الفصل الأول – انعقاد العقد

الفرع الثاني

التغرير المقترن بغبن فاحش

التغرير : هو أن يخدع أحد العاقدين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به لولاها .

أما الغبن :فهو أن يكون أحد البديلين في عقد المعاوضة غير متعادل مع الآخر في القيمة . كأن يبيع السلعة بثمن بخس فيتضمن غبنا للبائع ، أو بثمن مرتفع ارتفاعا فاحشاً فيتضمن غبنا للمشتري .

والغبن الفاحش هو ما لا يدخل تحت تقويم المقوضين (أي تقدير الخبراء) .

شروط الطعن في العقد بالتغرير المقترن بغبن :

1) استعمال طرق احتيالية .

أي اتخاذ مسلك معين من شأنه أن يخدع الرجل العادي ، بنية تضليل المتعاقد الآخر ، ويتخذ أحد الأساليب الآتية :

  1. التغرير بالفعل ، كأن يتقدم للكشف الطبي شخص غير المؤمن .
  2. التغرير بالقول ، كالإدلاء ببيانات كاذبة مع علم من أدلى بها أن المتعاقد الآخر يعلق عليها أهمية كبيرة ، بحيث ما كان ليتعاقد لولا التأكيدات غير الصحيحة التي صدرت في شأنها مثل بيع الأمانة (المرابحة) ، الكذب بالنسبة للخبرة السابقة ، إعطاء شركة التأمين بيانات كاذبة لإخفاء خطر قد يتعرض له الشخص المؤمن .
  3. التغرير بالكتمان، إذا كتم أمرا خطيرا يجب الإفصاح عنه نزولا على حكم القانون أو الاتفاق، أو طبيعة العقد وما يحيط به من ظروف وملابسات، لا يستطيع المتعاقد الآخر معرفته من طريق آخر. مثال ذلك كتمان المؤمن على حياته لمرض أصابه قبل التأمين، أو أن شخصاً هدده بالقتل لعداء قديم بينهما … الخ .

2) نية التضليل للوصول إلى غرض غير مشروع :

فالتغرير يفترض سوء نية المغرّر، وتعمده خداع المغرر به لحمله على التعاقد، فإذا تم إعطاء المعلومات غير الصحيحة أو السكوت عن ذكر واقعة جوهرية ، بحسن نية أو نتيجة للإهمال في تحري الحقيقة ، فلا يعد ذلك تغريراً ، فعرض البضاعة في أحسن صورة بغرض الترويج لها لا يعد تغريراً حتى لو بالغ في الدعاية لبضاعته ما دام ذلك مألوفاً في التعامل ولا يخدع الرجل العادي .

وكذلك إذا كان الغرض من التضليل مشروعاً انتفى التغرير، كما لو استعمل المودع طرقاً احتيالية للحصول على إقرار بالوديعة من المودع لديه بعد أن تبين له أنه شخص غير أمين .

3) أن تكون الحيلة مؤثرة :

ويتحقق ذلك إذا كانت الوسيلة المستخدمة هي التي دفعت الشخص الآخر إلى التعاقد ، أو أنه أغرته بقبول شروط أبهظ . مثال :

بيع النجش ، بأن يزيد بعض الناس في ثمن السلعة، لا رغبة في شرائها، ولكن ليخدع غيره فيعتقد أن السلعة تساوي السعر المعروض ويثير رغبة غيره في شرائها ويرفع سعرها . أو أن يتفق المشتري مع منافسيه ممن يرغبون في المزايدة على أن يكفوا ، فيتمكن من شراء السلعة بثمن بخس .

4) أن يقترن التغرير بغبن فاحش .

جزاء التغرير :

يكون العقد صحيحا ولكن غير لازم ، فيجوز فسخ العقد . كما يستطيع من أصابه التغرير بضرر المطالبة بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية لأن التغرير عمل غير مشروع ، فضلاً عما يمكن أن يشكل جريمة نصب أو غش تجاري تستوجب العقوبة الجنائية .

سقوط الحق في الفسخ :

يسقط الحق في طلب الفسخ بالتغرير المقترن بغبن فاحش :

  1. إذا مات المغرور الذي له الحق في الفسخ ، فلا ينتقل حق الفسخ إلى ورثته من بعده .
  2. إذا تصرف المغرور في المعقود عليه كله أو بعضه تصرفاً يتضمن الإجازة . وهو عالم وقت التصرف بالعيب اللاحق بالعقد وراغب في تصحيحه ، كأن يبيع الشيء محل العقد لشخص آخر .
  3. إذا استحال على المغرور إعادة المعقود عليه للطرف الآخر بالحالة التي كان عليها وقت التعاقد ، كما لو :
  4. هلك عنده .
  5. أو قام باستهلاكه إذا كان من المواد التي تستهلك بمجرد الاستعمال مثلاً .
  6. أو إذا تعيب الشيء وهو في يد المغرور بعيب جديد .
  7. أو إذا طرأت زيادة على الشيء المعقود عليه كما في طرح النهر أو الإنتاج بالنسبة للحيوانات .