الفصل الأول – الشروع في الدعوى

المبحث الخامس

التسوية القضائية

      كان قانون محاكم الصلح الملغى يوجب على قاضي الصلح وفق المادة (9) منه، في أول جلسة يعرض عليه النزاع فيها أن يبذل الجهد في الصلح بين الطرفين فإذا وفق للصلح بينهما أمر كاتب الضبط بتنظيم صك الصلح ويطلب منهما أن يوقعا عليه ويذيله بتصديقه باعتباره بمثابة حكم لا يقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن .

     وقد جاء قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية في المواد 68 وحتى 78 منه، بنظام جديد شامل تحت عنوان ” التسوية القضائية “، فأجاز لمجلس القضاء الأعلى أن ينتدب في محاكم الصلح والبداية قاض يتولى التوفيق بين الخصوم في الدعاوى التي يجوز الصلح فيها . ولكن اللجوء إلى قاضي التوفيق اختياري ، حيث يتم بناء على طلب أحد الخصوم ، وفي هذه الحالة يحيل قلم المحكمة ملف الدعوى إلى القاضي المنتدب خلال ثلاثة أيام من إيداع اللوائح الجوابية ، ويحدد القاضي جلسة يدعو فيها أطراف الخصومة المثول أمامه خلال أسبوعين من تاريخ الإحالة (م 70) .

      وإذا حضر الخصوم في الموعد المحدد يتولى القاضي التوفيق بينهم لتسوية النزاع كليا أو جزئيا (م 17)، وينجز القاضي مهمته خلال فترة أقصاها ستون يوما من تاريخ إحالة ملف الدعوى إليه إلا إذا وافق الخصوم على تمديدها ولا تعين جلسة محاكمة أمام محكمة الموضوع ما دام النزاع معروضا أمام القاضي المنتدب للتسوية (م 17)، فإذا تمت التسوية يحرر محضر يوقعه الخصوم ويصدقه القاضي ويكون له قوة السند التنفيذي . وفي هذه الحالة وحيث إن النزاع قد انتهى بين الخصوم صلحا أمام قاضي التسوية فإن المادة (76) تقضي برد ثلاثة أرباع الرسوم المدفوعة .

      أما إذا لم يحضر أي من الخصوم في اليوم المعين ، أو لم يرغب أحدهم في تسوية النزاع ، يحيل القاضي الملف إلى محكمة الموضوع ، وتسري الإجراءات العادية للتقاضي المنصوص عليها في القانون (م 72)، وكذلك الحال إذا حضر الخصوم في اليوم المعين وبذل القاضي جهده ولكن لم تتم التسوية كليا ، فإن القاضي يحيل الدعوى إلى محكمة الموضوع دون إخلال بما يكون قد تم من تسوية جزئية ، أي أن التوصل إلى تسوية جزئية يستوجب إحالة الدعوى لمحكمة الموضوع بخصوص الجزء غير المتفق عليه ولا يعرض ملف التسوية الجزئية على قاضي الموضوع (م 74).

      وحفظا لحقوق الخصوم ، وتشجيعا لهم على التسوية القضائية ، نصت المادة (75) على أنه لا يترتب على ما تم من إجراءات أمام قاضي التسوية أي إجحاف بحقوق الخصوم أمام محكمة الموضوع ، ولضمان حياد القاضي نصت هذه المادة أيضا في فقرتها الثانية على أنه لا يجوز للقاضي المنتدب للتسوية أن يتولى نظر النزاع في موضوع الدعوى .