مشروع القانون المدني الفلسطيني بين العقد الموقوف والعقد القابل للإبطال

لا خلاف بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العربية فيما يتعلق بكل من العقد الصحيح والعقد الباطل.

فالعقد الصحيح هو العقد السليم من الخلل في أركانه وأوصافه ، بأن تتوفر فيه :

  1. شروطه من الرضا وتطابق الإيجاب والقبول .
  2. الأهلية في المتعاقدين.
  3. الشروط اللازمة في المحل .
  4. الشروط اللازمة في السبب .

والعقد الصحيح ينعقد في الحال وتترتب عليه آثاره بمجرد انعقاده ، ويلزم كلا من المتعاقدين فلا يجوز الرجوع فيه إلا إذا اتفقا على التقايل منه .

والعقد الباطل هو العقد الذي اختل أحد أركانه وذلك إذا :

  1. انعدم ركن من أركانه بعدم توافق الإيجاب والقبول ، أو انعدام الرضا بصدوره من غير أهل له بأن عقده فاقد الأهلية كالصبي غير المميز والمجنون.
  2. فقد شرطا من شروط المحل أو السبب، بأن كان محل العقد مستحيلا أو كان بلا سبب أو سببه غير مشروع .
  3. عدم توفر الشكل الذي قرره القانون إذا كان العقد من العقود الشكلية.

والعقد الباطل لا يرتب أثرا ، ولا تلحقه الإجازة ، ويجوز لأي من طرفيه طلب إبطاله.

ولكن الخلاف بين الفقه الإسلامي وبعض القوانين المدنية العربية يتعلق بالعقد الذي تتوفر أركانه ويكون له وجود قانوني ، ولكن تخلف شرط من شروط صحته وذلك في حالة :

  1. وجود الأهلية ولكن ناقصة ، مثل تصرفات الصغير المميز الدائرة بين النفع والضرر، كالبيع .
  2. وجود الرضا ولكن معيب بأحد عيوب الإرادة كالإكراه .
  3. تخلف شرط الملك أو الولاية على المحل ، مثل بيع ملك الغير ، وتجاوز النائب

( الوكيل) حدود نيابته.

فهذا النوع من العقود اختلف حكمه في الفقه الإسلامي إلى رأيين :

الرأي الأول : رأي الحنفية والمالكية والحنابلة في إحدى الروايتين والشافعية في المذهب القديم ، ويذهب إلى اعتبار هذا العقد صحيحا ولكنه غير نافذ ، أي أنه لا ينتج أثره لتخلف شرط من شروط صحته ، ونفاذه موقوف على إجازة شخص معين ، فإن أجازه نفذ ، وإن لم يجزه بطل. فالعقد في فترة وقفه يكون له وجود شرعي ( قانوني) لأنه انعقد صحيحا ، ولكن هذا الوجود لا تترتب عليه آثاره ، فإن أجيز أصبح تصرفا نافذا ، وإن تخلفت الإجازة انعدم وأصبح تصرفا باطلا ، فهو عقد غير مستقر قد يؤول إلى أن يصبح تصرفا صحيحا نافذا ، وقد يؤول إلى أن يكون عقدا باطلا. وعلى ذلك فإنهم يعتبرون العقد الموقوف قسما من أقسام العقد الصحيح.(1)

والعقد الموقوف عند الحنفية يمر بمرحلتين ، مرحلة ما قبل الإجازة ، ويكون العقد فيها قابلا للفسخ ، ففي بيع ملك الغير يكون لكل من المشتري والفضولي نفسه حق الفسخ قبل الإجازة، حتى لو أجازه المالك بعد ذلك لا ينفذ لزوال العقد الموقوف . فالمشتري تحرزا عن لزوم العقد في حقه ، والفضولي ليدفع الحقوق والعهدة عن نفسه ، والمالك حماية لحقه حتى لا يخرج من ملكه ما لا يرضى بخروجه . أما بعد الإجازة فيصبح نافذا وتترتب عليه آثاره .

أما في مذهب مالك ، فبيع الفضولي لملك الغير لازم من جهة الفضولي ومن جهة المشتري إذا كان راضيا بالبيع ، ولكنه منحل من جهة المالك.

الرأي الثاني: وهو رأي الشافعية في المذهب الجديد والحنابلة في إحدى الروايتين وأهل الظاهر، ويعتبرون العقد الموقوف عقدا باطلا لصدوره ممن ليست له ولاية التصرف ، لأن الولاية عندهم شرط في الانعقاد لا في النفاذ.

  1. (1)يقسم الحنفية العقد الصحيح إلى نافذ لازم ، ونافذ غير لازم ، وموقوف . والعقد النافذ اللازم هو الأصل في العقود الصحيحة ، فينعقد في الحال وتترتب عليه آثاره بمجرد انعقاده ، ويلزم كلا من المتعاقدين فلا يجوز الرجوع فيه إلا إذا اتفقا على التقايل منه. وقد نصت المادة 114 من مجلة الأحكام العدلية على أن ” البيع اللازم هو البيع النافذ العاري عن الخيارات “.

أما العقد النافذ غير اللازم فهو العقد الذي يجوز لأحد طرفيه أو كليهما طلب فسخه وهو يكون كذلك في حالتين:

  1. إذا كان غير لازم بطبيعته ، كالوديعة بدون أجر ، والوكالة ، والهبة ، والعارية ، والرهن ، والكفالة.
  2. إذا ثبت لأحد المتعاقدين خيار من الخيارات ، كخيار الشرط ، أو خيار العيب ، أو خيار الرؤية. وقد نصت المادة 115 من مجلة الأحكام العدلية على أن ” البيع غير اللازم هو البيع النافذ الذي فيه أحد الخيارات “. ونصت المادة 376 منها على أنه ” إذا كان البيع غير لازم كان حق الفسخ لمن له الخيار “.