الفصل الثالث – الطلبات المستعجلة

المبحث الخامس

الطعن في القرارات الصادرة في الأمور المستعجلة

      نصت المادة (109) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أنه ” يحق للمستدعى ضده أن يقدم طلبا إلى القاضي الذي أصدر القرار من أجل إلغائه أو تعديله ” كما نصت المادة (110) منه على أنه ” يكون القرار الصادر في الطلب المستعجل على ذمة الدعوى الأصلية قابلا للاستئناف ” .

      ويتبين من هذين النصين أن أمام المستدعى ضده سلوك أحد طريقين:

الأول : تقديم طلب لإلغاء أو تعديل القرار المستعجل ، سواء كان هذا القرار صادرا      من قاضي الأمور المستعجلة أم عن قاضي الموضوع بصفته قاضيا للأمور المستعجلة تبعا للدعوى الأصلية .

      فالحكم الصادر في الأمور المستعجلة ملزم للخصوم واجب التنفيذ ، إلا أنه يقوم على وقائع قابلة للتغيير والتعديل ، لذلك فإن حجيته مؤقتة مرهونة بثبات الوقائع والمراكز القانونية للخصوم ، وبالتالي يجوز لمن أصدره أن يعدل عنه إذا تغيرت الظروف القائم عليها ، على أنه لا يجوز الرجوع عن القرار الصادر في الأمر المستعجل إلا إذا تغيرت الظروف . فإن تغير مركز الخصوم أو تغيرت الظروف القائم عليها الحكم، أمكن تعديله وفقا للظروف الجديدة، أما إذا لم تتغير الظروف يكون للحكم حجية الشيء المحكوم به مثله في ذلك مثل الحكم القطعي.

الثاني : استئناف القرار المستعجل ، نصت المادة (110) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على أنه ” يكون القرار الصادر في الطلب المستعجل على ذمة الدعوى الأصلية قابلا للاستئناف ” .

ويتبين من هذا النص أن المشرع أجاز الطعن في القرار الصادر في الطلب المستعجل بالاستئناف مهما تكن قيمة الدعوى، وإذا كان القرار صادرا من محكمة الموضوع فإنه يجوز استئنافه فور صدوره قبل الحكم في الموضوع، وذلك خلافا للقاعدة العامة بالنسبة للقرارات الصادرة أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها كل الخصومة، فهذه الأحكام لا يجوز الطعن المباشر فيها إلا بعد صدور الحكم المنهي لكل الخصومة . وقد نصت على هذا الاستثناء أيضا المادة (192) من القانون، وهذه المادة تغني عن نص المادة (110)، إلا أن المشرع كما يبدو هدف من المادة (110) تأكيد أن القرار في الطلب المستعجل يقبل الاستئناف حتى لو كان صادرا من قاضي الموضوع المقدم له الطلب تبعا للدعوى الأصلية، وليس فقط القرارات الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة.

          وإذا قرر قاضي الأمور المستعجلة رد الطلب لعدم توافر صفة الاستعجال، واستأنف المستدعي هذا القرار، واستجدت وقائع أمام محكمة الاستئناف توافرت معها صفة الاستعجال قبل الفصل في الاستئناف، سواء تعلق ذلك بتغيير الأسباب التي استند إليها القاضي في قراره بعدم توافر صفة الاستعجال، أم ظهور أسباب جديدة تتوافر معها صفة الاستعجال أمام محكمة الاستئناف، فإن محكمة الاستئناف تقبل الاستئناف وتقرر اتخاذ الإجراء التحفظي المطلوب، ولو كانت صفة الاستعجال غير متوافرة عند رفع الاستئناف إليها.

          كما أنه لو وجدت محكمة الاستئناف أن صفة الاستعجال كانت متوافرة وقت تقديم لائحة الاستئناف إليها، ولكنها تخلفت قبل الفصل في الاستئناف، فإنها ترد الاستئناف لتخلف صفة الاستعجال في هذه الحالة.

والقرار الصادر عن محكمة الاستئناف بنتيجة الطعن في القرار الصادر في طلب مستعجل لا يخضع للطعن بطريق النقض، لأن المشرع حصر طريق الطعن المباشر بالنقض في الأحكام النهائية الفاصلة في موضوع الدعوى فقط، بينما القرارات المستعجلة التي تتخذها المحكمة لا تتسم بصفة الأحكام النهائية ولا تعدو أن تكون قرارات وقتية لا ينتهي بها النزاع. كما أن طبيعة الطلبات المستعجلة التي تنظر في الغالب بحضور فريق واحد إلا إذا رأت المحكمة خلاف ذلك، تقتضي سرعة الفصل، الأمر الذي حدا بالمشرع إلى تقصير ميعاد الطعن فيها بالاستئناف وعدم إخضاعها لطريق الطعن بالنقض، ولو أراد عكس ذلك لذكرها صراحة ولقصّر ميعاد الطعن فيها بالنقض على غرار ما فعل في الاستئناف.(1)  


(1) كانت محكمة النقض المنعقدة في رام الله  في بداية تشكيلها تقبل الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف في الأمور المستعجلة ، ويرجع في ذلك إلى الجزء الثاني ص 467 -527 ،  غير أنها عدلت عن ذلك  وقد استقر اجتهادها على عدم جواز الطعن بالنقض في هذه القرارات في العديد من أحكامها ومنها نقض مدني 92/2006 تاريخ 14/5/2007 ، ونقض مدني 42/2006 تاريخ 29/5/2007 ، ونقض مدني 113/2006 تاريخ 30/6/2007 ، ونقض مدني رقم 191/2006 تاريخ 12/12/2007 ، جزء 3 صفحة 365 – 375 ، ونقض مدني 87/2007 تاريخ 2/9/2008 ، ونقض مدني 90/2007 تاريخ 2/9/2008 ونقض مدني 10/2008 تاريخ 16/10/2008 ونقض مدني 240/2008 تاريخ  16/10/2008 ، ونقض مدني 242/2008 تاريخ 16/10/2008 ونقض مدني 132/2008 تاريخ 28/10/2008 ونقض مدني 152/2008 تاريخ 28/10/2008 ونقض مدني 296/2008 تاريخ 17/12/2008 وغيرها في الجزء الرابع صفحة 705-743.