الفصل الثالث – التحويل المصرفي

المبحث الثالث

آثار التحويل المصرفي

يؤدي التحويل المصرفي إلى إنقاص رصيد الآمر بالتحويل في حسابه الذي يأمر بتحويل المبلغ منه، وزيادة رصيد المستفيد في الحساب الذي يأمر بتحويل المبلغ إليه.

وإذا كان الحسابان عائدين لنفس الشخص ويشكلان قسمين من حساب واحد، فإن التحويل من أحدهما للآخر يعد مجرد عملية محاسبية دون أي أثر قانوني.

أما إذا كان أحدهما للآمر بالتحويل؛ وكان الحساب المحول إليه عائدا لشخص آخر غير الآمر، فإنه يترتب على تمام عملية التحويل المصرفي بإجراء القيود الحسابية، تسوية علاقة الدائنية والمديونية بين الآمر بالسحب والمستفيد المحول إليه، وانقضاء دين المستفيد تجاه الآمر بالتحويل، وبراءة ذمة الآمر بالسحب من هذا الدين. كما يترتب على ذلك أيضا انقضاء دين الآمر بالتحويل تجاه المصرف الذي قام بإجراء عملية التحويل؛ بمقدار المبلغ الذي تم تحويله.

وبمجرد قيد المبلغ في الجانب الدائن لحساب المستفيد، يصبح المصرف وديعا بالمبلغ المقيد؛ حيث يترتب على التحويل المصرفي نشوء حق للمستفيد تجاه المصرف الذي أجرى القيد لصالحه. وهذا الحق ينشأ مستقلا عن الدين الذي كان للمستفيد في ذمة الآمر بالتحويل والذي كان السبب في إصدار الأمر بالتحويل. وهذا يعني أن عملية التحويل المصرفي تعد تجديدا لدين المستفيد لدى الآمر بالتحويل، وهو دين مجرد عن سببه؛ أي لا يستند إلى العلاقة الأصلية بين المستفيد والآمر بالتحويل ولا يتأثر بها؛ فيظل صحيحا رغم بطلان العلاقة الأصلية. فإذا فرض أن التصرف الذي تم التحويل المصرفي على أساسه قد أبطل لأي سبب، فإن البطلان لا يؤثر على صحة وتمام عملية التحويل المصرفي بالقيود الحسابية التي أجراها المصرف، لأنه ليس من واجب المصرف أن يتحرى عن صحة التصرف الذي تم بين الآمر بالتحويل والمستفيد.

كما أن المستفيد في عملية التحويل المصرفي مستقل عن علاقة المصرف بالآمر بالتحويل، لذلك بتمام التحويل تسقط الدفوع التي كانت للمصرف تجاه الآمر بالتحويل؛ ويعد المصرف بهذا القيد في حساب المستفيد متنازلا عن هذه الدفوع؛ كالدفع بالمقاصة؛ التي كان عليه أن يتمسك بها على الآمر بالتحويل، بحيث لا يجوز للمصرف بعد ذلك الرجوع في القيد.

غير أنه إذا أجرى المصرف القيد في الحساب نتيجة خطأ مادي، كان له إجراء قيد عكسي؛ وإذا كان المستفيد قد سحب المبلغ، فيكون للمصرف مطالبة المستفيد برد المبلغ في القيد الخطأ.

أما إذا كان المصرف قد أجرى القيد في الحساب على الرغم من عدم وجود رصيد دائن للآمر بالتحويل في حسابه لدى المصرف، كان للمصرف إجراء قيد عكسي؛ ما لم يكن المستفيد قد سحب المبلغ، إذ بذلك يصبح التزام المصرف نهائيا نحو المستفيد، ولكن يكون للمصرف في هذه الحالة الرجوع على الآمر بالتحويل بمقدار ما دفعه على المكشوف. (6)

مسئولية المصرف عن الخطأ في تنفيذ التحويل: (7)

إذا قام المصرف بتنفيذ عملية التحويل بالرغم من عدم وجود رصيد للآمر بالتحويل أو عدم كفاية الرصيد، وكان الآمر مدينا للمستفيد، فإنه يكون من حق المصرف الرجوع على الآمر بالمبلغ، ولا يجوز له استرداد المبلغ من المستفيد. أما إذا كان الآمر غير مدين للمستفيد، فإن من حق المصرف استرداد ما دفعه دون وجه حق للمستفيد عن طريق تنفيذ أمر التحويل المصرفي. وإذا كان المصرف قد نفذ عملية التحويل بسبب خطأ من العميل الآمر، وتعذر عليه استرداد المبلغ من المستفيد، يكون له الرجوع على الآمر الذي كان قد تسبب بخطئه في وقوع التنفيذ الخاطئ.

أما إذا قام المصرف بتنفيذ عملية التحويل على سبيل الغلط، كما لو كان قد غلط في شخص المستفيد عند تنفيذ عملية التحويل، فإن للمصرف أن يسترد المبلغ من المستفيد بطريق القيد العكسي في حساب المستفيد إذا كان حسابه في ذات المصرف، أو إقامة دعوى استرداد ما دفع دون وجه حق على المستفيد؛ إذا كان المستفيد قد سحب المبلغ محل التحويل من حسابه، أو كان حساب المستفيد في مصرف آخر.

وإذا كان المصرف قد نفذ أمر تحويل مزور، نتيجة عدم تدقيق موظف المصرف بالتوقيع رغم وضوح التزوير، فإنه يتحمل تبعة هذا التزوير لإهماله. أما إذا ثبت خطأ العميل بالتوقيع على أمر التحويل على بياض وأهمل في المحافظة عليه حتى وصل إلى يد شخص لا حق له فيه، فإن العميل هو الذي يتحمل تبعة هذا التزوير.

(6)(6) عزيز العكيلي، المرجع السابق، صفحة 359.

(7)(7) محمود سمير الشرقاوي، صفحة 523 – 529.