الفصل الثاني – إجراءات إصدار الحكم

المبحث السادس

مصاريف ورسوم الدعوى

      عند رفع الدعوى إلى القضاء يقوم المدعي بدفع رسومها ، وعند استدعاء شاهد يقوم الخصم الذي استدعاه بدفع نفقاته ، وعند تعيين خبير تبين المحكمة الخصم الذي يدفع أتعابه ، ويقوم كل خصم بدفع أتعاب محاميه الذي وكله للمرافعة عنه .

      وقد نظم قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية مسألة المصاريف والرسوم في الفصل الثالث من الباب الحادي عشر في المواد 186 حتى 190 منه ، فنصت المادة 186 على أنه :

  1. تحكم المحكمة للمحكوم له بمصاريف الدعوى ورسومها وأتعاب المحاماة عند إصدارها الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها .
  2. للمحكمة أن تحكم أثناء المحاكمة برسوم ومصاريف أي طلب أو إجراء مرتبط بالدعوى دون أن يؤثر ذلك على القرار الصادر فيها بشأن الرسوم والمصاريف.
  3. تسري هذه الأحكام على رسوم ومصاريف الدعوى المتقابلة والطلبات المتفرعة عن الدعوى .

      فالمحكمة تحكم بالمصاريف والرسوم على الخصم المحكوم عليه سواء أكان هو المدعي أم المدعى عليه، وهو يلزم بتحملها تحقيقا للعدالة ، فالقانون هو مصدر الالتزام بدفع الرسوم والمصاريف ، لذلك يتحملها المحكوم عليه ولو كان حسن النية في منازعته ، أو لم يرتكب أي خطأ يستوجب الحكم عليه بتعويض ما ، فهي لا تدفع على سبيل التعويض عن الضرر الذي لحق المحكوم له من جراء دعوى خصمه أو منازعته فيما يدعيه فإخفاق الخصم في دعواه لا يعتبر في ذاته دليلا على خطئه موجبا لمسئوليته ، وهو لا يتحمل سوى المصاريف الأساسية اللازمة لرفع الدعوى والسير فيها ، وتحكم بها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يطلب منها ذلك أي طرف من أطراف الخصومة ، لأن المادة 186 فرضت هذا الواجب على المحكمة فإذا أغفلت ذلك فإنها تكون قد قصدت أن يتحمل كل خصم ما دفعه من مصاريف، وهي تشمل الرسوم القضائية ، ونفقات الشهود ، ونفقات وأتعاب الخبراء ، ونفقات انتقال القاضي أو المحكمة في الحالات التي يستلزم الأمر فيها الانتقال ، كما تشمل جزءا يسيرا من قيمة أتعاب المحاماة تقدره المحكمة وفق ما تراه وتراعي فيه نوع الدعوى وعدد الجلسات . غير أن المصاريف المحكوم بها غالبا لا تتناسب مع المصاريف الحقيقية التي تكبدها الخصم المحكوم له التي قد يكون من بينها مصاريف الانتقال والسفر والإقامة ومقابل تعطيل أعماله ، وباقي ما دفعه الخصم بالفعل لمحاميه .

      وإذا تعدد المحكوم عليهم ، فللمحكمة أن تحكم بقسمة الرسوم والمصاريف بينهم بالتساوي أو بنسبة ما حكم على كل منهم ، ولا يلزمون بالتضامن إلا إذا كانوا متضامنين في أصل الحق المدعى به (م 187) .

      وإذا تبين أن المدعي محق في قسم من دعواه فيحكم له بالرسوم والمصاريف بنسبة الحق المحكوم به (م 188).

      وإذا كان الحق مسلما به من قبل المحكوم عليه جاز للمحكمة إلزام الخصم الذي حكم لصالحه بالرسوم والمصاريف كلها أو بعضها ما لم يكن  المحكوم عليه قد أعذر قبل إقامة الدعوى ولم يؤد الحق المدعى به (م 189). وأساس هذا الإلزام في الواقع هو إساءة استعمال الحق في الالتجاء إلى القضاء ؛ لرفع الدعوى على الرغم من أن خصمه يسلم بحقه ، أو لتسببه في إنفاق مصاريف لا فائدة منها . وبذا  يكون إلزام المحكوم له بالرسوم والمصاريف حكما قاضيا بالتعويض نتيجة الفعل الضار عملا بالقواعد العامة الواردة في القانون المدني .

    وأخيرا تنص المادة 190 على أنه ” يجوز الحكم برسوم ومصاريف التدخل على طالب التدخل إذا حكم بعدم تدخله أو برفض طلباته ” .