الفصل الرابع – التجارة الإلكترونية

وسائل التعاقد في سوق التجارة الإلكترونية :

يبدأ التعامل في سوق التجارة الإلكترونية بالتعرف على المنتجات والخدمات المطلوب شراؤها ؛ والتعارف بين المورد والمستورد ، وتأتي بعد ذلك مرحلة طلب الشراء والدفع ؛ والاتفاق على إتمام عملية الشراء وكيفية الوفاء بالثمن ، وبعدها مرحلة التسليم والتي تختلف حسب طبيعة المنتجات والخدمات ، إذ يمكن أن يتم تسليم قسم منها الكترونيا عبر شبكة الإنترنت ؛ مثل الخدمات التعليمية والمحاسبية والثقافية والطبية والمصرفية ، وتسليم القسم الثاني بوسائل تقليدية عن طريق نقل بعض المنتجات أو السلع إلى من تعاقد على شرائها أو تجربتها أو تشغيلها .

ويتم ذلك كله في إطار سوق افتراضي للمتسوقين عن طريق شبكات الإنترنت ، سواء عن طريق عنوان البريد الإلكتروني ( E – mail Address ) للدخول في خدمة الإنترنت ؛ أو عن طريق اتخاذ موقع ( Web site ) على الإنترنت لعرض المنتجات والخدمات في سوق التجارة الإلكترونية .

وبذلك أصبحت الإنترنت أفضل وسيلة لإبرام العقود بأنواعها ؛ والتي يمكن تسميتها بالعقود الإلكترونية ؛ لأن الإيجاب وارتباط القبول به ينعقد بوسائل إلكترونية ، سواء كليا أم جزئيا .

خصائص التجارة الإلكترونية :

تعتمد التجارة الإلكترونية بشكل أساسي على شبكات الاتصالات والمعلومات والتي من أهمها الإنترنت ، وهي تتميز بخصائص ست تستدعي تطبيق أحكام قانونية خاصة بها ، وهي :

  1. تتم التجارة الإلكترونية عن بعد ، حيث يتم إنجاز معظم مفرداتها عبر وسائل إلكترونية وبالذات عبر الإنترنت بخلاف العقود التجارية التقليدية ، فلا يجمع مورد السلعة أو الخدمة وطالبها مجلس واحد .
  2. فكرة العولمة والتدويل ، فلا تتقيد التجارة الإلكترونية بالحدود ؛ بل هي علاقات عابرة للقارات، فقد يكون البائع في فرنسا والمشتري في الهند ، وقد يكون منتج السلعة في ألمانيا والمستهلك في استراليا ، وتتم العملية التجارية بينهما عن طريق شبكة الإنترنت، الأمر الذي يطرح عدة مسائل قانونية تتعلق بالقانون الواجب التطبيق ؛ واللغة التي تبرم الصفقة بها ؛ ومسائل تتعلق بالتسليم والوفاء والأنظمة المصرفية الواجب مراعاتها .
  3. التحول عن الدعامات الورقية المستخدمة في المعاملات التجارية التقليدية، إلى دعائم إلكترونية، فكافة الإجراءات والمراسلات تتم إلكترونيا دون استخدام أي ورق . حيث تقوم التجارة الإلكترونية على تعاقد بدون مستندات مادية ؛ فهي تستخدم البيانات الإلكترونية والمعلومات لإبرام المعاملات بين طرفي العلاقة ، حيث تحول العقد المكتوب ؛ وفاتورة التسليم؛وإيصال سداد الثمن؛ وسند الشحن؛ إلى بيانات أو معلومات تنساب عبر شبكة الإنترنت . وهكذا أصبحت الرسالة الإلكترونية هي السند القانوني الوحيد المتاح لكلا الطرفين في حالة نشوء أي نزاع بينهما، الأمر الذي يثير مسألة إثبات التزامات أطراف التعاقد . (1)
  4. إمكانية تسليم المنتجات إلكترونيا ، فبعض المنتجات يتم تسليمها إلكترونيا ؛ أي التسليم المعنوي للمنتجات ، مثل برامج الحاسب ؛ والتسجيلات الموسيقية؛ وأفلام الفيديو؛ والكتب؛ والأبحاث؛ والتقارير الإلكترونية، إلى جانب بعض الخدمات مثل الاستشارات الطبية أو الهندسية .
  5. غياب العلاقة المباشرة بين الأطراف المتعاقدة، حيث لا يوجد مجلس عقد بالمعنى التقليدي . فقد يكون البائع في مكان والمشتري يبعد عنه آلاف الأميال، وقد يختلف التوقيت الزمني أيضا بين مكاني البائع والمشتري ، بل قد يغيب العنصر البشري تماما وتقوم أجهزة الكمبيوتر بالتراسل فيما بينها ، وهو ما يعرف بالتعاقد بالوكيل الإلكتروني .
  6. وجود الوسيط الإلكتروني ، وهو جهاز الكمبيوتر المتصل بشبكة الإتصالات الدولية التي تقوم بنقل التعبير عن الإرادة إلكترونيا لكل من طرفي التعاقد في ذات اللحظة رغم انفصالهما مكانيا ، ما لم يحدث عطل في الشبكة ولا تصل الرسالة ؛ أو تصل مغلوطة؛ أو غير مقروءة، وهنا تثور مسئولية مقدم خدمة الإنترنت عن عدم وصول الرسالة أو وصولها متأخرة ، أو وصولها في الميعاد ولكن يوجد بها غلط أو تحريف .

مزايا التجارة الإلكترونية :

  1. سرعة وسهولة الاتصال والحصول على المعلومات ، حيث يتم عرض المنتجات عبر الإنترنت طيلة ساعات اليوم وطيلة أيام السنة دون إجازات أو عطل ؛ مما يؤدي إلى توفير الوقت والجهد ، ويعود بالفائدة على التجار والمستهلكين والمجتمع :
  1. تجنب التجار مشقة السفر وهدر الوقت والمال للترويج للبضائع والخدمات وعرضها في السوق التقليدية ، وتوسع نطاق السوق إلى نطاق دولي أو عالمي ، وتخفض تكاليف الاتصالات السلكية واللاسلكية ، وتخفض الفترة الزمنية ما بين دفع الأموال والحصول على المنتجات والخدمات . وتتيح لهم عرض منتجاتهم عن طريق الكتالوج الإلكتروني بحيث يحوي مواصفات مكتوبة وصور للبضائع ؛ بالإضافة إلى معلومات عن الترويجات والتخفيضات وأساليب الدفع وطرق الشحن .
  2. ولا يحتاج العملاء للتنقل وبذل الوقت أو الانتظار في طابور للحصول على ما يريدون ؛ فيكفي اقتناء جهاز حاسوب وبرنامج متصفح الإنترنت؛ واشتراك في الإنترنت للدخول إلى جميع الأسواق الافتراضية في أي وقت والحصول على المعلومات عن الأسواق والمنتجات والشركات بسرعة ويسر، مما يتيح لهم حرية الاختيار حيث يكون لهم الكثير من الخيارات بسبب قابلية الوصول إلى منتجات وشركات لم تكن متوفرة بالقرب منهم والحصول على أفضل عرض . كما أن شراء أحد المنتجات لا يتطلب سوى النقر على المنتج وإدخال بعض البيانات عن البطاقة الائتمانية ؛ أو نظام الدفع الملائم من خلال الإنترنت . كما يمكنهم تبادل الخبرات والآراء بخصوص المنتجات والخدمات عبر المجتمعات الإلكترونية كالمنتديات مثلا .
  3. وبالنسبة للمجتمع ، فإنها تسمح للفرد بأن يعمل من منزله ، مما يعني ازدحاما أقل في الشوارع وبالتالي خفض نسبة تلوث الهواء . كما تسمح ببيع بعض البضائع بأسعار زهيدة يستطيع الأفراد محدودي الدخل شرائها مما يعني رفع مستوى المعيشة في المجتمع ككل . كما تسهل لسكان دول العالم الثالث الحصول على منتجات أو خدمات غير متوفرة في بلدانهم الأصلية ؛ مثل الحصول على شهادات جامعية عبر الإنترنت. كما تيسر توزيع الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية بسعر منخفض وبكفاءة عالية .
  1. التجارة الإلكترونية تؤدي إلى التقليل من عدد المستخدمين ؛ والحد من مصاريف الشركات ، فيمكن لفرد واحد استرجاع المعلومات الموجودة في قاعدة البيانات لتفحص تواريخ عمليات البيع بسهولة ، كما أن صيانة مواقع التجارة الإلكترونية على الويب أقل كلفة من بناء أسواق التجزئة أو صيانة المكاتب ، وبالتالي فإن خفض التكاليف يؤدي إلى خفض الأسعار .
  2. الشراء من خلال الإنترنت يؤدي إلى عدم الحاجة لاستخدام النقود التقليدية ، حيث يتم الشراء من خلال البطاقات الائتمانية .
  3. التفاعل الجماعي بين عدة أطراف، بمعنى أن أحد أطراف المعاملة يستطيع إرسال رسالة إلكترونية إلى عدد لا نهائي من المستقبلين في ذات الوقت؛ دون حاجة لإعادة إرسالها كل مرة ، وهو شيء غير مسبوق .
  4. تمكن الشركات الصغيرة من توسيع مداها الجغرافي وضمان عملاء جدد بأساليب كانت مقصورة في السابق على الشركات الكبرى . حيث أصبح بإمكان أية منشأة تجارية مهما كان حجمها صغيرا أن تتحول إلى شركة عالمية بمجرد أن تنشئ لها موقعا على الإنترنت .

(1)(1) هذا التحول إلى الدعائم الإلكترونية لم يمس الطبيعة القانونية للعملية التجارية ذاتها .