الفصل الأول – الودائع المصرفية

المطلب الثاني

شروط عقد الوديعة

الأصل أن يتفق المصرف والعميل على شروط العقد، غير أن العمل جرى على أن يعد المصرف مقدما شروطا عامة تسري على جميع الودائع التي يقبلها، وللعميل قبول هذه الشروط أو رفضها، بل يحتفظ المصرف بحقه في تعديل شروط الودائع المستحقة بمجرد الطلب. ومع ذلك يجب على المصرف أن يخطر عميله بالتعديلات الجديدة على الشروط الأصلية لأن من حق العميل سحب وديعته متى وجد أن الشروط الجديدة لا تناسبه، ولا يحتج بها عليه إلا من تاريخ علمه، كما لا يجوز تطبيق التعديلات بأثر رجعي.

وقدنصت المادة 773 من المجلة على أنه (ينعقد الإيداع بالإيجاب والقبول صراحة أو دلالة أو كتابة). ونصت المادة 776 منها على أنه (يشترط أن يكون المودع والمستودع عاقلين مميزين، أما بلوغهما فليس بشرط ومن ثم لا يصح إيداع المجنون والصبي غير المميز ولا قبولهما الوديعة، وأما الصبي المميز المأذون فيصح إيداعه وقبوله الوديعة).

ويشترط في عقد الوديعة النقدية توافر الأركان العامة اللازمة لوجود العقد وهي التراضي والمحل والسبب.

أولا: التراضي.

يشترط في المودع لديه أن يكون مصرفا تجاريا مرخصا، أي مخولا بممارسة الأعمال المصرفية وبوجه خاص قبول الودائع.

كما يجب أن يكون المودع متمتعا بالأهلية اللازمة للتصرفات القانونية، أما فاقدوا الأهلية كالصغير غير المميز والمجنون والمعتوه، وناقصوا الأهلية كالصغير المميز غير المأذون والسفيه وذي الغفلة، فإن تصرفاتهم تتم بواسطة الولي أو الوصي، أو وفقا للقواعد المقررة في القانون.

وعادة ما يتخذ المصرف التدابير اللازمة للتأكد من عملية فتح الحساب القانونية حتى لا يتعرض معها إلى أية مسئولية، وهذه التدابير يجب أن توفق بين أمرين متعارضين: أولهما حرص المصرف على عدم تحمل المسئولية التي قد تنتج عن إهماله أو خطئه. وثانيهما عدم إزعاج العملاء الذين يرغبون في فتح حساب لهم لدى المصرف بنتيجة زيادة الاحتياطات المتخذة.

وأهم التدابير التي يتخذها المصرف في هذا الموضوع هي الآتية:

  1. التأكد من هوية الطالب؛ حتى لا يتخذ الحساب وسيلة للاحتيال.
  2. التأكد من أن صاحب الحساب متمتع بالأهلية الكاملة لممارسة حقوقه.
  3. يوقع الطالب على ورقة مطبوعة تتضمن الشروط الخاصة بعقد الإيداع، كما يوقع على ورقة مستقلة توقيعا يحتفظ به المصرف لمطابقته مع التواقيع التالية ويسمى ” نموذج عن التوقيع”.
  4. يعطى الحساب رقما خاصا به وتفتح له صفحة خاصة في دفاتر المصرف.
  5. يسلم المصرف لصاحب الحساب – إذا رغب في ذلك – دفتر شيكات أو بطاقة صراف آلي، يستخدمها في سحب المبالغ اللازمة له.

وإذا كان طالب فتح الحساب شخصا معنويا كشركة، فإن الحساب يفتح باسم الشخص الاعتباري ذاته لا باسم أحد الأفراد المنتسبين إليه، وعلى المصرف في هذه الحالة أن يتأكد من أن الشركة مؤسسة بشكل قانوني، حيث يطلب شهادة تسجيلها ونظامها الداخلي. كما يتأكد من السلطات الممنوحة لممثل الشخص الاعتباري وحدود هذه السلطات.

أما إذا كانت الشركة في دور التأسيس، فيتم فتح الحساب باسم الشركة المستقبلة؛ وتبقى الأموال التي تدخل هذا الحساب مجمدة إلى أن يتم التأسيس بصورة نهائية وقانونية؛ ولا يجوز دفع الأموال المذكورة إلا إلى مجلس الإدارة الأول باعتباره الممثل القانوني للشركة.

ثانيا: المحل.

محل الوديعة المصرفية هو النقود، سواء كانت بالعملة الوطنية أم الأجنبية. ويجب تحديد المبلغ المراد إيداعه من حيث مقداره، وأن تكون العملة قابلة للتعامل وفق أحكام قانون سلطة النقد.

ثالثا: السبب.

السبب بمعنى الباعث الدافع يكمن أحيانا في المحافظة على النقود من الضياع أو السرقة، أو الادخار، أو الحصول على تسهيلات وخدمات مصرفية، أو هذه الأمور مجتمعة. ويفترض أن سبب الوديعة مشروع ما لم يقم الدليل على غير ذلك، كما إذا كان قصد المودع من وراء الإيداع إيهام المصرف لإبرام العقد وصولا إلى تحقيق غسيل الأموال.

الإجراءات المصرفية لتكوين عقد وديعة النقود:

يعد المصرف استمارة تتضمن العناصر الأساسية والتفصيلية للتعاقد تاركا فيها بعض الفراغات، تعتبر بمثابة دعوة للتعاقد. ويقوم العميل بتعبئة الفراغات بالمعلومات المطلوبة عن جنسيته ومهنته وعمره للتعرف على شخصيته والتوقيع عليها، وغالبا ما تتضمن الاستمارة الإشارة إلى موافقة العميل مقدما على جميع شروط المصرف المتعلقة بحسابات الودائع وعلى التعديلات التي تطرأ عليها، ويقدمها للمصرف ويعد ذلك إيجابا منه للتعاقد.

ويتمتع المصرف بحرية اختيار الزبائن المتعاملين معه، لذلك فإنه يلزم بالتدقيق في كل طلب تجنبا للارتباط بعقد صوري أو بمتعاقد مشاكس أو مشبوه يسعى للتستر وراء هذه العملية للوصول إلى غسيل الأموال أو أي غرض آخر غير مشروع، فإذا وجد أن الطلب مستوف للشروط يوافق على هذه العملية المصرفية، وبهذه الموافقة يتم إبرام العقد.

إثبات العقد:

نصت المادة 115/2 من قانون التجارة على أنه ” يجب أن يقام الدليل بوثائق خطية على جميع العمليات المختصة بالوديعة أو بإرجاعها “.

وبذلك تكون هذه المادة قد استثنت الوديعة المصرفية من القاعدة العامة في إثبات العقود التجارية التي تقضي بجواز الإثبات بجميع طرق الإثبات الواردة في المادة 51 من قانون التجارة.

والصفة العينية لعقد وديعة النقود تجعل عبء إثبات هذا العقد على المودع، ويكون هذا الإثبات عادة بأن يسلم المصرف للمودع إيصالا يتضمن التفصيلات الجوهرية المتفق عليها بينه وبين المودع، يعد وثيقة لإثبات وجود عقد وديعة النقود. كما أن العمل جرى على أسلوب المستندات التحريرية، أي أن المصرف يسلم المودع إيصالا موقعا ومختوما بمناسبة كل إيداع، كما يحصل على توقيع المودع عند كل سحب، وهذه الإيصالات هي وسيلة الإثبات في حالة وجود خلاف بين الطرفين.

والأصل أن يكون مضمون هذه الإيصالات مطابقا لما هو وارد في سجلات المصرف من قيود دائنة أو مدينة، أما إذا كان هناك اختلاف فإن هذه السجلات لا يكون لها حجية مطلقة على المودع أو الغير طالما كانت في حيازته مستندات أصولية، بل يكون تقدير أهمية الدليل في الإثبات لقاضي الموضوع وفق القواعد العامة في الإثبات.

غير أن تقدم وسائل السحب والإيداع من خلال وسائل الصرف الآلية التي تستخدم خاصة خارج أوقات الدوام، يمكن أن ينشأ عنها مشكلة جديدة تحتاج إلى دراسة خاصة تتعلق بالتعامل والتجارة الإلكترونية ولا مجال لها هنا.

أنواع الودائع المصرفية:

تختلف الودائع المصرفية من حيث أوصافها ومن حيث آجالها.

  1. من حيث صفة الوديعة، هناك:
  1. الوديعة النقدية، وهي التي يكون موضوعها نقودا. وقد تكون هذه النقود من العملات الأجنبية، وفي هذه الحالة تدفع عند استردادها؛ إما نقودا أجنبية – إذا اشترط ذلك – أو بما يعادل قيمتها من العملة المحلية في تاريخ الاسترداد.
  2. الودائع المتعلقة بالأسهم والسندات؛ وغيرها من القيم المنقولة.
  3. من حيث الأجل، نصت المادة 335 من مشروع قانون التجارة على أنه (1- ترد الوديعة بمجرد الطلب، ما لم يتفق على غير ذلك، وللمودع حق التصرف في رصيده الدائن أو في جزء منه، ما لم يعلق استعمال هذا الحق على إخطار سابق أو على حلول أجل معين. 2-في حالة وفاة المودع قبل انتهاء أجل الوديعة، تظل قائمة وفقا لشروط العقد، ما لم يطلب الورثة استردادها). أي أن هناك:
  1. الودائع تحت الطلب، وهي التي يكون لأصحابها استردادها في أي وقت أرادوا، وهذا النوع يشكل القسم الأكبر من الودائع الموجودة لدى المصارف. وتسمى الوديعة حين الطلب أو الوديعة الجارية؛ أو الوديعة الوقتية. وهي عبارة عن مبالغ تودع في المصرف دون تحديد مدة، ويكون للمودع الحق بسحبها حين الطلب؛ كلا أو جزءا، في أي وقت يشاء دفعة واحدة أو على دفعات. والغالب عملا ألا تعطى أية فائدة على هذه الودائع. بل إن بعض البنوك تتقاضى عمولة عند إيداع وسحب أي مبلغ في هذا النوع من الودائع. (2) وهذا الحساب هو الأكثر شيوعا في التطبيق المصرفي، لأنه يمكن العميل من الاستفادة من الحساب كوسيلة لتسوية ديونه، ويكون السحب في حدود الرصيد الدائن، فلا يجوز للعميل سحب مبالغ من الحساب تزيد عما هو مودع فيه. وفي ذلك نصت المادة 333 من مشروع قانون التجارة على أنه (1-لا يترتب على عقد وديعة النقود حق للمودع في سحب مبالغ من حساب الوديعة إذا لم يكن رصيد هذا الحساب دائنا. 2-إذا أجرى المصرف عمليات لحساب المودع ترتب عليها أن صار حساب الوديعة مدينا، فيجب على المصرف إخطار المودع فورا لتسوية مركزه).
  2. الودائع لأجل، وهي التي حدد اتفاق المتعاقدين بشأنها الوقت الذي يجوز استردادها فيه. وفي هذه الحالة لا يجوز للمودع طلب استردادها قبل هذا التاريخ. وتسمى الوديعة الثابتة، وتحاول المصارف اجتذاب هذه الودائع من خلال مزايا تمنح للمودعين، تختلف باختلاف المصرف وما إذا كان تجاريا تقليديا أو إسلاميا. فالمصارف التجارية تمنح المودع فائدة بنسبة معينة. والبنوك الإسلامية تجتذب هذه الودائع من خلال منح ميزة المشاركة في أرباح الاستثمار إذا كانت مربوطة لمدة سنة كاملة وحدها الأدنى 500 دينار، وتكون نسبة مشاركتها في الأرباح بما يساوي 90% من قيمة الوديعة بحسب أدنى رصيد خلال العام.(3) ولا يجوز لصاحبها سحب أي مبلغ منها إلا بعد انتهاء الأجل وإعلان توزيع الأرباح المحققة للاستثمار.
  3. الودائع ذات الإخبار المسبق، وهي التي لا يجوز للمودع استرداد أي مبلغ منها؛ أو على الأقل المبالغ التي تجاوز رقما معينا، إلا إذا أخبر المصرف قبل مدة معينة يحددها الاتفاق عند الإيداع، كيومين أو ثلاثة أو سبعة. والغاية من هذا الإخبار المسبق هي إعطاء المصرف الفرصة لتوفير الأموال التي أخبر عن استردادها في الوقت المناسب. وتسمى أيضا الوديعة تحت إشعار أو الوديعة بإنذار. ويجب على المصرف خلالها أو بانتهائها أن يسلم المبلغ المطالب به إلى المودع. (4) ويلاحظ أن المصرف لا يدفع عن هذه الودائع فوائد، وإن قبل ذلك فتكون بنسبة ضئيلة تقل كثيرا عن الفوائد التي تدفع بشأن حساب الودائع لأجل.

مصادر حساب الودائع:

أولا: بالنسبة للمودع: تكون القيود المسجلة لحساب المودع ناتجة عن إحدى العمليات الآتية:

  1. بعض هذه الأموال يقدمها صاحب الحساب نفسه.
  2. وبعضها يدفع من قبل الغير لحساب المودع؛ إما نقدا أو شيكا أو حوالة على حساب الدافع، لدى المصرف ذاته؛ أو لدى مصرف آخر.
  3. وبعضها يسجله المصرف ذاته نتيجة قيامه ببعض العمليات لحساب المودع، كبيع الأسهم والأسناد؛ وقبض قيمة قسائم الأرباح؛ واستيفاء قيمة الأسناد التجارية المسحوبة لأمره؛ والفوائد التي استحقها صاحب الحساب عن حسابه الدائن.

ثانيا: بالنسبة للمصرف، تكون القيود المسجلة لصالح المصرف صادرة عن إحدى العمليات الآتية:

  1. قيام صاحب الحساب نفسه بسحب قسم من أمواله لأغراضه ونفقاته الخاصة.
  2. سحب قسم من أمواله بواسطة الغير؛ عن طريق سحب شيكات لأمر الغير؛ أو إصدار كمبيالات أو سندات سحب أو أوامر تحويل … وغير ذلك.
  3. وقد يقيد المصرف ذاته الأموال التي أنفقها لصالح المودع؛ والعمولة التي استحقها نتيجة قيامه ببعض الأعمال لحسابه؛ كشراء الأسهم والأسناد، والفائدة التي استحقها على حسابه المدين.

وتؤدي كل عملية من هذه العمليات – دائنة كانت أم مدينة – إلى قيد في الحساب. وتكون هذه القيود مستقلة عن بعضها كل الاستقلال، فكل قيد يحتفظ بما يتمتع به من أوصاف وبما يرافقه من ضمانات، وهو ما يميز حساب الودائع عن الحساب الجاري.

ويكون حساب الودائع -على الأغلب – دائنا، بمعنى أن فتح الحساب لا يرافقه منح أي اعتماد، ويكون حق المودع محصورا دوما في حدود المبلغ الذي له في ذمة المصرف.

ومع ذلك؛ فهناك حالات خاصة يقدم فيها المصرف اعتمادا لصاحب الحساب، وعندها يجوز له سحب مبالغ تفوق أمواله الخاصة؛ ولكن ضمن حدود الاعتماد الممنوح.

فوائد الحساب:

نصت المادة 115/3 من قانون التجارة على أنه ” 3-وتجب الفائدة عند الاقتضاء ابتداء من اليوم الذي يلي كل إيداع إن لم يكن عطلة ولغاية النهار الذي يسبق إعادة كل مبلغ ما لم يكن هناك اتفاق مخالف “.

وهذه القاعدة مكملة، بمعنى أنه يجوز للمصرف والعميل الاتفاق على أن تكون الوديعة غير منتجة لفائدة. فإن لم يوجد مثل هذا الاتفاق في عقد الوديعة وجبت الفائدة من اليوم التالي لكل عملية إيداع.

على أن هناك فرقا شاسعا بين فائدة الحساب الدائن التي تكون منخفضة، وبين الحساب المدين التي تكون مرتفعة؛ والتي تتألف في الواقع من عنصرين: الأول الفائدة بكل معنى الكلمة، والثاني بدل الخدمات التي يؤديها المصرف لعميله؛ أي العمولة.

وقد حدد نظام المرابحة العثماني الساري المفعول الحد الأقصى للفائدة بمقدار 9%، في حين نصت المادة 40/3 من قانون المصارف لسنة 2010 على أن لسلطة النقد الحق في أن تحدد بتعليمات تصدر عنها ما يلي: 3-الحدود الدنيا والعليا لأسعار الفوائد أو العوائد والعمولات التي تتقاضاها المصارف على جميع أنواع الائتمان والتمويل وكذلك العمولات والرسوم على جميع أنواع الخدمات الأخرى التي تقدمها المصارف.

كما نصت المادة 60 من قانون سلطة النقد رقم 2 لسنة 1997 على أنه (تحدد سلطة النقد أسعار الفائدة أو العوائد المفروضة على المصارف مقابل عمليات الخصم أو الائتمان أو التسهيلات الأخرى المباشرة وغير المباشرة، ويجوز لها وضع أسعار فائدة أو عوائد لمختلف فئات وأنواع العمليات أو المعاملات حسب تقديرها.

غير أن محافظ سلطة النقد قد أصدر تعليمات رقم 1 لسنة 2009 بتاريخ 28 كانون ثاني 2009 بشأن إلغاء سقف الفوائد أو العوائد والفوائد جاء فيه ( استنادا لأحكام المادتين رقم 60 و 72 من قانون سلطة النقد رقم 2 لسنة 1997 وتعديلاته، والمادة رقم 35 من قانون المصارف رقم 2 لسنة 2002، وفي إطار تعزيز الالتزام بأصول المنافسة بين المصارف، يلغى السقف المحدد لأسعار الفوائد أو العوائد على التسهيلات والتمويلات والمحدد بواقع 9% وفق نظام المرابحة العثماني لسنة 1304 ه، وتخضع أسعار الفوائد والعوائد للتنافس الحر فيما بين المصارف، وعلى جميع المصارف اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصويب أوضاعها وتسويتها بما يكفل الالتزام التام. هذا وستقوم سلطة النقد بإجراء المتابعات اللازمة لمراقبة نسب الفوائد التي تستوفيها المصارف من عملائها).

وبالتدقيق في هذه التعليمات؛ نجد أنها مخالفة للقانون من ناحية، وتتسم بالتناقض من جهة أخرى.

فمن ناحية فإن تحديد الحد الأعلى للفائدة السنوية مقرر بقانون، وما زاد على هذا الحد يخضع لقانون الربا الفاحش رقم 20 لسنة 1934 الساري المفعول. وصلاحية محافظ سلطة النقد الواردة في كل من قانون سلطة النقد وقانون المصارف بخصوص تحديد الحد الأدنى والأعلى لنسبة الفوائد محكومة بالسقف الأعلى المحدد بالقانون وهو 9%، بمعنى أن له تحديد سعر الفائدة البنكية بما لا يتجاوز الحد الأعلى المقرر بالقانون، أي 7% أو 8% أو 5.5% وهكذا وفق ما يراه مناسبا. ولكن لا يملك محافظ سلطة النقد أن يصدر تعليمات يلغي بموجبها أحكام القانون الذي حدد نسبة الفائدة القانونية. فالتعليمات وفق تدرج التشريع؛ لا يجوز أن تخالف القانون فضلا عن أن تلغيه.

ومن ناحية أخرى فإن خضوع أسعار الفوائد والعوائد للتنافس الحر فيما بين المصارف الذي هدف إليه محافظ سلطة النقد، يتناقض مع إلغاء السقف المحدد لأسعار الفوائد وفتح الباب للبنوك لزيادة الفائدة عن هذا الحد القانوني، وهو ما نشاهده عملا حيث وصلت الفائدة التي تتقاضاها البنوك إلى نسبة تقارب 25%، في حين أن المنافسة تعني أن يخفض المصرف سعر الفائدة التي يتقاضاها عن سعر الفائدة للبنوك الأخرى المنافسة حتى يجتذب العملاء.

وغالبا ما تكون الفائدة في الودائع لأجل أو ذات الإخبار المسبق. أما الودائع تحت الطلب فإن المصرف لا يعطي أية فائدة عنها، بل على العكس فإنه يأخذ من المودع عمولة خاصة مقابل محافظته على الأموال المودعة والخدمات التي يقدمها للعميل.

ويتم حساب الفائدة من اليوم التالي لعملية الإيداع فلو تم الإيداع في أول نيسان مثلا؛ يبدأ حساب الفائدة من اليوم الثاني أي في 2 نيسان، ما لم يكن عطلة فيبدأ من أول يوم عمل يليه.

أما المبلغ الذي يسترده صاحب الحساب، فإن الفائدة عليه تتوقف منذ نهاية اليوم الذي يسبق يوم الاسترداد، إذا لم ينص الاتفاق على خلاف ذلك.

ويعللون ذلك بأن المصرف الذي يتسلم دفعة ما في أحد الأيام لا يتمكن من استخدامها بصورة آنية، بل يبدأ استخدامها في أعماله –بصورة جدية-اعتبارا من اليوم التالي للإيداع.

إيقاف الحساب:

كانت المصارف تعمد إلى إيقاف الحساب خلال فترات معينة يحددها الاتفاق أو العرف. ويقصد من إيقاف الحساب معرفة رصيده المؤقت؛ وبيان ما إذا كان الرصيد دائنا أو مدينا؛ ومبلغ كل من الحق والدين.

وكان المصرف يقوم بإرسال بيان دوري للمودع في أوقات إيقاف الحساب؛ يتضمن صافي المبالغ مع الفوائد المستحقة – إن كان هناك فوائد – ومقدار المبلغ الإجمالي الجديد؛ حتى يكون على اطلاع دائم على وضع حسابه.

في الوقت الحالي، ومع تطور الأجهزة الإلكترونية، وخدمة الصراف الآلي، أصبح العميل قادرا على معرفة نتيجة حسابه المصرفي في أي وقت يريد، لذلك توقف إرسال الإشعارات الدورية، وبقي بإمكان العميل طلب كشف بحسابه حين الحاجة إليه فقط.

ولا يؤدي إيقاف الحساب إلى وضع حد له، وإنما يستمر العقد في إنتاج جميع آثاره، ولا يتوقف بصورة نهائية إلا في آخر المدة المحددة في العقد.

(2)(2) عزيز العكيلي، الأوراق التجارية وعمليات البنوك، دار الثقافة عمان طبعة 2007، صفحة 366.

(3)(3) عبد الله عبد المجيد المالكي، الموسوعة في تاريخ الجهاز المصرفي في الأردن، البنك الإسلامي الأردني، المجلد 7، طبعة 1996، صفحة 146.

(4)(4) هي وفق الفقرة (13/ب) من الشروط والأحكام العامة للحسابات لدى بنك القاهرة عمان، يومي عمل من تاريخ السحب. بينما وفق الفقرة (2) من الشروط الخاصة بحسابات الإشعار لدى البنك العربي في الأردن يجب أن تكون أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. أما الفقرة (2) من الشروط الخاصة بحسابات الإشعار لدى البنك الإسلامي الأردني فترة تسعين يوما. مشار إليها في فائق محمود الشماع، الإيداع المصرفي، الجزء الأول، الإيداع النقدي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011 صفحة 46.