محاضرات في عقد التأجير التمويلي

المبحث الثاني

التمييز بين عقد التأجير التمويلي وما قد يختلط به

نفرق في هذا المبحث بين عقد التأجير التمويلي وبين كل من عقد الإيجار وعقد البيع بالتقسيط وعقد القرض في ثلاثة مطالب.

المطلب الأول

عقد التأجير التمويلي وعقد الإيجار

عرفت المادة 405 من مجلة الأحكام العدلية الإجارة في اصطلاح الفقهاء بأنها بيع المنفعة المعلومة بعوض معلوم.

كما عرفت المادة 658 من القانون المدني الأردني الإيجار بأنه تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء عوض معلوم.

ويتفق عقد الإيجار مع عقد التأجير التمويلي في أن كلا منهما لا ينقل الملكية وإنما يملك المنفعة مقابل عوض معلوم؛ لمدة محددة أي أنهما من عقود المدة.

غير أنهما يختلفان فيما يأتي:

  1. الأجرة في عقد الإيجار مقابل المنفعة، بينما في عقد التأجير التمويلي هي أقساط لدين واحد لا يقبل الانقسام.
  2. غاية المستأجر في عقد الإيجار هي طلب المنفعة، بينما في عقد التأجير التمويلي هي التمويل لشراء الآلات مع خيار تملكها في نهاية مدة العقد كأحد الخيارات المتاحة له في العقد.
  3. أقساط الأجرة في عقد التأجير التمويلي أكبر من أقساط الأجرة في عقد الإيجار، لأنها تتحدد على أساس المبلغ المدفوع من شركة التأجير التمويلي لإبرام العقد ومدة العقد لاسترداد كامل المبلغ مع نسبة ربح.
  4. المدة في عقد الإيجار تتحدد وفقا لرغبة طرفيه، بينما تتحدد في عقد التأجير التمويلي بناء على السعر الاقتصادي للمأجور؛ ولهذا قد تمتد بما لا يقل عن 75% من السعر الاقتصادي للمأجور.
  5. يختلفان في التزامات كل من طرفي العقد، حيث تستفيد شركة التأجير التمويلي من القواعد المكملة للتخلص من أعباء بعض الالتزامات العقدية، كالصيانة وتبعة الهلاك والمسئولية المدنية، بإلقاء عبئها على المستأجر.
  6. المستأجر في عقد الإيجار ليس له سوى خيارين، مد مدة العقد أو إنهائه. بينما المستأجر في عقد التأجير التمويلي له خيار ثالث هو شراء المأجور في نهاية المدة.
  7. عقد الإيجار يقتصر على طرفيه المؤجر والمستأجر. بينما يتطلب عقد التأجير التمويلي وجود طرف ثالث هو المورد، كما أنه قد يترتب على انتهائه إبرام عقد بيع العين المؤجرة من المؤجر للمستأجر.

المطلب الثاني

عقد التأجير التمويلي وعقد البيع بالتقسيط، وعقد البيع الإيجاري

عرفت المادة 105 من مجلة الأحكام العدلية البيع بأنه مبادلة مال بمال. كما عرفته المادة 465 من القانون المدني الأردني بأنه تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض.

ويمتاز عقد البيع بأنه ناقل للملكية على وجه الإلزام، وأن نقل الملكية يتم بإرادتي البائع والمشتري. وهو بذلك يختلف عن عقد التأجير التمويلي، غير أن الأمر ليس بهذا الوضوح بالنسبة لعقد البيع بالتقسيط أو البيع بأجل، لذلك نفرق بينهما فيما يأتي:

  1. عقد البيع بالتقسيط هو عقد بيع منجز يتم نقل الملكية في الحال؛ بينما يتم الوفاء بالثمن على أقساط دورية. بينما عقد التأجير التمويلي ينقل الملكية للمستأجر في نهاية مدة العقد كخيار للمستأجر لا على وجه الالتزام، وبعض صوره لا يتمتع المستأجر بهذا الحق فنقل الملكية ليس عنصرا جوهريا فيه.
  2. عقد البيع بالتقسيط يتم نقل الملكية بإرادتي البائع والمشتري، بينما في عقد التأجير التمويلي يتم نقل الملكية وفقا لإرادة المستأجر (المشتري) وحده.

أما عقد البيع الإيجاري فهو عقد بيع بالتقسيط لكنه معلق على شرط واقف بحيث إن انتقال الملكية معلق فيه على الوفاء بكامل أقساط الإيجار

المطلب الثالث

عقد التأجير التمويلي وعقد القرض

نصت المادة 796 من مرشد الحيران على أن (القرض هو أن يدفع شخص لآخر عينا معلومة من الأعيان المثلية التي تستهلك بالانتفاع بها ليرد مثلها.

ونصت المادة 636 من القانون المدني الأردني على أن (القرض تمليك مال أو شيء مثلي آخر على أن يرد مثله قدرا ونوعا وصفة إلى المقرض عند نهاية مدة القرض).

ويقترب عقد التأجير التمويلي من عقد القرض في أن كلا منهما وسيلة من وسائل الائتمان المصرفي؛ ومصدرا من مصادر التمويل قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأجل. فهما من عقود التمويل المرتبط بالائتمان المصرفي أو ائتمان شركات التأجير التمويلي، إذ يستبدل المستأجر التمويل النقدي بتمويل عيني للعقارات والمنقولات.

غير أنهما يختلفان من نواح عدة منها:

  1. عقد القرض من العقود الواردة على الملكية، أي أن النقود والأشياء في عقد القرض تصبح ملكا للمقترض، بينما يرد عقد التأجير التمويلي في الأصل على التمويل؛ لذلك فإن ملكية الأموال تبقى للمؤجر طوال فترة العقد.
  2. المقترض في عقد القرض يرد عند نهاية مدة القرض، أشياء مثلية في القدر والنوع والصفة، بينما في عقد التأجير التمويلي فإن المستأجر يرد ذات الأموال التي ورد عليها العقد إذا لم يستعمل الخيارات الأخرى.
  3. عقد القرض يرد غالبا على اقتراض النقود، بينما طبيعة عقد التأجير التمويلي تتنافى أن يكون محله نقودا؛ لأنه يرد على منفعة متعلقة بالمال المأجور.