كان المدين مستأجرا لأرض ويقوم بزراعتها جاز الحجز على الأموال.
  3. أن يكون المدين معتادا على زراعة هذه الأرض، فإن كان يزرعها موسما ويتركها موسما جاز الحجز في هذه الحالة.
  4. أن تكون البذور والأسمدة بحيازة المدين، فإن لم تكن لديه لا يترك له مال لشرائها. وفي حالة وجودها لا يترك له إلا مقدار كاف لزراعة أرضه وتسميدها لمدة موسم زراعي واحد، وما زاد عن ذلك جاز حجزه وبيعه.
  5. ألا يكون سبب التنفيذ عليها هو اقتضاء ثمنها أو مصاريف الحفاظ عليها أو اقتضاء لدين نفقة على المزارع، فإن كان الأمر كذلك جاز الحجز عليها وبيعها.

ثامنا: النفقة:

وهي المبلغ المحكوم به قضاء لحاجة المحكوم له لمعيشته من مأكل وملبس ومسكن. ولم تجز المادة (49) من قانون التنفيذ الحجز عليها إلا بمقدار الربع وفاء لدين نفقة مقررة. وذلك لأن النفقة تقرر نتيجة حاجة المدين لها لأسباب عيشه من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، وأن ما يقتطع منها بمقدار الربع هو أيضا لحاجة لمستحق النفقة؛ تساوي حاجة المدين.

تاسعا: ما زاد عن ربع الرواتب والمعاشات والأجور والمكافآت وملحقاتها:

حرص المشرع على توفير الاستقرار المادي والنفسي والاجتماعي للموظف أو العامل ومن يعولهم، ولما كان كل منهم يعتمد في حياته على ما يتلقاه من راتب أو أجر أو معاش، لذلك لم يجز الحجز على ما يزيد عن ربع راتب الموظف أو أجر العامل أو معاش المتقاعد؛ شاملا جميع العلاوات والبدلات. ولا على ما يزيد عن ربع مكافأة نهاية الخدمة للعامل أو المتقاعد أيا كان نوع الحق الذي يراد اقتضاؤه.

عاشرا: مبلغ التأمين على الحياة:

نصت المادة (61/3) من قانون التأمين رقم (20) لسنة 2005 على أنه: لا يجوز لغير المؤمنين والمستفيدين من وثائق التأمين على الحياة وتكوين الأموال (الادخار) أيقاع الحجز على هذه الأموال.

(1)(1) عرفت المادة (344) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني محل التنفيذ بأنه (هو عين ما التزم به المنفذ ضده في السند التنفيذي سواء كان التزاما بأداء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل).

(2)(2) المادة 67 من قانون التنفيذ.

(3)(3) المادة 68 من قانون التنفيذ.

(4)(4) المادة 69 من قانون التنفيذ.

(5)(5) أمينة النمر التنفيذ الجبري، منشأة المعارف؛ الإسكندرية، 1972، صفحة 246.

(6)(6) المادة 111 من قانون التنفيذ.

(7)(7) عز الدين الديناصوري وحامد عكاز التعليق على قانون المرافعات، الجزء الرابع، طبعة 12، 2005، صفحة 1294و 1295.

(8)(8) محمود هاشم، المرجع السابق، صفحة 407.

(9)(9) نصت على ذلك أيضا المادة 268/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001.

(10)(10) رمزي سيف صفحة 146، وجدي راغب، صفحة 325.